41/11/07
نظرية توزيع الثروات الطبيعية
الموضوع: نظرية توزيع الثروات الطبيعية
البحث السادس
نظرية توزيع الثروات الطبيعية
نظرية الإسلام في توزيع الثروة الطبيعية
أرجعت الماركسية المشاكل السياسية والاجتماعية إلى وجود تناقض وتنافي بين أدوات ووسائل الثروة من جهة وطريقة توزيع الثروة من جهة أخرى فمن يمتلك الوسائل كالمصانع والبساتين هم الطبقة البرجوازية أي طبقة الملاك والإقطاعيين وهم الذين يتحكمون في طريقة توزيع الثروة فيحرمون طبقة العمال والفلاحين وهي طبقة لبروليتارية.
فهناك تناقض طبقي دائم بين طبقة البرجوازيين وطبقة اللبروليتارية أي بين طبقة الملاك والإقطاعيين وأرباب المال وبين طبقة الكادحين والفلاحين والعمال فهذا التناقض الطبقي يقود إلى صراع طبقي ينتهي بإلغاء الملكية الفردية وإحلال الملكية الجماعية وهي ملكية الدولة محل الملكية الفردية هكذا ترى الماركسية ومن بعد ذلك عندما تسود الملكية العامة وتسود العدالة الاجتماعية نصل إلى المجتمع الشيوعي الذي لا نحتاج فيه إلى دولة لأننا نحتاج إلى الدولة لكي نحد من ظلم طبقة البرجوازيين وقد انتهت في المجتمع الماركسي وقد سادت العدالة انتهاء بالمجتمع الشيوعي فلا نحتاج إلى دولة هكذا فكر الماركسيون والشيوعيون.
السيد الشهيد الصدر "أعلى الله مقامه الشريف" لكي يرد على الماركسية والشيوعية والرأس مالية الغربية ركز على كلتا النقطتين:
النقطة الأولى الثروات الموجودة فدرسنا في الدرس قبل السابق ملكية الأرض ودرسنا في الدرس السابق ملكية المواد الأولية فكان الدرس الرابع عن ملكية الأرض والخامس عن ملكية المواد الأولية كان الكلام عن ملكية أدوات الإنتاج وسائل الإنتاج
وأما درس اليوم وهو البحث السادس وسندرس في كيفية توزيع هذه الثروات فهو يبحث عن توزيع الإنتاج والشيوعية تقول والماركسية تقول يوجد تناقض وتنافي بين وسائل الإنتاج وتوزيع الإنتاج وقد تحدثنا مسبقا عن نظرة الإسلام لوسائل الإنتاج من ارض ومواد أولية واليوم نتكلم عن توزيع الإنتاج وتوزيع هذه الثروات من أرض ومواد أولية، إذن سابقا تكلمنا عن الملكية واليوم نتكلم عن التوزيع وبحثنا يحتاج إلى بحثين فقهيين مهمين كأصلين موضوعيين لبحثنا وهذه من الأبحاث المفتاحية:
البحث الأول جواز الاستثمار في الشريعة المحمدية
البحث الثاني حرمة الاحتكار في الشريعة المحمدية
وتفصيلهما في الفقه الإسلامي
أما النقطة الأولى وهي جواز الاستثمار مثل البيع، البيع مبادلة مال بمال مثل الإيجار مبادلة مال بمنفعة فمرجع جواز الاستثمار إلى أن العامل يمتلك نتيجة عمله فحينما يبيع يقول بعمل وهو يملك نتيجة وثمرة هذا العمل وعندما يؤجر هو يقوم بعمل وبالتالي يملك نتيجة وثمرة هذا الإيجار وحينما يقوم بالمضاربة يقوم بعمل وحينما يملك فإنه يملك نتيجة المضاربة نتيجة عمله إذن من أسباب الملكية العمل والسر في إيجاب العمل للملكية أن العامل يملك نتيجة عمله وهذا العنوان لا يوجد في الاحتكار فلو جاء شخص وحوط منطقة برية ولم يستفد منها أو حوط نهرا وجعل حائطا على مقدار من ذلك النهر واحتكره ولم يقم بعمل فيه فإنه لا يملكه الاحتكار حرام في الشريعة الغراء لكنه لو حوط هذه الأرض وزرعها فإنه يملك الزرع ولا يملك الأرض ولو تركها زالت ملكيته لها ولو جاء شخص ثان وعمرها وحازها فإنه يملك ما عمره ولا يحق للأول أن يطالب الثاني وهكذا لو أعرض الثاني عنها وماتت وجاء ثالث أو رابع أو خامس وعمرها وزرعها ففي هذه الحالة إن العامل يملك نتيجة عمله، يملك وله الحق في أن يتكسب بالزرع الذي زرعه في تلك الأرض التي حازها واستولى عليها بخلاف ما لو احتكرها ولم يزرعها فإنه لم يقم بعمل حتى يملك نتيجة عمله هذا السبب الأول إلى ملكية العمل.
