« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/11/12

بسم الله الرحمن الرحیم

المقام الأول؛ الناحیة الأولی؛ تعاریف الأعلام/معنى التعارض /التعادل و التراجيح

 

الموضوع: التعادل و التراجيح/معنى التعارض /المقام الأول؛ الناحیة الأولی؛ تعاریف الأعلام

 

تعريف التعارض عند المحقّق الإصفهاني(قدس‌سره)

إنّ المحقّق الإصفهاني(قدس‌سره) أفاد لمعنی التعارض احتمالین:

المعنی الأوّل للتعارض: هو التنافي في الوجود، و التعارض بهذا المعنی وصف للمدلولین أو الدلیلین بما هما دلیلان و حجّتان.

المعنی الثاني للتعارض: هو عنده أخصّ من التنافي، حیث أنّ الوجوب و الحرمة لایتّصفان بأنّهما متعارضان بل متّصفان بأنّهما متنافیان و كذلك الحجّیة لاتتّصف بالمعارضة بل تتّصف بالمنافاة، و أمّا ما تتّصف بالمعارضة بالذات هو الدالّ بما هو دالّ.

و المعنی الصحیح للتعارض عند المحقّق الإصفهاني(قدس‌سره) هو المعنی الثاني لا الأوّل، فإنّ المعنی الأول مبنيّ على تفسیر التعارض بالتنافي و لذا لابدّ من التحقیق حول اتصاف الدلیل أو المدلول بالتنافي و إنّ ذلك الاتصاف هل یكون بالذات أو بالعرض.

قبل الورود في البحث لابدّ أن یبیّن معنی التنافي، و لذا نری أنّ المحقّق الإصفهاني(قدس‌سره) قال في مقدّمة كلامه بأنّ التنافي هو عدم الاجتماع في الوجود.

و قال بأنّ التنافي ینسب إلى ثلاثة أمور:

الأوّل: أنّه ینسب إلى المدلولین و هما الوجوب و الحرمة مثلاً و التنافي منسوب إلیهما بالذّات لامتناع اجتماع الوجوب و الحرمة.

الثاني: أنّه ینسب إلى الدالّین بما هما كاشفان عن أمرین متنافیین و التنافي منسوب إلیهما بالعرض لا بالذات، لأنّ الدالّین بما هما كاشفان غیر متمانعین في الوجود بالذات، إذ لیس الكلام في المقام في الكاشفین بالكشف التصدیقي القطعي أو الظنّي الفعلي حتّی یستحیل اجتماعهما بالذات، بل في الكاشفین بالكشف النوعي، و من البیّن إمكان اجتماعهما في الوجود، فإنّ المفهومین غیر متمانعین، بل التمانع في مطابقهما و الكاشف في مرتبة كشفه النوعي لایتقوّم إلا بمكشوفین بالذات لا تمانع بینهما من حیث نفسهما، لكنّه یوصف الدالان بوصف المدلول بالحمل الشایع بالعرض، لما بینهما من الاتّحاد جعلاً و اعتباراً، فتنافي المدلولین واسطة في عروض التنافي على الدالّین، لا واسطة في الثبوت.

الثالث: أنّه ینسب إلى الدلیلین بما هما دلیلان و حجّتان فیكونان متنافیین في الحجّیة و الدلیلیة، و التنافي منسوب إلیهما بالذات لامتناع حجّیتهما معاً، خصوصاً إذا كانت الحجّیة بمعنی جعل الحكم المماثل، فإنّه راجع إلى اجتماع الوجوب و الحرمة الفعلیین، أو إلى اجتماع الوجوب الفعلي و عدم الوجوب الفعلي أو اجتماع الحرمة الفعلیة و عدم الحرمة الفعلیة.[1]

و نتیجة الكلام هو أنّ التنافي منسوب إلى المدلول بالذات و منسوب إلى الدالّ بما هو دالّ بالعرض، و أمّا التعارض بالمعنی الثاني فهو منسوب بالذات إلى الدالّ بما هو دالّ لا إلى المدلول.

قال(قدس‌سره): «فحقیقة معارضة الخبرین كون أحدهما دالّاً على ما ینافي ما یدلّ علیه الآخر و لا منافاة بین أن یكون تنافي الدالّین بالعرض و تعارضهما بالذّات و هذا هو الصحیح الموافق للإطلاقات العرفیة، فیصحّ ما أفاده [صاحب الكفایة](قدس‌سره) من كون التعارض بلحاظ مقام الإثبات و مرحلة الدلالة.» [2]

هذا ما أفاده المحقّق الإصفهاني(قدس‌سره) في معنی التعارض و هو أدقّ الأنظار. و یمكن تعریف التعارض على ذلك بأنّه تكاذب الحجّتین الاقتضائیّتین.[3]

2. ‌موارد خروج الجمع الدلالي عن تعریف التعارض

ذكر صاحب الكفایة(قدس‌سره) ثلاثة موارد لخروج الجمع الدلالي عن تعریف التعارض.[4]

المورد الأوّل: حكومة أحد الدلیلین علی الدلیل الآخر

قال صاحب الكفایة(قدس‌سره): «لا تعارض بینهما [أي بین الدلیلین] بمجرد تنافي مدلولهما إذا كان بینهما حكومة رافعة للتعارض و الخصومة، بأن یكون أحدهما قد سیق ناظراً إلى بیان كمّیة ما أرید من الآخر، مقدّماً كان [المحكوم] أو مؤخراً».[5]

و قد خالف صاحب الكفایة(قدس‌سره) هنا الشیخ الأنصاري(قدس‌سره) في مسألة اعتبار تقدّم دلیل المحكوم على دلیل الحاكم زماناً، فقال بعدم اعتبار ذلك خلافاً للشیخ الأنصاري(قدس‌سره)[6] [7] ، كما أنّه خالف الشیخ(قدس‌سره) في أصل حكومة الأمارات على الأصول و قال بورودها على الأصول.‌[8] [9]

المورد الثاني: موارد التوفیق العرفي

و هذا المورد عند صاحب الكفایة(قدس‌سره) من موارد الحكومة العرفیة لا الحكومة الاصطلاحیة، و الوجه في ذلك هو أنّ ملاك الحكومة الاصطلاحیة هو كون الدلیل الحاكم ناظراً إلى دلیل المحكوم و شارحاً له، و هذا الملاك مفقود في موارد التوفیق العرفي. [10]

و موارد التوفیق العرفي ثلاثة أقسام:

الأوّل: ما یتصرّف فیه العرف للتوفیق بینهما في أحد الدلیلین بالخصوص، مثل الأدلّة المتكفّلة لبیان أحكام الموضوعات بعناوینها الأوّلیة مع مثل الأدلّة النافیة للعسر و الحرج و الضرر و الإكراه و الاضطرار ممّا یتكفّل لأحكامها بعناوینها الثانویة حیث یقدّم في مثلهما الأدلّة النافیة و لاتلاحظ النسبة بینهما، فإنّ ملاحظة النسبة بین الدلیلین إنّما هي فیما إذا أردنا أن نجري أحكام التعارض بین الدلیلین بالنسبة إلى مورد اجتماعهما.

الثاني: ما یتصرّف فیه العرف في كلا الدلیلین بقرینیة مجموع الدلیلین، مثل الجمع العرفي بین قوله(علیه‌السلام): «ثَمَنُ الْعَذِرَةِ مِنَ السُّحْتِ»[11] و قوله(علیه‌السلام): «لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْعَذِرَةِ»[12] بحمل الروایة الأولى على عذرة الإنسان، و حمل الثانیة على عذرة البهائم.

الثالث: ما یتصرّف فیه العرف في أحد الدلیلین معیّناً بقرینیة مجموعهما، مثل تقدیم الأمـارات على الأصول الشرعیة، فإنّه لایكاد یتحیّر العرف في تقدیم الأمارات علیها بعد ملاحظتهما.‌[13]


‌المورد الثالث: تقدیم النصّ أو الأظهر علی الظاهر

إنّ بناء العرف على كون النصّ أو الأظهر قرینة على التصرّف في الآخر و ذلك مثل تقدیم الخاصّ على العامّ، و مثل تقدیم المقیّد على المطلق[14] ، و أیضاً مثل ما إذا ورد الأمر بشيء الظاهر في وجوبه، و ورد تعبیر آخر غیر ظاهر في الوجوب بل ظاهر في أصل مطلوبیة الشيء المذكور كما إذا قیل: «ینبغي الإتیان بهذا الفعل» فإنّ التعبير بالأمر أظهر من التعبیر بلفظ «ینبغي»، فیقدّم علیه و یحمل قوله: «ینبغي» على الأمر، بالتصرف فیه، هذا على مبنى صاحب الكفایة(قدس‌سره) و إلا فبعض الأصولیین یقولون بتقدیم الخاصّ على العامّ و تقدیم المقید على المطلق بملاك قرینیة الخاصّ و قرینیة المقیّد بالنسبة إلى المطلق لا الأظهریة، خصوصاً في موارد المخصّص المتّصل حیث إنّ تقدیمه من باب الأظهریة في غایة الإشكال، و كذا في التقیید المتّصل.‌[15]

3. وجود التنافي بین المدالیل في بعض موارد الجمع الدلالي

قد تقدّم في ضمن بیان نظریة المحقّق الخراساني(قدس‌سره) أنّه قال بوجود التنافي بین المدالیل في بعض موارد الجمع الدلالي و ذلك مستلزم لدخول تلك الموارد في موضوع بحث التعارض فیحكم علیه بحكم التعارض و لكن حيث إنّه قال بأنّ التعارض هو تنافي الدليلين أو الأدلة، فلا بُدّ أن نقول أنّ تلك الموارد خارجة عن التعارض و لایحكم علیها بحكمه.

