40/02/27
الإيراد الثالث على الإستدلال بالآية الاولى على نفي معاجز النبي الأخرى
موضوع: الإيراد الثالث على الإستدلال بالآية الاولى على نفي معاجز النبي الأخرى
الثالث: أن الآية الكريمة صرحت بأن السبب المانع عن الإرسال بالآيات هو تكذيب الأولين بها وهذا من قبيل تعليل عدم الشيء بوجود مانعه.
كان الكلام في دعوى بعض المتوهمين الذين ادعوا أن النبي محمد “صلى الله عليه وآله” لم تكن له معجزة أخرى غير القرآن الكريم فأنكروا معاجز النبي الأخرى واستدلوا على نفي معاجز النبي غير القرآن الكريم بآيات من الكتاب منها قوله “عز وجل” ﴿وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون واتينا ثمود ناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا﴾[1] فقالوا إن الآية الكريمة تشير إلى أن النبي “صلى الله عليه وآله” لم يأتي بآية غير القرآن والسبب في عدم إتيانه بآيات أخرى غير القرآن هو أن الأولين من الأمم السابقة قد كذبوا بالآيات التي أرسلت إليهم.
السيد الخوئي "رحمه الله" أجاب بثلاثة أجوبة:
الجواب الأول حلي
والجواب الثاني نقضي
والجواب الثالث حلي
وخلاصة الجواب إن المراد بالآيات التي لم يأتي بها النبي “صلى الله عليه وآله” ليس مطلق الآيات وإنما خصوص الآيات التخويفية وتفصيل ذلك في بيان الجواب الثالث وقبل أن نشرع في بيان الجواب الثالث
نقدم مقدمات ثلاث مهمة لابد منها:
المقدمة الأولى تنقسم الآيات إلى قسمين الآيات الاقتراحية والآيات الابتدائية والمراد بالآيات الاقتراحية هي الآيات التي يأتي بها النبي بناء على اقتراح قومه فلا يأتي بها ابتداء وإنما يقترح عليه قومه اقتراحا معينا فيلبي ذلك الاقتراح كما اقترح قوم صالح أن تخرج لهم ناقة من الجبل فدعا الله “عز وجل” فخرجت لهم الناقة مع فصيلتها من سفح الجبل إلا أنهم لم يولوا بصالح "على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام".
وأما الآيات الابتدائية فهي الآيات التي يأتي بها النبي ابتداء ولم يأتي بها بناء على اقتراح قومه كما جاء موسى "عليه السلام" بالعصا فإن القوم لم يقترحوا عليه أن يقلب العصا إلى ثعبان وإنما كان الشائع آنذاك وجود السحر وموسى "عليه السلام" ذهب لمواجهة السحرة بناء على أمر الله “عز وجل” وفي تلك اللحظة أمره الله أن يلقي عصاه فإذا هي حية تسعى إذن الآيات التي يجريها الله على أيدي الأنبياء إما أن تكون ابتدائية وإما أن تكون اقتراحية.
المقدمة الثانية تنقسم الآيات بلحاظ آخر إلى قسمين أيضا القسم الأول آيات التخويف والنقمة القسم الثاني آيات الهداية والرحمة فمن أمثلة آيات التخويف والنقمة ﴿فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ﴾[2] ـ صاعقة من السماء ـ يشق الأرض ويبلعهم يشق البحر ويغرقهم هذه آيات نقمة هذه آيات تخويف وأما آيات الهداية والرحمة كنزول القرآن الكريم أو أن ينعم عليهم بجنات وأنهار فالجنات والأنهار والرياحين إنما هي آيات رحمة لإرشاد البشر إلى الله تبارك وتعالى إذن الآيات إما آيات تخويفية وإما آيات إرشادية الآيات التخويفية فيها انتقام والآيات الإرشادية فيها إرشاد ورحمة.
سيأتي إن شاء الله من خلال جواب السيد الخوئي "رحمه الله" إن المراد بالآيات المذكورة في الآية الكريمة ليس مطلق الآيات بما يشمل الآيات الإرشادية والآيات التخويفية وإنما المراد خصوص الآيات التخويفية فقد جاء في ذيل الآية ﴿وما نرسل بالآيات إلا تخويفا﴾[3] وهكذا ليس المراد بالآيات الواردة في الآية الكريمة مطلق الآيات وإنما المراد خصوص الآيات الاقتراحية ولا تشمل الآيات الابتدائية لأن الآية الكريمة تذكر ما جرى للأولين وضربت مثلا وهو أن الله “عز وجل” آتى ثمود الناقة وإتيان ثمود وهم قوم صالح الناقة كان بناء على اقتراحهم وطلبهم فالآية ناظرة إلى خصوص الآيات الاقتراحية لا مطلق الآيات.
