« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/11/06

بسم الله الرحمن الرحیم

خاتمة؛ الشرط الثالث؛ المقام الثاني؛ البحث الخامس؛ الجهة الثالثة؛ النوع الثاني: تعارض الاستصحاب الموضوعي مع أصالة الصحة/أصالة الاستصحاب /الأصول العملية

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /خاتمة؛ الشرط الثالث؛ المقام الثاني؛ البحث الخامس؛ الجهة الثالثة؛ النوع الثاني: تعارض الاستصحاب الموضوعي مع أصالة الصحة

 

النوع الثاني: تعارض الاستصحاب الموضوعي مع أصالة الصحة

قد اختلفت فیه كلمات الأعلام و قد فصّلوا فیه بتفصیلات مختلفة، بعضها من جهة أنحاء الشك و بعضها من جهة اختلاف المباني في أماریة أصالة الصحّة أو كونها من الأصول التعبّدیة و بعضها من جهة مدرك اعتبار أصالة الصحّة.

فهنا نشیر إجمالاً إلى كلمات بعض المحقّقین:

بیان الشیخ الأعظم الأنصاري(قدس‌سره)

«أمّا تقدیمه على الاستصحابات الموضوعیة المترتّب علیها الفساد، كأصالة عدم البلوغ و عدم اختبار المبیع بالرؤیة أو الكیل أو الوزن، فقد اضطرب فیه كلمات الأصحاب، خصوصاً العلامة و بعض من تأخّر عنه.

و التحقیق أنّه إن جعلنا هذا الأصل من الظواهر، كما هو ظاهر كلمات جماعة بل الأكثر، فلا إشكال في تقدیمه على تلك الاستصحابات.

و إن جعلناه من الأصول، فإن أرید بالصحّة في قولهم: "إنّ الأصل الصحّة" نفس ترتّب الأثر، فلا إشكال في تقدیم الاستصحاب الموضوعي علیها، لأنّه مزیل بالنسبة إلیها.

و إن أرید بها كون الفعل على وجه یترتّب علیه الأثر، فیكون الأصل مشخّصاً للموضوع من حیث ثبوت الصحّة له، لا مطلقاً ففي تقدیمه على الاستصحاب الموضوعي نظر»([1] ).

بیان المحقّق النائیني(قدس‌سره)

إنّ المحقّق النائیني(قدس‌سره) أشار([2] ) في بداية البحث إلى أنحاء الشك في صحّة العقد فقسّمها ثلاثة أقسام:

الأوّل: الشك في اتّصاف العقد بالشروط المعتبرة فیه من العربیة و الماضویة و نحوهما فهنا ذهب إلى جریان أصالة الصحّة سواء كانت من الأمارات أم الأصول المحرزة أم الأصول غیر المحرزة و قال بأنّه إن كانت من الأمارات أو الأصول المحرزة فتقدیمهما على الاستصحاب بالحكومة و إن كانت من الأصول غیر المحرزة فتقدیمها علیه بالتخصیص، لأخصّیة دلیلها من دلیل الاستصحاب.

الثاني: الشك في اتّصاف المتعاقدین بالشروط المعتبرة في أهلیتهما للمعاقدة أو اتصاف العوضین بالشروط المعتبرة في قابلیتهما للعوضیة.

و هنا رأى عدم جریان أصالة الصحّة و جریان الاستصحاب الموضوعي من جهة قصور دلیل أصالة الصحّة، فإنّ مدركها الإجماع و لا إطلاق له بالقیاس إلى تلك الموارد.([3] )

الثالث: الشك في تحقّق شرائط المتعاقدین أو العوضین، التي لا دخل لها في أهلیة العاقد أو قابلیة العوضین و إنّما كان اعتبارها في صحّة العقد كالبلوغ في العاقد الوكیل و معرفة وزن المبیع أو كیله.

و هنا فصّل في تقدیمها علیه فذهب إلى أنّها إن كانت من الأمارات فهي متقدّمة على الاستصحاب و إن كانت من الأصول غیر المحرزة فالاستصحاب مقدّم علیها و إن كانت من الأصول المحرزة ففیه وجوه ثم أطال الكلام حول ذلك.

