41/11/06
توزيع الثروات الطبيعية في الاقتصاد الإسلامي – المواد الأولية
موضوع: توزيع الثروات الطبيعية في الاقتصاد الإسلامي – المواد الأولية
البحث الخامس
توزيع الثروات الطبيعية في الاقتصاد الإسلامي
القسم الثاني: المواد الأولية
المعادن الظاهرة والباطنة
وقبل أن نشرع في صلب الموضوع نشير إلى قاعدتين فقهيتين استفاد منهما الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر في هذا الدرس المواد الأولية.
القاعدة الأولى قاعدة من حاز شيئا فهو له ويعبر عنها بحيازة المباحات العامة والقدر المتيقن منها ثلاثة وهي النار والعشب والماء فهناك مباحات عامة كالأنهار مثل نهر النيل في مصر ودجلة والفرات في العراق والوزاني والليطاني في لبنان وغيرها من الأنهار في سائر البلدان فلو جئت بقربة وملأت هذه القربة بالماء فإن هذا الماء ملك لك وهكذا لو جلت في الصحراء وفي الصحراء يوجد عشب أو كلأ واقتطعت بعضه لأغنامك ودوابك فلا يحق حينئذ لأي أحد أن يأخذه منك بحجة أنه مباح عام وهكذا لو وجدت نار عامة كما لو احترقت غابة وأخذت بعض هذه النار لحاجتك للاستضاءة أو الطاقة فإنها ستكون ملكا لك بحيازتها هذه القاعدة يقال لها قاعدة حيازة المباحات العامة من حاز شيئا فهو له أي من حاز شيئا من المباحات العامة لا من الأملاك الخاصة حيازة الأملاك الخاصة هذا غصب.
القاعدة الثانية من أحيا أرضا مواتا فهي له فإن الأرض غير العامرة بالسكان وغير العامرة طبيعيا كالغابات هذه الأرض غير العامرة مثل البراري والصحاري لو عمر الإنسان قسما منها فإن هذا القسم الذي عمره سيكون ملكا له ولكن لو تركه وعاد مواتا زالت ملكيته لأنه عاد مواتا وتغير الموضوع.
إذن القاعدة الثانية إحياء الأرض الموات من أحيا أرضا مواتا فهي له.
إذا تمت هاتان المقدمتان نشرع في صلب الموضوع وهو البحث الخامس، البحث الرابع كان عن ملكية الأرض.
البحث الخامس عن ملكية المواد الأولية الموجودة في الأرض
المواد الأولية على قسمين:
القسم الأول المواد الظاهرة
القسم الثاني المواد الباطنة
وليس المراد بالظهور والبطون الظهور والبطون المكاني وإنما المراد الظهور الكيفي لا المكاني فبعض المعادن ظاهر كالملح والنفط وغيرهما فهو غير مختلف بغيره سواء كان على ظاهر الأرض أو على باطن الأرض أو في باطن الأرض.
فالمراد بالظهور ظهور المادة الأولية وعدم اختلاطها وعدم امتزاجها بغيرها
والمراد بالمعادن الباطنة أو المعادن الأولية الخفية يراد ما اختلطت بغيرها حتى لو كانت على سطح الأرض.
فالذهب تارة يكون على سطح الأرض وتارة يكون في باطن الأرض فلربما تجد هضبة عليها الذهب ولربما تجد الذهب في باطن الأرض ولربما تجد الذهب في النهر لكن ذرات الذهب رقيقة ودقيقة جدا وهي مختلطة مع حبات الرمل والتراب فيحتاج من يستخرجها إلى غربال لغربلتها بحيث يفصل ذرات الذهب عن ذرات التراب ثم يجمع ذرات الذهب فيعمل منجما للذهب ويحفر الأرض. الآن في صحراء السودان كثير من المواطنين السودانيين يحفرون طلبا للذهب وعند غربال منخل ينخل ذرات التراب ويحصل على الذهب يذهب إلى الصائغ ويبيعه فالذهب من المعادن الباطنة.
