« فهرست دروس
الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق
بحث التفسیر

40/03/10

بسم الله الرحمن الرحيم

القراءات والأحرف السبعة

موضوع: القراءات والأحرف السبعة

 

القراءات والأحرف السبعة

جاء في بعض الروايات ما يدل على أن القرآن نزل على سبعة أحرف هذه الروايات موجودة عند السنة والعامة أكثر من الشيعة ولم يقبلها علماء الإمامية لكن لو تنزلنا جدلا وقبلنا هذه الروايات

فهل المراد بالأحرف السبعة هو القراءات السبعة أو لا؟

الجواب هذا توهم باطل عاطل إذ أن القراءات السبعة قد حصرها في القرن الثالث الهجري الإمام أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد كان في حوالي سنة 300 في بغداد أي بداية القرن الرابع الهجري وجمع القراءات في سبعة من مشاهير القراء وهم نافع وعبد الله بن كثير وأبو عمر بن العلاء وعبد الله بن عامر وعاصم وحمزة والكسائي.

فما توهمه بعض الناس من أن المراد بالأحرف السبعة هم القراء السبعة غير صحيح بل إن القراء كثيرون جدا ويوجد ما يزيد على سبعين قارئ ممن هم أفضل من القراء السبعة المشهورين وكتب بعض العلماء قبل ابن مجاهد وجمع القراءات في خمسة عشرين وبعضهم جمع القراءات في عشرين وبعضهم جمع القراءات في ثلاثة عشر وبعضهم جمع القراءات في عشرة وبعضهم اقتصر على السبعة بل إن سابع القراء في عصر المؤمن العباسي كان هو يعقوب الحضرمي فلما جمع ابن مجاهد القراء في سبعة أبدل يعقوب الحضرمي بالكسائي.

النتيجة النهائية لا علاقة لحديث الأحرف السبعة بالقراءات السبعة

وقد ذكر السيد الخوئي ونقل كلمات أعلام أئمة أهل السنة في علوم القرآن والقراءات كالجزائري وأبو محمد مكي والقرطبي وابن الجزري والشرف المرسي والأستاذ إسماعيل بن إبراهيم بن محمد القراب في الشافي وأبو شامة فهؤلاء الأعلام قد نصوا على أن الأحرف السبعة تختلف عن القراءات السبعة وهو بحث سيأتي حتى قال بعضهم يا ليت اقتصر ابن مجاهد على اقل من السبعة أو أكثر من السبعة ولم يجمع القراءات في سبعة فقط فلو جمعها في خمسة أو ستة أو ثمانية فإنها ستكون أجنبية عن حديث السبعة أحرف

هذا تمام الكلام في بيان القراءات والأحرف السبعة.

وفي الختام ينص السيد الخوئي "رحمه الله" على أن بعض أئمة السنة ذكروا ثلاثة شروط لأي قراءة مهما كانت فمتى ما انطبقت هذه الشروط الثلاثة على أي قراءة أمكن القراءة بها مما يدل على أنه لا خصوصية للقراءات السبع أو العشر أو الثلاثة عشر أو العشرين أو الخمسة وعشرين أو السبعين وعددها يزيد على السبعين هذه الشروط الثلاثة كما يلي:

الشرط الأول أن تكون هذه القراءات موافقة للغة العربية ولو بوجه.

الشرط الثاني أن توافق هذه القراءة أحد المصاحف العثمانية ولو بنحو الاحتمال.

الشرط الثالث أن يصح سند هذه القراءة إلى النبي "صلى الله عليه وآله"

إذن النتيجة النهائية هذه القراءات السبعة ليست متواترة عن النبي "صلى الله عليه وآله" كما أنها ليست متواترة عن القراء أنفسهم وإنما نقلت إلينا بأخبار الآحاد وبالتالي يدور أمرها بين أحد احتمالين:

الاحتمال الأول أن تكون هذه القراءات اجتهادات من القراء أنفسهم.

الاحتمال الثاني أن تكون هذه القراءات قد نقلت إلى القراء ووصلتنا بأخبار الآحاد.

هذا تمام الكلام في بيان حديث الأحرف السبعة والقراءات وإن شاء الله تقرؤون ما نقله السيد الخوئي "رحمه الله" عن أعلام أئمة السنة في علوم القرآن.