و لكن قال في آخر كلامه: «فینحصر المدرك في الإجماع العملي المستفاد من تمسّكهم بها في الموارد المتفرقة و لا ریب أنّ القدر المتیقّن منه و إن كان عدم وجود أصل موضوعي مخالف لمقتضی أصالة الصحّة إلا أنّه من المظنون قویاً بمرتبة تطمئنّ بها النفس هو تحقّق الإجماع في موارد الأصول الموضوعیة أیضاً، فینحصر مورد الخروج بما إذا كان الشك في الصحّة من جهة الشك في أهلیة المتعاقدین أو قابلیة العوضین و كلّما كان الشك من غیر هاتین الجهتین یرجع فیه إلى أصالة الصحّة، سواء كان الأصل المخالف لها من الأصول الحكمیة أو الموضوعیة»([4] [5] ).

و المحقّق الخوئي(قدس‌سره) اختار هذا البیان الأخیر فذهب إلى عدم جریان أصالة الصحّة عند الشك في قابلیة الفاعل و قابلیة المورد و أمّا مع إحراز قابلیتهما فقال بجریان أصالة الصحّة.([6] )

و ما أفاده المحقّق النائیني(قدس‌سره) أخیراً بالنسبة إلى الاستصحاب الموضوعي هو الأوفق بالسیرة العقلائیة.([7] )

البحث السادس: تعارض الاستصحاب مع قاعدة الید

قبل الورود في البحث عن تعارضهما، لابدّ من أن یلاحظ مدرك اعتبار قاعدة الید، حتّی یتبیّن لنا أنّها من الأمارات أو من الأصول الشرعیة العملیة.

هنا جهات أربع نبحث عنها:

الجهة الأولی: الأدلة على حجّية قاعدة الید

الدلیل الأوّل: الأخبار

الرواية الأولى: موثقة حفص بن غیاث

«مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ جَمِيعاً عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ [المنقري و هو عامّي ثقة] عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ‌ [و هو أیضاً من عامّي ثقة] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(علیه السلام) قَالَ:

قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِذَا رَأَيْتُ شَيْئاً فِي يَدَيْ رَجُلٍ يَجُوزُ لِي أَنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ لَهُ؟

قَالَ: نَعَمْ(قدس‌سره)

قَالَ الرَّجُلُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ فِي يَدِهِ وَ لَا أَشْهَدُ أَنَّهُ لَهُ فَلَعَلَّهُ لِغَيْرِهِ؟

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(علیه السلام): أَ فَيَحِلُّ الشِّرَاءُ مِنْهُ؟

قَالَ: نَعَمْ(قدس‌سره)

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(علیه السلام): فَلَعَلَّهُ لِغَيْرِهِ فَمِنْ أَيْنَ جَازَ لَكَ أَنْ تَشْتَرِيَهُ وَ يَصِيرَ مِلْكاً لَكَ ثُمَّ تَقُولَ بَعْدَ الْمِلْكِ هُوَ لِي وَ تَحْلِفَ عَلَيْهِ وَ لَايَجُوزُ أَنْ تَنْسُبَهُ إِلَى مَنْ صَارَ مِلْكُهُ مِنْ قِبَلِهِ إِلَيْكَ، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(علیه السلام): لَوْ لَمْ يَجُزْ هَذَا لَمْ يَقُمْ لِلْمُسْلِمِينَ سُوقٌ.»([8] )

هنا ملاحظة بالنسبة إلى سند الرواية فقد ورد في سند الكافي المطبوع([9] ) و الوسائل (القاسم بن يحيى) ، و أمّا على ما في نسخة التهذیب فهو القاسم بن محمّد و هذا هو الأصحّ بقرینة الراوي عن القاسم بن محمّد و المروي عنه، فإنّ إبراهیم بن هاشم هو الراوي عن القاسم بن محمّد، كما أنّ سلیمان بن داود المنقري يروي عنه القاسم بن محمّد([10] ) و قد نلتزم بوثاقة هذا الرجل بالتوثیق العام فإنّه من رجال تفسیر القمي و هو مذكور في الجزئين الأوّل و الثاني من هذا التفسیر.([11] )

الرواية الثانية: صحیحة عثمان بن عیسی و حمّاد بن عثمان

«عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى [و هو من أصحاب الإجماع على قول] وَ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَان‌َ [و هو أیضاً من أصحاب الإجماع] جَمِيعاً عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(علیه السلام) فِي حَدِيثِ فَدَكَ: أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ(علیه السلام) قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: أَ تَحْكُمُ فِينَا بِخِلَافِ حُكْمِ اللَّهِ فِي الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: لَا.