هذه المقدمة الأولى والثانية موجود في كلام السيد الخوئي صفحة 109 أما آيات التخويف وآيات الرحمة في آخر ثلاثة اسطر في قوله ولذلك سمى الله تعالى هذا النوع من الآيات آيات التخويف كما في آخر هذه الآية الكريمة وإلا فلا مانع لحصر مطلق الآيات بالتخويف فإن منها ما يكون للرحمة بالعباد وهدايتهم وإنارة سبيلهم هنا ذكر القسمين آيات التخويف في مقابل آيات الرحمة والهداية والإرشاد هذه المقدمة الأولى.
المقدمة الثانية الآيات الاقتراحية والآيات الابتدائية أيضا موجودة صفحة 109 بعد قوله ﴿وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم﴾[4] في وسط الصفحة يقول أما أن تكذيب الآيات المقترحة هنا ذكر آيات الاقتراحية يوجب نزول العذاب على المكذبين فلأن الآية الإلهية إذا كانت مبتدأ فأشار إلى الآيات الابتدائية.
وأما الآية الثالثة في بيان أجزاء العلة التامة ومن الواضح أن العلة التامة تتألف من ثلاثة أجزاء وعناصر العنصر الأول وجود المقتضي العنصر الثاني توفر الشرط العنصر الثالث انعدام المانع فإحراق النار للورقة والخشبة يتوقف أولا على وجود المقتضي وهو وجود قابلية النار للإحراق فلابد أن تكون النار مقتض وفيها قابلية للإحراق وأما العنصر الثاني وهو توفر الشرط فلابد أن تدنو النار من الورقة فإذا لم تدنو النار من الورقة والخشبة لم تحترق الورقة والخشبة فمن شروط الاحتراق الورقة بالنار هو الدنو منها.
وأما المقدمة الثالثة والأخير وهو انعدام المانع فلو دنت الورقة من النار لكن الورقة كانت مبتلة فإنها لا تحترق فالبلل مانع من احتراق الورقة فإذا أردنا أن نحرق الورقة لابد أولا من توفر المقتضي لإحراق النار وثانيا لابد من توفر الشرط وهو دنو النار من الورقة وثالثا لابد من انعدام المانع وانعدام الرطوبة في الورقة ومن الواضح أن هذه العناصر الثلاثة مترتبة زمانا ورتبة فمرحلة المقتضي قبل توفر الشرط ومرحلة الشرط قبل انعدام المانع فلا معنى للحديث عن انعدام المانع مع عدم وجود المقتضي فلا معنى لأن تقول الورقة لم تحترق لوجود الرطوبة مع أنه لا توجد نار بل يستند عدم احتراق الورقة إلى عدم وجود المقتضي عدم وجود النار لأن مرتبة المقتضي متقدمة زمانا ورتبة على مرتبة انعدام المانع إذا تمت هذه المقدمات الثلاث نشرع في بيان الاستدلال وأيضا قبل أن نستدل لا بأس بهذه المقدمة الرابعة لكي تكون الصورة أوضح المانع في مسألتنا واضحة وهو تكذيب الأولين للآيات السابقة.
يبقى الكلام في المقتضي ما هو المقتضي؟
يوجد احتمالان:
الاحتمال الأول أن يكون المقتضي هو الحكمة الإلهية فإن حكمة الله “عز وجل” تقتضي هداية البشر والأخذ بأيديهم إلى الصراط المستقيم.
الاحتمال الثاني أن يكون المقتضي هو اقتراح المقترحين فالله “عز وجل” لم يرد أن يأتيهم بآية ولكن بناء على طلبهم واقتراحهم جاءهم بالآية فيكون المقتضي هو اقتراح المقترحين.