في الختام يذكر مبحثين هامين جدا وفيهما الكثير من المطالب الفقهية والأصولية:

البحث الأول حجية القراءات

البحث الثاني جواز القراءة بها في الصلاة

أولا هل هذه القراءات السبعة حجة في حقنا أو لا

وثانيا سواء ثبت أنها حجة أو ليست حجة هل يجوز أن نقرأ بها في الصلاة أو لا.

أما البحث الأول وهو حجية القراءات السبعة فقد ذهب جماعة إلى حجية هذه القراءات وجوزوا أن يستدل بها على الحكم الشرعي لأنها حجة في حقنا وقد استدل بعضهم على حرمة وطئ الحائض بعد طهرها وانقطاع الدم عنها وقبل اغتسالها بقراءة الكوفيين عدى حفص عن عاصم فقط قرؤوا ﴿ولا تقربوهن حتى يطهرن﴾[1] ولفظ يطهرن ظاهر في التطهر والاغتسال بخلاف قراءة حفص الذي تقول ولا تقربوهن حتى يطهرن ويطهرن ظاهر في انقطاع الدم وليس بناظر إلى الاغتسال إذن إذا ثبت أن هذه القراءات السبع حجة في حقنا أمكن الاستدلال بها على الحكم الشرعي.

والجواب الصحيح أن هذه القراءات السبع ليست حجة علينا ولا حجية لهذه القراءات فلا يستدل بها على الحكم الشرعي.

والدليل على ذلك أن كل واحد من هؤلاء القراء يحتمل فيه الغلط والاشتباه ولم يرد دليل من العقل ولا من الشرع يدل على وجوب إتباع خصوص القراء السبعة فإذا استقل العقل بحكم وأيده الشرع إذ أن الشرع يمنع عن العمل بغير العلم قال تعالى ﴿ولا تقفوا ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا﴾[2] وهذه القراءات السبعة لا توجب العلم واليقين والقطع إذ لم تصلنا بالتواتر وإنما وصلت إلينا بخبر الواحد وخبر الواحد أقصى ما يفيد الظن والقرآن يقول إن الظن لا يغني من الحق شيئا.

النتيجة النهائية القراءات السبعة ليست حجة لأنها لم تصلنا بالتواتر الموجب للقطع واليقين وإنما وصلتنا بأخبار الآحاد وهي لا توجب إلا الظن ﴿إن الظن لا يغني عن الحق شيئا﴾[3]

لكن قد يقال إن القراءات السبع لو سلمنا أنها ليست متواترة وأنها قد وصلتنا بأخبار الآحاد عن النبي "صلى الله عليه وآله" فتشملها الأدلة القطعية الدالة على حجية خبر الواحد الثقة فإذا شملت الأدلة القطعية الدالة على حجية خبر الواحد الثقة قراءات القراء السبعة خرج الاستناد إليها عن حرمة العمل بالظن فتصير النتيجة هكذا لا يجوز العمل بمطلق الظن إلا الظن الخاص الذي قام عليه دليل قطعي وهو خبر الواحد الثقة وهذا التخصيص وإخراج العمل بالظن الحاصل من القراءات السبع عن حرمة العمل بمطلق الظن يمكن التأصيل له بأحد أمور ثلاثة وهي:

الورود

الحكومة

التخصيص

وهذه المصطلحات الثلاثة ذكرها السيد الخوئي "رحمه الله" في دورته الأصولية ونحن نشرحها بشكل مقتبض فنذكر الضابطة ثم نمثل لما نحن فيه حتى لا يطول الدرس والبحث وإن شاء الله تلتفتون جيدا إلى الفارق بين الورود والحكومة والتخصيص.

المصطلح الأول: الورود

يقول السيد الخوئي في مصباح الأصول الجزء 48 صفحة 418 الورود عبارة عن الخروج الموضوعي بالوجدان من جهة التعبد الشرعي[4]

