« فهرست دروس
الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق
بحث التفسیر

40/01/23

بسم الله الرحمن الرحيم

فضل قرائة القرآن في المصحف والبيوت والتدبر فيه

موضوع: فضل قرائة القرآن في المصحف والبيوت والتدبر فيه

 

قال السيد الخوئي “رحمه الله” صفحة 26:

وقد دلت جملة من هذه الآثار على فضل القراءة في المصحف على القراءة عن ظهر القلب

كان الكلام في فضل القرآن أولا وفي فضل قراءة القرآن ثانيا اليوم إن شاء الله نتكلم عن فضل القراءة في خصوص المصحف ثالثا>

والمراد بالمصحف الأوراق التي تجمع بين دفتين فكل ما يجمع من أوراق بين دفتين يقال له مصحف ومنها جاء لفظ مصحف فاطمة مصحف الإمام علي وكان متداولا بين القراء والصحابة مصحف عبد الله بن مسعود مصحف أبي فالمصحف هو الأوراق التي تجمع بين دفتين هذا في اللغة.

وفي الاصطلاح أصبح المصحف يطلق على الأوراق التي تكتب فيها آيات الله تبارك وتعالى فأصبح يطلق على القرآن الكريم المكتوب في صحائف التي يجمعها مجلد واحد يقال لها مصحف.

الروايات الشريفة تدل على ثواب القراءة في نفس المصحف فقارئ القرآن وإن كان حافظا له إلا أن هناك مزية وخصوصية للقراءة في الصحف بعض الروايات تشير إلى أن قراءة القرآن في المصحف عبادة وبعض الروايات تشير إلى أن من قرأ المصحف متع في بصره.

فما هو المراد بالتمتع في البصر؟

يوجد احتمالان:

الاحتمال الأول متع ببصره بمعنى أنه لا يصيبه العمى والأذى والرمد في بصره.

الاحتمال الثاني متع ببصره أي أستمتع ببصره حينما ينظر إلى ألفاظ آيات كتاب الله فإنه يستمتع بملاحظة مغازي القرآن الكريم والمعاني الجليلة التي يشير إليها كتاب الله تبارك وتعالى.

وهنا بحث يطرح في الفقه والأصول إذا أردنا أن نبحث هذه المسألة المستحدثة هل يمكن التعدي من القراءة في المصحف المؤلف من أوراق إلى القراءة في الصفائح الالكترونية كالقراءة القرآن في الكمبيوتر أو الموبايل أو الآي باد فالروايات الشريفة التي نصت على أن قراءة القرآن في المصحف عبادة وقراءة القرآن في المصحف توجب تمتع القارئ ببصره هل تشمل القراءة في الكمبيوتر أو الموبايل أو الآي باد وغيرها من الصفائح الالكترونية أو لا؟

الجواب هناك قاعدة تدرس في الفقه والأصول مفادها إن الأصل في العناوين هو الموضوعية لا الطريقية فلا نرفع اليد عن موضوعية العنوان إلا إذا دلت قرينة على الطريقية مثال ذلك قوله “صلى الله عليه وآله” في صوم شهر رمضان قال النبي “صلى الله عليه وآله” (صوموا لرؤيته وأفطروا على رؤيته)[1] فعلق رسول الله “صلى الله عليه وآله” وجوب الصوم على رؤية الهلال بالعين المجردة ووجوب الإفطار لعيد بناء على رؤية الهلال بالعين المجردة في آخر الشهر. ظاهر الرؤية هنا هو العين المجردة هذا الرؤية بالعين المجردة هو القدر المتيقن.

سؤال فهل نتعدى من الرؤية بالعين المجردة إلى الرؤية بالعين المسلحة كالتلسكوب أو لا؟ بل لو لم نرى لا بالعين المجردة ولا بالعين المسلحة ولكن بالحسابات الفلكية استطعنا أن نشخص أن الهلال قد طلع أو يمكن رؤيته فهل يمكن الصوم أو الإفطار بناء على قول الفلكي حتى لو لم تحصل رؤية أو لا؟