السبب الثاني الانتفاع بالثروة فلو جاء بكذا قربة وملأها من النهر أو الشط فإنه يملك الماء الذي في القربة وإن لم يقم بعمل استثماري لكن الموجب للملكية هو الانتفاع بالثروة الطبيعية وهكذا لو اقتطع أشجارا من الغابة وحولها إلى خشب فإنه يملك نتيجة عمله حينما حولها إلى خشب وحتى لو لم يحولها إلى خشب فإن قطعها والاستيلاء عليها من أجل حاجته يوجب ملكيته لأنه انتفع بالثروة الطبيعية.
إذن سببان للملكية:
السبب الأول العمل الاستثماري أي العمل والكسب والإنسان يملك نتيجة عمله
السبب الثاني الحيازة والانتفاع بالثروة الطبيعية
أحيانا حيازة من دون انتفاع يحوز النهر والبحر بأكمله ولا يستفيد منه يقول هذا ملكي ويحوط البحر وبالتالي يحرم الاحتكار لأنه أولا ليس فيه استثمار وثانيا ليس فيه انتفاع شخصا هو ما ينتفع يحتكر هذه الأرض هذا البئر هذه العين هذا النهر هذا البحر هذه الغابة من دون عمل ولا فائدة هذا حرام في الشريعة الغراء، إذا تمت هاتان المقدمتان وهما مفاتيح البحث ولب المطلب يتضح البحث نأخذه بالتسلسل.
نظرية الإسلام في توزيع الثروة الطبيعية
الإسلام يرى أن أساس الملكية العمل وملاك ذلك أن العامل يملك نتيجة عمله والسبب الثاني إلى الملكية هو الانتفاع بالثروة الطبيعية كالحيازة وهذا ما تكشف عنه النصوص التالية (من أحيا أرضا فهي له)[1] يعني ففائدتها له لا أن نفس الأرض له،
الرواية الثانية (ومن حفر معدن حتى كشفه كان أحق به وملك الكمية التي كشف عنها الحفر)[2]
مفاد الرواية الثالثة (وإذا حاز الفرد الخشب بالاحتطاب والحجر الطبيعي بنقله والحيوان النافر بالصيد والماء باغترافه من النهر ملكه بالحيازة) [3]
إذن من هذه النصوص نعرف أن الإسلام لا يعترف بحقوق وملكية خاصة لأفراد للثروات الطبيعية.
يأتيك الملك أو ولد الملك أو حفيد الملك يقول هذا المنطقة كلها إلينا أحمدوا ربكم نحن نعطيكم الفتات البلد كله إلينا نحن نبصق عليكم نعطيكم الفتات هذه نظرة الملوك والأباطرة والحال إن هذه الثروات ملك لجميع الناس والناس الحاكم والمحكوم يملك منها بمقدار العمل ولا توجد حقوق خاصة لأفراد خاصة في الثروات الطبيعية الخام بصورة مستقلة عن العمل فلا يختص الفرد بأرض إذا لم يعمل فيها ولم يقم بإحيائها ولا يختص الفرد بمعدن كبئر نفط إذا لم يقم بالحفر والكشف عنه ولا يختص الفرد أو الشخص بثروة معينة على وجه الأرض أو في السماء إذا لم يقم بإحيائها واستخراجها فلا يختص بمنجم إذا لم يقم بحفر ذلك المنجم.
أقسام الثروة الطبيعية
الثروات الطبيعية الخام على قسمين:
القسم الأول الثروات الطبيعية الثابتة كالأراضي والمناجم وعيون الماء هذه غير قابلة للنقل عين الماء غير قابلة للنقل الماء قابل للنقل لكن عين الماء غير قابل للنقل لأنه ينبع من الأرض.
القسم الثاني الثروات الطبيعية المتنقلة كالأحجار والطيور والأخشاب في الغابات لكن نفس الغابة غير متنقلة لكن خشب الغابة قابل للتنقل.
