« فهرست دروس
الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق
بحث التفسیر

40/04/02

بسم الله الرحمن الرحيم

نسخ التلاوة يلازم القول بتحريف القرآن

موضوع: نسخ التلاوة يلازم القول بتحريف القرآن

 

النقطة الثالثة

نسخ التلاوة[1]

لا زال الكلام في نفي التحريف عن القرآن الشريف تطرق السيد الخوئي في هذا البحث إلى عدة نقاط:

النقطة الأولى كانت في معنى التحريف

والنقطة الثانية رأي المسلمين في التحريف اليوم إن شاء الله نبين

النقطة الثالثة نسخ التلاوة

بحث النسخ في القرآن الكريم من الأبحاث الهامة جدا في علوم القرآن وسيأتي إن شاء الله بحث مفصل حول النسخ ويراد بالنسخ الإلغاء وقسم علماء السنة

النسخ في القرآن الكريم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول نسخ التلاوة أي أن الآية موجودة في القرآن الكريم ولكنها لا تتلى.

القسم الثاني نسخ الحكم دون التلاوة أي أن الآية توجد في القرآن وتتلى إلا أن حكمها قد الغي

والقسم الثالث والأخير نسخ الحكم والتلاوة معا أي أن الآية تلغى قراءتها في القرآن الكريم ولا تدرج في المصحف أولا وثانيا يلغى حكمها فهذا الحكم ملغا ومنسوخ.

وأما الشيعة الإمامية فقد ذهبوا إلى أن النسخ قد وقع في آية واحدة فقط في كتاب الله وهي آية النجوى وهي الآية الوحيدة التي عمل بها أمير المؤمنين فقط "عليه أفضل صلوات المصلين" فتوجد آية في القرآن لم يعمل بها أحد من المسلمين إلا علي وهي آية النجوى ﴿يا أيها الذين أمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة﴾[2] أي أنكم إذا أردتم الحديث مع رسول الله “صلى الله عليه وآله” يجب عليكم أن تتصدقوا قبل الحديث مع النبي “صلى الله عليه وآله” فعمل بها أمير المؤمنين فتصدق ثم سأل رسول الله “صلى الله عليه وآله” ولكن أكثر المسلمين قد امتنعوا فجاءت آية النسخ ﴿أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات﴾[3] ، فألغي وجوب التصديق عند المناجاة مع النبي “صلى الله عليه وآله” إذن هذه الآية مذكورة في كتاب الله ولكن حكمها قد نسخ والغي ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا﴾ صيغة أمر والأمر يدل على الوجوب ﴿فقدموا بين يدي نجواكم صدقة﴾ إلا أن الحكم وهو وجوب التصدق عند المناجاة مع النبي قد سقط والغي فهذا ما يقال له نسخ الحكم دون التلاوة وهذا هو القدر المسلم عند الإمامية والقدر المتيقن منه أنه وقع في آية واحدة فقط وهي آية النجوى.

وأما نسخ التلاوة دون الحكم أو نسخ الحكم والتلاوة معا فلم يثبت عند الشيعة الإمامية وهنا يقول السيد الخوئي “رحمه الله” إن معنى نسخ التلاوة هو عبارة عن التحريف نسخ التلاوة يعني آية من كتاب الله لكنها لا تتلى يعني القرآن يكون ناقصا لان القرآن قد الغي منه آيات قد نسخت وألغيت تلاوتها.

