40/05/07
حجية ظواهر القرآن
موضوع: حجية ظواهر القرآن
حجية ظواهر القرآن [1]
وهذا البحث من الأبحاث الهامة جدا فإن اللفظ بالنسبة إلى معناه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول صريح في معناه
القسم الثاني ظاهر في معناه
القسم الثالث مجمل المعنى
أما القسم الأول وهو النص الصريح وهو اللفظ الذي ليس له إلا معنى واحد كقوله "عز من قائل" ﴿قل هو الله أحد﴾ والمراد بالأحد الواحد الذي لا ثاني له فيكون لفظ الأحد نصا صريحا في التوحيد ولا يوجد للفظ الأحد معنى آخر غير الواحد الذي لا ثاني له وأحيانا يكون اللفظ له أكثر من معنى وهذا على نحويين:
النحو الأول اللفظ الظاهر وهو ما إذا كان للفظ الواحد أكثر من معنى ولكن أحد المعاني أسرع انسباقا من بقية المعاني كما لو قلت رأيت بعيني مجيء الشيخ ودخوله إلى الصف فإن لفظ العين في اللغة العربية مشترك بين حوالي سبعين معنى فلفظ العين يطلق على العين الباصرة والناظرة ويطلق أيضا على العين الجارية والنابعة ويطلق أيضا على الذهب والفضة ويطلق أيضا على ذات الشيء ويطلق أيضا على الجاسوس ويطلق أيضا على الركبة فلفظ العين له معان كثيرة ولكن توجد قرينة في العبارة المتقدمة تدل على أن المراد بالعين هو خصوص العين الناظرة والباصرة وهو التمسك بلفظ رأيت، رأيت بعيني دخول الشيخ فلا يراد بعيني العين الجارية والنابعة وإن كان قد يحتمل أن المراد بالعين هنا الجاسوس رأيت بعيني يعني يوجد جاسوس لي اخبرني أن فلان قد دخل الصف ولكن إذا قالها المدرس وقد دخل الطالب ففي هذه الحالة تنصرف إلى خصوص العين الباصرة فيقال لفظ العين ظاهر في العين الناظرة والباصرة.
وأما النحو الثاني وهو المعنى الثالث وهو اللفظ المجمل للمعنى كما لو قلت العين وردت لفظة العين ولم نستطع تشخيص معناها هل المراد بلفظ العين العين النابعة أو الباصرة أو الركبة أو الذهب والفضة في هذه الحالة يكون لفظ العين مجمل المعنى.
إذن اللفظ إما صريح أو ظاهر أو مجمل المعنى
النص الصريح هو الذي ليس له إلا معنى واحد
واللفظ الظاهر هو اللفظ الذي له أكثر من معنى إلا أن احد المعاني أسرع انسباقا من بقية المعاني
واللفظ المجمل هو اللفظ الذي له أكثر من معنى وهذه المعاني متساوية بالنسبة إلى ذلك اللفظ ولا معينة لأحدها فيكون اللفظ مجمل المعنى.
بحث اليوم عن ظواهر القرآن
فإن ألفاظ القرآن:
إما نص صريح في القرآن كقوله "عز من قائل" ﴿قل هو الله احد﴾
وإما ظاهرة المعنى وأكثر ألفاظ القرآن ظواهر
فهل ظواهر القرآن الظاهرة حجة في معانيها أو لا؟ هذا هو بحث اليوم.
لا شك أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يخترع لنفسه طريقة خاصة في المحاورات العرفية ولم يبتكر لنفسه أسلوبا خاصا لإفهامه مقاصده بل جرى ما جرى على عرف العربي العام فكلم قومه بما ألف من طرق الإفهام والتفهيم والكلام والتكلم وجاء بالقرآن لكي يفهموا معانيه وفقا للمحاورات العرفية آنذاك وأمرهم بتدبر القرآن والتأمل في آياته وأمرهم بالاتيان بأوامره والانزجار عن ما زجر به كتاب الله تبارك وتعالى وهناك آيات كثيرة تحث على التدبر وإتباع القرآن وعلى إتباع نواهيه وهذه الآيات تدل على أن القرآن الكريم خاطب الناس بالمحاورات العرفية وأن القرآن مفهوم لدى الناس فتكون هذه الآيات حجة على الناس بظواهرها.
قال تعالى ﴿أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها﴾[2] فلو كانت ظواهر القرآن ليست بحجة فلا حاجة إلى التدبر في آيات القرآن لأن أكثر آيات القرآن ظواهر أكثر المحاورات العرفية ظواهر.