الجواب الأصل في العناوين هو الموضوعية يعني هل رؤية الهلال أخذت كموضوع في وجوب الصوم ووجوب الإفطار أو أن رؤية الهلال أخذت كطريق وكاشف لخروج الهلال وإن كان رؤية إذا أردنا أن نتمسك بالأصل فالأصل يقول الأصل في العناوين هو الموضوعية لا الطريقية يعني الأصل هو القاعدة التي تجري عند ظرف الشك الأصل أن تكون هناك خصوصية للرؤية أولا وخصوصية للرؤية بالعين المجردة ثانيا ولا نرفع اليد عن الرؤية أو الرؤية بالعين المجردة ونتوسع ونقول بمطلق الانكشاف ولو كان بالعين المسلحة أو لو لم يكن بعينا إلا إذا وجدت قرينة تدل على ذلك فمن وجد القرينة رفع اليد عن الموضوعية وأفتى بوجوب الصوم أو الإفطار بناء على قول الفلكيين أو بناء على الرؤية بالعين المسلحة وهنا الفقيه والظهور العرفي فبعضهم يستظهر خصوص الرؤية بالعين المجردة وبعضهم يستظهر مطلق الرؤية فيقول نلتزم بالموضوعية بالنسبة إلى الرؤية وبالطريقية ومطلق الانكشاف بالنسبة إلى طبيعة هذه الرؤية وبعضهم قال بالإطلاق في الاثنين مطلق الانكشاف سواء برؤية أو لم يكن برؤية فاكتفى بقول الفلكي.

هنا الكلام هو الكلام في مورد بحثنا الروايات التي تشير إلى أن من قرأ القرآن متع ببصره[2] أو من قرأ القرآن في المصحف قراءته عبادة[3] هل تشمل النظر في المصحف المعد من أوراق وهذا هو القدر المتيقن أو تشمل أيضا النظر في المصحف الالكتروني إن صح التعبير وهو كتابة القرآن الذي تظهر في الكمبيوتر أو الآي باد أو غير ذلك هذا يخضع للفهم من هذه الرواية فإن فسرنا قوله “صلى الله عليه وآله” (من قرأ القرآن متع ببصره) أي أنه لا يصاب بالرمد والعاهة في عينه ففي هذه الحالة قد يقال إنها ناظرة إلى خصوص الرؤية بالعين المجردة إلى خصوص المصحف المؤلف من أوراق ولا يشمل الرؤية بالآي باد والصفائح الالكترونية بخلاف ما إذا استظهرنا من قوله متع ببصره أنه يستمتع بالالتفات إلى المغازي الجليلة والمعاني العظيمة التي يلتفت إليها حينما يبصر الكتابة القرآنية فالالتفات إلى هذه المغازي والمعاني كما تشمل النظر في المصحف المؤلف من أوراق تشمل أيضا النظر إلى الآيات القرآنية في الكمبيوتر والصفائح والرقائق الالكترونية.

لكن إذا لاحظنا مجموع الروايات الشريفة لا يبعد أن هناك خصوصية للقراءة في خصوص المصحف المؤلف من أوراق كقوله “صلى الله عليه وآله” (النظر في المصحف عبادة) [4] يعني العبادة هو العمل الذي اشترط فيه قصد القربة فالقدر المتيقن منه النظر في المصحف الذي كان متداول أيام النبي “صلى الله عليه وآله” فقد تكون هناك خصوصية وهي أن يريد النبي أن ينتشر المصحف في بيوت المسلمين وهذا ما أشار إليه السيد الخوئي “رحمه الله” من أن هناك خصوصية في القراءة في المصحف وهو انتشار نسخ القرآن الكريم في عموم أرجاء الدولة الإسلامية بل في عموم أرجاء المعمورة وهذا فيه نشر للإسلام.

الأمر الآخر إذا راجعنا الرواية الأخرى نقرأ الروايتين لنلاحظ أنها فيها خصوصية ولا أقل من الشك فإذا شككنا رجعنا إلى الأصل وهو الأصل في العناوين هو الموضوعية لا الطريقة فنحمل الرؤيا على خصوص الرؤيا في المصحف الكريم المؤلف من أوراق ولا نتعدى منه إلى المصحف الموجود أو الأوراق التي تظهر في الشاشة الالكترونية.

الرواية الأولى إسحاق بن عمار يقول للصادق “عليه السلام” (جعلت فداك إني أحفظ القرآن عن ظهر قلبي فأقرأه عن ظهر قلبي أفضل أو أنظر في المصحف قال فقال لي لا بل أقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل ـ يعني يمكن أن تقرأ عن ظهر قلبك ولكن فلتقع عينك على ما تقرأه عن ظهر قلب في المصحف الشريف ـ بل أقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل أما علمت أن النظر في المصحف عبادة)[5] والعبادة مشروطة بقصد القربة القدر المتيقن من هذه العبادة هو النظر في المصحف المؤلف في الأوراق إثبات العبادية للمصحف الموجود في الشاشة الالكترونية يحتاج إلى دليل وإلى جزم.