قَالَ(علیه السلام): فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُسْلِمِينَ شَيْ‌ءٌ يَمْلِكُونَهُ ادَّعَيْتُ أَنَا فِيهِ مَنْ تَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ؟ قَالَ: إِيَّاكَ كُنْتُ أَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا تَدَّعِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ(علیه السلام): فَإِذَا كَانَ فِي يَدِي شَيْ‌ءٌ فَادَّعَى فِيهِ الْمُسْلِمُونَ تَسْأَلُنِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا فِي يَدِي وَ قَدْ مَلَكْتُهُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ وَ بَعْدَهُ وَ لَمْ تَسْأَلِ الْمُؤْمِنِينَ‌ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَوْا عَلَيَّ كَمَا سَأَلْتَنِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَيْتُ عَلَيْهِمْ -إِلَى أَنْ قَالَ:- وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَ الْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ»([12] ).

الرواية الثالثة: موثقة یونس بن یعقوب

«[مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ] بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ [بن علي بن فضال ثقة جلیل في وثاقته فطحي] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ [البجلي الخزاز من أجلاء ثقات الإمامیة] عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ‌ [و هو أیضاً من أجلاء ثقات الإمامیة] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (علیه السلام) فِي امْرَأَةٍ تَمُوتُ قَبْلَ الرَّجُلِ أَوْ رَجُلٍ قَبْلَ الْمَرْأَة.

قَالَ(علیه السلام): مَا كَانَ مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ وَ مَا كَانَ مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَ مَنِ اسْتَوْلَى عَلَى شَيْ‌ءٍ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ‌»([13] ).

فهذه الروایة تدلّ على أنّ استیلاء الید كاشف عن الملكیة.

الدلیل الثاني: السیرة العقلائیة

قد استقرت سیرة العقلاء و بناؤهم على اعتبار الید و ترتیب آثار الملكیة لذي الید على ما في یده.([14] )

الدلیل الثالث: الإجماع

إنّ مفاد هذه القاعدة مجمع علیه بين الأصحاب.([15] )

الجهة الثانية: قاعدة الید أمارة أو أصل عملي؟

إنّ الظاهر من أدلّة قاعدة الید هو أنّها من الأمارات، و لكاشفیتها عن الملكیة عند العقلاء و طریقیتها الناقصة عنها و بعد إقامة الدلیل على حجّیتها تعدّ من الأمارات المعتبرة، و ما ورد من اعتبار الید و حجّیتها إمضاء للسیرة العقلائیة.([16] )

بیان المحقّق النائیني(قدس‌سره) في أماریتها

«الظاهر أن تكون من الأمارات، فإنّ بناء العقلاء و عمل الناس كان على اعتبار الید و ترتیب آثار الملكیة على ما في الید لصاحبها و لیس في طریقة العقلاء ما یقتضي التعبّد بالملكیة لصاحب الید بلا ركون النفس، بل لابدّ و أن یكون عمل العقلاء على ذلك لكشف الید في نوعها عن الملكیة، لأنّ الغالب في مواردها كون ذي الید مالكاً لما في یده، فإنّ استیلاء غیر المالك على ملك الغیر و تصرّفه فیه تصرّف الملاّك في أملاكهم خلاف العادة، و بناء العرف و العقلاء على عدم الالتفات إلى احتمال كون ذي الید غاصباً، بل یعاملون مع الید معاملة الكاشف و الطریق كسائر الكواشف العقلائیة و الطرق العرفیة.»([17] [18] ).

الجهة الثالثة: وجه تقدیم قاعدة الید علی الاستصحاب

إنّ مقتضى التحقیق هو حكومة قاعدة الید على الاستصحاب، لأنّ قاعدة الید أمارة معتبرة تدلّ على الملكیة لذي الید فینتفي به الشك في الملكیة بالتعبّد و الاستصحاب أصل عملي محرز و موضوعه هو الشك و بعد جریان قاعدة الید لایبقی موضوع للاستصحاب فالمحقّق النائیني(قدس‌سره) یقول أیضاً بتقدیم قاعدة الید علیه بالحكومة بل قال بتقدیم الید على الاستصحاب و لو على القول بأنّ قاعدة الید أصل عملي فقال:

«مع أنّه لو سلّم كونها من الأصول العملیة كانت مقدّمةً على الاستصحاب، لورودها مورده غالباً، فإنّه قلّ مورد لم‌یكن الاستصحاب على خلاف الید، فلو قدّم الاستصحاب علیها یلزم المحذور الذي علّل به الحكم في الروایة، و هو قوله(علیه السلام): "لَمَا قَامَ لِلْمُسْلِمِينَ سُوقٌ"([19] ) فلا محیص عن الأخذ بمقتضى الید و طرح الاستصحاب»([20] [21] ).