سؤال ما هي نظرة الإسلام إلى ملكية كلتا الثروتين الثروة الطبيعية الثابتة كالأرض والغابة وبئر النفط وبئر الماء والثروة الطبيعية المتنقلة مثل الماء الأحجار الطيور؟
الجواب السبب الأول للملكية هو العمل والإنسان يملك نتيجة عمله فمن يحي هذه الأرض فإنه يملك الثمار التي خرجت من هذه الأرض ولا يملك نفس الأرض لكن لا يحق للآخرين أن يزاحموه في الأرض لأن الطبيعية التكوينية تقتضي الاختصاص بالنسبة إلى هذه الأرض لكن لو حفر بئرا أو عينا فإنه يملك الماء بمقدار حاجته ولا يملك جميع الماء لأن العين سبيل للجميع يمكن الاشتراك فيها الجميع هكذا في عالم التكوين والخلق عادة المزارع يختص بزراعة ولكن إذا خرجت عين طبيعية دفاقة فإنها لا تختص بمزرعته فإن الجميع يستفيد من هذه المزرعة، إذن الثروات الثابتة يملك منها بهذين السببين الأول العمل الثاني الحيازة مع الانتفاع هو ما عمل شيء جاء بالقربة وأخذ الماء لكن عادة ينتفع بمثل هذا الماء.
إلى هنا تكلمنا عن ملكية الثروات الثابتة وأما الثروات المتنقلة مثل الماء، الخشب، فإنها تملك بأحد طريقين الطريق الأول العمل والطريق الثاني الحيازة أحيانا مجرد حيازة يقطع الخشب ويأخذه يحرقه يستضيء به يملأ القرب بالماء يستفيد منها للشرب وسقي الزرع وغير ذلك هذا انتفاع بثروة عامة وأحيانا يقوم بعمل مثلا يحول الماء إلى عنصر أكسيجين وهيدروجين مثلا ويستفيد منه في المختبرات أو يحول هذا الزرع إلى خشب يعمل فيه في النجارة إذن النظرية الإسلامية تقسم الأعمال إلى نوعين أعمال الاستثمار وأعمال الاحتكار والإسلام يرى أن المشروعية تثبت ومصدر الحقوق الخاصة هو خصوص أعمال الاستثمار دون أعمال الاحتكار.
يقول لو افترضنا شخص موجود في جزيرة وهذه الجزيرة ما موجود فيها إلا هو أو موجود في صحراء ولا يوجد إلا هو أو موجود في غابة ولا يوجد إلا هو في هذه الحالة نجد هذا الشخص ما دام لا يوجد شخص ينازعه ما يحتاج يحوط هذه الأراضي كلها أو الجزيرة كلها أو الغابة كلها لكنه يأخذ ماء بمقدار ويقطع خشب بمقدار فهنا أولا انتفع بالثروات الطبيعية من ماء وشجر وحجر لبناء منزله ولمعيشته ثانيا قد يستثمر هذه الأشياء يعمل من الشجر أخشاب ونجارة يعمل من هذه الأحجار يخرج له أحجار كريمة أو المرمر والرخام وغير ذلك لكن لا يحتكر كل الجزيرة أو كل الغابة أو كل الصحراء فلو حوط جميع الجزيرة أو جميع الصحراء فإن هذا احتكار ولا يصدق عليه أولا أنه انتفاع ولا يصدق عليه ثانيا أنه استثمار إذن حق الفرد يختص بخصوص الثروة التي أحياها وسبب امتلاكها هذا القانون أن الإنسان يملك نتيجة عمله إذن في الأراضي والثروات الثابتة عندنا ملاك وفي الثروات المنقولة عندنا ملاكان في الثروات الثابتة كالأرض وغير ذلك بئر الماء بئر النفط ملاك واحد عندنا العمل والإنسان يملك نتيجة عمله وأما الثروات المنقولة مثل الماء مثل النفط وليس بئر النفط الماء وليس بئر الماء يوجد ملاكان:
الملاك الأول العمل إذا طور بئر الماء طور بئر النفط
الملاك الثاني الانتفاع له أن يأخذ من الماء بمقدار انتفاعه وحاجته له أن يأخذ من النفط بمقدار انتفاعه وحاجته وليس له أن يحتكر الماء والنفط.