الرواية الأخرى للإمام الصادق وقال “عليه السلام” (من قرأ في المصحف متع ببصره وخفف عن والديه وإن كانا كافرين)[6] هذه الخصوصية أن يخفف عن والديه وإن كانا كافرين القدر المتيقن منها النظر في خصوص المصحف والسيد الخوئي “رضوان الله عليه” يشير إلى أنه تداول المصحف وانتشار نسخه له أثر في نشر الدين وانتشار الإسلام فلو اكتفى رب البيت بالقراءة عن ظهر قلب ربما زوجته أولاده بناته لا تكون عندهم ثقافة قراءة القرآن الكريم، هذا ثالثا البحث الثالث هو فضل قراءة القرآن في المصحف.

البحث الرابع

فضل قراءة القرآن في البيوت

والبيوت جمع بيت والمراد بالبيوت الغرف

وهنا نتساءل ما الفرق بين الغرفة والحجرة والبيت والمنزل؟

نحن الآن في زماننا في المصطلح العرفي لا نفرق بين الحجرة والغرفة ونطلق لفظ البيت على المنزل بشكل كامل ونطلق لفظ الدار على خصوص الغرفة أو الحجرة ولكن في اللغة العربية الدار تطلق على المنزل بأكمله والبيت يطلق على خصوص الحجرة فإذا قيل إحراق بيت فاطمة يعني غرفة فاطمة إحراق دار فاطمة يعني منزل فاطمة "سلام الله عليها" تقول بيوت النبي بيوت النبي التسعة يعني غرف النبي التسعة لزوجاته والفارق بين الغرفة والبيت أن البيت هو عبارة عن الحجرة في الطابق الأرضي والغرفة عبارة عن الحجرة في الطابق العلوي نحن الآن لا نفرق بين الحجرة في الطابق العلوي أو الطابق الأرضي لكن في اللغة الحجرة هي التي تكون في الطابق الأرضي ﴿إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون﴾[7] حجرات النبي يعني بيوت النبي.

الرواية تقول تشير إلى أهمية قراءة القرآن في البيوت يعني في الغرف ليس في البيت بشكل عام بل حتى في كل غرفة غرفة لاحظ هذه الرواية في أصول الكافي (إن البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله تعالى فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويضيء لأهل السماء كما يضيء الكوكب الدري لأهل الأرض وإن البيت الذي لا يقرأ في القرآن ولا يذكر الله تعالى فيه تقل بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين)[8] .

وهناك آثار وخصوصيات لقراءة القرآن الكريم في البيت والبيوت والغرف وهي أنه لو اكتفى رب البيت بقراءة القرآن في عمله أو خارج البيت فإن ربة البيت الزوجة والأولاد والبنات قد يحرمون من نعمة سماع صوت القرآن وقد يغيب عن هذا البيت ثقافة القرآن فأراد الإسلام العظيم أن تنتشر قراءة القرآن في مختلف البيوت الموجودة في الدار والمنزل وهذا له اثر كبير في نشر الإسلام والثقافة القرآنية وإقامة الشعار الإلهي ولذلك هناك خصوصيات بعض الروايات تقول يستحب أن يؤذن الإنسان في بيته، طبعا هذه أمور لها آثار تكوينية نحن لا ندركها لأن الجان خلق من مالج من نار وقد يدخل البيت وقد يخرج والجان كما يقول القرآن في صورة الجن ﴿وإنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا﴾[9] فالشياطين قد تحضر البيت تحضر البيت إذا البيت فيه نجاسات كثيرة دماء ومني وإلى آخره تحضر البيت إذا فيه أجسام وهذا ما قد نتساهل فيه لعب الأطفال والصور المجسمة هذه الجان تولع به وصور ذوات الأرواح وكثير منهم يضع صورة كلب أو مجسم قطة أو مجسم إلى آخره الرواية هنا صريحة أنه بقراءة القرآن في البيت تحضر الملائكة وتذهب الشياطين والعكس بالعكس بعض الروايات الآذان في البيت لذلك كثير من المؤمنين يحرص يأذن في بيته يقرأ القرآن في بيته يقيم العزاء على الحسين في بيته هذه كلها لها آثار تكوينية.

وهناك آثار للقراءة ولو بحرف واحد كقوله “صلى الله عليه وآله” (من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)[10] وهذه الروايات وردت في كتب الفريقين السنة والشيعة ومن أهم الكتب المؤلفة في التفسير عند العامة التي أبدعت في الجانب الفقهي كتاب الجامعة لأحكام القرآن للقاضي القرطبي فتفسير القرطبي المعنون بعنوان الجامع لأحكام القرآن الكريم ألفه قاضي القضاة القرطبي وركز على آيات الأحكام والقاضي القرطبي أورد الكثير من هذه الروايات التي تشير إلى فضل القرآن الكريم.