لكن أكثر علماء أهل السنة ذكروا أن بعض القرآن قد نسخت تلاوته وحملوا على هذا المعنى ما ورد في الروايات من أنه كان قرآنا على عهد رسول الله “صلى الله عليه وآله” ومن الواضح أن الالتزام بصحة هذه الروايات يستلزم القول بوقوع التحريف في القرآن الكريم كآية الرجم التي جاء بها عمر بن الخطاب الشيخ والشيخة فرجموهما في القرآن ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾[4] ﴿بِما کَسَبا نَکالاً مِنَ اللَّهِ ﴾[5] فقد ذكر في القرآن حد الجلد للزاني والزانية وهذا حكم الزاني غير المحصن ولم يذكر حكم المحصن في القرآن من أنه يرجم لكن توجد روايات عند أهل السنة تقول إن عمر بن الخطاب جاء بآية الرجم ولم يشهد احد معه حول هذه الآية فردت دعواه ولم يثبتها أبو بكر في القرآن لأنه لم يشهد رجل ثاني مع عمر بوجود هذه الآية في كتاب الله وهكذا آية الحفد إلى آخره.

السيد الخوئي “رحمه الله” ذكر اثني عشر رواية هذه الروايات مفادها أن هناك آيات في كتاب الله لكنها لم تثبت في القرآن ولم تتلى في القرآن بعض هذه الروايات تشير إلى أن سورة الأحزاب كانت أكثر من سورة البقرة ومن الواضح أن أكبر سورة في القرآن الكريم سورة البقرة ولكن لم يثبت من سورة الأحزاب إلا ما هو مذكور في المصحف المتداول اليوم هذا المعنى نسخ التلاوة معناه هو وقوع التحريف وهذا هو الموطن المختلف فيه التحريف بالنقيصة لا التحريف بالزيادة، نقرأ هذه الروايات.

الرواية الأولى روى ابن عباس أن عمر قال فيما قال وهو على المنبر إن الله بعث محمدا “صلى الله عليه وآله” بالحق وانزل عليه الكتاب فكان مما انزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها فلذا رجم رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم" ورجمنا بعده فأخشى أن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضل بترك فريضة انزلها الله والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال إلى أن يقول ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم أو إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم [6]

وذكر السيوطي اخرج بن اشتة في المصاحف عن الليث بن سعد قال أول من جمع القرآن أبو بكر وكتبه زيد بن ثابت إلى أن يقول وإن عمر أتى بآية الرجم فلم يكتبها أسامة بن زيد لم يكتبها ولم يثبتها لأنه عمر بن الخطاب كان وحده[7] ولم يشهد معه شاهد ثان.

عبارة آية الرجم مختلف فيها يقول السيد الخوئي أقول وآية الرجم التي ادعى عمر أنها من القرآن ولم تقبل منه رويت بوجوه منها إذا زنا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ومنها الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة ومنها إن الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة وعلى كل حال فليس في القرآن المتداول اليوم آية تشير إلى حكم الشيخ والشيخة فإذا صحت هذه الرواية دل ذلك على وقوع التحريف في القرآن الكريم.

الرواية الثانية واخرج الطبراني بسند موثق عن عمر بن الخطاب مرفوعا القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف[8] وفي نسخة أخرى هكذا القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف فمن قرأه صابرا محتسبا كان له بكل حرف زوجة من الحور العين، إذن هذه الرواية تشير إلى أن القرآن فيه ما يزيد على ألف ألف حرف والقرآن المتداول اليوم لا يبلغ ثلث الألف ألف هذا المقدار ما يبلغه بعضهم قال ثلاثمائة ألف وكسور وبعض الأرقام فإذا صحت هذه الرواية دلت على أن القرآن سقط أكثر من ثلثيه يصير التحريف بمقدار ثلثين نقيصة بمقدار ثلثي القرآن.

الرواية الثالثة روى ابن عباس عن عمر أنه قال إن الله "عز وجل" بعث محمدا بالحق وأنزل معه الكتاب فكان مما انزل إليه آية الرجم فرجم رسول الله “صلى الله عليه وآله” ورجمنا بعده ثم قال كنا نقرأ ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أو إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم[9] هذه الروايات الثلاث الأول مروية عن عمر بن الخطاب.

