40/04/11
شبهات القائلين بالتحريف
موضوع: شبهات القائلين بالتحريف
شبهات القائلين بالتحريف [1]
هناك شبهات يتشبث بها القائلون بالتحريف لابد من التعرض لها ودفعها إن شاء الله تعالى:
الشبهة الأولى إن التحريف قد وقع في التوراة والإنجيل وقد ورد في الروايات المتواترة من كلا الفرقين طريق الشيعة وطريق السنة أن كل ما وقع في الأمم السابقة لابد وأن يقع مثله في الأمة المرحومة أمة محمد “صلى الله عليه وآله” من هذه الروايات ما رواه الشيخ الصدوق “رحمه الله” في كتابه إكمال الدين وإتمام النعمة عن غياث بن إبراهيم عن الصادق "عليه السلام" عن آبائه “عليهم السلام” قال قال رسول الله “صلى الله عليه وآله” لاحظ العموم في الرواية كلما كان في الأمم السالفة فإنه يكون في هذه الأمة مثله حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة[2] والمراد بالقذة ريشة السهم وعادة الريشة تأخذ من ريش النسر أو الصقر فكما أن السهم يحذو حذو السهم والخبير في الرماية هو من يرمي السهم ثم يرمي خلفه السهم فيخرقه كذلك هذه الأمة تحذو حذو الأمم السابقة ومنها تحريف كتابهم.
النتيجة التحريف لابد من وقوعه في القرآن الكريم وإلا لم تصح هذه الأحاديث المتواترة عند الشيعة والسنة معا
وجواب هذا الإشكال في ثلاث نقاط:
أولا نحن لا نسلم أن هذه الروايات روايات متواترة وإنما هي أخبار آحاد لا تفيد علما ولا عملا ودعوى التواتر فيها جزافية لا دليل عليها ونحن أبناء الدليل أين ما مال نميل بل إن هذه الروايات لم يذكر شيء منها في الكتب الأربعة المعتبرة عند الشيعة الإمامية الكافي للكليني ومن لا يحضر الفقيه للشيخ الصدوق وتهذيب الأحكام والاستبصار للشيخ الطوسي "رضوان الله عليه" لذلك لا ملازمة بين وقوع التحريف في التوراة والإنجيل ووقوع التحريف في القرآن الكريم هذا أولا.
وثانيا إشكال نقضي لو سلمنا بأن هذه الروايات متواترة وقبلنا مضمونها فهذا يستلزم وقوع التحريف بالزيادة في القرآن الكريم لان التوراة والإنجيل قد زيد فيهما فلو أخذنا بمضمون هذه الروايات يلزم الالتزام بوقوع التحريف بالزيادة في القرِآن الكريم وهذا منفي بالإجماع وهذا من المسلم بطلانه فلا يمكن الالتزام بمضمون هذه الروايات.
وثالثا إن الكثير من الأمور والوقائع التي وقعت في الأمم السابقة والسالفة لم تقع في الأمة المرحومة مثل عبادة العجل فإن قوم موسى عبدوا العجل وأمة النبي لم يعبدوا العجل وتيه بني إسرائيل أربعين سنة وغرق فرعون وأصحابه وملك سليمان للإنس والجن ورفع عيسى إلى السماء وموت هارون وهو وصي موسى "عليه السلام" وقد مات في حياة موسى قبل أن يموت نبي موسى ثم جاء وصيه يوشع بن نون وإتيان موسى بتسع آيات بينات تسع معاجز ولادة عيسى من غير أب ومسخ الكثير من السابقين إلى قردة وخنازير وغير ذلك.
فإن أمة النبي امة مرحومة من أهم معالم الرحمة أنه العذاب لم يقع في الدنيا لهذه الأمة وإنما اجل إلى الآخرة والكثير من الأمم السابقة اوجل لهم العذاب في الدنيا والقرآن الكريم ينص على أن النبي رحمة وأنه يوجد امانان في الدنيا ﴿وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون﴾[3] امانان الأمان الأول رحل وهو الرسول الأعظم “صلى الله عليه وآله” والأمان الثاني إلى اليوم موجود وإلى يوم يبعثون وهو الاستغفار.