إلى هنا انتهينا من الأمر الثالث وهو فضل قراءة القرآن في البيوت.

الأمر الرابع يشير السيد الخوئي إلى مطلب هام في علم الحديث عند العامة والخاصة فقد ذهب بعض أهل السنة إلى جواز اختلاق حديث ونسبته إلى النبي “صلى الله عليه وآله” من أجل ترويج الدين فلو رأى الشخص الناس قد أعرضت عن قراءة القرآن الكريم جاز له بناء على رأي بعض المذاهب عند أهل السنة اختلاق الحديث ووضع الحديث لذلك يقسمون الأحاديث الموضوعة إلى قسمين الأحاديث المحمودة والأحاديث غير المحمودة يعني هناك وضع محمود وبعبارة أخرى الغاية تبرر الوسيلة ما دام غايتك سليمة وهي حث الناس على قراءة القرآن على الصلاة فوسيلتك تكون حسنة وإن كانت سيئة وهي الكذب على رسول الله “صلى الله عليه وآله”.

السيد الخوئي “رضوان الله عليه” يروي يقول الكذب حرام على النبي “صلى الله عليه وآله” ولا يجوز وضع الأحاديث ودسها ولا يجوز اختلاقها والشيعة الإمامية يرون أن وضع الأحاديث حرام مطلقا سواء كانت الغاية محمودة أو كانت الغاية سيئة فلا يجوز وضع كلام ونسبته إلى النبي “صلى الله عليه وآله” وإن كان الكلام حسنا إذ يلزم إثبات قول إلى النبي لم يقله وهذا محرم لكن موجود بعض المذاهب السنية ترى جواز وضع الحديث حسبة يعني تحتسب ثواب ذلك من عند الله فإذا رأوا أن الناس قد أعرضت عن قراءة القرآن الكريم يقولون يجوز لنا أن نضع أحاديث وننسبها إلى النبي حسبة يعني نحتسب ثواب ذلك عند الله “عز وجل” وأين الثواب لا يوجد إلا العقاب لحرمة التجرؤ على رسول الله بنسبة أقوال إليه.

يقول السيد الخوئي صفحة 29:

وهناك حثالة من كذبة الرواة توهموا نقصان ما ورد في ذلك يعني يريد أن يقول لا يوجد نقصان حتى تختلقوا روايات من السنة والشيعة كثيرة في فضل القرآن الكريم فوضعوا من أنفسهم أحاديث في فضل القرآن وصوره لم ينزل بها وحي ولم ترد بها سنة وهؤلاء كأبي عصمة خرج أبن أبي مريم المروزي ومحمد بن عكاشة الكرماني واحمد بن عبد الله الجويباري وقد اعترف أبو عصمة المروزي بذلك فقد قيل له من أين لك عن عكرمة عن أبن عباس في فضل سور القرآن سورة سورة فقال إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة يعني رجاء الثواب من الله وقال أبو عمر عثمان بن الصلاح بشأن الحديث الذي يروى عن أبي بن كعب عن رسول الله “صلى الله عليه وآله” في فضل القرآن سورة سورة إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة يعني احتسابا للثواب من الله “عز وجل”.

وقال أبو عمر عثمان بن الصلاح في شأن الحديث الذي يروى عن أبي بن كعب عن رسول الله “صلى الله عليه وآله” في فضل قراءة القرآن سورة سورة قد بحث باحث عن مخرجه يعني مصدر الحديث حتى انتهى إلى من اعترف بأنه وجماعة وضعوه وقد اخطأ الواحدي وجماعة من المفسرين حيث أودعوه في تفاسيرهم يقول السيد الخوئي أنظر إلى هؤلاء المجترئين على الله كيف يكذبون على رسول الله في الحديث ثم يجعلون هذا الافتراء حسبة يتقربون به إلى الله قال تعالى ﴿كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون﴾[11] .

البحث الأخير التدبر في القرآن ومعرفة تفسيره

ورد الحث الشديد في القرآن الكريم والروايات الشريفة على التدبر في معاني القرآن كقوله “عز وجل” ﴿أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها﴾[12] وفي آية أخرى ﴿أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا﴾[13] وورد في الحديث عن ابن عباس عن النبي “صلى الله عليه وآله” أنه قال (أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه)[14] وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال الآن المصحف المتداول برواية أبي عبد الرحمن السلمي قال حدثنا من كان يقرأنا من الصحابة أنهم كانوا يأخذون من رسول الله “صلى الله عليه وآله” عشر آيات فلا يأخذون في العشرة الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل[15] .