الرواية الرابعة مروية عن ابنه عبد الله بن عمر الرابع وروى نافع أن ابن عمر قال ليقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله قد ذهب منه قرآن كثير ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر[10] الرواية صريحة أن القرآن قد ظهر لنا ووصل لنا بعضه ولا يمكن لأحد أن يدعي أنه قرأ القرآن كله لأنه لم يصل إلينا باجمعه هذا معناه أنه وقع التحريف بالنقيصة.

الرواية الخامسة وروى عروة بن الزبير عن عائشة قالت كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي “صلى الله عليه وآله” مأتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو اللآن[11] يعني أكثر سورة الأحزاب قد نقص من القرآن بناء على هذه الرواية.

الرواية السادسة أيضا عن عائشة وروت حميدة بنت أبي يونس قالت قرأ علي أبي بن كعب وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وعلى الذين يصلون الصفوف الأول قال قبل أن يغير عثمان المصاحف[12] يعني إضافة، الإضافة (يا أيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) هذه واضحة في الصلاة على النبي “صلى الله عليه وآله” لكن وعلى الذين يصلون الصفوف الأول يعني في الصف الأول مع النبي “صلى الله عليه وآله” هذه زيادة قد نقصت يدعون أنها ناقصة من القرآن الكريم.

الرواية السابعة وروى أبو حرب بن الأسود عن أبيه قال بعث أبو موسى الأشعري إلى قراء أهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرؤوا القرآن فقال انتم خيار البصرة وقراءهم فتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقصوا قلوبكم كما قصت قلوب العرب من كان قبلكم وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة يعني كما أن سورة براءة طويلة هذه السورة كانت طويلة تذكرنا ببراءة فأنسيتها الآن نسيت هذه السورة غير أني قد حفظت منها لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بأحد المسبحات فأنسيتها، ما هي المسبحات؟ عندنا خمس مسبحات في القرآن التي تبدأ بالتسبيح مثل سورة الجمعة (يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض) مثل سورة المنافقين مثل التغابن (سبح لله ما في السماوات) (يسبح لله ما في السماوات) عندنا خمس مسبحات خمس سور تبدأ بالتسبيح فهذه طول المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منها (يا أيها الذين أمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) هذه وردت في إحدى المسبحات فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة هذه زيادة فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة[13] .

الرواية الثامنة وروى زر بن حبيش قال أبي بن كعب يا زر كأين تقرأ سورة الأحزاب قلت ثلاثة وسبعين آية قال إن كانت لتضاهي سورة البقرة أو هي أطول من سورة البقرة[14] هذه سورة الأحزاب إذن هذا يدل على التحريف بالنقيصة.

الرواية التاسعة وروى ابن أبي داود وابن الانباري عن ابن شهاب قال بلغنا أنه كان انزل قرآن كثير فقتل علمائه يوم اليمامة في معركة اليمامة التي مات فيها أكثر من سبعين من القراء، فقتل علمائه يوم اليمامة الذين كانوا قد وعوا ولم يعلم بعدهم ولم يكتب[15] ، هذا معناه أن الكثير من القرآن قد ضاع باستشهاد قراء القرآن يوم اليمامة.

الرواية العاشرة وروى عمرة عن عائشة إنها قالت كان في ماء قد انزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن فتوفي رسول الله وهن فيما يقرأ من القرآن[16] ، فإذن ضاعت الرضعات العشر.

الرواية الحادي عشر وروى المصور بن مخرمة قال قال عمر لعبد الرحمن بن عوف الم تجد لما انزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة فإنا لا نجدها قال عبد الرحمن بن عوف أسقطت فيما اسقط من القرآن[17] رواية صريحة في وقوع السقط في القرآن الكريم.

الرواية الثانية عشر والأخيرة إن مسلم بن مخلد الأنصاري قال لهم ذات يوم اخبروني بآيتين في القرآن لم يكتبا في المصحف فلم يخبروه وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك فقال بن مسلمة ﴿إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا ابشروا انتم المفلحون والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون﴾[18] .