فهذا أدل دليل على عدم إرادة الظاهر من تلك الروايات: فلو سلمنا بأنها روايات متواترة وتامة سندا فلا يمكن أن نلتزم بمضمونها بالدقة كل ما يقع في الزمن السابق سيقع في الزمن اللاحق بالنسبة إلى أمة النبي محمد “صلى الله عليه وآله”.
فنحمل هذه الروايات إن سلمنا بصحتها على مشابهة تلك الأمم من بعض الوجوه فلا تشمل تحريف القرآن الكريم وإنما تحمل على التحريف المعنوي كما حصل لتلك الأمم تحريف معنوي وتحريف لفظي بالنسبة إلى أمة النبي يحصل تحريف لمعاني القرآن الكريم ولا يحصل تحريف لفظي.
وهناك روايات تدل على المشابهة:
منها هذه الرواية ما رواه أبو واقد الليثي إن رسول الله “صلى الله عليه وآله” لما خرج إلى خيبر حصن خيبر ليهود المدينة مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم فقالوا يا رسول أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال النبي “صلى الله عليه وآله” سبحان الله هذا كما قال قوم موسى أجعل إلها كما لهم آله والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم[4] النبي قال لتركبن سنة من كان قبلكم وسنة من كان قبلهم اتخاذ الآلهة والمسلمون لم يطلبوا الآلهة وإنما طلبوا اتخاذ شجرة ذات أنواط فهذه الرواية صريحة في أن الذي يقع على الأمة شبيه بما يقع في الأمم السابقة ولو من بعض الوجوه وليس المراد بأنه شبيه بالدقة من جميع الجهات يعني مماثل المراد مشابه وليس المماثل.
رابعا لو سلم تواتر هذه الروايات في السند وصحتها في الدلالة لما ثبت بهذه الروايات أن التحريف قد وقع من أول الأمر وفي حياة النبي “صلى الله عليه وآله” لأن تحريف التوراة وتحريف الإنجيل صار بعد موسى وبعد عيسى “عليهم السلام” بل كثر التحريف بعد مدة مديدة فكيف يلتزم من خلال هذه الروايات الدالة على أن الأمة تحذوا حذو الأمم السابقة حذوا النعل بالنعل وحذو القذة بالقذة لأن التحريف قد وقع زمن النبي أو في صدر الإسلام والحال إن الأمم السابقة لم يحصل لها التحريف في البداية.
نعم لعله في مستقبل الأمر وفي قادم الأيام يحصل تحريف بالزيادة أو النقيصة بمقتضى هذه الروايات وإذا نراجع روايات بعض هذه الروايات المروية في البخاري فإنها تحدد بقيام الساعة إنه قبل أن تقوم الساعة تحصل هذه الأمور وهذا يدل على أن محاذاة الأمم لا تكون في البداية وإنما في النهاية فلا يستدل بهذه الروايات على التحريف في صدر الإسلام وفي زمن الخلفاء.
هذا تمام الكلام في دفع الشبهة الأولى حول تحريف القرآن الكريم بالنقيصة.
الشبهة الثانية التمسك بالروايات الدالة على قرآن علي "عليه السلام" ومصحفه فأمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" قد كتب مصحفا جمع فيه القرآن الكريم وهذا المصحف قطعا ليس هو المصحف المتداول اليوم وقد دلت الروايات الشريفة على أنه موجود عند الإمام القائم "عجل الله تعالى فرجه الشريف" وإنه يظهره إذا ظهر.
وقد دلت الروايات على أن أمير المؤمنين "عليه أفضل صلوات المصلين" جاء بالقرآن الذي جمعه على جمل إلى القوم في مسجد النبي وكان فيه أبو بكر وعمر فرداه وقال عمر لا حاجة لنا به.[5]
وقد دلت الروايات على أن مصحف الإمام علي "عليه السلام" قد اشتمل على ابعاض ليست موجودة في القرآن المتداول اليوم ويترتب على ذلك نقص المصحف المتداول اليوم عما ذكر في مصحف علي "عليه السلام" وهذا هو عين التحريف. فيقال إن المصحف المتداول اليوم محرف وفيه نقيصة.