إذن الورود عبارة عن خروج الموضوع من الحكم لكن هذا الخروج يكون خروجا حقيقيا أي نفي الموضوع حقيقة بخلاف الحكومة فإنه يتم فيها نفي الموضوع أو المحمول عناية وادعاء تكون الجملة هكذا بناء على الورود التخصيص يكون هكذا الحكم الأول يحرم إسناد القراءات إلى النبي "صلى الله عليه وآله" بغير حجة والدليل الوارد يقول القراءة الواردة عن النبي بخبر الثقة حجة فتكون النتيجة لا يحرم العمل بالقراءة الواردة عن النبي بخبر الثقة لأنها حجة أي أن الدليل الوارد القراءة الواردة بخبر الثقة حجة توجب مصداق حقيقي للحجية وتخرج هذا المصداق الحقيقي من موضوع الحرمة ومن موضوع الحكم، الحكم هكذا يقول يحرم إسناد القراءة القرآنية إلى النبي بغير حجة هذا الدليل المورود الدليل الوارد يأتي بمصداق للحجية لكي ينفي الحرمة فيقول القراءة القرآنية التي تصلنا بخبر الثقة الظني حجة تكون النتيجة النهائية هكذا يحرم العمل بالقراءات القرآنية المنسوبة إلى النبي بغير حجة لكنه يجوز العمل بالقراءة القرآنية التي تصلنا بخبر الثقة لأن خبر الثقة حجة هذا الورود.

إلى هنا انتهينا من الورود المراد بالورود إخراج فرد عن الموضوع إخراجا حقيقا لكن هذا الإخراج الحقيقي ببركة التعبد الشرعي لأن الشارع جعل خبر الثقة حجة فيكون خبر الثقة خرج عن الحكم العام حرمة العمل بالقراءات إذا لم تكن حجة

المصطلح الثاني: التخصيص

وأما التخصيص فهو عبارة عن إخراج بعض أفراد موضوع الحكم العام بواسطة القرينة الدالة على ذلك يراجع المعجم الأصولي الشيخ محمد صنكور الجزء الأول صفحة [5] 468 وبعبارة مبسطة إخراج فرد من الطبيعة العامة فلو قلت أكرم العلماء فقد اثبت وجوب الإكرام لجميع العلماء ولو جاء دليل آخر مخصص يقول لا تكرم الفساق تكون النتيجة أكرم العلماء إلا الفساق منهم فيقال لأكرم العلماء دليل عام اثبت الحكم وهو وجوب الإكرام للطبيعة وهي العلماء ويقال للا تكرم الفساق أنه دليل خاص لأنه اخرج حصة خاصة وهم العلماء الفساق من الطبيعة من طبيعة العلماء الذين يجب إكرامهم هذا يقال له تخصيص إذن التخصيص ناظر إلى الحكم إلى المحمول والورود ناظر إلى الموضوع.

مثاله فيما نحن فيه يصير الدليل العام هكذا يحرم إسناد القراءة إلى النبي "صلى الله عليه وآله" بالظن والدليل الخاص يقول يجوز إسناد القراءة إلى النبي "صلى الله عليه وآله" بالظن الحاصل من خبر الثقات فتصير النتيجة هكذا يحرم إسناد القراءة إلى النبي بالظن ويجوز إسنادها إلى النبي بالظن الحاصل من خبر الثقة هكذا لا يجوز إسناد القراءة القرآنية إلى النبي إذا وصلتنا بالظن إلا الظن الحاصل من خبر الثقة إلى هنا انتهينا من بيان التخصيص في المقام.

المصطلح الثالث: الحكومة

الحكومة يختلف السيد الخوئي "رحمه الله" مع تلميذه الشهيد الصدر أيضا في بيان معنى الحكومة في نظر الشهيد الصدر الحكومة تتقوم بالنظر دائما فيكون الدليل الحاكم ناظرا وشارحا للدليل المحكوم السيد الخوئي "رحمه الله" يقول الحكومة على قسمين قسم حكومة ناظرة أو شارحة فينظر الدليل الحاكم إلى الدليل المحكوم وقسم لا يشترط فيه النظر وأما السيد السيستاني "حفظه الله" فهو يرى أن الحكومة لا تتقوم بالنظر وإنما تتقوم بالمسالمة فينبغي أن يكون الدليل الحاكم مسالما ومنسجما مع الدليل المحكوم وتفصيل ذلك في أبحاث الخارج ولكن ما يهمنا الآن في بحثنا وبما أنه ندرس تفسير البيان للسيد الخوئي نذكر كلامه "رحمه الله" في كلا القسمين ثم نمثل بما يفيدنا في المقام.