هذه الآيات التي تقرأها هي آيات القرآن ادخل فيها بعض الكلمات سبحان الله في الكلمات التي أدخلت تجد أن معنى الآية لا يستقيم تماما ولا تنسجم الآية بشكل دقيق يكون الوضع فيها واضح جدا وقد نقل بطرق عديدة عن ثبوت سورة الخلع والحفد في مصحف بن عباس وأبي بن كعب (اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكافرين ملحق)[19] غير ذلك مما لا يهم استقصاءه يمكن تتبعه في كتاب الإتقان في علوم القرآن للمحقق جلال الدين السيوطي من كبار علماء السنة.

ولا يخفى أن القول بنسخ التلاوة هو بعينه التحريف والإسقاط إسقاط آيات من القرآن الكريم بعد ذكر الروايات الاثني عشر الدالة على الإسقاط أو نسخ التلاوة وهذا يعني التحريف يذكر السيد الخوئي “رحمه الله” مقتضى التحقيق والتحقيق إن السقط في القرآن الكريم والنسخ في التلاوة إما أن يكون قد حصل من النبي “صلى الله عليه وآله” أو من غيره ولا ثالث في البين إما من النبي في زمانه أو من غير النبي في زمن آخر فإن قلنا بالأول وهو أن السقط ونسخ التلاوة قد وقع من النبي “صلى الله عليه وآله” فهذا أمر يحتاج إلى دليل هذه المناقشة الأولى، هذه دعوى تحتاج إلى دليل وتحتاج إلى إثبات والأصل العدم أصل عدم النسخ وعدم الإسقاط إلا إذا دل الدليل على ذلك والنص القرآني وصلنا بالتواتر وقد وقع بحث بين علماء الشيعة وعلماء السنة هل النص القرآني ينسخ بالحديث أو لا فمن الواضح أن النص القرآني قد ينسخ بالقرآن نفسه كما حصل في آية النجوى، آية النجوى ﴿فقدموا بين يدي نجواكم صدقة﴾ نسختها آية أخرى بعدها جاءت ﴿أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات﴾

ولكن هل الآيات القرآنية يمكن أن تنسخ بالحديث الشريف أو لا؟

من هنا وقع بحثان

البحث الأول النسخ بخبر الواحد

البحث الثاني النسخ بالروايات المتواترة

أما البحث الأول وهو أن تنسخ آية قرآنية متواترة بحديث عبارة عن خبر الواحد الظني فقد اجمع جميع المسلمين واتفق كل علماء الإسلام من السنة والشيعة على أن القرآن الذي هو نص متواتر لا يمكن نسخه بخبر الواحد الظني لأن النص القرآني قطعي ولا يرضى بخبر الواحد الثقة الظني لكنهم اختلفوا بالنسبة إلى النسخ بالروايات المتواترة فقد ذهب الشافعي محمد بن إدريس بل قطع الشافعي وأكثر أصحابه بأن القرآن الكريم لا ينسخ بالروايات المتواترة.

وقال أكثر أهل الظاهر بامتناع نسخ القرآن بالسنة المتواترة وإلى هذا الرأي ذهب احمد بن حنبل في احد قوليه لأنه روي عنه روايتان ونسب له قولان وذهب جماعة إلى أن النسخ بالروايات المتواترة ممكن وليس بمستحيل لكنه لم يقع والإمكان اعم من الوقوع فقالوا إن القرآن الكريم القطعي يمكن أن ينسخ بالروايات المتواترة القطعية لكن هذا في حدود الإمكان لكنه لم يقع خارجا بناء على هذا وهذا رأي علماء السنة وصرح جماعة في كتب الأصول وغيرها مثل كتاب الموافقات لأبي إسحاق الشاطبي الجزء الثالث صفحة 106 صرحوا بعدم جواز نسخ القرآن بخبر الواحد فإذا تم هذا القول من أن القرآن لا ينسخ بخبر الواحد بل لا ينسخ بالأخبار القطعية كما نسب إلى الشافعي فكيف ينسب القول بالنسخ إلى النبي “صلى الله عليه وآله” هذا أولا.

