« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/10/22

بسم الله الرحمن الرحیم

خاتمة؛ الشرط الثاني؛ البیان الأول/أصالة الاستصحاب /الأصول العملية

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /خاتمة؛ الشرط الثاني؛ البیان الأول

 

خاتمة حول شروط جریان الاستصحاب

الشرط الثاني: أن یكون متیقّناً حالَ الشك بوجود المستصحب سابقاً

بیانان لعدم شمول أخبار «لَا تَنْقُض‌» لقاعدة الیقین

البیان الأوّل: من المحقّق النائیني(قدس سره)

عدم إمكان الجمع بین قاعدة اليقين و الاستصحاب في اللحاظ

الجهة الثالثة: النقض

قد أشار المحقّق النائیني(قدس سره) هنا إلى أنّ الیقین لابدّ أن یلاحظ إمّا موضوعیاً و إمّا طریقیاً و لایمكن الجمع بین اللحاظین فإنّ الیقین في قاعدة الیقین یلاحظ موضوعیاً و في الاستصحاب یلاحظ طریقیاً.

قال(قدس سره): «و أما من جهة النقض فلأنّ نقض الیقین في الاستصحاب إنّما یكون باعتبار ما یقتضیه الیقین من الجري العملي على طبق المتیقّن و في القاعدة إنّما یكون باعتبار نفس الیقین، و ذلك من لوازم لحاظ الیقین موضوعاً أو طریقاً»([1] ).

و هذا الإشكال مذكور في فوائد الأصول و لم‌نجده في أجود التقریرات و ما أفاده المحقّق النائیني(قدس سره) هنا یبتني على إمكان قابلیة اللفظ للمعنیین أو عدم إمكانه.

یلاحظ علیه

قد تقدّم([2] ) في مبادي علم الأصول أنّ مقتضى التحقیق عندنا هو جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنی واحد، فلا محذور عندنا في الجمع بین لحاظ الیقین موضوعیاً و لحاظه طریقیاً فإنّ اللفظ الواحد في استعمال واحد یمكن أن یكون قالباً لمعانٍ كثیرةٍ كما تراه في معاني ألفاظ القرآن و الأحادیث، فضلاً عن استعماله في معنیً واحد مع لحاظین لحاظ الطریقیة و الموضوعیة، فإنّ اللفظ یكون قالباً لكلّ منهما في استعمال واحد بلا لزوم محذور.

الجهة الرابعة: الحكم

قال المحقّق النائیني(قدس سره)([3] ): إنّ البناء العملي و التعبّد في قاعدة الیقین على تحقّق المتیقّن في خصوص الزمان الذي كان متعلّقاً للیقین السابق مثلاً إذا كان متیقّناً بعدالة رجل في یوم الخمیس ثم شك في ذلك فالتعبّد في قاعدة الیقین یقتضي البناء على وجود العدالة المشكوكة في الزمان الذي تعلّق الیقین السابق به و هو یوم الخمیس فهنا نتعبّد بحدوث ما لم‌یثبت حدوثه.

أمّا البناء العملي في الاستصحاب فهو على تحقّق المتیقّن بقاءً في زمان الشك بعد العلم بتحقّقه في الزمان الذي تعلّق الیقین بحدوثه فیه، فنتعبّد بعدالة الرجل یوم الجمعة بعد العلم بوجود عدالته یوم الخمیس.

و التقریر الذي أفاده المحقّق النائیني(قدس سره) في فوائد الأصول بالفرق بین التعبّد في زمان متعلّق الیقین و زمان الشك و قد قرّر ذلك في أجود التقریرات بالفرق بین التعبّد بالحدوث و التعبّد بالبقاء و كلاهما أمر واحد.([4] )

إیراد المحقّق الخوئي(قدس سره)

«إنّ الموضوع هو الیقین المتعقّب بالشك، و حكمه حرمة نقضه به و كون الحدوث محرزاً أو غیر محرز ممّا لا دخل له في الحكم المذكور، بل هما من خصوصیات الموارد، إذ الشك المسبوق بالیقین قد یكون متعلّقاً ببقاء ما تعلّق به الیقین، فیكون حدوثه محرزاً بالیقین في ظرف الشك، و قد یكون متعلّقاً بعین ما تعلّق به الیقین، فیكون حدوثه غیر محرز، لكون الشك متعلّقاً بحدوثه.