وقد ذكر ذلك الشيخ يوسف البحراني "رحمه الله" في كتابه المحقق من أربعة أجزاء الدرر النجفية من الملتقطات اليوسفية واستدل به المحدث النوري صاحب المستدرك رسالة لب اللباب في تحريف كتاب رب الأرباب والروايات الدالة على وجود مصحف أمير المؤمنين "عليه السلام" وأن الأمام علي قد كتبه على التنزيل والتأويل كثيرة بل ربما يدعى تواترها من كلا الفريقين من طرق السنة ومن طرق الشيعة.
من هذه الروايات ما في رواية احتجاج علي "عليه السلام" على جماعة من المهاجرين والأنصار أنه قال (يا طلحة إن كل آية انزلها الله على محمد “صلى الله عليه وآله” عندي بإملاء رسول الله “صلى الله عليه وآله” وخط يدي وتأويل كل آية انزلها الله تعالى على محمد “صلى الله عليه وآله” وكل حلال أو حرام أو حد أو حكم أو شيء تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة فهو عندي مكتوب بإملاء النبي “صلى الله عليه وآله” وخطي يدي حتى ارش الخدش)[6] يعني دية الخدش.
طبعا ينبغي أن نفرق بين عدة كتب:
أولا أن نفرق بين قرآن علي وكتاب علي. قرآن علي هو أو مصحف القرآن الذي جمعه أمير المؤمنين "عليه السلام" كتاب علي هذا كتاب جمع فيه الأحكام أيضا موجود عند الأئمة أو أحيانا يعبر عنه الجامعة وعندنا الجامعة[7] هذا كتاب في الأحكام.
الكتاب الثالث مصحف فاطمة، مصحف فاطمة تقول الروايات إن فاطمة "عليها السلام" دخلها حزن شديد بعد وفاة رسول الله “صلى الله عليه وآله” فنزل عليها الملك يسليها فحكت ذلك لعلي "عليه السلام" فكانت فاطمة تملي وعلي يكتب.
يعني كتب الإمام علي ثلاثة مصحف علي قرآن علي هذا قرآن ومصحف فاطمة هذا ليس بقرآن أحاديث الملك لتسلية فاطمة بإملاء على. والثالث كتاب علي أو الجامعة
والرابع كتاب الجفر لعلي "عليه السلام" الذي فيه علم المنايا والبلايا وأخبار الغيبيات فلا نخلط بين هذه الكتب الأربعة والقرآن منها واحد فقط هو مصحف علي "عليه السلام" دون مصحف فاطمة ودون كتاب علي ودون الجفر.
الرواية الأخرى ومنها ما في احتجاج علي "عليه السلام" على الزنديق من أنه قال أتى بالكتاب كملا مشتملا على التأويل والتنزيل يعني كتاب الإمام علي في التأويل وفيه التنزيل والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ لم يسقط منه حرف ألف ولا لام فلم يقبلوا ذلك[8]
إذن هذه الرواية تدل على أن الإمام علي جاء في القرآن وفيه كلما ورد في التنزيل والتأويل
ومنها ما رواه الكليني في الكافي بإسناده عن جابر عن أبي جعفر "عليه السلام" قال ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء.
الرواية الأخرى بإسناده عن جابر سمعت أبا جعفر "عليه السلام" يقول ما ادعى احد من الناس أنه جمع القرآن كله كما انزل هنا الشاهد كما انزل إلا كذاب وما جمعه وحفظه كما نزله الله تعالى إلى علي بن أبي طالب والأئمة من بعده “عليهم السلام” [9] .
والجواب إن وجود مصحف لأمير المؤمنين "عليه أفضل صلوات المصلين" يغاير القرآن الموجود في ترتيب السور مما لا ينبغي الشك فيه يقول السيد الخوئي وتسالم العلماء الأعلام على وجوده أغنانا عن التكلف لإثباته كما أن اشتمال قرآن الإمام علي "عليه السلام" على زيادات ليست موجودة في القرآن الكريم هذا صحيح لكنه لا يدل على أن هذه الزيادات زيادات قرآنية وقد سقطت منه بالتحريف بل هي زيادات توضيحية تفسيرية إما تفسير بعنوان التأويل وما يؤل إليه الكلام أو بعنوان التنزيل من الله شرحا للمراد ثم يبحث السيد الخوئي "رحمه الله" أساس الشبهة أساسا علميا.
سؤال ما المراد بالتنزيل والتأويل وما الفارق بينهما؟
الجواب تارة نبحث عن معناهما باللغة وتارة نبحث عن معناهما في الاصطلاح ولنبدأ بالاصطلاح ثم نعود إلى اللغة لكي يتضح الإشكال.