إذن المانع واضح جدا من خلال الآية الكريمة وهو تكذيب الأولين ولكن يقع الكلام في تشخيص المقتضي الذي مرتبته متقدمة على مرتبة انعدام المانع فهل المقتضي هو الحكمة الإلهية والحكمة الإلهية تنسجم مع الآيات الابتدائية أو المقتضي هو اقتراح المقترحين الذي ينسجم مع الآيات التخويفية والآيات الاقتراحية إذا تمت هذه المقدمة الرابعة نشرع في بيان الاستدلال.
السيد الخوئي "رحمه الله" يقول هذه الآيات صرحت بأن السبب المانع عن إرسال الآيات هو تكذيب الأولين وهذا من قبيل تعليل عدم الشيء بوجود مانعه ومن الواضح أنه لا تصل النوبة إلى التعليل بعدم وجود المانع إلا إذا توفرت المرتبة الأولى وهي المقتضي فيقع الكلام في تشخيص المقتضي لأنه بنظر العقل لا يحسن التعليل بوجود المانع مع عدم توفر السبب المقتضي لذلك فلا يحسن عند العقلاء التعليل بعدم احتراق الخشبة بوجود المانع إذا لم تتوفر النار أصلا.
إذن يقع الكلام في تشخيص المقتضي ما هو مقتضي إرسال الآيات والمعاجز؟
الجواب يوجد احتمالان:
الاحتمال الأول أن يكون المقتضي الحكمة الإلهية
الاحتمال الثاني أن يكون المقتضي اقتراح المقترحين
وسنبحث وسيتضح انه بناء على المقتضي الأول الحكمة الإلهية فإن هذا المانع لا يشكل مانعا بينما على المقتضي الثاني اقتراح المقترحين فإن هذا المانع وهو تكذيبهم يشكل مانعا.
أما بناء على الاحتمال الأول أن يكون المقتضي هو الحكمة الإلهية لإرشاد العباد وهدايتهم إلى سعادتهم طبعا هذا الكلام أنه يوجد هذا الاحتمال وهذا الاحتمال موجود صفحة 108 في قوله "رحمه الله" وإذن فلابد وأن يكون المقتضي للإرسال بالآيات موجودا ليصح تعليل عدمه بوجود التكذيب والمقتضي للإرسال لا يخلو من أن يكون الاحتمال الأول هي الحكمة الإلهية لإرشاد العباد وهدايتهم إلى سعادتهم الاحتمال الثاني وأن يكون اقتراح الأمة على النبي شيئا من الآيات زائدا على المقدار اللازم من الآيات لإتمام الحجة ذكر الاحتمالين الآن بناء على الاحتمال الأول المقتضي للإرسال الآيات هو اقتضاء الحكمة الإلهية مناقشتان:
المناقشة الأولى إذا كان المقتضي لإرسال الآيات هو الحكمة الإلهية فلابد من إرسال هذه الآيات ولا يمنع من تأثير الحكمة الإلهية شيء وتكذيب الناس لا يمنع الحكمة الإلهية من إرسال الآيات لهداية الناس وهداية البشر لأنه يستحيل على الحكيم تبارك وتعالى أن يختار في عمله ما ينافي حكمته سواء في ذلك وجود التكذيب أو عدم وجود التكذيب فإذا اقتضت الحكمة الإلهية الإتيان بالآية وجب الإتيان بالآية حتى لو كذب بها الأولون والآخرون معا فإذا الحكمة الإلهية كإتمام الحجة تقتضي أن يأتي بالآيات ولا يشكل التكذيب مانعا هذا الجواب الأول وهو المناقشة الأولى مناقشة حلية.
المناقشة الثانية مناقشة نقضية بناء على أن تكذيب الأمم السابقة يصلح أن يكون مانعا من تأثير الحكمة الإلهية لو سلمنا جدلا وتنزلنا أن تكذيب الأمم السابقة يؤدي إلى الامتناع عن الإتيان بالمعجزات فهذا يعني أن يكون تكذيب الناس وتكذيب الأولين يشكل مانعا أيضا من إرسال الرسل أيضا وهذا باطل بالضرورة.
إذن انتفى الاحتمال الأول وهو أن يكون المقتضي لإرسال الآيات هو الحكمة الإلهية.