و الاختلاف الناشئ من خصوصیات الموارد لایمنع عن التمسّك بإطلاق القضیة الدالّة على حرمة نقض الیقین بالشك، كما أنّ اختلاف خصوصیات موارد الاستصحاب لایمنع عن شمول إطلاق أدلته لها، فیكون مفاد قوله: «لَا‌تَنْقُض» هو إلغاء الشك تعبّداً، فإن كان متعلّقاً بالبقاء فمفاده التعبّد بالبقاء و إن كان متعلّقاً بالحدوث فمفاده التعبّد بالحدوث»([5] ).

هذا ما أفاده المحقّق الخوئي(قدس سره).

و الظاهر تمامیة ما أفاده هنا إیراداً على المحقّق النائیني(قدس سره) فإنّ لسان أخبار «لَا‌تَنْقُض» مطلق یشمل كلا التعبّدین التعبّد بالحدوث و التعبّد بالبقاء. و بعبارة أخری: یشمل التعبّد في زمان الیقین و التعبّد في زمان الشك.

البیان الثاني: من المحقّق الخوئي(قدس سره)

إنّ افتراق هذا البیان عن البیان السابق الذي أفاده المحقّق النائیني(قدس سره) هو في أنّ ما أفاده في -البیان السابق- ناظر إلى عدم تمامیة اقتضاء خطاب لاتنقض لشمول قاعدة الیقین، و ما أفاده المحقّق الخوئي(قدس سره) ناظر إلى وجود المانع لشمول خطاب لاتنقض بالنسبة إلى تلك القاعدة.

قال المحقّق الخوئي(قدس سره): «إنّ القاعدة معارضة بالاستصحاب دائماً، إذ الشك في موارد القاعدة مسبوق بیقینین یكون باعتبار أحدهما مورداً للاستصحاب، و باعتبار الآخر مورداً للقاعدة، فیقع التعارض بینهما، فإذا تیقّنّا بعدالة زید یوم الجمعة مثلاً، و شككنا یوم السبت في عدالته یوم الجمعة، لاحتمال كون الیقین السابق جهلاً مركباً فباعتبار هذا الیقین تجري القاعدة، و مقتضاها الحكم بعدالة زید یوم الجمعة، و حیث إنّه لنا یقین بعدم عدالته سابقاً و شك فیها یوم الجمعة، یجري الاستصحاب، و مقتضاه الحكم بعدم عدالته یوم الجمعة.

فلامحالة یقع التعارض بینهما، فلایمكن اجتماعهما في دلیل واحد، إذ جعل الحجّیة للمتعارضین بجعل واحد غیر معقول»([6] ).

یلاحظ علیه

إنّ الإشكال لایتّجه على قاعدة الیقین في جمیع موارده بل معارضة الاستصحاب لتلك القاعدة منحصرة فیما إذا كان الیقین متعلّقاً بحدوث أمرٍ فشك في حدوثه مثل ما إذا حصل له الیقین بحدوث عدالة زید یوم الخمیس ثم شك في حدوث عدالته یوم الخمیس. أمّا إذا كان الیقین متعلّقاً بالبقاء فالحالة السابقة هي عدالة زید لا عدم عدالته، مثل ما إذا كان زید عادلاً في سنوات و كنّا متیقّنين بعدالته یوم الأربعاء ثم شككنا في طرو ما یوجب فسقه في نفس یوم الأربعاء فتبدّل الیقین بعدالته یوم الأربعاء بالشك فیها فالاستصحاب یقتضي عدالته یوم الأربعاء كما أنّ قاعدة الیقین أیضاً تقتضي عدالته ثم بعد مضيّ زمان كثير، تحقّقنا حول عدالته عن فردين مشهورين بالعدالة، و بعد شهادتهما على عدالته صلّينا خلفه، و لكن بعد ذلك علمنا أنّ الشاهدين كلاهما فاسقان. حينئذٍ، قاعدة اليقين تحكم بعدم نقض اليقين بعدالته يوم الأربعاء، كما أنّ الاستصحاب أيضاً يقتضي بقاء عدالته الثابتة منذ سنوات.([7] )

نتیجة البحث

عدم حجیة قاعدة الیقین، أوّلاً لعدم وجود الیقین الفعلي فیها فلاتشملها أخبار لاتنقض و ثانیاً لوجود المانع عن حجیتها في بعض الموارد لتعارضه مع الاستصحاب.([8] )

