40/03/03
مناقشة القسم الثالث من الآيات التي إستدل بعا على أن النبي (ص) لم يأت بمعجوة غير القرآن
موضوع: مناقشة القسم الثالث من الآيات التي إستدل بعا على أن النبي (ص) لم يأت بمعجوة غير القرآن
قال السيد الخوئي "رحمه الله" صفحة 116:
ومن الآيات التي استدل بها القائلون بنفي المعجزات للنبي عدا القرآن قوله تعالى ﴿لولا انزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين﴾[1] آمنا بالله صدق الله العلي العظيم.
كان الكلام في الآيات التي استدل بها على أن النبي “صلى الله عليه وآله” لم تكن له معجزة أخرى إلا القرآن الكريم تطرقنا إلى القسم الأول والقسم الثاني من الآيات اليوم إن شاء الله نتطرق إلى القسم الثالث من الآيات وبمناقشته نختم الحديث في هذه الدعوة.
الآية الثالثة قوله عز من قائل ﴿لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين﴾.
تقريب الاستدلال
إن المشركين طالبوا النبي “صلى الله عليه وآله” أن يأتي بآية من ربه إلا أن النبي “صلى الله عليه وآله” لم يذكر لنفسه معجزة وأجابهم بأن الغيبة لله وهذا يدل على أن النبي لم تكن له معجزة أخرى غير القرآن الكريم، سياق هذه الآيات ينسجم مع آيات أخرى بهذا المضمون كقوله "عز من قائل" ﴿ويقول الذين كفروا لولا انزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد فقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون﴾[2] .
الأمر الأول من الجواب ما تقدم من أن هذه آيات اقتراحية ولا يجب على النبي أي يأتي بأي آية يقترحها المشركون يجب على النبي أن يأتي بآية تثبت صدق دعواه النبوة وما زاد على ذلك لا يجب عليه فالمهم أن يأتي النبي بآية يعجز عنها القوم وهذه الآية تثبت صدق دعواه النبوة.
إذن المشركون في هذه الآيات لم يطلبوا من النبي “صلى الله عليه وآله” أن يأتي بآية تثبت صدق دعواه لكي يلتزموا بها وإنما اقترحوا عليه آيات معينة أن يأتي بها عنادا وقد صرح القرآن الكريم في مواضع كثيرة باقتراحهم آيات ولم يعبئ بها رب الأرباب ولم يعرهم النبي “صلى الله عليه وآله” اهتماما فيها من هذه الآيات قوله "عز من قائل" ﴿وقالوا لولا أنزل عليه ملك﴾[3] ﴿وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين﴾[4] ﴿وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام﴾[5] يعني كانوا يتصورون أن النبي لابد أن يكون من غير جنس البشر من الملائكة أو الجن أو خلق آخر أما بشر مثلنا يأكل الطعام ويمشي في الأسواق هذا ما يمكن أن يكون رسول ﴿وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا انزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا﴾.
وقد علمنا فيما تقدم أن الآيات المقترحة لا تجب الإجابة عليها ولو أراد المشركون آية لإثبات صدق دعوى النبي لطلبوها ولطلبوا منه أن يأتي بآية تدل على صدق دعواه بل كانوا صادقين ولكنهم لم يطلبوا آية تدل على صدق دعواه وإنما طلبوا آيات تعجيزية حسب ذهنهم وقالوا انزل علينا ملك من الملائكة تطير في السماء إلى آخر الآيات الكثيرة، نستفيد من هذه الآيات أمرين:
الأمر الأول إن تحدي النبي “صلى الله عليه وآله” لعامة البشر إنما كان بخصوص القرآن الكريم فالقرآن هو المعجزة المستمرة وهو المعجزة العامة بخلاف معاجز النبي الأخرى كانشقاق القمر أو تكليم الشجرة فإنها معاجز كانت خاصة بزمانه وأدركها وعاينها المعاصرون بزمن النبي “صلى الله عليه وآله” وهم الصحابة وأما القرآن الكريم فهو المعجزة الخالدة والمستمرة إذن معاجز النبي الأخرى تلتقي مع معاجز الأنبياء السابقين في كونها خاصة بذلك الزمان بخلاف القرآن الكريم الذي هو معجزة عامة وخالدة إذن المعجزة الوحيدة المستمرة والباقية للنبي محمد “صلى الله عليه وآله” هي خصوص القرآن وأما بقية معاجزه فهي لم يكتب لها الاستمرار والبقاء.