 


[3] مطالب ثلاثة في التعارض اصطلاحاً:المطلب الأول: معنى التعارض في اصطلاح الأصولیینإنّهم ذکروا له معاني أربعة کلها متقاربة:المعنی الأول: تقابل الدلیلین على سبیل الممانعةنهایة الوصول إلى علم الأصول، ابن الساعاتي، ج2، ص686: «المعارضة: تقابل الدليلين على سبيل الممانعة». و کذا في أصول الفقه لابن مفلح، ج4، ص1581؛ البحر المحیط، ج8، ص120؛ التحبیر شرح التحریر، ج8، ص4126؛ تحریر المنقول، ص348؛ شرح الکوکب المنیر، ج4، ص605.المعنی الثاني: اقتضاء کل من الدلیلین عدم مقتضى الآخرتیسیر التحریر، ج3، ص136: «و في الاصطلاح اقتضاء كل من الدليلين عدم مقتضى الآخر» و کذا في التلویح على التوضیح، ج2، ص205.المعنی الثالث: التناقضروضة الناظر، ج2، ص390: «إن التعارض هو التناقض».المعنی الرابع: تنافي مدلولي الدلیلینمنیة اللبیب، ص438: «تعارض الدلیلین عبارة عن تنافی مدلولیهما». و في الفصول الغروية، ص435: «فصل تعارض الدليلين عبارة عن تنافي مقتضاهما إما بالعقل كالوجوب و التحريم أو بالسمع كصحّة العتق و بطلان الملكية» .و راجع جامع البین، ج2، ص284 (موسوعة الشهید الأول(قدس‌سره)، ج17)؛ القوانين المحكمة (ط.ج): ج‌4، ص580؛ الإشارات، ج2، الورقة 155؛ نتائج الأفكار، ص235؛ ضوابط الأصول، ص481؛ القواعد الشريفیة، ج‌2، ص377.المطلب الثاني: هل یکون استعمال التعارض في معنى التنافي استعمالاً حقیقیاً، أو أنّه استعمال مجازي؟فیه قولان:القول الأول: هذا الاستعمال مجازي بعلاقة المشابهة مطارح الأنظار (ط.ج): ج‌4، ص523: «هداية في التعارض، و هو تفاعل من العرض بمعنى الورود ... و في اصطلاح الأصوليين على ما عرّفه غير واحد منهم‌ عبارة عن تنافي مدلولي الدليلين فكان أحدهما في عرض الآخر و وارد عليه، فيمنع كل واحد منهما عن الآخر، فظهر وجه المناسبة بين المعنيين ... ». الفوائد الرضوية، ص490 في التعلیقة على قوله(قدس‌سره): «و هو لغة من العرض بمعنى الاظهار»: «أقول: لايبعد أن يكون أخذه من العرض الذي هو ضدّ الطول السبب بمعناه الاصطلاحي، فإن العلاقة المصححة للاستعمال كون كل من المتعارضين في عرض الآخر من حيث الدليلية».تقريرات آية الله المجدد الشيرازي، ج‌4، ص148 في التعلیقة على قوله(قدس‌سره): «و غلّب في الاصطلاح على تنافي الدليلين و تمانعهما باعتبار مدلولهما»: «وجه التسمية أن الدليلين المتعارضين كأن كلاً منهما يظهر نفسه لصاحبه، و يبارزه ليدفعه، فيكون إطلاقه عليه من باب المجاز بعلاقة المشابهة».أوثق الوسائل (ط.ق): ص586 في التعلیقة على قوله: «و غلّب في الاصطلاح»؛ درر الفوائد، الحاشية الجديدة، ص426 في التعلیقة على قوله(قدس‌سره): «و غلّب في الاصطلاح»؛ القول الثاني: هذا الاستعمال حقیقيإيضاح الفرائد، ج‌2، ص924 في التعلیقة على قوله: «و غلّب في الاصطلاح»: «الظاهر من كلامه كونه موضوعاً لما ذكر بالوضع التعيني و قد عرفت من كلمات بعض أهل اللغة أنّ العرض و الاعتراض يجيئان بمعنى المنع فالظاهر أنّ المعنى المذكور إنما حصل من جهة إضافة التعارض إلى الدليلين من دون حاجة إلى الالتزام بالوضع التعييني، أو التعيني»‌.المطلب الثالث: الظاهر أنه لایکون هنا اصطلاحٌ من الأصولیین مغاير للاستعمال اللغويالتقریر و التحبیر، ج3، ص2: و في الاصطلاح اقتضاء كلّ من دليلين عدم مقتضى الآخر و فيه المعنى اللغوي كما هو ظاهر».بدائع الأفكار، ص406: «و ليس إطلاقه على تنافي مدلول الدليلين مبنياً على اصطلاح منهم في المقام بل على ثبوت معنى عرفي فإن التعارض في العرف العام اسم لكل منازعة و مخاصمة بين اثنين دليلين كانا أو غيرهما فتعريف تعارض الدليلين بتنافي مدلوليهما كما عن المنية أو في المقتضي كما عرّفه بعض من تأخر مبني على ذلك المعنى العرفي».‌تعليقة على معالم الأصول، ج‌7، ص570: «العرض ... قد يضمن فيه معنى المقابلة على معنى عدم اجتماع الشي‌ء مع مقابله في جانب واحد، فالتعارض أخذ منه بعد رعاية التضمين المذكور، و لذا لايلحق إلا الأمرين المتقابلين، يقال: تعارض الرجلان أي أظهر كل منهما نفسه لصاحبه على وجه لايجتمع معه في جانب و هو بهذا الاعتبار غلب في عرف الأصوليين على تعارض الدليلين»‌.
[4] قسّم الأعلام موارد التعارض غیر المستقرّ بعدّة تقسیمات:التقسیم الأول: الجمع العرفي أو الدلالي له أقسام أربعة: الورود و الحکومة و التوفیق العرفي و الجمع بین الظاهر و الأظهر أو النص (مثل التخصیص و التقیید).حاشية المحقق المشكيني(قدس‌سره)، ج‌5، ص116: «قد تدوول‌ عناوين في ألسنة من تأخر عن الشيخ(قدس‌سره): أحدها: «الورود»، و معناه كون دليل بحسب جعل حكمه رافعاً لموضوع دليل آخر؛ بحيث لولاه لشمله، كما في كل أصل عقلي بالنسبة إلى أمارة معتبرة ... الثاني: الحكومة و معناها كون أحد الدليلين مسوقاً لبيان حال الدليل، و ناظراً إلى مقام إثباته و بيان كمية مقدار مدلوله تضييقاً أو توسعةً ... الثالث: التوفيق العرفي و هو كون الدليلين على نحو إذا عرضا على العرف يوفق بينهما بالتصرف في أحدهما، أو في كليهما بلا لحاظ نسبة و لا أظهرية، و هو في النتيجة مشترك‌ مع الحكومة المتقدّمة، و قد تسمّى حكومة عرفية، كما أنّ الأوّل قد يسمّى بالحكومة الاصطلاحية و هذا المعنى يحصل غالباً في الأدلة المتعرّضة للأحكام الثابتة للعناوين الثانوية مع الأدلة المتعرضة لأحكام العناوين الأولية، و منه تقدّم الاستصحاب على سائر الأصول الشرعيـة عندنا، كما تقدّم في أواخر الاستصحاب. الرابع: الجمع العرفي. الخامس: الجمع الدلالي و هو مساوٍ مع الجمع العرفي، و مورده كل ما يكون أحد الدليلين أو كلاهما قرينـة على التصرف في الآخر أو في كليهما، فيشمل الورود و الحكومة و التوفيق العرفي، و التخصيص و التقييد اللذين هما من الجمع المساوي، و سائر الموارد التي يحكم العرف فيها بالتصرف في الهيئة.و بعبارة أخرى: أنّ مورده النص و الظاهر، أو الأظهر و الظاهر، أو الظاهران اللذان بينهما ورود أو حكومة أو توفيق عرفي، و الخارج عنه الظاهران المتكافئان اللذان ليس فيهما أحد هذه الثلاثة».التقسیم الثاني: ذکر السید المحقق الصدر(قدس‌سره) في بحث التعارض غیر المستقرّ أقساماً ثلاثة: الورود و القرینية الشخصیة أي الحکومة و القرینیة النوعیة و هي التقیید و التخصیص و الأظهریةبحوث في علم الأصول، ج‌7، ص48: «الورود، هو أن يكون مفاد أحد الدليلين رافعاً لموضوع مفاد الدليل الآخر و نافياً له حقيقة»؛ ص161: «القرينية بأنواعها: القرينية الشخصية (الحكومة) القرينية النوعية (التقييد، التخصيص، الأظهرية)»؛ ص165: «الحكومة عبارة عن نظر أحد الدليلين إلى الآخر بمعنى اشتماله على خصوصية تجعله ناظراً إلى مدلول الدليل الآخر و محدّداً للمراد النهائي منه. و من هنا نستطيع أن نعتبر الحكومة عبارة عن القرينية الشخصية لأحد الدليلين على الآخر»؛ ص179: «التقييد هو رفع اليد عن الإطلاق الثابت بمقدّمات الحكمة باعتبار وجود دالٍّ على التقييد»؛ ص184: «التخصيص عبارة عن رفع اليد عن الإطلاق الثابت بالوضع و أدوات العموم باعتبار وجود دال على التخصيص»؛ ص196: «الأظهر و الظاهر و يعني بهما في المقام الدلالتان المتنافيتان اللتان تمتاز إحداهما على الأخرى بالأقوائية أو الصراحة».التقسیم الثالث: ذکر المحقق الفيروزآبادی أقساماً ثلاثة للجمع العرفي: الورود، التوفیق العرفي في ما کان أحد الدلیلین أقوی مناطاً و الجمع الدلالي أي التصرّف في الظاهر بقرینة النصّ أو الأظهر في التخصیص و التقیید و الحکومة.قال في عنایة الأصول، ج6، ص10: «إنّما الجمع العرفي المقبول هو ما إذا توقّف الجمع بين الدليلين المتنافيين على التصرّف في أحدهما المعيّن بأن كان الآخر نصّاً أو أظهر فيكون قرينةً عرفاً على التصرّف في الظاهر و ذلك كما في العامّ و الخاص و المطلق و المقيد و الحاكم و المحكوم أو فيما كان الدليلان أحدهما أقوى مناطاً فيكون قرينة على التصـرف في الآخر الأضعف و أنه بنحو الاقتضاء و الأول بنحو العلية التامة على التفصيل المتقدم لك سابقاً في قاعدة: «لا ضرر و لا ضرار» في ذيل التوفيق العرفي أو فيما كان الدليلان على نحوٍ يزيل أحدهما موضوع الآخر و يعدمه من أصله إما وجداناً أو تعبداً على التفصيل المتقدم لك شرحه في أواخر الاستصحاب في ذيل بيان حقيقة الورود و ماهيته و يطلق على كل من التخصيص و التقييد و الحكومة الجمع الدلالي و يطلق على مجموع الخمسة أي على التخصيص و التقييد و الحكومة و التوفيق العرفي و الورود الجمع العرفي».و قال أیضاً: «و بالجملة إن المعيار في الجمع العرفي المقبول بين الدليلين المتنافيين أن يكون أحدهما نصّاً أو أظهر و يكون الآخر ظاهراً فتكون النصوصية أو الأظهرية قرينة عرفية على التصرف في الظاهر أو كان أحدهما أقوى ملاكاً و أشد مناطاً و كان الآخر أضعف فتكون الأقوائية في الملاك قرينة عرفية على التصرف في الآخر و أنه بنحو الاقتضاء دون العلية التامة أو كان أحدهما مزيلاً معدماً لموضوع الآخر إما وجداناً و إما تعبداً على نحوٍ لايبقى للثاني مع الأول موضوع أصلاً فإن كان أحد هذه الأمور الثلاثة موجوداً بين الدليلين المتنافيين فالجمع بينهما قبول مقبول مرضي عرفاً و إلا فلا جمع و لا التئام بين الدليلين أبداً و لابدّ من المعاملة معهما معاملة المتعارضين».