الشرط الثالث: الفحص عن الدلیل و عن المعارض

إنّ الشرط الثالث لجریان الاستصحاب له مقامان:

المقام الأوّل: لزوم الفحص عن وجود أمارة معتبرة في مورد الاستصحاب، فلو وجدنا بعد الفحص أمارة على الحكم الشرعي أو على وجود الموضوع المشكوك، فلایبقی مجال لجریان الاستصحاب، سواء قلنا بأنّ الاستصحاب أصل عملي -كما علیه الشیخ الأعظم الأنصاري(قدس سره) و صاحب الكفایة(قدس سره) و المحقّق النائیني(قدس سره) و غیرهم- أم قلنا بأنّ الاستصحاب أمارة شرعیة كسائر الأمارات، كما ذهب إلیه جمع من قدماء الأصولیین و بعض المتأخّرین مثل المحقّق الخوئي(قدس سره).

و نبحث هنا عن وجه تقدیم الأمارات على الاستصحاب و هل تتقدّم علیه بالتخصیص أو بالحكومة أو بالورود.

و المقام الثاني: لزوم الفحص عن الأصل المعارض، و الأصل المعارض إمّا هو الاستصحاب و إمّا غیره، فهنا لابدّ أن نلاحظ سائر الأصول و القواعد و نبحث عن إمكان تعارضها مع الاستصحاب ثبوتاً و مع ثبوت إمكان تعارضها معه لابدّ من الفحص عنها في كلّ مورد نجري الاستصحاب.

 