فإن المراد بالتنزيل في الاصطلاح هو عبارة عن ما نزل من الله "عز وجل" كنص قرآني والمراد بالتأويل عبارة عن إرادة خلاف ظاهر اللفظ كقوله "عز من قائل" ﴿فلينظر الإنسان إلى طعامه﴾[10] فإن ظاهرها الطعام الظاهري وقد سأل الإمام الباقر "عليه السلام" عن قوله تعالى ﴿فلينظر الإنسان إلى طعامه﴾ فقال أي إلى علمه ممن يأخذه يعني الطعام المعنوي حمل الطعام على الطعام المعنوي فهنا أريد خلاف الظاهر ظاهر الآية الطعام المادي حملها الإمام الباقر "عليه السلام" على الطعام المعنوي لذلك في علوم القرآن وفي التفسير يفرقون بين التفسير وبين التأويل فيقال التفسير شرح ظاهر اللفظ والتأويل بيان باطن اللفظ وشرح الآية بخلاف ظاهرها فإن المفسر إذا جاء إلى الآية ﴿فلينظر الإنسان إلى طعامه﴾ يقول ظاهر الطعام أنه الطعام المادي هذا التفسير شرح الألفاظ بالنظر إلى ظاهرها هذا تفسير الناس تستطيع أن تفسر ولكن التأويل يعني بيان المعنى الواقعي والباطني المخالف لظاهر الآية كتفسير الطعام بالطعام المعنوي هذا لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم وهم الأئمة "عليهم السلام" أما الناس العاديين كل واحد يستطيع أن يأتي بتأويل باطني.
إذن المعنى المرتكز والمعروف في اصطلاح المفسرين في علوم القرآن إن التفسير شرح للفظ ظاهرا والتأويل بيان المعنى الباطني بإرادة خلاف الظاهر والتنزيل يعني ما نزل كنص قرآني إذ أخذنا هذا المعنى ورجعنا إلى الروايات:
الروايات تقول ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما انزل إلا كذاب كما أنزل يعني كما انزل كنص قرآني وما جمعه وحفظه كما نزل الله تعالى إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده “عليهم السلام” إذا حملنا لفظ التنزيل على التنزيل اصطلاحا يصير تحريف كما نزله يعني كما نزل كنص قرآني إذن هذه الشبهة وهي الالتزام بتحريف القرآن بالنقيصة استنادا إلى وجود زيادات في مصحف علي "عليه السلام" تمسكا بهذه الروايات.
هذا الشبهة تبتني أن يرام من لفظ التأويل والتنزيل ما اصطلح عليه المتأخرون هذا اصطلاح متأخر فأطلقوا لفظ التنزيل على ما نزل قرآنا وأطلقوا لفظ التأويل على بيان المراد من اللفظ حملا للفظ على خلاف ظاهره لكن هذه الاصطلاحات محدثة متأخرة وليس لها في اللغة عين ولا اثر لكي نحمل الروايات في صدر الإسلام على معنى التنزيل والتأويل الذي أحدثه واصطلح عليه العلماء مؤخرا إذن لابد من أن نحمل هذه الروايات على اللغة مثل الآن مصطلح الفقه، الفقه بمعنى الفن وهكذا مصطلح الصلاة، الصلاة في اللغة بمعنى الدعاء فالآيات النازلة قبل تشريع الصلاة أو الروايات لا يمكن أن نحملها بالكيفية المخصوصة من أربع ركعات وغيرها نحملها على الصلاة اللغوية خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلي عليهم إن صلاتك سكنا لهم يعني وادعوا لهم إن دعائك يحدث الطمأنينة والسكينة عليهم إذن هذه الروايات لابد أن نحملها على معنى التنزيل في اللغة والتأويل في اللغة فما هو معنى التأويل في اللغة.