الأمر الثاني إن الإتيان بالمعجزة ليس أمرا اختياريا للنبي وإنما هو رسول يتبع ما يوحى إليه من قبل الله "عز وجل" فالمعجزة تحتاج إلى إذن الهي ولا دخل لاقتراح المقترحين في تعيين نوعية المعجزة وطبيعتها وهذا المعنى ثابت لجميع الأنبياء ويدل عليه قوله "عز من قائل" ﴿وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله﴾ الآية صريحة﴿وما كان لرسول فيها حصر أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل اجل كتاب﴾ ﴿وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء امر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون﴾[6] آيتان في موضعين متفرقين تنصان على أن الإتيان بالآية والمعجزة يفتقر إلى الأذن الإلهي
هذا تمام الكلام في الجواب الأول.
الجواب الأول وما تقدم في جواب القسم الأول والقسم الثاني من الآيات التي استدل بها على اختصاص النبي بالقرآن وأنه لم تكن له معجزة أخرى غير القرآن الكريم، طبعا الجواب الأول جواب ثبوتي والجواب الثاني جواب إثباتي جواب الثبوتي يعني يمكن أن تصدر من النبي هذه المعجزة أو لا يمكن الجواب الاثباتي هل صدر من النبي معاجز أخرى أو لم يصدر.
الجواب الثاني الاثباتي يشير إلى أن النبي “صلى الله عليه وآله” قد صدرت منه معاجز أخرى والمستشكل يرى أن النبي لم تكن له معجزة إلا القرآن والقرآن ينص على ثبوت معاجز أخرى للنبي “صلى الله عليه وآله” فمن فمك أدينك من هذه الآيات قوله "عز من قائل" ﴿اقتربت الساعة وانشق القمر﴾[7] فهي تشير إلى انشقاق القمر هذه الآيات فيها قرائن أربعة كما سيأتي ﴿اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر﴾ ﴿وإذا جاءتهم آية قالوا لم نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله﴾[8] .
قد يقال إن هذه الآية ناظرة إلى خصوص القرآن الكريم وآيات كتاب الله "عز وجل" ولا تشمل معاجز النبي الأخرى فيقال إن هذه الآية فيها أربع قرائن تدل على أن المراد بالآية الآيات الأخرى غير القرآن الكريم.
القرينة الأولى الآية الكريمة عبرت برؤية الآية ولم تعبر بسماع الآية ولو كانت ناظرة إلى خصوص القرآن الكريم لكان الأولى أن تعبر سماع الآية ولا تعبر برؤية الآية قال "عز من قائل" ﴿اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا﴾ لكان الأولى أن يقول وإن يسمعوا آية يعرضوا هذه هي القرينة الأولى.
القرينة الثانية ضم إلى رؤية الآية انشقاق القمر قد يقال إن رؤية الآية عبر تعبير مجازي فيصدق على الإتيان بالقرآن أنها رأينا الآية أي سمعنا القرآن الكريم فلا حصر لخصوص لفظ السماع قد تقول سمعت القرآن الكريم وقد تقول رأيت ما جاء به محمد “صلى الله عليه وآله” من القرآن فهنا لفظ الرؤية قد يشمل السماع وقد يشمل غير السماع ولكن الذي يحصر الرؤية في غير السماع هو ما سبقها من لفظ انشقاق القمر فإن انشقاق القمر أمر يرى ولا يسمع فالقرينة الثانية أنه ضم إلى لفظ الرؤية لفظ انشقاق القمر.
القرينة الثالثة نسب إلى الآية المجيء دون الإنزال وما يشبهه قال "عز من قائل" ﴿وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله﴾ ولو كان المراد القرآن لقال وإذا نزلت عليهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسول الله فالآية لم تعبر بالنزول أو التنزيل أو الإنزال وإنما عبرت بالمجيء ولكن لفظ المجيء كما يشمل الآيات غير القرآنية يشمل أيضا الآيات القرآنية ولا ضرورة لحصرها بخصوص غير القرآن الكريم
القرينة الرابعة ولكن هناك قرينة وهي القرينة الرابعة تدل على أن المراد من الآيات والمعاجز غير القرآن وهذه القرينة الرابعة هي أقوى قرينة أقوى القرائن الأربع القرينة الثانية انشقاق القمر والقرينة الرابعة وهي استمرار المعجزة فالقرآن الكريم قال هكذا ﴿وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر﴾ يعني كلما جاءهم النبي بمعجزة وبآية قالوا هذا سحر متتابع ومستمر فالإتيان بلفظ الاستمرار الذي يدل على الدوام يدل على تعدد المعاجز وتعدد المعاجز ينسجم مع وجود معاجز أخرى للنبي “صلى الله عليه وآله” إذن في قولهم سحر مستمر توجد دلالة على تكرر صدور المعجزة عن النبي “صلى الله عليه وآله”.