[1] فوائد الاُصول، الغروي النّائيني، الميرزا محمد حسين، ج4، ص590..جواب الشيخ الحسین الحلي عن هذا الإشكال في أصول الفقه، ج‌11، ص، 108: «و أمّا ما أُفيد من الفرق بينهما في ناحية النقض فهو متفرّع على ما أُفيد في الأوّل من كون اليقين في القاعدة مأخوذاً على نحو الصفتية و في الاستصحاب على نحو الطريقية»
[2] عيون الأنظار، ج1، ص376.
[3] فوائد الاُصول، الغروي النّائيني، الميرزا محمد حسين، ج4، ص590..: «و أما من جهة الحكم: فلأن الحكم المجعول في القاعدة إنما هو البناء العلمي على ثبوت المتيقن في الزمان اليقين، و في الاستصحاب هو البناء العملي على ثبوت المتيقن في زمان الشك».أجاب عن هذا الإشكال المحقق الحسین الحلي في أصول الفقه، ج‌11، ص، 108: «و أمّا ما أُفيد من الفرق بينهما في ناحية الحكم، و أنّ الحكم في ناحية القاعدة هو البناء العملي على ثبوت المتيقّن في زمان اليقين، و في ناحية الاستصحاب هو البناء العملي على ثبوت المتيقّن في زمان الشكّ إلخ، فيمكن التأمّل فيه بأنّ الدليل اللفظي لم يتضمّن إلّا النهى عن نقض اليقين بالشكّ، و هذه التعبيرات إنّما هي لوازم تطبيق هذه الكلّية على المورد، فلا مانع من اختلاف اللوازم الناشئة عن اختلاف الموارد. مضافاً إلى أنّ الأثر المترتّب في القاعدة و إن‌ كان هو أثر المتيقّن اللاحق له في زمان اليقين، إلّا أنّ الحكم بترتّبه إنّما هو في زمان الشكّ، كما أنّ الأثر في باب الاستصحاب يكون الحكم بترتّبه في زمان الشكّ. نعم الأثر في الاستصحاب إنّما هو أثر البقاء و هو متعلّق الشكّ، و في باب القاعدة هو أثر الحدوث لكنّه فعلًا متعلّق للشكّ أيضاً»
[4] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص451.: «و هل يمكن شمول الأخبار له أيضاً أم لا وجهان بل قولان أقواهما الثاني لوجوه: منها أن التعبد في مورد الاستصحاب إنما هو بلحاظ طريقية اليقين من حيث الجري العملي بقاء و وجوب ترتيب الآثار في ظرف الشك و أما التعبد في مورد الشك الساري فهو بلحاظ التعبد بالحدوث‌ و ترتيب آثاره من عدم الإعادة و غيره و بين النظرين بون بعيد لايمكن الجمع بينهما بلحاظ واحد».و في المغني في الأصول، ج2، ص386 جعل الجهات الأربع إشكالات ثبوتية و أجاب عنها: «... إنه عندنا یقین و له قسمان: یقین متعقب بالشك الساري و یقین متعقب بالشك الطاري ... و بالنسبة إلى الحاكم یمكنه أن یقول: لاتنقض الیقین الحاصل سابقاً بالشك فیه، سواء أ كان شكاً ساریاً أم طارئاً، و النظر إلى الیقین في كلیهما بنحو الطریقیة، لا الموضوعیة، ... و علیه فإذا أمكن التصریح بالأقسام في الحكم أمكن الإطلاق».جواب المحقق العراقي. من إشكال المحقق النائیني في نهاية الأفكار، ج‌4قسم‌1، ص242: «إن قصارى ما قيل أو يمكن أن يقال في شمول الأخبار لمورد القاعدتين دعوى كون اليقين فيها عبارة عن مطلق اليقين بشي‌ء الأعم من الزائل و الباقي حين الحكم بحرمة النقض، مع أخذ متعلق اليقين و الشك المقدر في العبارة مطلق الشي‌ء الأعم من حدوثه و بقائه (إذ يستفاد) من مثله حكم صورة اليقين بالحدوث و الشك فيه و صورة اليقين بالحدوث و الشك في البقاء، و الأول مورد القاعدة، و الثاني مورد الاستصحاب.و على هذا التقريب لايرد عليه ما أفيد في المنع عن شمول الأخبار لكلّ من الاستصحاب و القاعدة من دعوى عدم إمكان الجمع بينهما في اللحاظ، لا من جهة اليقين، و لا من جهة المتيقن، و لا من جهة النقض، و لا من جهة الحكم ... .إذ فيه أن اليقين في كلا البابين لم يؤخذ إلا طريقاً و كاشفاً في زمان وجوده فعلاً أم سابقاً، كما أن المتيقن في البابين مجرد عن الزمان، إذ لايحتاج في القاعدة إلى أزيد من تعلق اليقين بالحدوث و الشك فيه، و حينئذ للقائل بالجمع بينهما يجامع واحدان يقول إن المتيقن هو طبيعة العدالة مثلاً الجامعة بين الحدوث و البقاء فإن هذا المعنى ينطبق على مورد القاعدة و الاستصحاب و لايريد القائل باستفادتهما من عموم الأخبار إلا هذا المقدار. و أما من جهة النقض و الحكم فالمراد بهما أيضاً عدم نقض اليقين الجامع بين الزائل و الباقي و لزوم الجري العملي على طبقه و إن لم‌يكن اليقين موجوداً حين الجري العملي كما في مورد القاعدة»