[7] و صرّح صاحب الكفاية(قدس‌سره) في حاشیته على الفرائد بمخالفته لمقالة الشیخ کما أنّه في الکفایة أیضاً خالف الشیخ کما ذکرنا کلامه، قال في درر الفوائد في الحاشية على الفرائد، الآخوند الخراساني، ج1، ص428..: «لايخفى أنّه لايعتبر في الحكومة إلاّ سوق الدّليل، بحيث يصلح للتعرّض لبيان كميّة موضوع الدليل الآخر تعميماً أو تخصيصاً لو كان و لو بعده بزمان، من دون اعتبار أن يكون المحكوم قبله أو معه، فضلاً من أن يكون الحاكم متفرّعاً عليه‌ ... »
[8] إنّ الشیخ(قدس‌سره) قال في فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج۳، ص314..، ذیل تعارض الأمارة و الاستصحاب بحکومة الأمارة على الأصل: «لكن الشأن في أن العمل به من باب تخصيص أدلة الاستصحاب أو من باب التخصص الظاهر أنه من باب حكومة أدلة تلك الأمور على أدلة الاستصحاب و ليس تخصيصاً»
[9] و خالفه المحقق الخراساني(قدس‌سره) في كفاية الأصول - ط آل البيت، الآخوند الخراساني، ج1، ص429..: «... و التحقيق أنه للورود فإن رفع اليد عن اليقين السابق بسبب أمارة معتبرة على خلافه ليس من نقض اليقين بالشك بل باليقين‌... و أما حديث الحكومة فلا أصل له أصلاً ...»
[10] كفاية الأصول - ط آل البيت، الآخوند الخراساني، ج1، ص437..: «لا تعارض بينهما بمجرد تنافي مدلولهما إذا كان ... أو كانا على نحو إذا عرضا على العرف وفق بينهما بالتصرف في خصوص أحدهما كما هو مطّرد في مثل الأدلة المتكفلة لبيان أحكام الموضوعات بعناوينها الأولية مع مثل الأدلة النافية للعسر و الحرج و الضرر و الإكراه و الاضطرار مما يتكفّل لأحكامها بعناوينها الثانوية حيث يقدم في مثلهما الأدلة النافية و لاتلاحظ النسبة بينهما أصلاً و يتّفق في غيرهما كما لايخفى أو بالتصـرف فيهما فيكون مجموعهما قرينة على التصرف فيهما أو في أحدهما المعين و لو كان الآخر أظهر و لذلك تقدم الأمارات المعتبرة على الأصول الشرعية فإنه لا‌يكاد يتحير أهل العرف في تقديمها عليها بعد ملاحظتهما ... »
[13] یتّضح مراد المحقق الخراساني(قدس‌سره) من التوفیق العرفي بذکر أمور:الأمر الأوّل: قوام التوفیق العرفي عند المحقق الخراساني(قدس‌سره) بالتصرّف في الدلیل بقرینة و یکون التوفیق العرفي عنده(قدس‌سره) في موردین:الأوّل: التصرّف في خصوص أحد الدلیلین بقرینة الآخر کالتصرّف في الظاهر بقرینة الأظهر.و الثاني: التصرف بقرینة مجموعهما فیهما أو في أحدهما المعیّن بدون لحاظ النسبة بینهما.و الفرق بین هذین الموردین [أي بین قرینیة أحد الدلیلین و قرینیة مجموعهما] أنّ التصـرّف في المورد الثاني [حیث تکون القرینة مجموع الدلیلین] موقوف على ملاحظة الدلیلین و إعمال النظر و الاستدلال علیه بخلاف المورد الأوّل [الذي تکون القرینة فيه أحد الدلیلین].ذکر المحقق الخراساني(قدس‌سره) تقدم أدلة لا ضرر و نحوها على أدلة الأحکام الأولیة و تقدم الأمارات على الأصول الشرعیة من مصادیق المورد الثاني و في کلیهما لایوفق العرف بین الدلیلین إلا بعد ملاحظتهما و ملاحظة جهات خارجیة؛ ففي كفاية الأصول، ص382: «و من هنا لايلاحظ النسبة بين أدلة نفيه و أدلة الأحكام و تقدم أدلته على أدلتها مع أنها عموم من وجه حيث إنّه يوفق بينهما عرفاً بأن الثابت للعناوين الأولية اقتضائي يمنع عنه فعلاً ما عرض عليها من عنوان الضرر بأدلته كما هو الحال في التوفيق بين سائر الأدلة المثبتة أو النافية لحكم الأفعال بعناوينها الثانوية و الأدلة المتكفلة لحكمها بعناوينها الأولية». و راجع كفاية الأصول، ص437؛ و منتهى الدراية، ج‌6، ص519: الأمر الثاني: إن التوفیق العرفي عند المحقق الخراساني في قبال الورود و الحکومة.كفاية الأصول، ص428: «المقام الثاني أنه لا شبهة في عدم جريان الاستصحاب مع الأمارة المعتبرة في مورد و إنما الكلام في أنه للورود أو الحكومة أو التوفيق بين دليل اعتبارها و خطابه».الأمر الثالث: الورود قسمان: قسمٌ لا شبهة في عدم الموضوع مع أحدهما المعین للآخر و تقدیمه علیه، و قسمٌ یحتاج إلى ملاحظة الدلیلین و إعمال النظر حتی یرتفع شبهة الورود بعکس المدعی، و القسم الثاني مصداق للورود و التصرف العرفي کلیهما، و بهذا البیان یتّضح عدم التنافي بین کلام المحقق الخراساني في المواضع المختلفة:كفاية الأصول، ص428: «المقام الثاني: أنه لا شبهة في عدم جريان الاستصحاب مع الأمارة المعتبرة في مورد و إنما الكلام في أنه للورود أو الحكومة أو التوفيق بين دليل اعتبارها و خطابه. و التحقيق أنه للورود و أما حديث الحكومة فلا أصل له أصلاً ... و أما التوفيق فإن كان بما ذكرنا فنعم الاتفاق و إن كان بتخصيص دليله بدليلها فلا وجه له ... ».یستفاد منه إطلاق التوفیق على ورود الأمارة على الاستصحاب. كفاية الأصول، ص430: «خاتمة: لا بأس ببيان النسبة بين الاستصحاب و سائر الأصول العملية و بيان التعارض بين الاستصحابين‌ أما الأول فالنسبة بينه و بينها هي بعينها النسبة بين الأمارة و بينه فيقدم عليها و لا مورد معه لها للزوم محذور التخصيص إلا بوجه دائر في العكس و عدم محذور فيه أصلا هذا في النقلية منها و أما العقلية فلايكاد يشتبه وجه تقديمه عليها بداهة عدم الموضوع معه لها ضرورة أنه إتمام حجة و بيان و مؤمن من العقوبة و به الأمان و لا شبهة في أن الترجيح به عقلاً صحيح».الظاهر منه وضوح ورود الاستصحاب على الأصول العقلیة و احتیاج ورود الأمارة على الاستصحاب و ورود الاستصحاب على الأصول النقلیة إلى الاستدلال.كفاية الأصول، ص433: «فصلٌ: التعارض هو تنافي الدليلين أو الأدلة بحسب الدلالة و مقام الإثبات ... و عليه فلا تعارض بينهما بمجرد تنافي مدلولهما إذا كان بينهما حكومة رافعة للتعارض و الخصومة ... أو كانا على نحو إذا عرضا على العرف وفق بينهما بالتصـرف في خصوص أحدهما ... أو بالتصرف فيهما فيكون مجموعهما قرينة على التصـرف فيهما أو في أحدهما المعين و لو كان الآخر أظهر و لذلك تقدم الأمارات المعتبرة على الأصول الشرعية فإنه لايكاد يتحير أهل العرف في تقديمها عليها بعد ملاحظتهما حيث لايلزم منه محذور تخصيص أصلاً بخلاف العكس فإنه يلزم منه محذور التخصيص بلا وجه أو بوجه دائر كما أشرنا إليه‌ في أواخر الاستصحاب»یستفاد منه أن تقدیـم الأمـارة على الأصول الشرعیة بالتوفیق العرفي و الظاهر من مجموع العبارات أن الأمارات واردة على الأصول نقلیةً کانت أم عقلیةً، و الاستصحاب وارد على سائر الأصول نقلیة کانت أم عقلیة و لکن ورود الأمارة على الأصول النقلیة و ورود الاستصحاب على سائر الأصول النقلیة حیث یثبت بالاستدلال یسمّی توفیقاً عرفیاً أیضاً. الأمر الرابع: أطلق التوفیق العرفي في کلام المحقق الخراساني على مواردالأول: إطلاق التوفیق العرفي على التصرف في الظاهر بقرینة الأظهركفاية الأصول، ص284: «لا محيص عن حمل هذه الروايات الناهية عن التفسير به على ذلك و لو سلّم شمولها لحمل اللفظ على ظاهره ضرورة أنه قضيّة التوفيق بينها و بين ما دلّ على جواز التمسك بالقرآن مثل خبر الثقلين‌ و ما دلّ على التمسك به و العمل بما فيه‌ و عرض الأخبار المتعارضة عليه‌ و ردّ الشروط المخالفة له‌ و غير ذلك‌ مما لا محيص عن إرادة الإرجاع إلى ظواهره لا خصوص نصوصه ضرورة أن الآيات التي يمكن أن تكون مرجعاً في باب تعارض الروايات أو الشروط أو يمكن أن يتمسك بها و يعمل بما فيها ليست إلا ظاهرة في معانيها ليس فيها ما كان نصاً كما لايخفى»كفاية الأصول مع حواشي المحقق المشكيني، ج‌3، ص212: «هذا جواب ثالث أو رابع، و تقريبه: أن النسبة بين الطرفين هي العموم المطلق، لأن أخبار التفسير شاملة لحمل الظاهر عليه، و لحمله على خلافه، و المجمل على أحد معانيه، و أما أخبار الحجية فهي شاملة للظواهر فقط، و الأخص يقدم على الأعم»عناية الأصول، ج‌3، ص129: «حمل الظاهر على ظاهره خارج عن تحت الأخبار الناهية عن التفسير بالرأي بحسب الجواب الأول و الثاني موضوعاً و بحسب هذا الجواب الثالث تخصيصاً جمعاً بين الروايات»منتهى الدراية، ج‌4، ص305: «إن ما يستفاد منه حجية الكتاب أخص، لاختصاصها بالظواهر، إذ لا معنى للإرجاع إلى المتشابه و المجمل، و الأخبار الناهية عن التفسير بالرأي أعم، لشمولها للظاهر و غيره كما عرفت، فمقتضى الصناعة تخصيص عموم حرمة التفسير بالرأي بأخبار حجية الكتاب، و إخراج الظواهر عن موضوع النهي»کفایة الأصول، ص449: «اللهم إلا أن يقال إن التوفيق في مثل الخاص و العام و المقيد و