أتذكر في درس الأخلاق عندما كنا نحضر في قم عند سماحة آية الله المجاهد الشيخ عيسى أحمد قاسم "حفظه الله وعافاه" كان في ذلك الوقت يقول الإسلام آية وعمل وكان يقول كان بالإمكان أن ينزل الباري تبارك وتعالى القرآن الكريم في مصحف واحد ومجلد واحد على رسول الله دفعة واحدة ويقول له اعمل بما فيه وعلم أصحابك لكن الله تبارك وتعالى أنزل القرآن منجما ومجزئا خلال 23 سنة لكي تقترن الآية بالعمل فكانت الآية التي تأمر بالصلاة تنزل كقوله “عز وجل” ﴿أقيموا الصلاة﴾[16] فيقول رسول الله “صلى الله عليه وآله” صلوا كما رأيتموني أصلي[17] ، وتنزل الآية ﴿ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا﴾[18] فيقول “صلى الله عليه وآله” (خذوا عني مناسككم)[19] ويحج إلى بيت الله ﴿وآتوا الزكاة﴾[20] فيبعث بمن يجمع الزكاة ﴿وجاهدوا في سبيل الله﴾[21] فيجهز الجيش للمعركة فاقترنت الآية بالعمل الإسلام آية وعمل وكانوا في تعليمهم هكذا يعلمونهم عشر آيات ويعملون بها ثم بعد يعلموا بها ويعملوا بها أيضا وهذا أسلوب تربوي جيد وبالنسبة إلى تعليم الأولاد للقرآن وأيضا في الحوزة العلمية والجامعة هذا مطلوب آية وعمل الإسلام آية وعمل وليس مجموع آيات من دون عمل ولذلك في الرواية الصحيحة عن الإمام الصادق “عليه السلام” (من تعلم لله وعمل لله وعلم لله دعي في ملكوت السماوات عظيما)[22] لاحظ الترتيب أولا التعلم ثانيا العمل ثالثا التعليم وإلا تعليم من دون عمل ما الفائدة فيه.

لاحظ الرواية الأخرى عن عثمان وأبن مسعود وأبي وهم من قراء القرآن إن رسول الله “صلى الله عليه وآله” كان يقرأهم العشر فلا يجاوزونها يعني لا يتعدونها إلى عشر أخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل فيعلمهم القرآن والعمل جميعا.

وعن علي بن أبي طالب “عليه السلام” أنه ذكر جابر بن عبد الله ووصفه بالعلم فقال له (رجل جعلت فداك تصف جابرا بالعلم وأنت أنت فقال إنه كان يعرف تفسير قوله تعالى إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد)[23] .

في الختام السيد الخوئي يذكر مطلب هذا المطلب بناء على قاعدة تتكرر منه وفي أبحاثه الفقهية والأصولية خلاصة هذه القاعدة إذا جاءنا أمر ودار الأمر بين حمله على المولوية أو الإرشاد فالأصل هو المولوية لا الإرشاد ولكن إذا حكم العقل في هذا المورد ففي هذه الحالة نحمل الأمر على أنه إرشاد بسبب حكم العقل هنا الآن أوامر مولوية بقراءة القرآن أقرءوا القرآن فهنا أقرءوا القرآن هل هنا وجوب هل هنا استحباب، الوجوب والاستحباب هذا فرع المولوية ولكن إذا رجعنا إلى العقل الفطري فإننا نجد أن القرآن الكريم هو دستور الإنسان المسلم والله “عز وجل” أنزل القرآن إلى المسلمين وإلى الناس لكي يقتدوا به في دنياهم ويستضيئون بهدي القرآن في دروب حياتهم وهذه الاستضاءة وهذا الهدى وهذا الإرشاد والاسترشاد لا يحصل إلا بالتدبر في معانيه فيحكم العقل بوجوب التدبر في معاني القرآن الكريم فتكون الآيات والروايات الآمرة بالتدبر إرشادا إلى حكم العقل.

ورد في الكافي بإسناده عن الزهري قال سمعت علي بن الحسين “عليه السلام” يقول (آيات الله خزائن فكلما فتحت خزينة ينبغي لك أن تنظر ما فيها)[24] هذا أمر عقلي القرآن خزائن والعقل يرى لزوم التدبر لكي تفتح تلك الخزائن فنحمل الروايات الواردة على التدبر والأمر بالتدبر في كتاب الله نحملها على أنها أوامر إرشادية إرشاد إلى حكم العقل.

هذا تمام الكلام في المبحث الأول الذي بحثه السيد الخوئي في بداية تفسير البيان وهو بحث فضل القرآن.

البحث الثاني إعجاز القرآن يأتي عليه الكلام.

 


logo