[3] ناقش فيه المحقق العراقي و الشيخ حسين الحلي.:ففي نهایة الأفكار، ج4، ق2، ص85: «و أما المنع عن جريان أصالة الصحة في المسبب، بأنه لا دليل على أصالة الصحة في العقود إلا الإجماع و ليس لمعقد الإجماع إطلاق ... فمدفوع بمنع انحصار الدليل بالإجماع المدعى في المسألة بل العمدة في الدليل على المسألة، هو برهان اختلال النظام الّذي جعل مناطاً لاعتبار اليد في رواية الحفص و لازمه التعميم لجميع موارد الشك في الصحة سبباً كان أو مسبباً من غير فرق بين أنحاء القيود الشرعية للسبب أو المسبب‌».و في أصول الفقه (الشیخ حسین الحلي)، ج11، ص493:‌ «أنّ الظاهر هو كون الدليل على حجّية هذا الظهور هو بناء العقلاء و السيرة العقلائية، فيكون موضوعه مقيّداً بالشكّ، و لو سلّمنا أنّ دليله الإجماع فأيضاً نقول: إنّ الظاهر أنّ موضوعه عندهم مقيّد بالشكّ، فلايخرج بذلك عن حضيض الأُصول إلى أوج الأمارات، بل لو قلنا إنّ اعتباره كان من قبيل تتميم الكشف لم‌يكن ذلك موجباً لكونه من قبيل الأمارات التي لا‌يكون موضوعها مقيّداً بالشك‌»
[7] هنا بیانات و نظریات أخری من الأعلام على حسب اختلاف المباني:إن المحقق العراقي بعد أن أطال الكلام في مقدمات البحث، صرح بتقدیم القاعدة على الاستصحاب مطلقاً:نهایة الأفكار، ج4، ق2، ص83-84: «فإن كان الشك في الصحة و الفساد مسبباً عن الشك في فقد بعض الشرائط العرفية للسبب أو المسبب‌ ... فلا مجرى لأصالة الصحة، لا في السبب، و لا في المسبب، لرجوع الشك المزبور إلى الشك في مجري أصالة الصحة، و لقد تقدم في الأمر السابق أنه لابد في جريان هذا الأصل من إحراز عنوان موضوعه عرفاً ... و أما إذا كان الشك في الصحة و الفساد مسبباً عن الشك في فقد بعض الشرائط الشرعية، فإن كان الشرط المشكوك فيه من الشرائط الراجعة إلى العقد كالتنجيز، و العربية و الماضوية بناء على اعتبارهما فيه و الترتيب بين الإيجاب و القبول: تجري أصالة الصحة في العقد، لأنه عقد عرفي قد شك في صحته و فساده شرعاً و إن كان من الشرائط الراجعة إلى المسبب، و هو البيع مثلاً، كالشك في كون المبيع أو الثمن خمراً، أو خنزيراً، أو الشك في بلوغ البائع أو المشتري، أو الشك في كون المعاملة ربوية أو غررية و نحوها فلاتجري الأصل في العقد بما هو عقد لما عرفت من أن الصحة فيه عبارة عن تمامية العقد في نفسه في السببية و المؤثرية ... نعم لا بأس حينئذ بإجراء أصالة الصحة في عنوان المسبب و هو البيع مثلاً و ترتيب آثار الصحة عليه بعد إحراز عنوانه عرفاً، لأنه بيع عرفي قد أحرز عنوانه و شك في صحته و فساده شرعاً ...»بعد ذلك بيّن اختلاف الأعلام حسب المباني ثم صرح برأیه: نهایة الأفكار، ج4، ق2، ص98-102: «و أما تقديمها على الاستصحابات الموضوعية، كأصالة عدم البلوغ و نحوها فقد اختلف فيه كلمات الأعلام، و الظاهر اختلاف الحكم في المقام باختلاف المباني في مفاد دليل الاستصحاب‌ ... .