الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق
بحث کفایة الاصول
42/04/01
بسم الله الرحمن الرحيم
موضوع: كفاية الاصول/الاوامر، فيما يتعلق بصيغة الامر / المبحث السادس والسابع فيما يتعلق بصيغة الأمر
المبحث السادس قضية إطلاق الصيغة كون الوجود نفسياً تعيينياً عينيّاً[1]
خلاصة الدرس
أنتهينا بحمد الله " عز وجل " من المبحث الخامس، واتضح أنه لا يمكن التمسك بإطلاق الصيغة لإثبات أن الأمر توّصلي، وليس تعبديّاً.
اليوم إن شاء الله نشرع في المبحث السادس
سوال إذا جائتنا صيغة أمرٍ مطلقة صلي فهل نستفيد أن هذه الصيغة تفيد كون الوجود نفسياً أم غيريياً، تعيينيّاً أم تخييريّاً، عينياً أم كفائيّاً؟ والجواب : توجد معونة زائدة عن الوجوب ويوجد قيدٌ ممكنٌ زائد فالوجوب النفسي لا مأونة فيه، وأم الوجوب الغيري ففيه مأونة زائدة وهو كون الشئ مقدمة لغيره واجباً لغيرة فإذا قال المولى توضئ يفهم من ذلك أن الوضوع بنفسه مطلوبٌ، وإن كان الوضوء مطلوباً لغيره كالصلاة لقال توضئ للصلاة فإذن في الوجوب الغيري يوجد قيد زائد وهو القيد الذي يثبت للمقدمة فالوضوء مقدمة والصلاة ذو المقدمة فإذا قال المولى توضئ وسكت يفهم من ذلك ومن هذا الإطلاق أن الوجوب نفسي، وإذا قال توضئ للصلاة يفهم من ذلك أن الوجوب غيري فإذا جائتنا صيغة أمرٍ مطلقة فالأصل فيها أن يكون الوجود نفسياً لا غيرييّاً،
وهكذا بالنسبة للواجب التعييني فإن قال المولى أعتق رقبةً يفهم من ذلك أن الأعتاق الرقبة واجبٌ عيناً لأنه إن وجب إعتقا الرقبة على نحو التخيير بينها وبين إطعام ستين مسكيناً لجاء بالقيد الزائد وقال المولى أعتق رقبتاً أم أطعم ستين مسكيناً أم صم شهرين متتابعين، وحيث لم يقيد فإننا نحمل إطلاق صيغة الأمر على الوجوب التعيين لا الوجوب التخييري لأنه في الوجوب التخييري نحتاج إلى قيدٍ زائد، وهذا القيد الزائد ينفى بالإطلاق لأن المتكلم لم ينصب قرينة عليه ومقدمات الحكمة تقول: إن المتكلم في مقام بيان تمام غرضه، وتمام ماله دخلٌ في المتعلق.
الصورة الثالثة : إن كان الواجب عينيّاً أم كفائيّاً كما إن قال المولى صلي على الميت فإنه ظاهرٌ في العينية بخلاف ما إذا قال صلي على الميت أم أي شخص غيرك من المسلمين يكفي أن يصلي على الميت فإن الواجب يكون في هذا الحالة كفائياً، والواجب الكفائي هو الواجب الذي قام به البعض سقط عن البعض الأخر، وإن يقم به أح أستحق العقاب جميعاً.
الخلاصة: الواجب النفسي والتعييني والعيني لا يحتاج إلى قيدٍ زائد بخلاف ما يقابلها وهو الواجب الغيري والواجب التخييري والواجب الكفائي فإنه بحاجة إلى قيدٍ يضّيق دائرة الوجود ويقيّد الوجوب فإذا كان المتكلم في مقام البيان، ولم ينصب قرينة على ذلك التقييد الزائد فإن التمسك بإطلاق اللفظة يقتضي حمل الوجوب على الوجوب النفسي أم التعييني أم العيني لا الوجوب الغيري أم التخييري أم الكفائي نقرأ هذا المقدار مطلب بسيط.