إذن بمقتضى هذه الآية لو سلمنا أن الآيات السابقة القسم الأول والقسم الثاني بل والقسم الثالث تدل على أن النبي كان له القرآن الكريم ولم تثبت تلك الآيات معجزة أخرى للنبي “صلى الله عليه وآله” فإن مقتضى هذه الآية ثبوت معاجز أخرى للنبي “صلى الله عليه وآله” فيكون مقتضى الجمع بين هذه الآية والآيات السابقة أن الآيات السابقة لو حملناها على اختصاص النبي بمعجزة القرآن أي في ذلك الوقت ويكون مفاد هذه الآية أنه بعد ذلك الوقت صدرت معاجز أخرى للنبي “صلى الله عليه وآله” على أننا لا نسلم أن تلك الآيات تدل على اختصاص النبي بالقرآن الكريم لأن أول معجزة جاء بها النبي القرآن الكريم فإذا حملنا القسم الأول والثاني والثالث من الآيات على أنها تثبت معجزة القرآن للنبي فقط ولا تثبت المعاجز الأخرى فهي إنما تثبت معجزة القرآن في ذلك الوقت ولكن بعد مجيء هذه الآية المباركة تكون قد أثبتت معجزة أخرى للنبي “صلى الله عليه وآله” هذا تمام الكلام في مناقشة الأقسام الثلاثة من الآيات التي ادعي دلالتها على أن النبي “صلى الله عليه وآله” لم تكن له معجزة أخرى غير القرآن الكريم.
وخلاصة جميع ما تقدم من المباحث خمس نقاط:
النقطة الأولى إنه لا دلالة لشيء من آيات القرآن على نفي المعجزات الأخرى للنبي سوى القرآن بل في جملة من الآيات توجد دلالة على وجود معجزات أخرى للنبي “صلى الله عليه وآله” كآية انشقاق القمر.
النقطة الثانية إن إقامة المعجزة ليس أمرا اختياريا للنبي “صلى الله عليه وآله” وإن تعيين المعجزة بيد الله سبحانه وتعالى.
الأمر الثالث إن اللازم في دعوى النبوة هو إقامة المعجزة التي تتم بها الحجة ويتوقف عليها التصديق بدعوى النبي للنبوة وأما الزائد على ذلك وهو الآيات المقترحة فلا يجب على الله إظهارها ولا يجب على النبي أن يستجيب لها.
الأمر الرابع إن كل معجزة يكون فيها هلاك الأمة وهلاك الناس وتعذيبهم فهي ممنوعة في هذه الأمة المرحومة ببركة وجود النبي “صلى الله عليه وآله” ولا يصح ويسوغ إقامتها سواء كان باقتراح جميع الأمة أو بعض أفراد الأمة.
والنقطة الخامسة والأخيرة إن المعجزة الخالدة للنبي “صلى الله عليه وآله” التي تحدى بها جميع الأمم إنما هي خصوص القرآن الكريم المنزل من قبل الله "عز وجل" وأما غير القرآن من المعجزات فهي ليست بمعجزات باقية وإن كثرت حالها حال معجزات الأنبياء السابقين إذن معجزات النبي الأخرى غير القرآن تشترك مع معاجز الأنبياء السابقين في كونها ليست معجزة خالدة، هذا تمام الكلام في إثبات جميع المعجزات للنبي سواء كانت قرآنية أو غير قرآنية.