المطلق كان عليه السيرة القطعية من لدن زمان الأئمة(. و هي كاشفة إجمالاً عما يوجب تخصيص أخبار العلاج بغير موارد التوفيق العرفي ... فلم يثبت بأخبار العلاج ردع عما هو عليه بناء العقلاء و سيرة العلماء من التوفيق و حمل الظاهر على الأظهر و التصـرف فيما يكون صدورهما قرينة عليه فتأمل»اللمعات النيرة، ص254: «التوفيـق العرفي بين الأخبار و إن كان يقتضي تخصيص عموم: " لكلّ صلاة وقتان" بغير المغرب إلا أن» إلخ. الثاني: إطلاق التوفیق العرفي على حمل أحدهما على الحکم الاقتضائيكفاية الأصول، ص155: «نعم لو كان كل منهما متكفلاً للحكم الفعلي لوقع بينهما التعارض فلابد من ملاحظة مرجحات باب المعارضة لو لم يوفق بينهما بحمل أحدهما على الحكم الاقتضائي بملاحظة مرجحات باب المزاحمة فتفطّن»كفاية الأصول، ص382: «و من هنا لايلاحظ النسبة بين أدلة نفيه و أدلة الأحكام و تقدم أدلته على أدلتها مع أنها عموم من وجه حيث إنه يوفق‌ بينهما عرفاً بأن الثابت للعناوين الأولية اقتضائي يمنع عنه فعلاً ما عرض عليها من عنوان الضرر بأدلته كما هو الحال في التوفيق بين سائر الأدلة المثبتة أو النافية لحكم الأفعال بعناوينها الثانوية و الأدلة المتكفلة لحكمها بعناوينها الأولية»كفاية الأصول، ص394: «فإنه يقال: إنّ الطهارة و إن لم تكن شرطاً فعلاً إلا أنها غير منعزلة عن الشرطية رأسا بل هي شرط واقعي اقتضائي كما هو قضية التوفيق بين بعض الإطلاقات و مثل هذا الخطاب‌»حاشية المكاسب، ص99 – 100: «قوله: "و حكومة الآية غير معلومة" لايخفى أن العرف يساعد على التوفيق بين ما دل على الحكم للعناوين الثانية الطارية، و ما دل على الحكم للعناوين الأولية، بتقديم الأول على الثاني، و إن كان بينهما عموماً من وجه، و حمل الثاني على الحكم الاقتضائي، و لذا لم يلحظ بين مثليهما تعارض أصلاً»حاشية المكاسب، ص116: «قوله: "كما يظهر بالتأمل" و ذلك لقوّة احتمال أن يكون المنع في رواية ابن مارد اقتضائياً، و كان الجواز في الرواية بملاحظة ما عرض من الخصوصية المالية الموجبة لجواز البيع، مع أنه لو ادعى مساواة ظهورهما في المنع و الجواز، لكان التوفيق بينهما بحمل رواية ابن مارد على كون المنع كذلك، أي اقتضائياً» إلخ.حاشية المكاسب، ص160: «قوله: "لأنها مسوقة لبيان ثبوت الخيار بأصل الشرع" لايخفى أنه بمجرد كونها مسوقة لذلك لايرتفع المعارضة من البين، بداهة تحققها لو دلّت على ثبوته فعلاً مطلقاً و لو بملاحظة الطواري، و إنما يرتفع المعارضة لو كانت مسوقة لبيان ثبوته اقتضاء، من غير نظر إلى الطواري أصلاً، كما هو مقتضى التوفيق بينها و بين ما دلّ على الأحكام للعناوين الطارية عليها، بحيث لايرتاب فيه و لا شبهة تعتريه، لو كانت ظاهرة في ثبوتها فعلاً مطلقاً ولو مع طروّها» إلخ.الثالث: إطلاق التوفیق العرف على حمل أحدهما على کونه في مقام الإهمالكفاية الأصول، ص250: «نعم فيما إذا كان إحراز كون المطلق في مقام البيان بالأصل كان من التوفيق بينهما حمله على أنه سيق في مقام الإهمال على خلاف مقتضى الأصل فافهم»الأمر الخامس: مراد صاحب الکفایة من التوفیق العرفي في أول بحث التعارض لیس إلا التصرف بقرینة الدلیلینإن المحقق الخراساني لم یصرّح في أول مبحث التعـادل و التراجیح بکـون التصرف في الظاهر بقرینة الأظهر توفیقاً عرفیاً بل ذکر التوفیق العرفي و أوضحه بذکر المورد الثاني ثم ذکر التصرّف في الظاهر بقرینة الأظهر على حدة و لذا یکون المراد من التوفیق العرفي في هذا المبحث المورد الثاني فقط بقرینة المقابلة فتذکر.الأمر السادس: لیس التوفیق العرفي منوطاً بالأظهریة فقط بل قد یکون بأقوائیة الملاکكفاية الأصول مع حواشي المحقق المشكيني، ج‌5، ص249: «ثالثها: أنه ربما يتوهم أن الجمع العرفي مساوق مع أظهرية أحد المتعارضين أو نصوصيته و هو مندفع، بل بينهما عموم من وجه... و ربما يتحقق الجمع العرفي المذكور إذا لم يكن أظهر في البين، بل يكون نفس صدورهما قرينة على التصرف في أحدهما أو في كليهما عندهم، كما في موارد التوفيق العرفي، أو يكون أحدهما حاكماً، فإنه مقدم على المحكوم و لو كان أضعف أو مساوياً»منتهى الدراية، ج‌3، ص47: «يحتمل أن يكون قوله: فتفطن إشارة إلى أن الجمع العرفي بين الدليلين منوط بأظهرية أحدهما من الآخر، و أقوائية أحد المناطين لاتوجب الأقوائية من حيث الظهور، لكنه بعيد، لأن منـاط التوفيق العرفي ليس منحصراً بالأظهرية، بل يكفي في ذلك صلاحية كون أحدهما قرينة على التصـرف في الآخر، لأظهرية، أو قرينة لفظية، أو عقلية كمناسبة الحكم للموضوع، أو غيرها. و لو كان المناط الأظهرية فقط لكان ذو القرينة فيما إذا كان أظهر من القرينة كقوله: «رأيت أسداً يرمي» مقدماً على ظهور القرينة، و هو كما ترى خلاف ما جرت عليه سيرة أبناء المحاورة في محاوراتهم. و عليه، فلا مانع من قرينية أقوائية المناط على التصرف في الدليل الآخر بحمله على الحكم الاقتضائي، فتدبر»و صرح بعض المحشین في التعلیقة على قوله: «لو لم یکن أحدهما أظهر» في ما ذکره في الکفایة، ص156: «إلا أن يقال: إن قضية التوفيق بينهما هو حمل كل منهما على الحكم الاقتضائي لو لم يكن أحدهما أظهر و إلا فخصوص الظاهر منهما» أن المراد أظهر في الدلالة على فعلیة الحکم لا غیرها.نهاية النهاية، ج‌1، ص220: «قوله: لو لم يكن أحدهما أظهر أي في الدلالة على فعلية الحكم فيؤخذ بالأظهر في هذه الدلالة و إن كان الآخر أظهر في غيرها»نهاية الدراية، ج‌2، ص304: «سيجي‌ء- إن شاء الله تعالى- إحراز أقوائية الملاك من الأقوى دلالة، بل من الأقوى سنداً أيضاً»شرح الشیخ عبد الحسین الرشتي على كفاية الأصول، ص217: «فحينئذ إن أحرزنا كون أحد المقتضيين أهمّ فلنقدّمه»‌منتهى الدراية، ج‌3، ص51: «أي في الدلالة على فعلية الحكم، فيؤخذ بالأظهر في هذه الدلالة و إن كان الآخر أظهر في غيرها»كفاية الأصول، ص457: «إن هذا كلّه إنما هو بملاحظة أن هذا المرجح مرجح من حيث الجهة و أما بما هو موجب لأقوائية دلالة ذيه من معارضه لاحتمال التورية في المعارض المحتمل فيه التقية دونه فهو مقدم على جميع مرجحات الصدور بناء على ما هو المشهور من تقدم التوفيق بحمل الظاهر على الأظهر على الترجيح بها اللهم إلا أن يقال: إن باب احتمال التورية و إن كان مفتوحاً فيما احتمل فيه التقية إلا أنه حيث كان بالتأمل و النظر لم يوجب أن يكون معارضه أظهر بحيث يكون قرينة على التصرف عرفاً في الآخر فتدبّر»بداية الوصول، ج‌9، ص211: «لعلّه إشارة إلى أن القرينة العقلية في المقام و إن لم توجب أظهرية في مقام الدلالة، إلا أن المناط لتقديم هذا المرجح على المرجحات موجود لأجلها، لأن التقدم في مقام تحقق الأظهرية إنما هو لقوّة الأظهر و ضعف الظاهر، و هذا موجود في هذه القرينة العقلية، لأنها موجبة لضعف إرادة الظاهر في الخبر الموافق و قوّة إرادة الظاهر في الخبر المخالف. و الله العالم»
[15] تکملة فیها مطالب ثلاثة:المطلب الأوّل: بيان مراد المحقق الخراسانينذکر في المطلب الأول أموراً خمسة:الأمر الأول: ذکر المحقق الخراساني(قدس‌سره) ثلاثة موارد للتعارض غیر المستقر: الأول: الحکومة، الثاني: التوفیق العرفي، الثالث: قرینیة أحدهما على الآخر و منها الأظهریة مثل التخصیص و التقیید.و قد وقع المورد الثاني معرکة الآراء و الظاهر أن المحقق الخراساني جعل التوفیق العرفي قسمین:القسم الأول: التوفیق بین الدلیلین بالتصرف في أحدهما المعین و لو کان أظهر من الآخر کما في الجمع بین أدلة أحکام العناوین الأولیة و الثانویة، و القسم الثاني: التوفیق بین الدلیلین بالتصرف فیهما و مجموع الدلیلین قرینة على التصرف في کلا القسمین، ثم قال: إن الجمع بین الأمارات و الأصول الشرعیة من التوفیق العرفي. راجع دروس في مسائل علم الأصول قال في ج‌6، ص99.الأمر الثاني: المراد من غیرهما في عبارة «و یتّفق في غیرهما» دلیلا العنوانین الاولیین و دلیلا العنوانین الثانویین.و ذکروا له أمثلة:المثال الأول: أصالة الصحة و الاستصحابحاشیة سلطان العلماء على کفایة الأصول، ج7، ص13: و قول الأستاذ: «و یتفق في غیرهما» مورده في ما إذا لم یکن الموضوع في أحد الدلیلین من المفاهیم العامة في طول العناوین الأولیة بل یکونان في عرض واحد کما إذا کان الشك موضوعاً في کلیهما کأصالة الصحة بالنسبة إلى الاستصحاب بناء على کون النسبة بین الدلیلین عموماً من وجه فإن صیرورة أقلیة موارد أصالة الصحة و أکثریة موارد الاستصحاب على تقدیر تقدیم الاستصحاب على أصالة الصحة تکون وجهاً في نظر العرف في تقدیم دلیل أصالة الصحة على دلیل الاستصحاب ... فهذا أیضاً جمع عرفي في غیر العناوین العامة الطولیة و العناوین الخاصة»المثال الثاني: «أما الحوادث الواقعة فارجعوا فیها إلى رواة حدیثنا» و ما دلّ على إذن الشارع في کلّ معروف لکلّ أحدشرح الشیخ عبد الحسین الرشتي على کفایة الأصول، ج2، ص312: «من ذلك ما صرّحوا به من أن النسبة بین التوقیع المروي في کمال الدین ... "و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فیها إلى رواة حدیثنا" ... و بین العمومات الظاهرة في إذن الشارع في کلّ معروف لکلّ أحد ... و إن کانت عموماً من وجه إلا أن الظاهر حکومة التوقیع علیهـا و کونها بمنزلة المفسّر الدال على وجوب الرجوع إلى الإمام أو نائبه في الأمور العامة التي یفهم عرفاً دخولها تحت الحوادث الواقعة و تحت عنوان الأمر في قوله: (و أولي الأمر)».