وأما علي الاحتمال الثاني
فيتعين الثاني وهو أن يكون المقتضي لإرسال الآيات والإتيان بالمعاجز هو اقتراح المقترحين ومن الواضح أن المقترحين إنما يقترحوا أمور زائدة على الحكمة الإلهية فإن الحكمة الإلهية تقتضي إقامة الحجة ويمكن إقامة الحجة بغير ما يقترحه المقترحون وإنما المقترحون يقترحون أمور زائدة على الآيات اللازمة لإقامة الحجة فلا يكون اقتراح المقترحين ملزما لله تبارك وتعالى ولا يكون ملزما للأنبياء لإثبات نبوتهم إذن ما زاد على مقدار إقامة الحجة على الناس لا يجب على الله أن يرسل الأنبياء به ولا يجب على الله أن يجيب المقترحون.
نعم هذا لا يستحيل الله “عز وجل” يمكنه أن يأتي بالآيات الاقتراحية وبالآيات التخويفية لكنه لم يأتي بها لأمر مهم وهو أن الأرض فيها أمانان أمان رفع وأمان باق أما الأمان الذي ارتفع فهو وجود الرسول الأعظم “صلى الله عليه وآله” وأما الأمان الذي بقي فهو الاستغفار قال الله “عز وجل” ﴿وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون﴾[5] فمع وجود النبي وجود النبي أمان الله “عز وجل” لم يأتي بالآيات التخويفية ولم يأتي بالآيات المقترحة لأن تكذيب الآيات المقترحة يوجب نزول العذاب لأن فيها تحدي أتنا بهذا ونؤمن إذا الله “عز وجل” جاءهم بهذا ولم يؤمنوا ينزل عليهم العذاب كما نزل على قوم صالح حينما اقترحوا أن تخرج الناقة من الجبل فلما خرجت مع فصيلتها أنكروا فأتاهم العذاب وأمة محمد “صلى الله عليه وآله” هي الأمة المرحومة وقد ضمن الله “عز وجل” للنبي “صلى الله عليه وآله” رفع العذاب الدنيوي عن أمته تعظيما لشأن النبي “صلى الله عليه وآله” .
إذن النتيجة النهائية: الآيات الكريمة ناظرة إلى الآيات الاقتراحية لا الآيات الابتدائية وناظرة إلى آيات النقمة والعذاب لا آيات الرحمة والإرشاد.
إذن الآية تشير إلى أن الله “عز وجل” لم يأتي بالآيات التخويفية التي فيها انتقام ولم يأتي بالآيات الاقتراحية لأن فيها نزول عذاب وأمة النبي هي أمة مرحومة وليست ناظرة هذه الآيات إلى الآيات المبتدئة لأن الآية المبتدئة ناظرة إلى إثبات نبوة النبي فقط الآيات الابتدائية ناظرة إلى إثبات نبوة النبي ولا يترتب على تكذيبها نزول العذاب بخلاف الآيات المقترحة فإنها تكشف عن لجاجة القوم وعناد القوم وتمرد القوم فإنها تستلزم نزول العذاب إذا كذبت، هذا تمام الكلام في الجواب على الآية.
نقرأ الآية مجددا لاحظ ﴿وما منعنا أن نرسل بالآيات﴾ ـ هنا الآيات الألف واللام عهدية إشارة إلى الآيات التخويفية آيات الاقتراحية ـ ﴿إلا أن كذب بها الأولون واتينا ثمود ناقة مبصرة فظلموا بها﴾ ـ وهذه القرينة مهمة ـ ﴿وما نرسل بالآيات إلا تخويفا﴾
ثم يشير السيد الخوئي "رحمه الله" إلى أن هناك قرائن تشير إلى أن المراد خصوص الآيات التخويفية كذيل الآية الكريمة ﴿وما نرسل بالآيات إلا تخويفا﴾
ثم يقول إذا لاحظنا الآيات الاقتراحية فإننا نجدها على نحويين:
النحو الأول اقتراح إنزال العذاب على القوم هم يقترحون أنزل علينا كسفا من السماء أو أتنا بصاعقة أو...
القسم الثاني يقترحون آيات أخرى هذه الآيات عندما نزلت على قوم آخرين اوجب تكذيبها هلاكهم فهم إما أن يدعون إلى هلاكهم مباشرة انزل علينا الهلاك وإما أن يطلبوا بشيئا كان سببا في هلاك أمم أخرى.