تطبيق العبارة
المبحث السادس
قضية إطلاق الصيغة يعني مقتضى إطلاق صيغة الأمر بحثنا في الأوامر كون الوجوب نفسياً يعني لا غيريّياً تعيينيا عينييّاً لا كفائييّاً لكون كل واحدٍ من ما يقابلها يعني لكل كون واحدٍ من هذه الثلاثة، ومايقابلها ما الدي يقابل هذه الثلاثة؟ ما يقابل النفس الغيري وما يقابل التعيين التخييري وما يقابل العيني الكفائي هذه المقابلة الثلاثة مما يكون فيه تقييد الوجوب وتضييق دائرته يعني تضييق دائرة الوجوب لأنه يقول هكذا في الوجوب النفسي صلي ولا يقول صلي لطوافك يقول توضئ ولا يقول توضئ لصلاتك فهناك تضييق لهذا الوجوب فإذا كان في مقام البيان يعني فإذا كان المتكلم في مقام البيان ولم ينصب قرينة عليه التقييد الزائد على تقييد الوجوب وتضييق دائرته فالحكمة تقتضي كون الأمر مطلقاً وجب هناك شئٌ أخر أم لا ؟ وجب هناك شئٌ أخر يعني يشير إلى الواجب الغيري أم لا لم يجب شئ أخر هذا واجب نفسي.
الشق الثاني: أتى بشئٍ أخر أم لا ؟ أتى بشئٍ أخر هذا إشارة إلى العدل في الواجب التخييري أم لا لم يأتي به هذه إشارة إلى الواجب التعييني، أتى به أخرٌ أم لا ؟ هذه إشارة إلى الواجب الكفائي، إذا أتى به الأخر سقط عني أم لا لم يأتي به الأخر هذا الواجب العيني، كما هو واضحٌ لا يخفى.
هذا تمام الكلام في المبحث السادس..
المبحث السابع إذا ورد أمرٌ عقيب الحظر فهل يفيد الوجوب أم يفيد الإباحة أم غير ذلك، مثلاً قال تعالى: ﴿وإذا حللتم فأصطادوا﴾[2] كان هناك حظر المحرم يحرم عليه الصيد ثم جائت صيغة الأمر إذا حللت فأصطد أم مثلاً هذا المريض يذهب إلى الطبيب لديه حموضة في المعدة الطبيب يقول لا تأكل الرمان، وبعد مدّة يأتي إلية الطبيب يفحصه يقول الأن كل الرمان هذا الأمر كل الرمان هل يفيد الوجود أم يفيد الإباحة ؟ هذا الأمر ورد عقيب الحاظر أم عقيب توذهم الحظر مثلاً الأن نحن في كورونا وحظر التجول شرطي المرور أم الإعلام يقول ممنوع السفر بين المحافظات ثم تذهب على الحدود فيقول لك الشرطي أدخل تحرك هنا هل يجب التحرك هذا أمرٌ بعد توّهم الحظر توّهم المنع أقوالٌ عديدة أشار المصّنف " رحمه الله " الأخوند الخراسانس إلى ثلاثة أقوال :
1- أن ورود الأمر عقيب الحظر يفيد الإباحة فهذا الطبيب حينما يقول للمريض كل الرمان فلا نستفيد الوجوب وإنما نستفيد الإباحة يعني رفع الحظر الأن الرمان ليس بممنوعٍ عليك.
2- هو بقاء صيغة على الوجوب.
3- التفصيل، تارةً يعلّق الأمر على زوال علّة النهي، وتارةً لا يعلّق فإذا علّق تكون الصيغة تابعة لما قبل النهي فمثلاً قوله تعالى : وإذا حللتم فأصطادوا علّقت حرمة الأصطياد على الإحراض فإذا زالت العلة زال الإحراض جاز الأصطياد هنا علّق الحكم على زوال علة النهي في هذه الحالة نرجع إلى الإصطياد قبل الإحرام، ودلالة صيغة الأمر عليه أصطد تدل على الوجوب أم على الإباحة أم الإستحباب أم غير ذلك كون الكراهة هذه أقوال ثلاثة.