و أما على القول بأصليتها [أي: أن القاعدة المذكورة أصل لا أمارة]، كما هو التحقيق فيها، فإن جعلنا الصحة فيها عبارة عن نفس ترتب الأثر، كما هو المشهور، فلا محيص من حكومة الاستصحاب على القاعدة ... و إن جعلنا الصحة فيها بمعنى التمامية، كما هو المختار... كما تجري استصحاب عدم البلوغ فيترتب عليه الفساد، كذلك تجري أصالة الصحة، فيتعارضان و لازمه الحكم بسقوطهما معاً إلّا أن يتشبّث لتقديم القاعدة عليه بما ذكرناه من محذور اللغوية في جعل القاعدة، لأنه ما من مورد يشك في صحة عمل و فساده في أبواب العقود و غيرها إلا و كان الشك في بعض ما يعتبر فيه وجوداً و عدماً مما كان في نفسه مجرى الاستصحاب‌ ... بخلاف فرض العكس، فإنه لايلزم محذور من تقديم القاعدة على الاستصحاب في موارد جريانها في طرف الاستصحاب‌ فالأقوى حينئذ تقديم القاعدة على الاستصحاب مطلقاً سواء في الاستصحابات الحكمية أو الموضوعية، و سواء بين ‌الصحة بمعنى التمامية، و بينها بمعنى ترتب الأثر».و الشيخ حسين الحلي لم‌یفصل بین إحرازیة هذا الأصل و عدم إحرازیته و لكن فصل بین الدلیل الدال علیه:ففي أصول الفقه، ج11، ص516: «إذا لم‌يكن لنا مثل ذلك الدليل اللفظي كما هو الظاهر، و بقينا نحن و بناء العقلاء و سيرة المسلمين و الإجماع العملي، فإن ثبت بناء العقلاء أو السيرة أو الإجماع على إجراء أصالة الصحّة في الموارد التي هي في حدّ نفسها مجرى للأُصول الموضوعية النافية للشرط المشكوك الوجود، كان ذلك عبارة أُخرى عن قيام الدليل القطعي على سقوط تلك الاستصحابات في الموارد المذكورة، و قهراً يكون دليل الاستصحاب مختصّاً بما عدا تلك الموارد. و إن لم‌يثبت بناء العقلاء أو السيرة أو الإجماع على إجراء أصالة الصحّة في خصوص تلك الموارد، و كان القدر المتيقّن هو جريانها فيما عداها ممّا لايوجد فيه تلك الأُصول الموضوعية النافية للشرط المشكوك، كان المتعيّن هو الرجوع في تلك الموارد إلى الأُصول الموضوعية النافية للموضوع، من دون فرق في ذلك كلّه بين القول بأنّ أصالة الصحّة من الأُصول الإحرازية و القول بأنّها من الأُصول غير الإحرازية».
[9] في كثير من نسخ الكافي (القاسم بن محمد) على ما في هامش الكافي بطبعة دار الحديث، ج14، ص582 و أيضاً في الوافي، ج16، ص1033.
[10] و هو الراوي لكتاب سليمان بن داود المنقري كما في رجال النجاشي، ص184؛ الفهرست، ص221. و في مشيخة من لايحضره الفقيه، ج‌4، ص467: «و ما كان فيه عن سليمان بن داود المنقريّ فقد رويته عن أبي- رضي الله عنه- عن سعد بن عبد اللّه، عن القاسم بن محمّد الإصبهانيّ، عن سليمان بن داود المنقريّ المعروف بابن الشّاذكوني»‌.و في ص473: «و ما كان فيه عن حفص بن غياث فقد رويته عن أبي ... و رويته عن أبي- رحمه اللّه- عن سعد بن عبد الله، عن القاسم‌ بن‌ محمّد الإصبهانيّ، عن سليمان بن داود المنقريّ‌، عن حفص بن غياث النخعيّ القاضي‌».و في ص482: «و ما كان فيه عن الزّهريّ فقد رويته عن أبي- رضي الله عنه- عن سعد بن عبد الله، عن القاسم‌ بن‌ محمّد الإصبهانيّ، عن سليمان بن داود المنقريّ‌، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهريّ ... عن عليّ بن الحسين»‌.قال الشيخ الطوسي في الفهرست، ص202: «القاسم بن محمد الإصفهاني المعروف بكاسولا له كتاب...». رجال الطوسي، ص436، باب من لم‌یرو عن واحد من الائمة(: «القاسم بن محمد الإصفهاني، المعروف بكاسام، روى عنه أحمد بن أبي عبد الله».