المثال الثالث: أکرم العلماء و لاتکرم الفسّاقحقائق الأصول، ج‌2، ص553 في التعلیقة على قوله: «في غيرهما»: «أي غير أدلة أحكام العناوين الأولية و الثانوية فيتصرّف فيهما أيضاً بذلك التصرف فيحمل أحدهما على الاقتضاء و الثاني على المانعية مثل: أكرم العلماء و لاتكرم الفسّاق»منتهى الدراية، ج‌8، ص35: «معطوف على مطرد يعني: كما يتّفق التوفيق العرفي بالتصـرف في خصوص أحد الدليلين في غير أدلة أحكام العناوين الأولية و الثانوية، كما إذا كان أحد العنوانين بنظر العرف -و لو بمناسبة الحكم و الموضوع- مقتضياً للحكم و الآخر مانعاً عنه، نظير ما قيل‌ من: «أكرم العلماء و لا تكرم الفسّاق» فإن العرف يقدم حرمة الإكرام في العالم الفاسق على وجوب إكرام العلماء، لما يراه من كون العلم مقتضياً لوجوب الإكرام و الفسق مانعاً عنه مع عدم كون أحد العنوانين في طول الآخر كالعنوان الأولي و الثانوي»مناقشة في هذا المثال:منتهی الدرایة، المصدر السابق: «لايخلو من غموض، إذ كما يكون العلم مقتضياً لوجوب الإكرام كذلك يكون الفسق مقتضياً لحرمته، فيندرج مورد الاجتماع في تعارض المقتضيين، فلابدّ من إجراء أحكام التعارض فيهما، و لا مجال للتوفيق العرفي بينهما بحمل «أكرم العلماء» على الحكم الاقتضائي و «لاتكرم الفسّاق» على الحكم الفعلي، فيندرج مثل هذا المثال فيما اشتمل عليه بعض الأخبار العلاجية من الخبرين اللذين أحدهما يأمر و الآخر ينهى»المثال الرابع: لزوم الضرر من حفر بالوعة في ملکه و لزوم الحرج من عدم حفره و الأمر بإنقاذ زیدٍ العامي و إنقاذ عمروٍ العالمعنایة الأصول، ج6، ص7 في التعلیقة على قوله: «و يتّفق في غيرهما كما لايخفى: «أي و قد يتفق التوفيق العرفي في غير الأدلة المتكفلة لبيان أحكام الموضوعات بعناوينها الأولية مع الأدلة المتكفلة لبيان أحكامها بعناوينها الثانوية كما إذا اتفق ذلك بين دليلي العنوانين الثانويين كدليل نفي العسر و دليل نفي الضرر و قد تقدم ذلك من المصنف في ذيل قاعدة: «لا ضرر و لا ضرار» و مثلنا له بما إذا دار الأمر بين لزوم الضرر أو الحرج فإن حفر المالك بالوعة في ملكه تضرر بها الجار و لا ضرر و لا ضرار و إن لم يحفرها وقع المالك بنفسه في الحرج الشديد (وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، و قد يتّفق ذلك بين دليلي العنوانين الأوليين كما إذا أمر بإنقاذ زيد العامي و أمر أيضاً بإنقاذ عمرو العالم و قد غرقا دفعة واحدة و لم يتمكن المكلف من الجمع بين إنقاذيهما جميعاً. و بالجملة إن التوفيق العرفي الذي قد صرّحنا في ذيل قاعدة نفي الضرر أن مرجعه إلى ترجيح أحد الدليلين بأقوائية المناط و أهمية المقتضي قد يكون بين العنوانين الأوليين و قد يكون بين العنوانين الثانويين و قد يكون بين العنوان الأولي و الثانوي و في الأخير تارة يقدم الثانوي على الأولي كما هو الأغلب و أخرى يقدم الأولي على الثانوي و هو النادر و قد مثلنا له فيما تقدم كما أشير آنفاً بحرمة قتل المؤمن المقدمة على الحرج و الضرر و أخواتهما من العناوين الثانوية جميعاً إلا الخطأ و النسيان و ما لايعلمون»المثال الخامس: ما دلّ على انفعال الماء القلیل بالملاقاة و ما دلّ على عدم انفعال الماء ذي المادة بهامنتهی الدرایة، ج8، ص36: «يمكن التمثيل للتوفيق العرفي بما دلّ على انفعال الماء القليل بالملاقاة و ما دلّ على عدم انفعال الماء ذي المادة بها، فإن مورد الاجتماع- و هو القليل ذو المادة- محكوم بعدم الانفعال، إذ المادة بنظر العرف كالكرية من موانع الانفعال، فيقدم على أدلة الانفعال مع عدم طولية القلة و المادة كالعنوان الأولي و الثانوي، لكونهما في عرض واحد، و مع ذلك يوفق العرف بينهما بحمل انفعال القليل بالملاقاة على الحكم الاقتضائي، و حمل عدم انفعال ذي المادة على الحكم الفعلي»الأمر الثالث: ذکروا للتوفیق العرفي بالتصرف فیهما في القسم الثاني أمثلةالمثال الأول:حقائق الأصول، ج2، ص553 في التعلیقة على قوله: «أو بالتصـرف فيهما»: «كما لو قال: إفعل، ثمّ قال: لاتفعل، حيث يحمل الأول على الاستحباب و الثاني على نفي الإلزام، و لو كان المتقدم لاتفعل حمل على الكراهة و حمل إفعل على الرخصة و لو جهل التاريخ فهما متعارضان»المثال الثاني:حاشیة سلطان العلماء على کفایة الأصول، ج7، ص14: «إذا ورد عامّان متباینان و کان في کلّ منهما قدر متیقن مرکوز في أذهان العرف کان مجموعهما قرینة على التصرف فیهما فیحمل کل واحد منهما على ذلك فإذن یرتفع التنافي بینهما مثلاً لو سئل عن المولى هل یجب إکرام العالم العادل؟ فقال: أکرم العلماء، و سئل عنه في مجلس آخر: هل یجب إکرام العالم الفاسق؟ فأجاب بأنه لاتکرم العلماء فالقدر المتیقن المرکوز في الذهن یصیر قرینة على التصـرف فیهما معاً فیحملان على وجوب إکرام العالم العادل و حرمة إکرام العالم الفاسق و هذا بخلاف ما إذا کان هناك قدر متیقن غیر مرکوز في الأذهان کما في: «ثمن العذرة سحت» و «لا بأس ببیع العذرة» ... و لایذهب علیك أن القدر المتیقن إذا فهم من نفس الدلیلین و کان هو القدر المتیقن في مقام التخاطب بحیث یصحّ الاتکال علیه في بیان تمام مرامه لم یکن إطلاق في مدخول أداة العموم لأنها تفید العموم في مقدار مدخوله و مهما لم یکن هناك إطلاق فیه لم تمس الحاجة إلى الجمع بالتصرف في الدلیلین إذا لیس هناک ظهوران متخالفان»شرح الشیخ عبد الحسین الرشتي على کفایة الأصول: «"فیکون مجموعهما قرینة على التصـرف فیهما" و لو من جهة الاحتفاف بالقرائن کما إذا کان کل منهما أظهر من جهة و ظاهراً من أخری نحو: أکرم العلماء و لاتکرم العلماء، و فرض کون مورد السؤال في الأول العالم العادل و في الثاني الفاسق فإن الأول حینئذ نص في العادل و الثاني في الفاسق و کل منهما ظاهر في الآخر و ذلك لعدم إمکان التخصیص بإخراج المورد» المثال الثالث:منتقی الأصول، ج7، ص283: «قد يذكر لذلك ما إذا ورد الدليل على وجوب شي‌ء، و ورد الآخر على وجوب غيره، فإنه بملاحظتهما معاً يحملان على بيان الوجوب التخييري، و تلغى خصوصية التعيين المستفادة بالإطلاق من كل منهما، الموجبة لحصول التنافي بين الدليلين»مناقشة في هذا المثال:منتقی الأصول، المصدر السابق: «هذا في الحقيقة من باب تقديم النص على الظاهر، لأن كلاً منهما نص في الوجوب، ظاهر في التعيين بواسطة الإطلاق، فظاهر كل منهما ينافي نص الآخر. فالمثال من موارد تقديم النص على الظاهر، و ما يكون أحدهما قرينة على التصرف في الآخر و قد يجعل هذا المورد من موارد تعارض الإطلاقين، و القاعدة تقتضي التساقط، برفع اليد عن إطلاق كل منهما المقتضي للتعيين. و عليه لايكون المورد من موارد الجمع العرفي أصلاً، بل هو نظير تعارض العامين من وجه و تساقطهما في المجمع»المثال الرابع:في عنایة الأصول، ج6، ص8 في التعلیقة على قوله: «أو بالتصرف فيهما»: «إن التصرف فيهما على نحو كان مجموعهما قرينة على التصرف فيهما هو كما في قوله(علیه‌السلام) في رواية يعقوب بن شعيب: «ثمن العذرة سحت» و قوله(علیه‌السلام) في رواية محمد بن المصادف: «لا بأس ببيع العذرة» قال الشيخ أعلى الله مقامه في المسألة الثانية من مسائل الاكتساب بالأعيان النجسة ما لفظه: و قد جمع الشيخ بينهما يعني به الطوسي رضوان الله عليه بين الروايتين بحمل الأول على عذرة الإنسان و الثاني على عذرة البهائم ثم قال: و لعلّه لأن الأول نص في عذرة الإنسان ظاهر في غيرها بعكس الخبر الثاني فيطرح ظاهر كل بنص الآخر انتهى»منتهى الدراية، ج‌8، ص35: «مثل له بما ورد من «أن ثمن العذرة سحت» و «لا بأس بثمن العذرة» بتقريب: أن العرف يوفق بينهما بحمل العذرة في الأول بمناسبة الحكم و الموضوع على عذرة الإنسان، و في الثاني على عذرة البهائم، فإن الحرمة تناسب عذرة الإنسان لنجاستها، و الجواز يناسب عذرة البهائم لطهارتها، فيكون العذرة في دليل الحرمة كالنص في عذرة الإنسان و ظاهراً في عذرة غيره، و في دليل الجواز كالنص في عذرة البهائم و ظاهراً في عذرة الإنسان، فيرفع اليد عن ظاهر كل منهما بنص الآخر، فتكون النتيجة حرمة بيع عذرة الإنسان و جواز بيع عذرة غيره، هذا ما قيل»مناقشة في هذا المثال:شرح الشیخ عبد الحسین الرشتي على کفایة الأصول: «فیه تأمل لأن ملاك النصوصیة هو کون اللفظ بحسب