[6] مصباح الأصول( مباحث حجج و امارات- مكتبة الداوري)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج2، ص247.الظاهر أنّه أخذ هذا الاستدلال من الشیخ الأعظم في فرائد الأصول، ج‌3، ص، 309: « ثمّ لو سلّمنا دلالة الروايات على ما يشمل القاعدتين، لزم حصول التعارض في مدلول الرواية المسقط له عن الاستدلال به على القاعدة الثانية؛ لأنّه إذا شكّ في ما تيقّن سابقاً، أعني عدالة زيد في يوم الجمعة، فهذا الشكّ معارض لفردين من اليقين، أحدهما: اليقين بعدالته المقيّدة بيوم الجمعة، الثاني: اليقين بعدم عدالته المطلقة قبل يوم الجمعة، فتدلّ بمقتضى القاعدة الثانية على عدم نقض اليقين بعدالة زيد يوم الجمعة باحتمال انتفائها في ذلك الزمان، و بمقتضى قاعدة الاستصحاب على عدم نقض اليقين بعدم عدالته قبل الجمعة باحتمال حدوثها في الجمعة، فكلّ من طرفي الشكّ معارض لفرد من اليقين».أجاب المحقق الخراساني عنه في درر الفوائد، ص، 389: «إنّما يلزم لو كان كلّ واحد من نقض اليقين بعدم العدالة قبل يوم‌ الجمعة بشكّ، و نقض اليقين بالعدالة المقيّدة ثبوتها بذلك في مثل المثال في عرض الآخر، و لم‌يكن بينهما السببيّة و المسببية، و إلا لايعمّ العام إلا ما هو السّبب منهما ... و ليس كذلك، فإنّ كون نقض اليقين بعدم العدالة مع هذا الشّك نقضا بالشّك يتوقّف على عدم شمول النّهي لنقض اليقين بالعدالة المقيّدة و إلا كان نقضاً بغير الشك بل بالقطع بالعدالة المقيّدة و ما بحكمه بحكم هذا العام، و هذا بخلاف نقض اليقين بالعدالة المقيّدة مع هذا الشّك، فإنّه نقض بالشّك على كلّ حال من غير توقف على عدم شمول النهى لنقض اليقين بعدم العدالة المطلقة، بل و لو شمله غاية الأمر معه لايمكن أن يشمله أيضاً، و كان نقض اليقين بهذا الشكّ جائزاً، فإنّ النهي عن نقض اليقين بعدم العدالة بهذا الشك يلازم تجويز نقض اليقين بالعدالة المقيّدة بالشك، لا أنّه موجب لكونه نقضاً بغير الشّك».رده في المغني في الأصول، ج2، ص393: «إن المدار في جریان الأصول العملیة لو كان على الحدوث، بمعنی صرف وجود المنجز و المعذر حدوثاً لتمّ ما أراده لأنّه بمجرّد حدوث اليقين يتمّ التنجيز فلايبقى موضوع للحجية الأخرى و لكن مقتضى التحقيق أن المدار على تمامية المنجز و العذر حدوثاً و بقاءً و الفرض أن اليقين بعدالة زيد يوم الجمعة قد انتفى يوم السبت ففي يوم السبت يرتفع المانع عن جريان الاستصحاب فيتم موضوعه أي أنّه في يوم السبت و هي مرحلة البقاء تتم أركان الاستصحاب و أركان القاعدة معاً بدون أن تكون هناك طولية في البين فیبقی كلام الشیخ متیناً».راجع جواب بعض الأكابر على بيان الشيخ و تقرير المحقق النائيني. له في الاستصحاب، ص223
[7] و أشار إلى هذا الأمر في نهاية الأفكار، ج‌4قسم‌1، ص، 245: «نعم يمكن أن يجاب عن إشكال الشيخ. بمنع كون المعارضة دائمية كي توجب إلغاء القاعدة بالمرة، لأنه كثيراً يمكن فرض عدم جريان الاستصحاب، إما لأجل توارد الحالتين أو من جهة عدم اليقين السابق، إما لفرض الغفلة، و أما من جهة عدم الحالة السابقة، فإن في مثل تلك الموارد تجري القاعدة بلا معارضتها مع الاستصحاب‌»