قال السيد الخوئي "رحمه الله" في مصباح الأصول الجزء 48 من موسوعته صفحة 420: [6]

الحكومة فهي على قسمين:

القسم الأول ما يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي شارحا للمراد من الدليل الآخر وقد يكون ناظرا إلى عقد الوضع مثل لا ربا بين الوالد وولده وقد يكون ناظرا إلى عقد الحمل مثل لا ضرر ولا ضرار ما جعل عيلكم في الدين من حرج

القسم الثاني أن يكون أحد الدليلين رافعا لموضوع الحكم في الدليل الآخر وإن لم يكن بمدلوله اللفظي شارحا له كما في القسم الأول كحكومة الأمارات على الأصول الشرعية.

القسم الأول مثل الطواف في البيت صلاة هذا موسع للموضوع عندنا حكم دليل محكوم يشترط الطهارة في الصلاة فيأتي دليل آخر يوسع يقول الطواف في البيت صلاة يعني هناك مصداقان للصلاة المصداق الأول الصلاة المعهودة من كيفية خاصة فيشترط فيها الطهارة المصداق الثاني مصداق ادعائي عنائي وهو الطواف فإذن كما يشترط في الصلاة الوضوء والطهارة كذلك يشترط في الطواف الوضوء والطهارة هذا هنا إضافة موضوع زيادة موضوع وأحيانا نفي موضوع لا ربا بين الوالد وولده ناظر إلى حكم الربا حرام الوالد إذا أخذ على ولده زيادة يقول لولده أعطيك مئة دينار ترجعه مائة وعشرين دينار حقيقة هذا ربا أو لا؟ هذا ربا الرواية تقول لا ربا بين الوالد وولده فهنا نفي لحصة من الموضوع فهذه حكومة بلحاظ عقد الوضع يعني بلحاظ الموضوع وهناك حكومة بلحاظ عقد الحمل مثل لا ضرر ولا ضرار في الإسلام يعني لا يوجد حكم ضرري ويوجب الضرر في الإسلام ﴿ما جعل عليكم في الدين من حرج﴾[7] يعني لا يوجد حكم في الإسلام فيه حرج ومشقة كثيرة أدلة الأحكام الأولية مطلقة تجب الصلاة مطلقا في صورة الضرر وعدمه تجب الصلاة مطلقا في صورة الحرج والمشقة الكبيرة وعدمها فأدلة وجوب الصلاة والصوم والحج والخمس إلى آخره مطلقة فتأتي الحكومة المحمولية الحكومة بلحاظ عقد الحمل بلحاظ المحمول تنفي الحكم يعني لا توجد صلاة توجب الضرر ولا يوجد حج يوجب المشقة الكثيرة التي لا تتحمل عادة هذه حكومة بلحاظ عقد الحمل.

وكلا الحكومتين بلحاظ عقد الحمل أو عقد الوضع هي من قسم الأول من أقسام الحكومة الحكومة الشارحة يعني يوجد دليل شارح ويوجد دليل مشروح يوجد دليل ناظر ويوجد دليل منظور القسم الثاني من الحكومة لا يشترط فيه النظر والشرح مثل حكومة الأمارات على الأصول العملية الأصول العملية متقومة بالشك مثل (رفع عن أمتي ما لا يعلمون)[8] مثل أصالة الاحتياط (أخوك دينك فاحتط لدينك إن شئت)[9] مثل أصالة التخيير إذا شككت في رواية قد تعارضتا صالت التخيير فبأيهما أخذت من باب التسليم وسعك مثل الاستصحاب لا تنقض اليقين بالشك ابني على الحالة السابقة إذا شككت لاحقا ففي كل مورد يوجد شك لاحق ويقين سابق يستصحب اليقين السابق هذه الأصول العملية الأربعة أصالة البراءة (رفع عن أمتي ما لا يعلمون) وأصالة الاحتياط وأصالة التخيير والاستصحاب هذه أربعة موضوعها الشك تأتي الأمارة وتلغي الشك تعبدا مثل خبر الثقة حجة خبر الثقة هل يلغي الشك حقيقة؟ لا يلغي الشك حقيقة الذي يلغي الشك حقيقة هو القطع والعلم واليقين ولكن إذا قال الشارع جعلت الظن الحاصل من خبر الثقة بمثابة العلم والقطع واليقين ففي هذه الحالة يكون الظن الحاصل من خبر الثقة رافعا للشك الذي هو موضوع الأصول العلمية فتكون الأمارات مثل حجية خبر الثقة حجية الإجماع حجية الشهرة حاكمة على أدلة الأصول العملية أي أنها رافعة لموضوع الأصول العملية تعبدا لا حقيقة.