شيخنا الأخوند ماذا تقول : يقول الشيخ الأخوند " رحمه الله " : إن تتبعنا موارد أستعمال صيغة الأمر في اللغة العربية لوجدنا أنه في الغالب توجد قرينة تدل على المراد من صيغة الأمر فمن القرينة نعرف أنها تدل على الوجوب أم الأستحباب أم غير ذلك، وقلّ ما نجد صيغة من دون قرينة إذاً قلّ ما يوجد مورد لصيغة تكون خالية من القرينة على الوجوب أم الأستحباب أم التبعية، وإن أفترضنا هذا الفرض النادر أن هناك صيغة أمر جائت بعد الحظر ولا توجد قرينة بحيث نستظهر الوجوب أم نستظهر التبعية أم نستظهر الإباحة يقول في هذه الحالة يوجد إجمال لأنه لا معيّن في البين، وإن كان الأصل الأولي في صيغة الأمر أنها ظاهرة في الوجوب إذن صاحب الكفاية يذهب إلى أن ورود الأمر عقيب الحظر لا يفيد الإباحة كما ذهب إليه المشهور بل يفيد الإجمال فلابد من تلمّس القرائن لإثبات ظهور الصيغة.
نقرأ هذا المقدار..
المبحث السابع
إنه أختلف القائلون بظهور صيغة الأمر بوجوب وضعاً أو إطلاقاً يوجد قولان:
1- صيغة الأمر موضوع للوجوب
2- صيغة الأمر ليست موضوعه للوجوب، وإنما نستفيد الوجوب من الإطلاق ومقدمات الحكمة، ويوجد قول ثالث أنه يستفاد من حكم العقل.
وضعاً يعني من أجل الوضع أم من أجل الإطلاق نستفيد من الوجوب من صيغة الأمر فيما إذا وقع الأمر عقيب الحظر بعد الحظر أو في مقام توّهمه الحظر على أقوال :
1- نسب إلى المشهور ظهورها في الإباحة نسبة الشيخ الطوسي في كتابة عدة الأصول[3] الجزء الأول صفحة 138 إلى أكثر الفقهاء ومن صنف في أصول الفقه.
2- وإلى بعض العامة ونسب إلى بعض العامة ظهورها يعني ظهور صيغة الأمر عقيب الحظر في الوجوب ظهورها في الوجوب ذهب إلى ذلك الفخر الرازي في كتابه المحصول[4] الجزء الثالث صفحة 99،98 وأبن حزم في الإحكام الجزء الثالث صفحة 321.
3- وإلى بعضٍ نسب تبعيتها يعني تبعية صيغة الأمر عقيب التوّهم، تبعيته هذه الصيغة في الدلالة لما قبل النهي، قبل النهي هل هي وجوب المستفيدة أم الأستحباب؟ تبعيتها لما قبل النهي في هذه الصورة فقط إن علق الأمر بزوال علة النهي يعني حصل تعليق الأمر فأصطادوا علق على زوال علة النهي ماهي علة النهي ؟ الأحرام إذا زال الإحرام فإذا حملتم فأصطادوا إلى غير ذلك من الأقوال كقول السيد مرتضى في الذريعة[5] الجزء الأول صفحة 73، والشيخ الطوسي طبعاً من القائل بالتبعية العظدي في شرح مختصر الأصول صفحة 205 والغزالي في المستصفى[6] صفحة 211، وأما أقوال أخر السيد المرتضى في الذريعة والشيخ الطوسي في العدة[7] الجزء الأول صفحة 183، وحكي في مفاتيح الأصول صفحة 116 [8] نسبة الأكثر محققين بأن حكم الأمر الواقع بعد الحظر هو حكم الأمر المبتدأ فإن كان مبتدأ على الوجوب أم النذر أم الوقف بين الحالة فهو كذلك بعض الحظر وكقول بعضٍ بأنه يفيد النذر وقول إمام الحرمين بالتوقف راجع مفاتيح الأصول[9] صفحة 116 خمسة أقوال قلنا.