قال تعالى ﴿ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون﴾[3] فلو لم تكن ظواهر القرآن حجة لما كانت حاجة إلى ضرب الأمثال للناس ولما استطاع الناس أن يتذكروا من خلال ضرب الأمثال في القرآن الكريم.
وقال تعالى ﴿وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به روح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين﴾[4] فلو لم تكن ظواهر القرآن حجة لما كان إنذار النبي بالقرآن حجة والقرآن يصرح أن الله "عز وجل" انزل القرآن على قلب النبي لكي ينذر الناس بهذا اللسان العربي المبين الواضح وقال "عز من قائل" ﴿هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين﴾[5] فلو لم تكن الظواهر حجة لما كان القرآن بيان للناس وهدى وموعظة.
وقال تعالى ﴿فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون﴾[6] وقال "عز من قائل" ﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر﴾[7] وقال "عز من قائل" ﴿أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا﴾[8] فهذه الآيات الكريمة تدل على وجوب العمل بما جاء به القرآن الكريم وتدل على لزوم الأخذ بظواهر القرآن الكريم ثم يتطرق السيد الخوئي "رضوان الله عليه" إلى:
أربعة حيثيات تدل على حجية ظواهر القرآن الكريم:
الحيثية الأولى إن القرآن الكريم نزل حجة على رسالة النبي "صلى الله عليه وآله" والرسول "صلى الله عليه وآله" قد تحدى العالم وتحدى البشر بهذا القرآن وتحداهم أن يأتوا بمثله أو بعشر سور من مثله مفتريات أو ولو بسورة من مثله فإذا كانت العرب لا تفهم معاني القرآن فكيف تأتي بمثله وإذا كانت تفهم معاني القرآن وظواهر القرآن إلا أن الظواهر ليست حجة في حقهم فكانت هذه الظواهر بمثابة الألغاز والرموز التي تحتاج إلى تفكيك العقد الموجودة فيها وفي هذه الحالة لا تصح مطالبتهم بالإتيان بمثله ولم يثبت أنه معجز لأنهم لم يفقهوا معناه لكثرة الألغاز التي تحتاج إلى فك العقد والرموز ولو التزمنا أن القرآن لا يفهمه أحد وأنه مليء بالألغاز لانتفى الغرض من أنزال القرآن الكريم وهو دعوة الناس ودعوة البشر إلى الإيمان بالله تبارك وتعالى إذن الحيثية الأولى تدل على حجية ظواهر القرآن وهي إن القرآن الكريم كان هو الحجة على رسالة النبي "صلى الله عليه وآله" ومقتضى حجية هذا الكتاب الكريم أن تكون ظواهره حجة.
الحيثية الثانية الروايات الشريفة الآمرة بالتمسك بالثقلين (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تتأخروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهما فإنهما اعلم منكم)[9] فإذا كان القرآن ليس بحجة في ظواهره فكيف يتقدم عليه أو يتأخر عنه كيف يتمسكون به ولا يكون التمسك بالقرآن إلا إذا كانت ظواهره حجة فإنه من الواضح أن معنى التسمك بالكتاب هو الأخذ به والأخذ بالكتاب إنما يكون بالعمل بما يشتمل به الكتاب من معاني صريحة ومعاني ظاهرة.
الحيثية الثالثة التمسك بالروايات المتواترة التي أمرت بعرض الروايات على كتاب الله خصوص أخبار باب التعارض (يأتي عنكما الخبران المتعارضان فبأيهما نعمل قال قل بما وافق كتاب الله وما خالف كتاب الله فهو زخرف فهو باطل اضربوا به عرض الحائط ما جاءكم عنا مخالف لكتاب ربنا لم نقله)[10] .
هناك روايات كثيرة في باب التعارض تصف الروايات المخالفة للقرآن الكريم بأنها يضرب بها الجدار أو أنها باطل أو أنها زخرف أو أنها منهي عن قبولها أو أن الأئمة لم تقل هذه الروايات المخالفة لكتاب الله وهذه الروايات حجة صريحة في أن ظواهر القرآن حجة وأن ما يفهمه عامة الناس من ظواهر القرآن حجة ومن هذا القبيل أيضا الروايات التي أمرت بعرض الشروط على كتاب الله وأن كل شرط خالف كتاب الله فهو باطل كل شرط خالف كتاب الله يعني يشمل حتى لو خالف ظاهر كتاب الله فقد أمرنا برد الشروط المخالفة لكتاب الله وهذا يشمل ما خالف ظواهر القرآن الكريم.