إلى هنا وضحنا معنى الحكومة الآن في مثالنا هكذا نأتي بالدليل المحكوم أولا ثم بالدليل الحاكم الدليل المحكوم هكذا نقول يجوز إسناد القراءة إلى النبي مع العلم ولا يجوز مع الظن الدليل الحاكم يقول القراءة الواردة عن النبي بخبر الثقة علم لا ظن فتكون النتيجة يجوز إسناد القراءة إلى النبي بخبر الثقة لأنه يوجب العلم بسبب التعبد الشرعي ولا يوجب الظن إذن هذا التخصيص إما أن يكون ببركة الورود كأن نقول لا يجوز إسناد القراءة القرآنية إلى النبي إلا بحجة فيأتي الدليل الوارد ويقول القراءة الواصلة إلينا بخبر الثقة عن النبي حجة وإما بالتخصيص بأن نقول يحرم إسناد القراءة إلى النبي "صلى الله عليه وآله" بالظن فيأتي الدليل المخصص ويقول يجوز إسناد القراءة إلى النبي بالظن الحاصل من خبر الثقة وإما أن نأتي بالحكومة نقول هكذا يجوز إسناد القراءة إلى النبي مع العلم ولا يجوز مع الظن هذا الدليل المحكوم فيأتي الدليل الحاكم ليقول القراءة الواردة بخبر الثقة عن النبي علم توجب العلم ولا توجب الظن.

إلى هنا بينا وجه التخصيص والإشكال والإجابة عليه تطول لذلك نقرأ ما ذكره السيد الخوئي "رحمه الله" في القراءات السبع أو الأحرف السبعة من كلمات الأعلام لنصل إلى موطن بحثنا ونتم البحث غدا.

صفحة 179 القراءات والأحرف السبعة

قال الجزري لم تكن القراءات السبع متميزة عن غيرها حتى قام الإمام أبو بكر احمد بن موسى بن العباس بن مجاهد وكان على رأس الثلاثمائة في بغداد يعني سنة 300 هجرية طبعا كان مدعوما من قبل السلطة العباسية آنذاك وفرضت القراءة بالسبعة ومنعت القراءة بغير السبعة وإذا تراجعون التاريخ حتى الكثير من المذاهب فرضتها الدول الآن أكثر مذهب في العالم من المذاهب السنية والمذهب الحنفي لأن الدولة العثمانية كانت حنفية ففرضت المذهب الحنفي وكانت متسعة في رقعتها لذلك أكثر المسلمين اليوم في العالم من الأحناف وهكذا فرض الأيوبيون المذهب الشافعي في مصر بعد أن قضوا على الدولة الفاطمية التي كانت شيعية إسماعيلية لذلك المصريين اليوم شوافع مثلا أكثر السنة أشاعرة في العقيدة وليسوا معتزلة لأن المأمون العباسي كان معتزليا ففرض الاعتزال فلما مات وجاء أخوه المعتصم إلى أن جاء المتوكل العباسي الذي فرض الحشوية وأهل الحديث وتجد الآن أكثر المسلمين في العقائد هم من الأشاعرة لأن المعتصم فرض المذهب الأشعري وتراجع عن المذهب المعتزلي والآن المملكة العربية السعودية تدعي أنها في العقائد على مذهب أبن تيمية وأما محمد بن عبد الوهاب جاء مجددا للمذهب على دين ومذهب ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية في العقائد وفي الفقه يدعون على أنهم من مذهب الإمام احمد بن حنبل لذلك ينشرون المذهب الحنبلي الآن في العالم المذهب الأول للمسلمين هو المذهب الحنفي ثم المذهب المالكي ثم المذهب الشافعي ثم المذهب الشيعي الإمامي الإثنى عشري الخامس هو المذهب الحنبلي.