رجال النجاشي، ص315: «القاسم بن محمد القمي يعرف بكاسولا لم‌يكن بالمرضي له كتاب نوادر...». و خلاصة الأقوال، القسم الثاني، ص389: «القاسم بن محمد القمي المعروف بكاسولا لم‌يكن بالمرضي، قال ابن الغضائري[في رجاله، ص86]: إنه يكنى أبا محمد، حديثه يعرف تارة و ينكر أخرى، و يجوز أن يخرج شاهداً».معجم رجال الحديث، ج15، ص47: «الثاني: أن القاسم بن محمد الإصفهاني قد وقع في طريق الصدوق إلى سليمان بن داود المنقري و حكم العلامة بصحة الطريق و لم‌يعلم وجهه، فإنه ذكر في الخلاصة من الباب من حرف القاف من القسم الثاني، كلام ابن الغضائري و لم‌يعلق عليه و الظاهر أنه ارتضاه».خاتمة المستدرك، ج4، ص261 - 262: «و أما الثالث ففيه القاسم بن محمد الإصفهاني القمي، المعروف بكاسولا قال فيه ابن الغضائري: يعرف حديثه تارة و ينكر أخرى و مع ذلك قد أكثر من الرواية عنه إبراهيم بن هاشم و يروي عنه محمد بن علي بن محبوب و أبو الحسن الفقيه علي بن محمد بن شيرة القاساني و سعد ابن عبد الله و قد أكثر في الكافي من الرواية عنه بتوسط مشايخه و يروي عنه أيضاً أحمد بن محمد البرقي».مستدرك الوسائل، الخاتمة، ج‌8، ص315: «القاسم بن محمّد الإصبهاني بيّنا حسنه برواية الأجلاء عنه، بل إكثارهم منها».كتاب الصوم (السید المحقق الشبیري)، ج3، ص425: «القاسم بن محمد الإصفهاني هو شیخ إبراهیم بن هاشم یروی عنه أحادیث كثیرة و لیس إبراهیم كالبرقي و أبیه مقولاً فیه له شیوخ ضعاف و لیس قول النجاشی "لم‌یكن بالمرضي" مصرحاً بالتضعیف و یكفي في هذا الكلام عدم كون الراوی مقتصراً على ذكر الروایات المعمول بها و لم‌یقدح في‌ القاسم الشیخ الطوسي. و ذكر روایاته في الكتب الأربعة و عمل الفقهاء بروایاته و هذا كله یقتضي الاعتماد علیه».مصباح المنهاج (المزارعة)، ص379: «من القریب البناء على وثاقته لكونه من رواة تفسیر القمي ...»
[11] إن القاسم بن محمد الإصفهاني الذي ضعفه المحقق الخوئي و القاسم بن محمد الجوهري الذي وثّقه المحقق الخوئي في كتاب الصوم، ج1، ص306 – 307: «القاسم بن محمد هو الجوهري الذي هو ثقة على الأظهر» هل هما عنوانان لشخص واحد؟و قال المحقق الخوئي. في معجم رجال الحدیث، ج15، ص53: «ذكر الأردبيلي في جامعه: الذي يظهر لنا أن يكون القاسم بن محمد الإصفهاني، و القاسم بن محمد الجوهري، و القاسم بن محمد القمي متحداً لاشتراكهم في الراوي والمروي عنه على ما يظهر بأدنى تأمل في ترجمتهم و الله أعلم انتهى أقول: أما اتحاد القاسم بن محمد الإصفهاني و القاسم بن محمد القمي فلا ريب فيه و لا إشكال، و أما اتحاده مع القاسم بن محمد الجوهري فهو باطل جزماً».و في أسانید كتاب الكافي، ج2، ص396: «روی إبراهیم بن هاشم عن القاسم بن محمد عن سلیمان [بن داود المنقری] الشاذكوني خمسین حدیثاً من عشرة رجال بخمسة عشر سنداً و وصف القاسم بن محمد في أربعة منها بالجوهري و في اثنین منها بالإصفهاني و مقتضاه كون الجوهري و الإصفهاني شخصاً واحداً إذ لایحتمل كون هذه الأسانید لشخصین مع وحدة الراوي و المروي عنه و لكن أصحابنا ذكروهما شخصین و قالوا: إن الإصفهاني هو المعروف بكاسولا و لم‌یكن مرضیاً و الجوهري بغدادي و لم‌یذكروه بتعدیل و لا جرح، و علیه فلابد من التزام الوهم في وصفه بالجوهري في الأسانید المذكورة و لقد روی عن القاسم بن محمد الإصفهاني أحمد البرقي و علي بن محمد القاساني أیضاً و عن القاسم بن محمد الجوهري الحسین بن سعید و محمد البرقي و شیوخه في روایتهما عنه غیر سلیمان و الأمر في تغایرهما و وحدتهما مشتبه ح ط»