وليس المراد من المعادن الباطنة أنه موجود في باطن الأرض فإن الذهب قد يوجد على ظاهر الأرض وهكذا بالنسبة إلى النفط والبنزين فإن بعض الدول قد يفوض بنزينها إلى أعلى السطح كما في العراق خصوصا البصرة وقد يحتاج إلى الحفر في أعماق الأرض للوصول إلى البنزين والنفط لكن يبقى النفط من المعادن الظاهرة حتى لو كان في قعر الأرض لأن النفط الخام المختلط بالبنزين والغاز والمشتقات النفطية واضح.
إذن عندنا مواد أولية أو معادن ظاهرة أي غير مختلطة بغيرها ومعادن باطنة والمراد بها المعادن الممتزجة بغيرها والمعادن الباطنة التي تحتاج إلى إبراز وفرز على قسمين بعضها ظاهر على الأرض وبعضها موجود في باطن الأرض مثل اليورانيوم وأحيانا مثل الحديد والألمنيوم النحاس، الذهب يحتاج أن تحفر في قعر الأرض.
إلى هنا اتضح أن المعادن إما ظاهرة أي غير ممتزجة بغيرها وإما باطنة أي ممتزجة ومختلطة بغيرها والمعادن الباطنة الممتزجة بغيرها إما أن تكون على سطح الأرض وإما أن تكون في باطن الأرض.
سؤال فما هي نظرة الاقتصاد الإسلامي لملكية المعادن الأولية والمواد الأولية على اختلاف أقسامها؟
الجواب يرى الإسلام والاقتصاد الإسلامي أن جميع المواد الأولية ملكيتها عامة ولم نقل أنها ملك للدولة فهي ليست ملكا للفرد وليست ملكا للدولة وإنما هي ملك لعموم المسلمين ومن يعيش معهم من غير المسلمين من أهل الذمة في الدولة الإسلامية.
وبالتالي دعنا نأتي إلى القاعدتين اللتين صدرنا بهما المجلس
القاعدة الأولى من حاز شيئا فهو له يعني من حاز شيئا مما يحتاج إليه لا أنه يأتي ويسكر النهر من بدايته إلى نهايته ويحوطه ويقول أنا حزت هذا النهر بأكمله أو هذا البحر بأكمله وكل الملح الذي في البحر من المباحات العامة أنا حزته وكل السمك الذي في البحر أنا حزته لا يصح، من حاز شيئا ملكه يعني من حاز شيئا مما يحتاج إليه لا أنه يحتكر المباحات العامة وإنما يحوز ما يحتاج إليه ويختص بما حازه من الأمور التي يحتاج إليها
ونأتي إلى القاعدة الثانية (من أحيا أرضا مواتا فهي له) هذا إذا أحيا الصحراء كلها يملك الأرض ولكن هل يملك ما في الأرض؟ إذا طلع فيها بئر نفط آبار نفط يملكها؟ طلع فيها مناجم ذهب، فحم حجري، معادن وثروات طبيعية من حديد ونحاس هل يملكها؟ كلا يملك خصوص ما حازه من احتياجاته فإما أن يحوز الشيء الظاهري الذي لا يحتاج إلى مئونة مثل الملح وإما أن يحوز الشيء المختلط بغيره لكن على سطح الأرض وإما أن يحوز الشيء المختلط بغيره لكن في باطن الأرض فهو بمقدار تعبه وحفره واستخراجه وإزالة الامتزاج والاختلاط يملك ما حازه لا أنه يملك كل المواد الأولية هذه ملكيتها عامة لعموم الناس المسلم وغير المسلمين الذين يعيشون في الدولة الإسلامية ووظيفة الدولة الإسلامية أن تستفيد من هذه الأمور في إدارة الدولة الإسلامية.