في الختام يتطرق السيد الخوئي إلى بشارة التوراة والإنجيل بنبوة النبي محمد “صلى الله عليه وآله” من أهم النتائج القرآنية إثبات بعثة الأنبياء السابقين وذكر معجزاتهم وما جرى عليهم فالنبي “صلى الله عليه وآله” قد جاء بالقرآن المنزل من قبل الله "عز وجل" وقد ذكر الأنبياء من لدن آدم "عليه السلام" أبي البشر أول الأنبياء إلى آخر الأنبياء قبل محمد “صلى الله عليه وآله” وهو عيسى "عليه السلام" إذن القرآن الكريم نص على نبوة موسى وعيسى الشريعة الموسوية وهي توراة اليهود والشريعة العيسوية وهي إنجيل عيسى "عليه السلام" هذه البشارة موجودة في الإنجيل القرآن الكريم ينص أن عيسى "عليه السلام" قال للحواريين ومبشرا برسول يأتي من بعدي أسمه أحمد الآن بالأناجيل أربعة وستين إنجيل المشهورة منها أربعة متا ولوقا ومرقص ويوحنا هذه الأناجيل الأربعة المحرفة لا يوجد فيها بشارة بالنبي “صلى الله عليه وآله” ولكن أحد الأناجيل الأربعة وستين هو إنجيل برنابا في إنجيل برنابا موجود توجد البشارة بالنبي “صلى الله عليه وآله”.
في زمن النبي “صلى الله عليه وآله” قد آمن بالنبي الكثير من اليهود والنصارى وفي إيمانهم بالنبي دلالة على صدق دعواه إذ لو كان أهل التوراة والإنجيل وقد ذكر في توراتهم وإنجيلهم البشارة بالنبي لو كانت البشارة بالنبي غير موجودة في التوراة والإنجيل لأجمعوا على كذب النبي وحاشا إذن في قبول كثير من اليهود والنصارى بدعوى النبي تصديق بما جاء في التوراة والإنجيل والتصديق بما جاء في القرآن الكريم القرآن الكريم أشار إلى هذه الحقيقة قال "عز من قائل" ﴿الذين يتبعون الرسول النبي الأمي﴾[9] .
الأمي هو الذي لا يقرأ ولا يكتب ليس الذي لا يتمكن من القراءة ولا يتمكن من الكتابة إذا ما يتمكن من القراءة والكتابة هذا عيب ولكن لم يقرأ ولم يكتب لا أنه غير متمكن لكن لم يقرأ ولم يكتب يعني واحد عنده قابلية للدراسة لكن ما درس فهنا ابلغ النبي أمي لا يقرأ ولا يكتب ويأتي بمثل القرآن هذا أوقع في الإعجاز وبعضهم يقول الأمي ليس المراد به ذلك وإنما الأمي من الأم أي من الأصل الأمي أصل أم الشيء أصله الأمي يعني المكي هو من الأم من الوطن الأم من مكة من أم القرى ﴿قد جاءكم من أنفسكم﴾[10] يعني من نفس مكة وإن كان الظاهر هو أنه الذي لا يقرأ ولا يكتب ﴿الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر﴾ هذا بالنسبة إلى التوراة والإنجيل اليهود والنصارى.
﴿وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد﴾[11] لذلك آمن كثير من اليهود والنصارى بنبوة النبي في حياته وبعد مماته وهذا يدل دلالة قطعية على وجود البشارة في الكتابين التوراة والإنجيل في زمان دعوة النبي “صلى الله عليه وآله” ولو لم تكن هذه البشارة مذكورة في التوراة والإنجيل لكان هذا دليلا كافيا لليهود والنصارى على تكذيب القرآن في دعواه أن القرآن يتحدى ويدعي لو لم يكن موجودا عندهم لكفى هذا الأمر في تكذيب القرآن تكذيب دعوة النبي ولأنكروا على النبي اشد الإنكار فيكون إسلام الكثير من اليهود والنصارى في زمن النبي وبعد مماته دليلا قطعيا على وجود البشارة في ذلك الوقت في هذا الوقت ما موجود، موجود في إنجيل برنابا ليس مشهورا كالأناجيل الأربعة.
إذن على هذا أن الإيمان بموسى وعيسى "عليهما السلام" يستلزم الإيمان بمحمد “صلى الله عليه وآله” بالنسبة إلى اليهود والنصارى ولا يحتاج إلى معجزة للنبي بالنسبة لليهود والنصارى في ذلك الوقت ما يحتاجون معجزة للنبي لان البشارة موجودة في العهد القديم والعهد الجديد نعم المعجزة لغير أهل الكتاب يعني لغير اليهود والنصارى مثل الوثنين لأن ما عدهم بشارة فالنبي يجب عليه أن يأتي بالمعجزة لإثبات صحة دعواه بالنسبة إلى المشركين والأمم الأخرى التي لم تؤمن بموسى وعيسى "عليهما السلام" والخلاصة القرآن هو المعجزة الخالدة للنبي والباقية وهي الحجة الإلهية التي ستبقى إلى يوم يبعثون هذا بالنسبة إلى القرآن وقد وصلنا القرآن بالتواتر وأما معاجز النبي الأخرى فقد وصلتنا بالتواتر الإجمالي ويكفي التواتر الإجمالي لإثبات صحة هذه المعاجز التي نسبت للنبي “صلى الله عليه وآله” وكما تعلمون التواتر على ثلاثة أقسام:
القسم الأول التواتر اللفظي.