الحيثية الرابعة والأخيرة التي يذكرها السيد الخوئي "رحمه الله" وهي مهمة جدا استدلالات الأئمة "عليهم السلام" الأئمة في روايات كثيرة علموا الناس كيف يستنبطوا من القرآن يسأله يقول أصابني جرح ووضعت عليه خرقة ماذا اصنع الإمام "عليه السلام" يقول هذا وأمثاله يعرف من كتاب الله وهو قوله "عز وجل" ﴿وما جعل عليكم في الدين من حرج﴾[11] المراد بالحرج المشقة الكبيرة أنت يشق عليك أن تمسح عليه ما دام عندك جرح قال امسح علي لأن إذا تغسل الجرح يلتهب الإمام يعلمه كيف يستنبط هذا وأمثاله يعلم من كتاب الله ﴿وما جعل عليكم في الدين من حرج﴾ لا بأس أمسح عليه يعني امسح على الخرقة التي على الجرح.
روايات كثيرة الإمام "عليه السلام" إما هو بنفسه يستدل على الحكم الشرعي من القرآن الكريم ومن ظواهر القرآن وإما يعلم السائل كيف يستنبط وكيف يستدل من القرآن الكريم من هذه الروايات روايات كثيرة.
سأل زرارة الإمام الصادق "عليه السلام" من أين علمت أن المسح ببعض الرأس لأن السنة يغسلون الرأس بالكامل والشيعة الإمامية يمسحون مقدم الرأس زرارة يسأل الإمام الصادق ما هو الدليل على أن المسح لبعض الرأس الإمام "عليه السلام" يقول لمكان الباء[12] الآية الكريمة ﴿وامسحوا برؤوسكم﴾[13] ، برؤوسكم يعني ببعض رؤوسكم هذا استدلال بالظاهر ليس استدلال بنص صريح فإن ظاهر لفظ الباء في التبعيض هذا استدلال بظاهر لفظ الباء وليس استدلالا بنص صريح وإلا لما وقع الخلاف بين السنة والشيعة فالإمام "عليه السلام" يجيب زرارة يقول الدليل على أن المراد بالمسح هو مسح بعض الرأس وليس جميع الرأس هو مكان الباء في قوله ﴿وامسحوا برؤوسكم﴾.
ومنها قوله "عليه السلام" في نهي الدوانيقي عن قبول خبر النحام لماذا الإمام لم يقبل هذا الخبر، الإمام يأتي بصغرى وكبرى الصغرى يقول إنه فاسق الإمام حدد الصغرى النحام فاسق، الكبرى وقد قال الله تعالى ﴿إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا﴾[14] يعني خبر الفاسق ليس بحجة بل يجب التبين عن خبر الفاسق هنا الإمام "عليه السلام" استند إلى كبرى قرآنية ومنها قوله "عليه السلام" لمن أطال الجلوس في بيت الخلاء لاستماع الغناء اعتذارا بأنه لم يكن شيئا أتاه برجله.
هذا شخص جاء إلى الإمام "عليه السلام"[15] قال أنا اذهب إلى بيت الخلاء وجيرانه يشغلون أغاني فأنا لم اذهب برجلي إلى مكان الغناء أنا ذهبت برجلي إلى بيت الخلاء ولكن هو يترنم الإمام "عليه السلام" زجره قال (أما سمعت قول الله "عز وجل" ﴿إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا﴾[16] هنا الآية لم تقع إن الاستماع السمع أنت تحب أن تذهب إلى بيت الخلاء حتى تسمع.
ومنها قوله "عليه السلام" لابنه إسماعيل إسماعيل من الأطهار ومن الثابتين "رحمة الله عليه" إسماعيل بن الإمام الصادق دين واحد دين وضربه عليه واخذ منه النقود جاء إلى الإمام "عليه السلام" قال سيدي ومولاي أنا دينت فلان وما رجع القرض قال هل كتبت وثيقة أطول آية آية الدين ﴿يا أيها الذين امنوا إذا تداينتم بدين فكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل﴾[17] وفيها أيضا إشهاد قال لا قال ضاعت أفلوسك يا صابر ما دام أنت ما كتبت وثيقة وما جبت شهود في هذه الحالة بعد. انتهى الأمر الآن أنت دعوة تدعي أن فلان استدان منك الإمام علمه أنه تكتب الوثيقة وتشهد شاهدين ثم عقب الإمام قال (فإذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم) مستدلا بقول الله "عز وجل" ﴿يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين﴾[18] الإمام استدل على تصديق الشهود بظاهر قوله "عز وجل" ﴿ويؤمن للمؤمنين﴾ يعني كما يؤمن لله يؤمن للمؤمنين هذا استدلال بالظاهر.