وبالتالي لو حفر بئرا أو ينبوعا أحيانا يضربون بالعمود وينبثق الماء في الأراضي الزراعية ذات الينابيع كالبحرين سابقا في هذه الحالة لو حفر بئرا ونبع الماء فهل يكون هذا البئر ملكا له أو لا؟ البئر من الثروات الثابتة والماء من الثروات المنقولة البئر الذي هو من الثروات الثابتة يملك بمقدار عمله يعني يملك نتيجة عمله وأما الماء يمشي فيه الضابطة يملك نتيجة عمله ويملك ما يستفيد منه وما ينتفع منه وبالتالي هو لا يملك أصل الينبوع نعم له أن يستفيد من الينبوع وللآخرين أيضا أن يستفيدوا من الينبوع لكن هذا ما يتم في زراعة الأرض إذا زرع الأرض ما يصير يقولون أي أنت تزرع وغيرك يأتي ويزرع لا يصير تكوينا ما يصير لازم اختصاص في الأراضي فإذا أحيا أرضا لا يحق للآخرين أن يزاحموه في زراعة الأرض ولكن إذا أحيا ينبوعا يحق للآخرين أن يستفيدوا من هذا الينبوع.
تفاوت الحقوق في الثروة الناتجة عن العمل
إذا عمل الإنسان عملا زرع أرضا فجر ينبوعا حفر منجما يحق له أن يمتلك نتيجة عمله ولكن يوجد تفاوت هو إذا زرع الأرض هو لم يخلق الأرض بل خلق الزرع على الأرض بإرادة الله "عز وجل" فهو لا يملك الأرض وإنما يملك الانتفاع بالأرض ويملك ما زرعه على الأرض ويترتب على ذلك زوال ملكيته إذا زال ما عمره وما أحدثه فلو رجعت الأرض مواتا زالت ملكيته هذا بالنسبة إلى الأرض ولكن الاستثمار والحقوق تتفاوت بين الأرض وبين النبع لأنه تكوينا بالنسبة إلى الأرض لا ينتفع بها إلا واحد أو أفراد معينة ولا تكون للعموم بخلاف نبع الماء فإنه يمكن أن يستفيد منه العموم والسبب راجع إلى اختلاف طبيعة عين الماء عن طبيعة الأرض ومن هنا نخرج بنتيجة مهمة جدا إن اختلاف الاستثمار عن الاحتكار عن غيره ليس مرده إلى اختلاف نوع المعاملة بل مرده إلى اختلاف طبيعة المتعامل عليه مثلا أنت تحوز الأرض وتحوز بئر الماء الحيازة والسلطنة نوع واحد سيطرة سلطنة لكن حيازتك للأرض توجب اختصاصك للأرض وحيازتك لبئر الماء لا توجب اختصاصك ببئر الماء وإذا سيطرت على كل الماء قالوا هذا احتكر الماء فتصير السلطنة والحيازة للأرض استثمار وليست احتكار والحيازة والسيطرة على جميع البئر احتكار لا استثمار هنا الذي فرق بين الاستثمار والاحتكار ليس طبيعة السلطنة والسيطرة وإنما نوع المسيطر عليه ونوع المتسلط عليه.
خلاصة درس اليوم صفحة 42
في الاقتصاد الإسلامي
أولا ترتبط الحقوق الخاصة للأفراد في الثروات الطبيعية بالعمل، عمل أساس الكسب المشروع لأن الإنسان يملك نتيجة كسبه نتيجة عمله.
ثانيا الثروات الطبيعية المنتقلة تكون حيازتها عملا اقتصاديا استثماريا أما الثروات الثابتة فحيازتها عمل من أعمال الاحتكار المحرمة هنا توجد حيازة لكن لأنها ثابتة صار استثمار لأنها متنقلة صار احتكار فالذي غيّر طبيعة المحاز إذا كان ثابتا فهو استثمار إذا كان متنقلا فهو احتكار.
ثالثا الثروات المتنقلة تمتاز بإيجاد فرصة الانتفاع بها وبحيازتها أيضا إذن الثروة المتنقلة يمكن الاستثمار فيها ويمكن حيازتها، أما الثروات الثابتة فيسمح لغير العامل أن ينتفع بها مثل البئر غير العامل الذي لم يعمل في تفجير البئر والينبوع له أن ينتفع بها إذا لم يضيع على العامل فرصة الانتفاع بالثروة التي أحياها يعني هذا البئر يكفي لمزرعته إذا جاء غيره أخذ منه ما يستطيع أن يزرع فهنا لا يزاحمه الآخر،
هذا تمام الكلام في البحث السادس.
البحث السابع كيف يتحدث ثمن السلعة يأتي عليه الكلام.