القسم الثاني التواتر المعنوي.
القسم الثالث التواتر الإجمالي.
نضرب مثل حتى تكون الرواية واضحة مثلا حادثة الغدير النبي “صلى الله عليه وآله” يوم غدير خم 18 من ذي الحجة في حجة الوداع رفع كف أمير المؤمنين "سلام الله عليه" حتى بان بياض إبطيهما وسأل المسلمين (الست أولی لكم من أنفسكم؟ قالوا بلى يا رسول الله ثم رفع يد أمير المؤمنين قال ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وادر الحق معه حيث ما دار)
التواتر هو عبارة عن إخبار جماعة كثيرين يمتنع تواطئهم عن الكذب ويمتنع اتفاق خطئهم في فهم الحادثة المذكورة هذا الإخبار الكثيرين:
إما أن يتفق الكثيرون على لفظ معين تجد مثلا مئة رواية خمسين رواية مائتين رواية كلها نفس هذا النص أو ما يقرب فهذا علي مولاه أخرى فعلي مولاه هذا تواتر لفظي
وأما التواتر المعنوي الألفاظ مختلفة ولكن المعنى واحد موجود من كنت مولاه فعلي مولاه تأتي رواية أخرى من كنت سيده فعلي سيده من كنت وليه فعلي وليه من كنت أميره فعلي أميره من كنت حبيبه فعلي حبيبه من كنت رئيسه فعلي رئيسه هنا الألفاظ متعددة لكن المعنى واحد إشارة إلى الخلافة والقيادة والزعامة الدينية والدنيوية.
التواتر الإجمالي إخبار الجماعة الكثيرين لا يتفق على لفظ واحد ولا يتفق على معنى واحد الألفاظ متعددة والمعاني متعددة ولكن نتيجة لإخبار الكثيرين بأخبار كثيرة تقطع بصدور بعض هذه الأخبار تقطع بوقوع بعض هذه الأخبار
مثلا لو اخبر كثيرون بعضهم اخبر عن حادثة الغدير وبعضهم اخبر عن حديث الثقلين وبعضهم اخبر عن حديث الطائر المشوي النبي “صلى الله عليه وآله” جيء له بطائر مشوي قال اللهم ادخل حبيبي وكذا في الجنة فدخل علي بن أبي طالب "عليه السلام" في هذه الحالة.
إذا اخبر الجماعة الكثيرون بأخبار متعددة ولكن هذه الأخبار المتعددة معانيها مختلفة مضامينها مختلفة فضلا عن ألفاظها ففي هذه الحالة تقطع بوقوع بعضها على الأقل بعضها واقع إن لم تقل كلها.
فهنا النبي “صلى الله عليه وآله” اخبروا عنه عدة اخبارات عن صدور معاجز مختلفة ومتعددة بعض الأخبار انشقاق القمر بعض الأخبار أن الشجرة جاءته بعض الأخبار أنه كلم الشجرة أخبار كثيرة يمكن مراجعة مدينة المعاجز سبعة مجلدات للسيد هاشم البحراني التوبلاني فمع وجود هذه الأخبار الكثيرة عن معاجز النبي المختلفة في الألفاظ والمعاني تقطع بصدور بعضها يعني كلها كذب سبعة مجلدات اخبارات كلها كذب؟
فإذن القرآن الكريم وصلنا بالتواتر اللفظي قرآن وصلنا بالتواتر كابر عن كابر وصلنا بالتواتر اللفظي والمعنوي وأما معاجز النبي الأخرى يكفي في إثباتها التواتر الإجمالي.
إذن المراد بالتواتر الإجمالي إخبار جماعة كثيرين يمتنع تواطئهم على الكذب بأخبار تختلف في اللفظ والمعنى إلا أننا نقطع بصدور بعضها على الأقل.
هذا تمام الكلام في هذا البحث بحث جديد أضواء على القراء يأتي عليه الكلام.