ومنها قوله "عليه السلام" في تحليل نكاح العبد للمطلقة ثلاثا كما تعلمون المرأة لها طلاق رجعي لكن إذا طلقت ثلاث مرات يصير الطلاق بائن لابد أن تنكح زوجا آخر لكي تحل لزوجها هنا هل العبد إذا تزوجها إذا نكحها إذا وطأها العبد هل يصدق التحليل أو لا افترض مولى عنده زوجة طلقها ثلاث مرات يخلي عبده يتزوجها أو يطأها ثم بعد ذلك هل تحل له أو لا الإمام "عليه السلام" يستدل من القرآن يقول نعم العبد يحللها ما هو الدليل الإمام "عليه السلام" يحقق الصغرى ويستدل على الصغرى بالكبرى، يقول إنه الزوج قال "عز وجل" ﴿حتى تنكح زوجا غيره﴾[19] والعبد تصدق عليه إذا عقد عليها يصدق عليه أنه زوج.[20]
سؤال آخر في التحليل طلقها ثلاث مرات بالطلاق البائن ذهبت تمتعت ما راحت بالعقد الدائم تمتعت هل زواجها بالعقد المنقطع يحللها إلى زوجها أو لا؟
الجواب ما يحللها مع أنه يصدق عليه زواج ولكن ما يحللها لماذا؟ الإمام "عليه السلام" يستدل بالقرآن قال تعالى ﴿فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا﴾[21] والعقد المنقطع لا طلاق فيه، النكات الحيثيات كيف الإمام يستدل بالقرآن الكريم ﴿فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا﴾ يعني النكاح الذي يحلل هو النكاح الذي فيه طلاق وهو خصوص النكاح الدائم دون النكاح المنقطع.
ومنها قوله "عليه السلام" فيمن عثر فوقع ظفره فجعل على ظفره مرارة يعني خرقة الإمام يجاوب (إن هذا وشبهه يعرف من كتاب الله وما جعل عليكم في الدين من حرج ثم قال أمسح عليه)[22] يعني لا تغسل الأصبع وإنما امسح على المرارة ومنها استدلاله "عليه السلام" على حلية بعض النساء بقوله تعالى ﴿واحل لكم ما وراء ذلكم﴾[23] يعني كيف؟ الآية ﴿حرمت عليكم أمهاتكم وأخواتكم و.....﴾[24] تذكر وبنات الأخ وبنات الأخت واحل لكم ما وراء ذلكم يعني غير هؤلاء النسوة حلال عليكم، فيأتي واحد ويسأل يجوز أتزوجت بنت خالتي يجوز بنت عمي يقول هذا وأمثاله يعرف من كتاب الله ﴿واحل لكم ما وراء ذلكم﴾.
وبنا استدلاله "عليه السلام" على عدم جواز نكاح العبد يعني هل العبد يستطيع بالاستقلال أن ينكح هو عبد عنده حاجة إنسانية يريد أن يتزوج يستطيع بدون إذن مولاه قال "عز وجل" ﴿عبدا مملوكا لا يقدر على شيء﴾[25] ما يقدر على شيء بدون إذن مولاه أن يستقل بالزواج.
ومنها استدلاله "عليه السلام" على حلية بعض الحيوانات بقوله تعالى ﴿قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه﴾[26] يعني هل هذا لحم الحيوان حلال أو حرام؟ قل لا أجد هذه بعض الآيات حرمت عليكم المنخنقة والموقوذة والمتردية وما أكل السبع إلى آخره بعد ذلك الإمام يستدل بهذه الآية ﴿قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه﴾
وغير ذلك استدلالات الأئمة "عليهم السلام" كثيرة الإمام الجواد في حد السارق لما قالوا تقطع رؤوس الأصابع أو من الكف أو من الذراع أو من المفصل قال هذا يعلم من كتاب الله ﴿وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا﴾[27] والمساجد السبعة من المساجد السبعة في السجود الكفين فلا تقطع الكفان.
هذا تمام الكلام في بيان أدلة حجية ظواهر القرآن الكريم وقد ذكر السيد الخوئي أربع حيثيات وهذه الحيثيات الأربع لها مصاديق كثيرة.
أدلة إسقاط حجية ظواهر الكتاب[28]
هناك من قال إن ظواهر القرآن الكريم ساقطة عن الحجية وقد ذهب بعض الإخباريين وجملة من المحدثين إلى عدم حجية ظواهر القرآن ومنعوا العمل بظواهر القرآن واستدلوا بعدة أمور.