مدلوله نصاً و لو من جهة القرائن کما مثلناه من قرینة مورد السؤال و في اللفظین المذکورین في الروایة لیس کذلك. غایة الأمر أنه على فرض حرمة البیع یکون عذرة غیر مأکول اللحم أو خصوص عذرة الإنسان قدراً متیقناً کما أنه على فرض الجواز یکون عذرة الحیوان المأکول اللحم قدراً متیقناً خارجیاً و هذا غیر کاف في القرینیة» في عنایة الأصول، ج6، ص9: «أقول: ليس الأول نصاً في عذرة الإنسان و لا الثاني نصاً في عذرة البهائم كي يؤخذ في كل منهما بنصه و به يرفع اليد عن ظاهر الآخر و يندرج ذلك تحت حمل الظاهر على النص و يكون من الجمع العرفي المقبول»منتهی الدرایة، ج8، ص36: «الظاهر أن من قال بهذا الجمع في المثال المذكور أراد أن يدرجه في باب النص و الظاهر و جعل الأول قرينة على التصرف في الثاني. لكن الظاهر أجنبية المثال عنه، لكون التيقن الذي أريد به النص هنا ناشئاً من أمر خارجي و هو الحكم، لا من نفس اللفظ مع الغضّ عما يترتب عليه من الحكم، و المفروض أن لفظ "العذرة" في كلا الدليلين أما نص في معنى و إما ظاهر فيه، و لايمكن أن يكون في أحد الدليلين نصاً في معنى و في الآخر نصاً في معنى آخر. إلا أن يلحق التيقن الخارجي بالنص الذي نشأت نصوصيته من نفس اللفظ و لكن هذا الإلحاق يحتاج إلى الدليل، و مع فرض عدم الدليل على الإلحاق يكون مقتضى الجمع الدلالي بينهما الحمل على الكراهة الشديدة لو لم يقم دليل على خلافه، و لم يثبت اختصاص موارد استعمال "السحت" بخصوص الحرام».المثال الخامس: دروس في مسائل علم الأصول، ج‌6، ص99: «كما إذا قام خبر بوجوب صلاة الجمعة يومها، و خبر آخر بوجوب صلاة الظهر فيها فيلتزم بوجوب الصلاتين تخييراً برفع اليد عن ظهور كل منهما في التعين بقرينة صراحة الآخر في الإجزاء»الأمر الرابع: الفرق بین التوفیق العرفي بالتصرف في أحدهما المعین و الأمر الثالثدروس في مسائل علم الأصول، ج6، ص110: «لايقال: ما الفرق بين القسم الثاني من موارد الجمع العرفي حيث يكون مجموع الخطابين قرينة على التصـرف في أحدهما المعين و القسم الثالث الذي يكون فيه أحدهما المعين قرينة على الآخر، ككون خطاب الخاص قرينة على المراد الجدي من العام، و خطاب المقيد قرينة على المراد من المطلق فإنه يقال: بما أن خطاب الخاص أو المقيد يعدّ قرينة على العام أو المطلق، لكونهما أظهر بالإضافة إلى خطابهما فلاتكون قرينية خطاب الخاص أو المقيد مختصة بمورد دون مورد، بخلاف ما إذا كانت ملاحظة الخطابين قرينة على التصرف في الآخر، فإنه ليس كل مورد يكون أحد الخطابين الحكم فيه بالعنوان الأولي و الآخر بالعنوان الثانوي يقدم ما كان الحكم فيه بالعنوان الثانوي على ما كان فيه الحكم بالعنوان الأولي، بل ربما يكون الأمر بالعكس، فيقدم ما كان الحكم فيه بالعنوان الأولي، كما إذا ورد في أحد الخطابين: «إغسل ثوبك من أبوال ما لايؤكل لحمه» و ورد في خطاب آخر: «لا بأس بخرء الطائر و بوله» فمقتضى الخطاب الأول نجاسة بول الطائر غير المأكول لحمه و هذا بالعنوان الثانوي، و مقتضى الخطاب الثاني طهارته، و مع ذلك يقدم ما دل على طهارة بول الطائر و لو كان بالعنوان الأولي، للزوم اللغوية على تقدير تقديم خطاب نجاسة بول ما لايؤكل لحمه، فملاحظة قرينية مجموع الخطاب على التصـرف في أحدهما المعين غير كون أحدهما المعين قرينة على الآخر في كل مورد»منتهى الدراية، ج‌8، ص53: «الفرق بين المقام و التوفيق العرفي هو: أن تقديم أحد الدليلين على الآخر هناك إنما يكون لجهات خارجية كمناسبة الحكم للموضوع، و قرينية العنوان الثانوي للتصرف في الدليل المشتمل على العنوان الأولي، بخلافه هنا، فإن تقديم أحد الدليلين على الآخر فيه إنما هو بملاحظة حالات اللفظ من النصوصية و الأظهرية»الأمر الخامس: اختلف في قوله: «و لو کان الآخر أظهر» على قولین:القول الأول: الصواب «و لو کان من الآخر أظهر» و نحوهكفاية الأصول مع حواشي المحقق المشكيني، ج‌5، ص123 في التعلیقة على قوله قدس سره: «و لو كان الآخر أظهر»: «لايخفى أن حق العبارة حذف كلمة الآخر أو تبديل كلمة أظهر بكلمة أضعف»حاشیة سلطان العلماء على کفایة الأصول، ج7، ص15 في التعلیقة على قوله: «في أحدهما المعین و لو کان من الآخر أظهر»: «أقول: النسخ مختلفة و في بعضها هکذا، و هذا هو الصحیح، و في بعضها «و لو کان الآخر أظهر» بإسقاط کلمة «من» الجارة، و هذه لیست بصحیحة لأنها تدل على خلاف المراد إذ المراد أنه یتصرف في خصوص أحدهما و یحمل على خلاف ظاهره و لو کان أظهر من الآخر کما في أدلة الأصول التعبدیة فإنها مشتملة على أدوات العموم فتکون أظهر من أدلة الأمارات الخالیة عنها و مع ذلك یقدم الأمارة علیها لأنها حجة على الإطلاق فلایکون رفع الید عن الاستصحاب نقضاً بالشك حتی یکون محرماً بل هو نقض بالحجة عند أهل العرف لا نقض بالشك فتکون أظهریة دلیل الأصل ملقاة في نظرهم... فظهر مما ذکرنا أن هذه العبارة في النسخة الأخری غیر صحیحة و في نسخة ثالثة «لو کان الآخر أظهر» بإسقاط کلمة الواو و هذه أیضاً غیر صحیحة لأن الأستاذ سیتعرّض في ذیل کلامه لتقدیم الأظهر على الظاهر و ذا لاجل المزاحمة مع الحجیة و ذلك لاجل إعدام الموضوع فشتّان ما بین المرحلتین»شرح الشیخ عبد الحسین الرشتي على کفایة الأصول، ج2، ص312 في التعلیقة على قوله: «و لو کان من الآخر أظهر»: «کلمة لو وصلیة»حاشیة العلامة على الکفایة، ج2، ص283: «لفظ الآخر في قوله و لو كان الآخر أظهر اه زائد مستدرك كأنه من سهو القلم»منتهى الدراية، ج‌8، ص37: «لا يخفى اختلاف نسخ الكفاية في المقام، ففي بعضها "و لو كان الآخر أظهر" و في بعضها "لو كان الآخر أظهر" بإسقاط الواو، و في بعضها كحاشية العلامة الرشتي(قدس‌سره): "و لو كان من الآخر أظهر" و هذا هو الصواب و الملائم لكلمة "و لو" الوصلية على تقدير اشتمال العبارة عليها، لدلالتها على الفرد الخفي. إذ مقتضـى القاعدة التصـرف في الدليل الظاهر بقرينة الدليل الأظهر، فالتصـرف في الأظهر يعدّ فرداً خفياً من التوفيقات العرفية بين الدليلين، و مقتضى الإيجاز إسقاط كلمة "من الآخر" بأن يقال: "و لو كان أظهر" و لو كانت عبارة المتن هكذا: "أو في أحدهما المعين لو كان الآخر أظهر" كان المراد بها العام و الخاص و المطلق و المقيد و غيرهما من الدليلين اللذين يكون أحدهما أظهر من الآخر، فإن المتعين حينئذ التصرف في غير الأظهر. و الظاهر بل المعلوم عدم إرادة مثل العام و الخاص من هذه العبارة، لأنه صرح بخروج العام و الخاص و المطلق و المقيد و مثلهما بعد ذلك بقوله: "و لا تعارض أيضاً إذا كان أحدهما قرينة على التصرف في الآخر ... مثل العام و الخاص و المطلق و المقيد أو مثلهما" إلخ، فالمتعين أن يكون الصواب ما ضبطه العلامة الرشتي(قدس‌سره) و قد تقدم آنفاً»القول الثاني: الصواب «لو کان الآخر أظهر» و نحوهعناية الأصول، ج‌6، ص12 في التعلیقة على قوله «لو كان الآخر أظهر»: «قد أشرنا قبلاً أن الأولى كان أن يقول لو كان الآخر نصاً أو أظهر فتذكر».المطلب الثاني: وجوه خمسة ذکرت في کلمات المحشین یمکن أن تُستشکلالوجه الأول: المراد من التوفیق العرفي الورودقال العلامة الطباطبائي في حاشية الكفاية، ج‌2، ص281 في التعلیقة على قوله «أو كانا على نحو إذا عرضا»: «يريد بهذا القسم و الذي يليه بيان حقيقة الورود»ثم ناقش فیه و قال: «و فيه أولاً أن هذا لا يلائم ما صرح به كراراً أن الورود رفع أحد الدليلين موضوع الآخر فإن ذلك وصف لاحق لذات المدلول لا من حيث جهة الدلالة فلا معنى لإرجاع الأمر إلى العرف و انتظار توفيقه إذ العرف لا شأن له إلا تشخيص المفاهيم دون تشخيص اقتضاءات أقسام الجعل»و یمکن أن یقال: إن من مصادیق التوفیق العرفي عند المحقق الخراساني بعض أقسام الورود لا أن مراد صاحب الکفایة من التوفیق العرفي الورود.