إذن حكم المواد الأولية مطلقا أي بجميع أقسامها وأنواعها أنها ملك للجميع فهي تملك بالملكية العامة لا ملكية الفرد ولا ملكية الدولة وبالتالي إذا عمر شخص أرضا مواتا فهو يملك الأرض ولا يملك المواد الأولية الموجودة في الأرض بل حتى لو ملك بالملك الخاص كما لو اشترى أرضا أو انتقلت إليه بالإرث أو انتقلت إليه بهبة واتضح أن فيها بئر نفط أو منجم ذهب أو منجم نحاس ومعادن فهو لا يملك هذا المنجم وإن كان في الأرض التي هي ملكه نعم يستطيع أن يملك خصوص ما يحوزه مما يحتاج إليه.
سؤال هل لعموم الناس أن يقتحموا أرضه الخاصة التي اشتراها أو انتقلت إليه لكي يحوز النفط أو الذهب أو الفحم الحجري الموجود في قعرها بحجة أن الملكية عامة؟ الجواب ليس لهم ذلك إذ الدخول إلى أرضه يحتاج إلى إذنه فهو يملك الأرض ولا يملك المواد الأولية الموجودة في الأرض ولكن لا يحق للناس أن يقتحموا أرضه وملكه الخاص بحجة حيازة ما هو ملك للجميع فلابد من التفاهم معه لحيازة هذه المباحات العامة التي هي ملك للجميع.
إذن اختصاص الفرد بالأرض له سببان:
السبب الأول الإحياء
والسبب الثاني إسلام الفرد طوعا كما مضى في الدرس السابق
هذان السببان يؤديان إلى ملكية الأرض لا إلى ملكية المواد الأولية الموجودة في الأرض والخلاصة الاقتصاد الإسلامي يقرر أن الثروات الأولية الموجودة في الأرض المملوكة ليست ملكا لأصحاب الأراضي بل ملكيتها عامة لكن يجب على من يرغب في استخراج هذه الثروات أن يراعي حق صاحب الأرض في أرضه لأن استخراج المواد الأولية من الأرض تتوقف على إذن صاحب الأرض وجواز التصرف في هذه الأرض، هذا تمام الكلام في درس اليوم.
الخلاصة (صفحة 36 )
المعادن الظاهرة هي التي توجد في الأرض بشكلها الحقيقي كالنفط والملح يعني شكلها الحقيقي من دون امتزاجها بغيرها مما يغايرها قد تمتزج بغيرها مما هو من مماثلها مثل امتزاج النفط بالكيروسين بالكازولين.
ثانيا المعادن الباطنة هي المعادن المخلوطة بمواد أخرى ونحتاج إلى عمل لكي نظهرها على حقيقتها كالذهب والفضة
المعادن كلها محكومة في الاقتصاد الإسلامي بمبدأ الملكية العامة لم يقل مبدأ ملكية الدولة ولا ملكية الفرد الملكية لعموم الناس
رابعا يسمح الإسلام للفرد بأخذ حاجته لا أنه يحوز ما يزيد عن حاجته من المعادن الظاهرة والمعادن الباطنة القريبة من سطح الأرض وبتملك الكمية التي يستطيع استخراجها بالعمل المباشر من المعادن الباطنة المستترة في أعماق الأرض.
هذا نهاية الدرس
بداية الدرس
البحث الخامس
أسئلة تمهيدية
السؤال الأول ما هي المواد الخام الأولية؟ يعني هي المواد الجاهزة الموجودة في الأرض.
السؤال الثاني هل يحق للفرد في الإسلام أن يمتلك بئر نفط؟ لا يحق له، يحق له أن يستفيد منه بمقدار حاجته.
السؤال الثالث هل تعرف كيف توزع ملكية المواد الخام في التشريع الإسلامي؟ توزع على عموم الناس وفقا للعدالة الاجتماعية، يحق لكل فرد أن يأخذ ما يحتاجه والدولة تقوم بتوزيع هذه الثروات العامة على الجميع وفقا للعدالة الاجتماعية، هذا تمام الكلام في البحث الخامس إشارة إلى المواد الأولية ومن البحث الاقتصادي.
البحث السادس نظرية توزيع الثروات الطبيعية يأتي عليها الكلام.