السيد الخوئي "رحمه الله" يذكر ست حيثيات:
الحيثية الأولى اختصاص فهم القرآن بالأئمة "عليهم السلام" وقالوا إن فهم القرآن لا يحصل عليه إلا الإمام المعصوم واستدلوا بروايات هذه الروايات تدل على أن فهم القرآن مختص بمن خوطب به وهناك عدة روايات:
ومن هذه الروايات مرسلة شعيب بن انس عن أبي عبد الله "عليه السلام" أنه قال لأبي حنيفة (أنت فقيه أهل العراق قال نعم ـ هو تلميذ الإمام الصادق حتى قال لو لا السنتان لهلك النعمان هو أبو حنيفة النعمان درس عند الإمام الصادق سنتين ـ قال فبأي شيء تفتيهم قال بكتاب الله وسنة نبيه قال "عليه السلام" يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته الشاهد هنا حق معرفته وتعرف الناسخ من المنسوخ قال نعم قال "عليه السلام" يا أبا حنيفة لقد ادعيت علما ويلك ما جعل الله ذلك إلا عند أهل الكتاب الذين انزل عليهم ويلك ما هو إلا عند الخاص من ذرية نبينا "صلى الله عليه وآله" وما ورثك الله تعالى من كتابه حرفا[29] ومن الواضح أن هذه الرواية ناظرة إلى من يعرف ويفهم القرآن حق معرفته ومن الواضح أن للقرآن فهمان فهم ظاهر وهذا يحصل عليه العرف العام وفهم القرآن على حقيقته الواقعية وهذا لا يدركه إلا النبي والأئمة وهناك حثيثيات في الرواية تدل على أنها ناظرة إلى خصوص العلم الحقيقي مثل معرفة الناسخ من المنسوخ ومثل (ما ورثك الله) يعني هناك اصطفاء وتوريث من الله هذا ما يحصل لعامة الناس وهذا ليس بناظر إلى الفهم العرفي العام وإنما ناظر إلى خصوص الفهم الحقيقي لمراد الله الواقعي وهذا مختص بالأئمة "عليهم السلام".
إذن الرواية أجنبية عن المدعى نحن نبحث عن حجية ظواهر القرآن بشكل عام ولا نبحث عن فهم القرآن على حقيقته وكشف مراد الله الواقعي لا يوجد احد يدعي أن جميع الناس يفهمون القرآن كما أراده الله هذه دعوى كبيرة جدا.
الرواية الثانية رواية زيد الشحاد قال دخل قتادة على أبي جعفر "عليه السلام" الإمام الباقر قال له أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال هكذا يزعمون فقال "عليه السلام" بلغني أنك تفسر القرآن ـ إذن هذه الرواية ناظرة إلى تفسير القرآن بخلاف الرواية الأولى ناظرة إلى الفهم الواقعي للقرآن ـ قال نعم إلى أن قال رواية طويلة يا قتادة إن كنت قد فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت وإن كنت قد فسرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت يعني من الرجال غيرنا يا قتادة ويحك إنما يعرف القرآن من خوطب به[30]
فقد يقال إن هذه الرواية ناظرة إلى اختصاص فهم القرآن بمن خوطب به خصوصا أنها ناظرة إلى تفسير القرآن وليست ناظرة إلى مراد الله الواقعي.
ولكن هذه الرواية ناظرة إلى التفسير والأخذ بالظاهر ليس من التفسير لأن التفسير من فسر والمراد بالتفسير كشف القناع وكشف المستور والظاهر ليس بمستور بل مكشوف فالتمسك والأخذ بالظاهر ليس من التفسير خارج تخصصا التفسير كبش في المعنى الغامض كشف المستور عن ظاهر اللفظ والظاهر ليس مستورا الظاهر مكشوف فتكون الرواية خارجة تخصصا عن بحثنا وهو الأخذ بظاهر الكتاب.
طبعا هناك آيات يمكن أن يستفاد منها في تفسير الرواية الأولى قوله "عز من قائل" ﴿ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا﴾[31] أورثنا الكتاب نحن أورثناهم هذه الآية قرينة على أن المراد علم الله الواقعي فالأئمة هم المخصوصون بعلم القرآن على واقعه وحقيقته وليس لغيرهم نصيب وأما تحملها على المعنى الظاهري يعني معقولة أبو حنيفة ما يعرف ﴿قل هو الله احد﴾ ما هو المراد بها أن الله واحد لا ثاني له هذه الأمور واضحة، هذا تمام الكلام في الدليل الأول اختصاص فهم القرآن، الدليل الأول على إسقاط حجية ظواهر الكتاب.
الدليل الثاني إلى السادس يأتي عليهم الكلام.