الوجه الثاني: جعل صاحب الکفایة التوفیق العرفي أقساماً ثلاثةیمکن أن یقال: إن في عبارة المحقق الخراساني «وفق بينهما بالتصرف في خصوص أحدهما ... أو بالتصرف فيهما فيكون مجموعهما قرينة على التصرف فيهما أو في أحدهما المعين» في بدوّ الأمر احتمالات ثلاثة: الأول: «في أحدهما المعین» معطوف على «فیهما» المذکور قبل «أو» و «یکون» متفرع على «وفق بالتصرف فیهما» و فیه أنه لایصح تفریع «التصرف في أحدهما المعین» على «التصرف فیهما»، الثاني: «في أحدهما المعین» معطوف على «فیهما» المذکور قبل «أو» و «یکون» متفرع على «وفق بالتصرف في خصوص أحدهما أو بالتصرف فیهما» على نحو اللف و النشر غیر المرتب، الثالث: «في أحدهما المعین» معطوف على «فیهما» المذکور قبل «فیکون»، و فیه: أنه على هذا تکرار لعبارة «التصرف في خصوص أحدهما»و الاحتمال الثاني متعین فهو یذکر قسمین لا أقساماً ثلاثةو في هذا الوجه بیانات:البیان الأول: قال العلامة الطباطبائي في حاشية الكفاية، ج2، ص282 في التعلیقة على قوله «أو كانا على نحو إذا عرضا»: «يريد ... بيان ... أنه كون الدليلين بحيث إذا عرضا على العرف وفق بينهما بجعل أحدهما قرينة على التصرف في الآخر أو جعل كليهما قرينة على التصرف في كليهما أو في أحدهما المعين»البیان الثاني:جعل في عنایة الأصول، ج6، ص6 القسم الأول حمل أحدهما على الاقتضاء و الآخر على العلیة التامة، و القسم الثاني الجمع بين الدليلين فيما كان كل منهما أظهر من صاحبه عرفاً في صنف خاص، و القسم الثالث حمل الظاهر على الأظهرقال: «إن مراده من التوفيق بينهما بالتصـرف في خصوص أحدهما كان هو التوفيق العرفي المصطلح كما عرفت و مراده من التوفيق بينهما بالتصرف فيهما إلخ لو تمّ هو أحد مصاديق حمل الظاهر على الأظهر» و قال: «سيأتي الإشارة إلى ذلك [حمل الظاهر على الأظهر] بقوله: أو في أحدهما المعين لو كان الآخر أظهر ... إلخ و إن كان الأولى أن يقول هكذا لو كان الآخر نصاً أو أظهر»و جعل هذا المحقق -کما یستفاد من عباراته- أحد الدلیلین قرینة على التصـرف في الآخر في القسم الأول و الثالث کلیهما و لکن یمکن أن یقال: صریح العبارة أن في القسم الثالث -بناء على وجود أقسام ثلاثة- مجموع الدلیلین قرینة على التصرف في أحدهما المعین البیان الثالث:منتهى الدراية، ج‌8، ص33: «هذا هو التوفيق العرفي و الحكومة العرفية بنظر المصنف، لا الحكومة الاصطلاحية المنوطة بكون أحدهما ناظراً إلى الآخر و شارحاً له و قد ذكر لهذا التوفيق العرفي فرضين: أحدهما: توفيق العرف بين الدليلين- المتعارضين بدواً- بالتصـرف في أحدهما، و ثانيهما: بالتصرف في كليهما» و قال في ص35 في التعلیقـة على قولـه: «أو بالتصرف فیهما»: «معطوف على "بالتصرف في خصوص أحدهما" و بيان للفرض الثاني للتوفيق العرفي و الحكومة العرفية، و لهذا الفرض صورتان، إحداهما: كون مجموع الدليلين قرينـة على التصرف في كليهما، و ثانيتهما: كون مجموعهما قرينة على التصرف في أحدهما المعين»و یمکن أن یقال: -بناء على وجود أقسام ثلاثة- للفرض الأول صورتان و للفرض الثاني صورة واحدةو قال في منتهی الدرایة، نفس المصدر السابق أیضاً: «و كيف كان فقد أخرج المصنف(قدس‌سره) موارد عديدة عن باب التعارض ... ثانيها: التوفيقات العرفية التي منهـا: التصرف في أحد الدليلين بالخصوص كما في أدلة أحكام العناوين الأوليـة، فإن المطـرد هـو التصرف فيها بحملها على الاقتضائية، و إبقاء أدلة أحكام العناوين الثانوية على ظاهـرها من الفعليـة و منها: التصرف في كلا الدليلين و منها: التصرف في أحدهما المعين و إن كان أظهر من الآخر من حيث الدلالة، و ذلك لجهة خارجية توجب ذلك كلزوم عدم مورد أو قلّته للدليل الآخر الظاهـر لو لم يتصرف في الأظهر»و في المراد من القسم الثالث -عند القائلین بوجود أقسام ثلاثة- وجوه: الأول: الدلیلان اللذان جعل العـرف کلیهما قرینـة على التصرف في أحدهما المعین (و في القسم الأول جعل العرف أحدهما قرینة على التصرف في الآخر) کما أفاده العلامة الطباطبائي. الثاني: التصرف في الظاهر بقرینة الأظهر أو النص کما أفاده في عنایة الأصول. الثالث: التصرف في الأظهر بقرینة الظاهر إذا لزم من التصرف في الظاهر قلّة المورد أو عدمهمنتهى الدراية، ج‌8، ص36: «حاصلها أنه قد يوفق العرف بين الدليلين بالتصرف في أحدهما المعين و إن كان أظهر من الآخر، كما إذا لزم من التصرف في الدليل غير الأظهر قلّة المورد له أو عدمه، كما إذا قال: «أكرم الأمير و لاتكرم الفسّاق» فإن دلالة الثاني على معناه و إن كانت بسبب الوضع أظهر من دلالة الأول على معناه لكونه بالإطلاق، لكن الدليل الأول يقدم عليه في مورد الاجتماع- و هو الأمير الفاسق- و يحكم بوجوب إكرامه، إذ التصرف في «أكرم الأمير» بعدم وجوب إكرام الأمير الفاسق يوجب قلّة أفراده، و اختصاص وجوب الإكرام بالأمير العادل، و هو إما معدوم و إما نادر ملحق به، فلا محيص حينئذ من التصـرف في «لاتكرم الفساق» مع أظهريته، و إخراج الأمير الفاسق عن دائرته»الوجه الثالث: المراد من القسم الأول التوفیق بحمل أحدهما على الاقتضاء و الآخر على العلیة التامةقال في عناية الأصول، ج‌6، ص5 في التعلیقة على قوله: «أو كانا على نحو إذا عرضا على العرف وفق بينهما»: «بحمل أحدهما على الاقتضاء و الآخر على العلية التامة و قد تقدم شرح التوفيق العرفي كما أشير آنفاً في آخر بحث الاشتغال في ذيل قاعدة لا ضرر و لا ضرر فراجع»و یمکن أن یقال: إن التوفیق بهذا النحو من مصادیق التوفیق بین الدلیلین بالتصرف في أحدهما المعین و لاینحصر هذا القسم في التوفیق بهذا النحو الوجه الرابع: المراد من القسم الأول من التوفیق العرفي و الأمر الثالث واحدنهاية النهاية، ج‌2، ص246 في التعلیقة على قوله: «هذا و لا تعارض أيضاً»: «لايخفى أن هذا تكرار، و قد تقدم قوله: أو كانا على نحو إذا عرضا على العرف وفق بينهما بالتصـرف في خصوص أحدهما و هذا الذي ذكره هنا مندرج تحته، و ليس مراده من ما ذكره هناك، ما كان اجتماعهما قرينة، على التصرف في خصوص أحدهما، حتى يمتاز هذا عنه، بكون أحدهما فيه قرينة على الآخر، و ذلك لأن صورة قرينية الاجتماع للتصـرف في خصوص أحدهما المعين ذكرها بعد ذلك»و قال العلامة في حاشیة الکفایة، ج2، ص282: «و فیه ... ثانياً أن هذا القسم من الورود و هو توفيق العرف بينهما بالتصرف في أحدهما إن كان لجعله الآخر قرينة على هذا التصـرف فيكون توفيقه لجعله أحدهما قرينة على التصرف في الآخر فيتّحد مع النسبة بين الظاهر و الأظهر على ما سيجي‌ء من قوله و لا تعارض أيضاً إذا كان أحدهما قرينة على التصـرف في الآخر اه و إن كان التوفيق غير متكئ على القرينة كان فهما من غير دلالة و هو ظاهر الفساد»و في عنایة الأصول، ج6، ص6: «هذا مضافاً إلى أنه لو قلنا بأن التوفيق العرفي عبارة عن كون الدليلين على نحو إذا عرضا على العرف وفق بينهما بالتصرف في خصوص أحدهما [في قبال التصرف فیهما] لم يبق فرق بينه و بين حمل الظاهر على الأظهر كما في العام و الخاص و نحوهما فإنهما ليسا إلا كذلك أي يتصرف في خصوص أحدهما أي الظاهر بقرينة الأظهر فيحمل عليه» إلخ.جواب عن هذا الوجه: نهایة النهایة، ج2، ص246: «لايبعد أن يكون مراده مما ذكره هناك، أن يكون أحدهما قرينة على التصرف في الآخر بحكم العرف، تعبداً، لا بملاك الأظهرية، كما في العناوين الثانوية و الأولية، فيمتاز حينئذ عن ما هنا، بأن ذلك بمناط الأظهرية»و في عنایة الأصول، ج6، ص6: «اللهم إلا أن يقال: إن كلاً من التوفيق العرفي و حمل الظاهر على الأظهر و إن كان تصرفاً في خصوص أحد الدليلين لا في كليهما و لكن في التوفيق العرفي يكون الأقوى ملاكاً هو القرينة على التصرف في الآخر و أنه بنحو الاقتضاء و في حمل الظاهر على الأظهر يكون الأظهر هو القرينة على التصرف في الآخر و إن المراد منه ما لا ينافي الأظهر»مناقشة في هذا الجواب:نهایة النهایة، ج2، ص246: «قد عرفت: أن الجمع في جميع صوره، حتى صورة الحكومة، بمناط الأظهرية و الأخذ بالأظهر و ترك الظاهر».الوجه الخامس: المراد من القسم الثالث من التوفیق العرفي –بناء على وجود اقسام ثلاثة- و الأمر الثالث واحدحقائق الأصول، ج2، ‌553 في التعلیقة على قوله: «أو في أحدهما المعين»: «كالعام و الخاص و المطلق و المقيد و غيرهما مما كان أحدهما أظهر فيتعين التصرف في غيره».عناية الأصول، ج‌6، ص17 في التعلیقة على قوله: «هذا و لا تعارض أيضاً إذا كان أحدهما قرينة على التصرف في الآخر كما في الظاهر مع النص أو الأظهر»: «قد تقدم الإشارة إلى ذلك بقوله: أو في أحدهما المعين و كأن الإعادة لزيادة التوضيح و البيان».المطلب الثالث: مناقشات سبع في کلام المحقق الخراساني(قدس‌سره)المناقشة الأولى: لا معنی للحکم الاقتضائي.منتقی الأصول، ج7، ص284: «فيه تأمل لوجهين: الأول: إن الحكم الاقتضائي بمعنى لا معنى له فيما نحن فيه، و بمعنى آخر لايلتزم به صاحب الكفاية. بيان ذلك: إنه إن أريد بالحكم الاقتضائي ما هو المشهور المصطلح للوجود الاقتضائي للشي‌ء، و هو أن المقتضـى- بالفتح- بوجود مقتضية، و ينسب إليه الوجود مسامحة و بالعرض، فالحكم موجود لوجود مقتضية فهذا لا معنى له في الفرض ... و إن أريد به كونه ذا مصلحة يقتضـي تحققها، فهو ذو اقتضاء للتحقق باعتبار وجود المصلحة في متعلقه فهو غير معقول ... و إن أريد به الحكم الطبعي الذي هو عبارة عن ثبوت الحكم لذات الموضوع بلا لحاظ عوارضها الخارجية، فالموضوع مهمل في مقام الإثبات ... و يكون الدليل الدال على نفي الحكم عن الفرد الخاص مخصصاً للموضوع فهو و إن كان معقولاً إلا أنه (قدس سره) لايلتزم به ... الثاني: أنه مع التنزل و التسليم بوجود معنى معقول للحكم الاقتضائي لا محذور فيه فما ذكره من الحمل العرفي المذكور يحتاج إلى إقامة الدليل عليه ... و التحقيق: هو التفصيل بين ما يكون دليل حكم العنوان الأولي متكفلاً لحكم اقتضائي كالوجوب، و ما يكون الدليل متكفلاً للإباحة، ففي الأول يقع التعارض بين دليل الحكم الأولي و دليل الحكم الثانوي و لا وجه لحمل الأول على الحكم الاقتضائي في الثاني، فالتفت».