[14] . قد استدل بالسيرة جماعة من الأعلام:نهایة الأفكار، ج4، ق2، ص21: «... لا إشكال أيضاً في عدم كونها من الأمور التي ثبت اعتبارها بتأسيس من الشرع، بل هي مما استقرت عليه طريقة العرف و العقلاء ...».مصباح الأصول، (ط.ق): ج3، ص340 و (ط.ج): ج3، ص410: «فإنّ الدليل عليها هي السيرة».الرسائل، ج1، ص258: «يدل عليه بناء العقلاء و سيرتهم في جميع الأعصار و الأمصار بل هو من الضروريات لايشك فيه عاقل و لايكون في طريقتهم و سيرتهم ما هو أوضح منه لو لم‌نقل بأنه ليس فيهما ما هو بتلك المثابة من الوضوح ...».
[15] . قد جاء في عبارات بعض الأعلام:عوائد الأیام، ص737: «هذه القاعدة ثابتة في الشريعة بلا خلاف فيها يوجد، و ربما كانت إجماعية ...».فوائد الأصول، ج4، ص602: «فإنّه لا خلاف في اعتبارها في الجملة ...»القواعد الفقهیة، البجنوردي، ج1، ص139: «الاتّفاق على أنّ من كان في يده شي‌ء من الأموال يكون له‌ ...».و هو. بعد ذكر هذا الإجماع قال: ‌«و لا شكّ في تحقّق هذا المعنى بالنسبة إلى الأعيان المتموّلة و لا خلاف فيه أصلاً، و إن كان خلاف ففي التفاصيل الآتية، و لكن هذا المقدار لايكفي في صدق الإجماع المصطلح الذي هو أحد الأدلّة الشرعيّة ...»
[16] المحقق النراقي في عوائد الأيام، ص741 ذهب إلى أنها أصل: «المراد بكون اليد ظاهرة في الملكية مقتضية لها: أنّها الأصل فيها لا أنّها الدليل عليها. فلاتخرج عن مقتضاها بلا دليل مخرج، و لاتعارض دليلاً أصلاً، بل ترفع اليد عنه مع الدليل كما هو الشأن في الأصول».
[18] أجود التقریرات، ج4، ص195: «... (و الحقّ) كونها إمارة لأن الاستيلاء على الشي‌ء حيث إنه بالقياس إلى الملكية من لوازمه الطبيعية فلامحالة تكون فيها جهة كاشفية ناقصة و لا ريب أن اعتبارها عند العقلاء من جهة كاشفيته لما ذكرناه في بحث الاستصحاب من عدم وجود تعبد لا من جهة الكاشفية عندهم و الظاهر من أدلة حجية اليد كرواية حفص و غيرها كون اعتبارها بما له من الشأن عند العقلاء فيكون أمارة».درر الفرائد، ص614: «إعلم أن مقتضى التأمل أن اعتبار اليد من باب الطريقية، لبناء العرف و العقلاء على معاملة الملكية مع ما في أيدي من يدعي الملكية و يحتمل في حقه ذلك، و معلوم أن ذلك ليس من جهة التعبد، كما في ساير الطرق المعمولة فيما بينهم‌».نهایة الأفكار، ج4، ق2، ص21: «... الظاهر من بناء العرف و العقلاء على الأخذ باليد إنما هو لكشفها الناشئ عن غلبة ما في اليد لصاحبها بنحو موجب لركون النّفس إليها، لأن الغالب في مواردها كون ذي اليد مالكاً لما في يده، لا أن ذلك منهم لمحض تعبدهم بها لاستقامة نظام معاملاتهم ...‌».
[19] قد مرّ أنها لاتوجد في مصادرنا الروائية بهذه العبارة إلا في العوالي.
logo