[8] هنا إشكالات أخری من الأعاظم في مرحلة الإثبات:إشكال المحقق العراقي: «فالأولى حينئذ الإشكال على أخذ الجامع بين القاعدتين في استفادتهما من الأخبار بما ذكرناه أولاً، من محذور الجمع بين اللحاظين في عبارة واحدة في اللحاظ المقوم لإطلاق النقض في إرجاع الشك إلى المتيقن لكونه في القاعدة حقيقي و في الاستصحاب مسامحي لعدم تعلق الشك فيه بعين ما تعلق به اليقين دقة بل بقطعة أخرى تكون عينه مسامحة لا دقة. و بعد عدم إمكان الجمع بين هذين اللحاظين في كلام واحد فلابد من أن يكون بأحد النحوين، إما الدقي أو المسامحي و في مثله يتعين استفادة خصوص الاستصحاب‌ بقرينة الأسئلة الواردة في أخبار الباب و تطبيق الإمام حرمة النقض على الاستصحاب، فلايمكن حينئذ استفادة القاعدة منها. و مع الغضّ عن ذلك نقول: إن قوام الاستصحاب بعد أن كان باليقين بالثبوت و الشك في البقاء، كان التعبد به تعبداً ببقاء الشي‌ء في ظرف الفراغ عن أصل ثبوته، بخلافه في القاعدة فإن التعبد بها ناظر إلى الحكم بأصل ثبوته. و من المعلوم حينئذ اقتضاء الجمع بينهما للجمع بين لحاظ المتيقن في مرحلة التعبد مفروغ الثبوت و التحقق تارة، و عدم لحاظه كذلك أخرى و حيث لايمكن ذلك، فلابد من أن يكون بأحد النحوين إما بإرادة خصوص القاعدة أو الاستصحاب، فيتعين الثاني بقرينة الأسئلة و التطبيقات الواردة في تلك الأخبار». نهایة الأفكار، ج4ق1، ص243:أجاب عن هذا الإشكال بعض الأساطین في المغني في الأصول، ج2، ص391: «و أما إشكال المحقق العراقي فیندفع أولاً: بلابدیة رفع الید عن ظهور النقض، سواء في قاعدة الیقین أم في الاستصحاب؛ لأن متعلق النقض هو الیقین، و النهي –كالأمر- لایتعلقان إلا بالمقدور، و الیقین قد انتقض وجداناً بالشك في كلتا القاعدتین، فیستحیل بقاء النقض على معناه الحقیقي...ثانیاً سلمنا، و لكن لاینبغي الخلط بین الفرد و الجامع، فإن ما أفاده یرد على ما لو أخذ الفرد موضوعاً للحكم؛ فإن النقض في قاعدة الیقین حقیقي ...».إشكال المحقق الخوئي: «فلأن ظاهر قوله: «لاتنقض اليقين بالشك» عدم جواز نقض اليقين الفعلي بالشك الفعلي، إذ ظاهر القضايا إثبات الأحكام للموضوعات الفعلية، بلا فرق بين كونها متكفلةً لبيان الأحكام الواقعية أو الظاهرية، ... فظاهر قوله: «لاتنقض اليقين بالشك» حرمة نقض اليقين الفعلي بالشك. و لفظ النقض المستفاد من قوله: «لاتنقض» ظاهر في وحدة متعلق اليقين و الشك من جميع الجهات حتى من حيث الزمان، و إلّا لايصدق النقض. و التحفظ على هذين الظهورين مستحيل، لعدم إمكان اجتماع اليقين و الشك الفعليين في شي‌ء واحد من جميع الجهات حتى من حيث الزمان، فلابدّ من رفع اليد عن أحدهما، و من المعلوم أنّ رفع اليد عن الظهور الأوّل يوجب اختصاص الأخبار بموارد القاعدة، لعدم اليقين فيها، كما أنّ رفع اليد عن الظهور الثاني يوجب اختصاصها بالاستصحاب، لاختلاف متعلق اليقين و الشك من حيث الزمان في موارد الاستصحاب، و حيث إنّ الإمام طبّقها على موارد اختلاف متعلق اليقين و الشك من حيث الزمان، ... فعلم أنّ الظهور الثاني ليس بمراد قطعاً، فبقي الظهور الأوّل بحاله، فلايشمل موارد قاعدة اليقين، لعدم وجود اليقين الفعلي فيها». مصباح الأصول، ج‌2، ص292.أجاب عنه بعض الأساطین في المغني في الأصول، ج2، ص390: «و الجواب عن الإشكال أن یقال: إنا نسلم بما أفاده، من لزوم كون موضوع الحكم فعلیاً، و لكن في خصوص الیقین؛ إذ لا معنی لتعلق عدم النقض بالیقین غیر الموجود، و أما في الشك فلانسلم بذلك ...».إشكال من السید السیستاني.: «القرینة الرابعة و هذا هو الوجه المختار و یتوقف بیانه على مقدمتین:المقدمة الأولى: أن مرجع التمسك بالإطلاق اللفظي إلى التمسك بأصالة التطابق بین القضیتین اللبیة و اللفظیة بحسب الموضوع ... .المقدمة الثانیة: أن احدی الظواهر الإجتماعیة المتأصلة هي بیان المقاصد بنحو الإستعارة و الكنایة ... . إذا عرفت ذلك فنقول: قضیة «لاتنقض الیقین بالشك» من هذا القبیل بمعنی أن القضیة اللفظیة مغایرة للقضیة اللبیة فإن المراد الجدي لم‌یتعلق بنفس الیقین و الشك فإن من یخالف الاستصحاب أو یخالف قاعدة الیقین لاینقض یقیناً بشك بالمراد الجدي إما هو بیان اعتبار الیقین باقیاً و إن شك فیه فیكون قاعدة أو بیان إعتبار الیقین بالحدوث یقیناً بالبقاء فیكون الاستصحاب أو بیان الأمرین بجامع ...». الاستصحاب، ج3، ص121
logo