فجمع قراءات سبعة من مشهوري أئمة الحرمين والعراقيين والشام وهم نافع المدني وعبد الله بن كثير الدمشقي وأبو عمر بن العلاء وعبد الله بن عامر وعاصم وحمزة وعلي الكسائي وقد توهم بعض الناس إن القراءات السبعة هي الأحرف السبعة وليس الأمر كذلك إلا أن يقول وقد لام كثير من العلماء ابن مجاهد على اختياره عدد السبعة لما فيه من الإيهام إلى أن يقول قال احمد بن عمار المهدوي لقد فعل مسبع هذه السبعة ما لا ينبغي له وأشكل الأمر على العامة بإيهامه كل من قل نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الخبر وليته إذ اقتصر نقص عن السبعة أو زاد ليزيل الشبهة وقال الأستاذ إسماعيل بن إبراهيم بن محمد في الشافي التمسك بقراءة سبعة دون غيرهم ليس فيه اثر ولا سنة وإنما هو يعني ليس فيه رواية.

طبعا ما الفرق بين الأثر وبين الرواية في مصطلح الدراية والحديث؟ يقولون الرواية والسنة ما رويت عن النبي "صلى الله عليه وآله" والأثر ما روي عن الصحابة والتابعين فهنا حينما يقول ليس فيه اثر يعني لا توجد رواية عن الصحابة أو تابعين ولا سنة يعني لا توجد رواية عن النبي "صلى الله عليه وآله".

وإنما هو من جمع بعض المتأخرين لم يكن قرأ بأكثر من السبع فصنف كتابا وسماه كتاب السبعة فانتشرت ذلك في عامة الناس وقال الإمام أبو محمد مكي قد ذكر الناس من الأئمة في كتبهم أكثر من سبعين ممن هو أعلى رتبة واجل قدرا من هؤلاء السبعة إلى أن يقول فكيف يجوز أن يظن ظان أن هؤلاء السبعة المتأخرين قراءة كل واحد منهم احد الأحرف السبعة المنصوص عليها هذا تخلف عظيم أكان ذلك بنص من النبي "صلى الله عليه وآله" أم كيف ذلك وكيف يكون ذلك والكسائي إنما ألحق بالسبعة بالأمس في أيام المؤمن وغيره وكان السابع يعقوب الحضرمي فاثبت ابن مجاهد في سنة 300 ونحوها الكسائي موضع يعقوب وقال الشرف المرسي وقد ظن كثير من العوام أن المراد بها الأحرف السبعة القراءات السبع وهو جهل قبيح وقال القرطبي القرطبي معروف في آيات الأحكام تفسير جامع الأحكام القرآن الكريم من التفاسير الفقهية وكان قاضي القضاة وكتبه بأمر الحاكم آنذاك قال كثير من علمائنا كالداودي وابن أبي سفرة وغيرهما هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من تلك السبعة وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف ذكره ابن النحاس وغيره وهذه القراءات المشهورة هي اختيارات أولئك الأئمة القراء هذا تنصيص على أنها اختياراتي.

وقال ابن الجزري وأنت ترى ما في هذا القول فإن القراءات المشهورة اليوم عن السبعة والعشرة والثلاثة عشر بالنسبة إلى ما كان مشهورا في الإعصار الأول قل من كثر ونزر من بحر فإن من له اطلاع على ذلك يعرف علمه العلم اليقين تقرؤون البقية ثم ابن الجزري قال أيضا في كلام آخر طويل نأخذ منه مقطع مهم قال وإنما أطلنا هذا الفصل لما بلغنا عن بعض لا علم له أن القراءات الصحيحة هي التي عن هؤلاء السبعة أو أن الأحرف السبعة التي أشار إليها النبي هي قراءة هؤلاء السبعة هذا تمام الكلام في بحث القراءات والأحرف السبعة واتضح أن حديث الأحرف السبعة ليس تاما عند الإمامية كما سيأتي بحثه عندما يتطرق السيد الخوئي إلى البحث القادم بعد هذا البحث هل نزل القرآن على سبعة أحرف وسيتضح في الروايات عند الإمامية أن القرآن نزل من واحد على واحد بحرف واحد ولا صحة لحديث الأحرف السبعة ولو تنزلنا وقبلنا حديث الأحرف السبعة فإنه يختلف عن القراءات السبعة.

حجية القراءات أتضح أنها ليست حجة ووصلنا إلى هذه النقطة أنه لو قلنا إن القراءات الواصلة بخبر الواحد مخصصة أو واردة أو حاكمة على الأدلة التي تقول إنه لابد من العمل بإخبار المتواترة فهل هذا تام أو ليس بتام الجواب يأتي عليه الكلام.

 


logo