شيخنا الأخوند يقول الإجمال عاد لا يتوقف إجمال هذا قول سادس والتحقيق إنه لا مجال للتشبث بموارد الأستعمال فإنه قلّ موردٌ من موارد الأستعمال يكون خالياً عن قرينة على الوجوب أو الإباحة أو التبعية يعني المهم إن وجدت قرينة فهي وإن لم توجد فهذا إجمالٌ، ومع فرض التجريد عنها القرينة التي تدل على الوجوب أم الإباحة أم التبعية لم يظهر لنا بعد كون عقيب الحظر موجباً لظهورها صيغة الأمر في غير ما تكون ظاهرةً فيه ماهو الذي تكون ظاهرة فيه؟ وهو الوجوب يعني تبقى على الوجوب إن لم نقل أنها تبقى على الوجوب يحصل إجمال غاية الأمر يكون وقوع صيغة الأمر عقيب الحظر موجباً لإجمالها صيغة الأمر غير ظاهرةً في واحدٍ منها يعني تكون غيرة هذه خبر يكون يعني يكون إليه خبر أول يكون موجباً لإجمالها بالنتيجة غير ظاهرةٍ في واحدٍ منها يعني تكون صيغة الأمر لاحظ خبر يكون غاية الأمر يكون موجباً لإجمالها غير ظاهرةٍ فتكون صيغة الأمر غير ظاهرة في واحدٍ من الوجوب أم الإباحة أم التبعية إلا بقرينة أخرى أي غير عقيب الحاضر كما أشارنا في قوله والتحقيق أنه لا مجال للتشبث بموارد الأستعمال فإنه قلّ موردٌ منها يكون خالياً من قرينة هنا يشار لا يوجد قلّ مورد يكون خالياً عن قرينة.
هذا تمام الكلام في المبحث السابع.
المبحث الثامن
إن قال المولى صلي، صوم فهل الأمر يدل على مرة تصلي ومرة تصوم أم أنه يدل على التكرار تكرر الصيام تكرر الصوم، المنصرف من الصيغة هو المرة للتكرار بل المنصرف منه إيجاد الماهية وإيجاد الطبيعة إذن لدينا مادة ولدينا هيئة، المادة هي الصلاة، والهيئة إفعل صلي، المادة هي الصيام، والهيئة صم، فالمادة تدل على الطبيعة، ولا تدل على تعدد الطبيعة، وكذلك الصيغة تدل على المرة ولاتدل على تكرر هذه الطبيعة.
نقرأ هذا المقدار
طبعاً هو يريد أن يقول الصيغة ليست موضوعه لا للمرة ولا للتكرار، ولكن الصيغة بمادتها وهيئتها تدل على إيجاد الطبيعة والماهية، إيجاد الطبيعة يحصل بالمرة الواحدة.
قال: المبحث الثامن الحق أن صيغة الامر مطلقاً يعني من دون تقييدها أحياناً يقول صلي مرة واحدة صلي مرتان أصبحت الصيغة مقيدة الصيغة مطلقة صلي صم الحق أن الصيغة مطلقاً لا دلالته لها على المرة ولا التكرار فإن المنصرف عنها صيغة الأمر ليس إلا طلب إيجاد الصيغة المأمور بها فلا دلالة لها للصيغة على أحدهما على المرة أم التكرار لا بهيئتها الصيغة ولا بمادتها الصيغة، والأكتفاء بالمرة إنما هو لحصول الأمتثال بها أمتثال بالصيغة في الأمر بالطبيعة كما لا يخفى لأنه الصيغة تتطلب إيجاد الماهية وإيجاد الطبيعة فتحصل مرة واحدة.
هذا تمام الكلام في بيان أصل المبحث أن صيغة الأمر لا تدل على المرة، ولا تدل على التكرار، وإنما تتطلب إيجاد الطبيعة، والطبيعة تحصل بإيجادها مرة واحدة، ثم يتطرق إلى كلام صاحب الفصول " رحمه الله " صاحب الفصول يقول: النزاع في أن صيغة الأمر تدل على المرة أم التكرار إنما منشأه هو الهيئة هيئة الصيغة، وليس مادة الصيغة الشيخ الأخوند يرد على صاحب الفصول بكلامٍ دقيق ثم يبين المراد بالمرة والتكرار.
إلى هنا درسن اليوم بسيط، ودرس الغد إن شاء الله سيكون عميقاً ودقيقاً عندما نقرأ كلام صاحب الفصول ويرد عليه صاحب الكفاية ثم لا يذهب عليك يأتي عليه الكلام ..