المناقشة الثانیة: لیس تقدم دلیل نفي الضرر و نظائره على الأحکام الأولیة لأجل التوفیق العرفي بینهما بتقدم العنوان الثانوي على الأولي.مباني الأحكام، ج‌3، ص228: «قد قيل كما في الكفاية: إن من موارد الجمع العرفي هو الأخذ بالعنوان الثانوي حين تعارضه للعنوان الأولي‌، و الحق أنه من قبيل الخلط بين المفهوم و المصداق، لأنه يرى تقدم مثل دليل نفي الضرر و الحرج على الأحكام الأولية و تقدم دليل النذر و العهد و اليمين و الشرط في مواردها بالنسبة إلى العناوين الأولية، لكن ليس ذلك لأجل العنوان الثانوي و الأولي، بل من جهة الحكومة أو اجتماع الحكم اللا‌اقتضائي للاقتضائي أو ظهور الحكم في العنوان الأولي في كونه حيثياً أو كون الحكم المتعلق بالعنوان الثانوي مخصصاً بالنسبة إلى مجموع العناوين الأولية كما أن «لا ضرر» كذلك، فإنه و لو لم يكن حاكماً لا إشكال في كونه مخصصاً، لأنه بالنسبة إلى مجموع الأحكام يكون من قبيل المخصص و إن كان بالنسبة إلى كل حكم تكون النسبة هي العموم من وجه ... ».زبدة الأصول، ج‌6، ص262: «فيه أنه إن أريد من الحكم الاقتضائي مقتضى الحكم، فمضافاً إلى أنه خلاف الظاهر: إذ الظاهر من الدليل كونه في مقام بيان الحكم لا كونه جملة خبرية، أن لازمه عـدم لزوم امتثال الحكـم في غير مـورد الضرر مثلاً أيضاً: لأن وجود الملاك بنفسه لايوجب لزوم الامتثال إذ حينئذ يحتمل عدم التكليف لوجود المانع و إن أريد به حمله على الفعلية الناقصة فيرد عليه أن فعلية الحكم و عدمها أجنبيتان عن المولى بالمرة بل تدوران مدار تحقق الموضوع بجميع قيوده، و عدمه، فمع التحقق لايعقل عدم فعلية الحكم و مع عدمه لايعقل الفعلية. و عليه فإن لم يؤخذ العنوان الثانوي مانعاً في مقام الجعل، لايعقل دخل عدمه في الفعلية و قد مرّ أن تقدم الأدلة النافية للعسر و الحرج، و الضرر، و الاكراه، و الاضطرار مما يتكفل لأحكام الموضوعات بعناوينها، الثانوية على الأدلة المتكفلة لبيان أحكام الموضوعات بعناوينها الأولية ليس من باب التوفيق، بل إنه إنما يكون للحكومة».المناقشة الثالثة: ظاهر عبارة الکفایة في ذیل قاعدة لا ضرر أن التصرف في الجمع بین لا ضرر و أدلة أحکام العناوین الأولیة في کلا الدلیلین.قال في عنایة الأصول، ج6، ص6 في التعلیقة على قوله «بالتصـرف في خصوص أحدهما»: «هذا مناف لما ظهر منه في ذيل قاعدة لا ضرر و لا ضرار من كون التوفيق العرفي عبارة عن كون الدليلين على نحو إذا عرضا على العرف وفق بينهما بحمل أحدهما على الاقتضاء و الآخر على العلية التامة فإن ظاهر ذلك هو التصرف في كليهما جميعاً لا في خصوص أحدهما».و یمکن أن یقال: لا منافاة فإن التصرف یکون بالحمل على الاقتضاء فقط و العلیة التامة هو ظاهر کل دلیل.المناقشة الرابعة: لا معنی محصل للقسم الثاني و لا مصداق لهقال العلامة في حاشیة الکفایة، ج2، ص282: «و فیه ... ثالثاً أن الشق الأول من القسم الثاني و هو توفيق العرف بجعل كليهما قرينة على التصرف في كليهما لا مصداق له خارجاً فإن لازمه الورود من الجانبين أو ورود المجموع على المجموع و لا مصداق له. هذا كله مع ما في العبارة من الاختلال فإن ظاهر قوله: أو بالتصـرف فيهما فيكون اه أن يكون التصـرف في المجموع موجباً لكون المجموع قرينة على التصرف في المجموع و لا معنى محصل له ... ».منتقى الأصول، ج‌7، ص283: «الكلام فيه مع صاحب الكفاية من جهتين: الأولى: في وجود مورد للجمع العرفي غير تقديم النص أو الأظهر على الظاهر، و هو ما كانت ملاحظة كلا الدليلين موجبة للتصرف فيهما ... ».المناقشة الخامسة: لیس التوفیق العرفي بالتصرف في الدلیلین من الجمع العرفي المقبولقال في عنایة الأصول، ج6، ص9: «و كيف كان ليس الجمع بين الدليلين المتنافيين المتوقف على التصرف في كليهما هو من الجمع العرفي المقبول الذي يرتضيه أهل اللسان و أبناء المحاورة فإذا تعلق الأمر و النهي بطبيعة واحدة فورد مثلاً: أكرم العالم، و ورد أيضاً: لاتكرم العالم لم يمكن الجمع بينهما بحمل أحدهما على صنف من الطبيعة و الآخر على صنف آخر منها أو بحمل الأمر في أحدهما على الجواز و النهي في الآخر على الكراهة».و لکن أجاب عنها بعد ذلك بقوله: «ثم إنه إذا فرض في القسم الأول من الجمع الذي قد قلنا أنه غير مقبول و هو المتوقف على التصرف في كليهما جميعاً أن كلاً من الدليلين كان أظهر من صاحبه عرفاً بالنسبة إلى صنف خاص من الطبيعة اندرج الدليلان حينئذ في الظاهر و الأظهر و دخلا في الجمع العرفي المقبول و الظاهر أن مقصود المصنف في المقام من قوله أو بالتصـرف فيهما فيكون مجموعهما قرينة على التصرف فيهما ... إلخ هو هذا النحو من الجمع بين الدليلين أي فيما كان كل منهما أظهر من صاحبه عرفاً في صنف خاص ليدخلا في الظاهر و الأظهر لا أن مطلق الجمع بين الدليلين بالتصرف في كليهما جمع عرفي مقبول و لو لم يكونا كذلك و يشهد لذلك ما سيأتي منه في آخر الفصل الثاني فيقول بعد الفراغ عن بيان مقتضي القاعدة الأولية في المتعارضين و هو التساقط في الجملة على التفصيل الآتي ما لفظه: هذا هو قضية القاعدة في تعارض الأمارات لا الجمع بينها بالتصرف في أحد المتعارضين أو في كليهما كما هو قضية ما يتراءى مما قيل من أن الجمع مهما أمكن أولى من الطرح إذا لا دليل عليه فيما لايساعد عليه العرف مما كان المجموع أو أحدهما قرينة عرفية على التصرف في أحدهما بعينه أو فيهما كما عرفته في الصور السابقة يعني بها هذا المقام انتهى».و قال في موضع آخر، ج6، ص18: «قد يتفق ذلك [أي التصرف في الظاهر بقرینة الأظهر] في العامين من وجه أيضاً فيكون أحدهما أظهر من صاحبه في مادة الاجتماع فيقدم عليه أو يتفق في الحكمين المتضادين إذا تعلّقا بطبيعة واحدة فيكون أحدهما أظهر من صاحبه في بعض الأفراد و الآخر أظهر منه في البعض الآخر فيتصرّف في ظاهر كل بالأظهر»المناقشة السادسة: ذکر المحقق الخراساني الجمع بین الأمارات و الأصول الشرعیـة بالتوفیق العرفي و صرح في الاستصحاب بالورودمنتهی الوصول، ص257: «المصنف مع اختياره الورود في الاستصحاب اختار في المقام الحكومة العرفية، حيث يقول: و لذلك تقدم الأمارات المعتبرة إلخ لكون الظاهر من الإشارة هي الإشارة إلى قوله: أو كانا على نحو إذا عرضا على العرف‌ إلخ كما يدل عليه تعليله بقوله: فإنه لايكاد يتحير أهل العرف إلخ و إن أمكن تطبيق العبارة على مختاره في الاستصحاب بأن يكون كلمة ذلك إشارة إلى ما ذكره في تعريف التعارض لكي يصير المعنى و لأجل ما ذكر في تعريف التعارض يقدم الأمارات على الإصول، حيث لا تعارض بينهما لورود الأمارات عليها لكنّه بعيد في الغاية عن مساق العبارة كما لايخفى»حقائق الأصول، ج2، ص553 في التعلیقة على قوله: «و لذلك تقدم»: «قد تقدم أن التقديم للورود لا للجمع العرفي فإن الورود ليس منه إذ المتواردان يمتنع فرض‌ التنافي بين مدلولهما ذاتاً و إثباتاً فالجمع بينهما واقعي لا عرفي»عناية الأصول، ج‌6، ص13: «إن المصنف قد صرح في آخر الاستصحاب أن وجه تقدم الأمارات على الاستصحاب هو الورود، و ظاهر قوله في المقام: و لذلك تقدم الأمارات إلخ هو الإشارة إلى التوفيق العرفی و هما لايخلوان عن التنافي»منتهى الدراية، ج‌8، ص52 في التعلیقة على قوله: «فانقدح بذلك أنه لايكاد ترتفع غائلة المطاردة و المعارضة بين الأصل و الأمارة إلا بما أشرنا سابقاً و آنفاً فلاتغفل»: «لعلّه إشارة إلى المنافاة بين الورود- الذي أفاده في مبحث الاستصحاب- و التوفيق العرفي الذي أفاده هنا، إذ التوفيق هو الجمع بين الدليلين و الأخذ بهما، و الورود هو الأخذ بأحدهما و ترك الآخر، بل انتفاؤه رأساً»جواب عن هذه المناقشة:قال في عنایة الأصول، ج6، ص13: «الظاهر أن مراده من ذلك هو الإشارة إلى التوفيق العرفي بمعنى عام الشامل للورود أيضاً فإن لفظ التوفيق العرفي و هكذا الجمع العرفي كلمة جامعة تطلق على الكل جميعاً و يؤيده أنه (قدس سره) بعد ما اختار هناك ورود الأمارات على الاستصحاب و أبطل الحكومة قال: و أما التوفيق فإن كان بما ذكرنا يعني به الورود فنعم الاتفاق و إن كان بتخصيص دليله بدليلها فلا وجه له فراجع و تدبر»و في منتهی الدرایة، ج8، ص52: «إلا أن يراد بالتوفيق العرفي ما ينطبق على الورود، فتدبر»و یمکن أن یقال: لا تنافي بین کلمات المحقق الخراساني کما ذکرنا في التعلیقة السابقةالمناقشة السابعة: لیس تقدم الأمارات على الأصول الشرعیة بالتوفیق العرفي أو الورودزبدة الأصول، ج6، ص264: «إنه رتّب على ذلك تقدم الأمارات على الأصول الشرعية و قد عرفت في آخر مبحث الاستصحاب أن تقدمها عليها إنما يكون للحكومة».
logo