التأويل في اللغة مصدر مزيد فيه أصله الأول بمعنى الرجوع فالتأويل مأخوذ من الأول يعني ما يرجع إليه المعنى ومنه قولهم أول الحكم إلى أهله أي رده إليهم وقد يستعمل التأويل بمعنى العاقبة وما يؤل إليه الأمر وهناك آيات كريمة استخدمت التأويل بمعنى العاقبة وما يؤل إليه الأمر فقوله تعالى ﴿ويعلمك من تأويل الأحاديث﴾[11] يعني ما تؤل إليه الأحلام وليس المراد إرادة خلاف الظاهر والباطن ﴿ويعلمك من تأويل الأحاديث﴾ نبدأنا بتأويله يعني ما يرجع إليه الأمر هذا تأويل رؤياي يعني هذه عاقبة رؤياي ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا يعني هذه عاقبة الأمور التي لم تستطع أن تصبر فيها موارد كثيرة من القرآن الكريم استخدم التأويل فيها ليس بمعنى إرادة خلاف الظاهر كالطعام المعنوي وإنما استعمل التأويل فيها ما يرجع إليه الأمر سواء كان ما يرجع إليه أمرا ظاهرا في اللغة أم كان أمرا خفيا وباطنيا لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم فلا يختص التأويل بخصوص المعاني الباطنية بل التأويل بمعنى ما يؤل إليه وما يرجع إليه الأمر هذا بالنسبة إلى التأويل في اللغة.
التنزيل في اللغة أيضا مصدر مزيد وأصله النزول وقد يستعمل ويراد به ما نزل ومن هذا القبيل إطلاقه على القرآن في آيات كثيرة منها قوله تعالى ﴿إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب﴾[12] العالمين يعني هل المراد هنا من التنزيل أنه كنص القرآني لا تنزيل يعني ما نزل من الله "عز وجل" وبالتالي ما نزل من الله لا يختص بخصوص النص القرآني قد يكون حديثا قدسيا وقد نزل من الله ما نزل من الله ما يختص بالقرآن والأحاديث القدسية قد يكون حديثا نبويا ما نزل من الله ما أوحاه الله من النبي نزل من الله أيضا وبالتالي كل ما نزل من الله وحيا هو من التنزيل فيصير التنزيل يشمل القرآن الكريم ويشمل الأحاديث القدسية ويشمل أحاديث النبي التي تلاقاها من الوحي فإذن يستفاد من الروايات أن مصحف الإمام علي يشتمل على التنزيل والتأويل يعني يشتمل على ما نزل من الله "عز وجل سواء" نزل كنص قرآني أو نزل كحديث قدسي أو نزل كحديث شريف عن النبي “صلى الله عليه وآله” واشتمل على التأويل يعني ما يؤل إليه هذا المنزل ما يرجع إليه النص القرآني أو الحديث القدسي أو حديث النبي “صلى الله عليه وآله”.
ولذلك ورد في قرآن علي أسماء المنافقين ولكن أسماء المنافقين ليست زيادات قرآنية الإمام علي رتب قرآنه حسب النزول وذكر فيه تفسير وتوضيح وشواهد تاريخية فذكر أسماء المنافقين لا يدل على أنها أمور قرآنية منزلة وإنما هي أمور تفسيرية توضيحية يدل على ذلك أولا من الأدلة القاطعة فتقدمت الأدلة القاطعة على عدم سقوط شيء من القرآن ذكرنا خمسة أدلة على عدم النقيصة.
الأمر الثاني سيرة النبي مع المنافقين تأبى أن تذكر الأسماء في القرآن فإن دأب النبي تأليف قلوب المنافقين ومدراتهم لكن هذا لا ينفي أنه يسر إلى خواصه كأمير المؤمنين "عليه السلام" لكن سيرة النبي مع زعيم المنافقين عبد الله بن أبي عبد الله بن سلون لأن هذا عبد الله بن سلون كان يضعونه زعيم الأوس فظهر النبي فانتفت زعامته حقد على النبي يعني هو الآن يصير زعيم قبيلة الأوس جن في المدينة ابتعدت الأوس والخزرج صار النبي هو الزعيم فصار زعيم المنافقين.
الحاصل وجود زيادات في مصحف الإمام علي هذا أمر مسلم وصحيح لكن هذه الزيادات ليست من القرآن وإنما هي زيادات تفسيرية توضيحية والالتزام بأن هذه الزيادة قرآنية قول بلا دليل وباطل قطعا ويدل على بطلانه الأدلة الخمسة التي تقدمت على عدم النقيصة في القرآن الكريم.
الشبهة الثالثة يأتي عليها الكلام.