وثانيا نسبة النسخ إلى النبي “صلى الله عليه وآله” تتنافى مع أكثر الروايات ومنها جميع الروايات الاثني عشر الدالة على أن النسخ قد وقع بعد النبي “صلى الله عليه وآله” فأكثر هذه الروايات عن عمر وعن عائشة وعن ابن عمر ولا تنسب إلى النبي “صلى الله عليه وآله” هذا تمام الكلام في الاحتمال الأول وهو أن يكون النسخ والسقط قد وقع من النبي “صلى الله عليه وآله”.

الاحتمال الثاني إن أرادوا أن النسخ قد وقع بعد النبي وقد وقع من الذين تصدوا للزعامة بعد النبي “صلى الله عليه وآله” فهذا هو عين القول بالتحريف وإذا التزمنا بكلامهم فهذا يعني أن القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنة.

إذا التزموا بهذه الروايات الدالة على أن القرآن قد حصل نسخ لتلاوة بعض آياته فهذا معناه أنهم يلتزمون بتحريف القرآن الكريم

فكل من قال بجواز نسخ التلاوة سواء قال بنسخ الحكم أو عدم نسخ الحكم مجرد أن يدعي أن التلاوة منسوخة فهذا معناه أنه يرى وقوع التحريف في القرآن الكريم بل تردد الأصوليون من علماء السنة في جواز تلاوة الجنب ما نسخت تلاوته مثل آية الشيخ والشيخة وغير ذلك وفي جواز أن يمسه المحدث هل يجوز أن يمسه أو لا يجوز فاختار بعضهم عدم الجواز نعم ذهبت طائفة من المعتزلة إلى عدم جواز نسخ التلاوة.

المعتزلة في الكثير من الآراء يتفقون مع الشيعة الإمامية ومن العجيب أن جماعة من علماء أهل السنة أنكروا نسبة القول بالتحريف إلى احد من علمائهم مع أنهم يلتزمون بجواز نسخ التلاوة حتى أن السيد الآلوسي كذب أمين الإسلام الطبرسي حينما نسب القول بالتحريف إلى الحشوية، الحشوية طائفة من السنة يحشون الأحاديث حشوا يعني لا يبالون يخلطون الغث بالسمين ويأخذون بكل هذه الروايات وقال الالوسي إن أحدا من علماء أهل السنة لم يذهب إلى ذلك وأعجب من ذلك أن الألوسي ذكر أن قول الطبرسي بعدم التحريف نشأ من ظهور فساد أصحاب الطبرسي الذين قالوا بالتحريف يعني الشيعة يقولون بالتحريف فالتجأ هو أمين الإسلام الطبرسي صاحب مجمع البيان إلى إنكار القول بالتحريف مع أنه من الواضح أن القول بتحريف القرآن منقوت عند الإمامية وأن القول بصيانة القرآن عن التحريف هو القول المشهور بل المتسالم عليه بين علماء الشيعة ومحققيهم وقد نقل الشيخ أمين الإسلام الطبرسي في كتابه مجمع البيان الجزء الأول صفحة 15 في المقدمة نقل كلام الشريف المرتضى بطوله واستدلاله على بطلان القول التحريف باتم بيان وأقوى حجة.

التحريف والكتاب نحن سلمنا أن القرآن لا يوجد فيه أي زيادة فإذا القرآن ليس فيه أي زيادة يعني هذا القرآن الموجود محفوظ مصون عن التحريف.

إذن يمكن الاستدلال بآيات القرآن على نفي النقيصة من هنا يعقد البحث السيد الخوئي أولا على نفي التحريف في الكتاب ثم نفي التحريف بالسنة، التحريف والكتاب يأتي عليه الكلام.

 


[15] منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج٢ ص٥٠.
logo