أما القسم الأول الذين يطلبون نزول الهلاك والعذاب عليهم فمنه قوله “عز وجل” ﴿وإذ قال اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو أتنا بعذاب اليم وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون قل أرأيتم إن أتاك عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحسبه ويستعجلونك بالعذاب ولولا اجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون﴾[6] واضح هذه الآيات ناظرة إلى خصوص الآيات الاقتراحية أولا والتخويفية ثانيا وليست ناظرة إلى الآيات الابتدائية وليست ناظرة إلى آيات الرحمة والإرشاد.
القسم الثاني اقتراح آيات أخرى أوجبت نزول العذاب على أمم كذبتها قوله “عز وجل” ﴿وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله اعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين ظلموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون﴾[7]
﴿فليأتينا بآية كما أرسل الأولون فلما جاءهم الحق من عدنا قالوا لولا أتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا لكل كافرون﴾[8] وواضح العذاب الذي نزل بقوم موسى غرقهم وغير ذلك.
وأيضا قوله “عز وجل” ﴿قد مكر الذين من قبلهم فأت الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وآتاهم العذاب من حيث لا يشعرون كذب الذين من قبلهم فآتاهم العذاب من حيث لا يشعرون﴾[9] الآيات كثيرة هذه الآيات معتضدة بآيات رواها الشيعة والسنة تدل على ذلك.
من هذه الروايات عن الإمام الباقر "عليه السلام" هذه من طرق الشيعة تفسير البرهان والرواية الثانية عن ابن عباس هذه من طرق السنة في تفسير الطبري وكلا التفسيرين من التفاسير الروائية تفسير البرهان من التفاسير الروائية للشيعة تأليف السيد هاشم التبلاني البحراني وتفسير الطبري من التفاسير الروائية السنية عن الإمام الباقر "عليه السلام" إن محمدا “صلى الله عليه وآله” سأله قومه أن يأتيهم بآيات إذن ناظرة إلى الآيات الاقتراحية سأله قومه فنزل جبرائيل وقال إن الله يقول وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون بعد واضح ناظرة يعني تذكر سبب نزول هذه الآية والسبب هو الآيات التي سألوها يعني الآيات الاقتراحية دون الآيات الابتدائية وكنا إذا أرسلنا إلى قريش آية فلم يؤمنوا بها أهلكناهم فلذلك أخرنا عن قومك الآيات[10] يعني ناظرة إلى آيات الانتقامية أخرنا عن قومك الآيات يعني آيات العذاب والانتقام.
الرواية الثانية وعن ابن عباس قال سأل أهل مكة النبي ـ إذن الآيات المسئولة يعني الآيات الاقتراحية ـ أن يجعل لهم الصفا ذهبا[11] يعني جبل الصفا كله ذهب وأن يمحي عنهم الجبال فيزرعوا يبعدون الجبال لأن مكة كلها جبال فيزرعون فقيل له إن شئت أن نستأني بهم لعلنا نجتبي يعني نتأنى معهم ونمهلهم نصبر عليهم ولم ينزل العذاب وإن شئت أن نأتيهم الذي سألوا نعمل لهم الجبل ذهب جبل الصفا ذهب ونزيح عنهم الجبال لكن إذا ما يؤمنوا ينزل عليهم العذاب وإن شئت أن نأتيهم الذي سألوا فإن كفروا اهلكوا كما اهلك من قبلهم يعني ناظرة إلى الآيات الاقتراحية وآيات العذاب والتخويف، قال “صلى الله عليه وآله” بل تستأني بهم لاحظ رحمة النبي “صلى الله عليه وآله” فأنزل الله تعالى ﴿وما منعنا أن نرسل بالآيات﴾
إذن الآيات النازلة في شأن نزول الروايات الواردة في شأن نزول الآية تشير إلى أن المراد ليس مطلق الآيات الابتدائية والاقتراحية وإنما خصوص الآيات الاقتراحية وتشير إلى أنه ليس المراد مطلق الآيات آيات الرحمة وآيات التخويف بل المراد خصوص الآيات التخويف، هذا تمام الكلام في الجواب عن الاستدلال بالآية الأولى على أن النبي “صلى الله عليه وآله” ليست له معجزة أخرى إلا القرآن الكريم.
الآية الثانية التي استدل بها
ومن الآيات التي استدل بها الخصم على نفي المعجزات غير القرآن الكريم قوله تعالى ﴿وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا﴾[12] يأتي عليها الكلام.