« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/10/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفصل الثاني؛ المسألة1؛ المطلب الأول؛ المبحث الأوّل؛ النظریة الأولی/ارباح المكاسب /كتاب الخمس

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب / الفصل الثاني؛ المسألة1؛ المطلب الأول؛ المبحث الأوّل؛ النظریة الأولی

 

المناقشة الرابعة:

قال صاحب الجواهر(قدسه سره): [و هي] قاصرة عن معارضة ما تقدّم من محكي الإجماع بل و محصله على الظاهر و ظاهر الكتاب و المعتبرة المستفيضة جدّاً، بل ما اشتمل منها على ثبوت سهم الله متواتر على الظاهر. [1]

المناقشة الخامسة:

قال المحقق الآملي(قدسه سره): هو ساقط عن الحجية بالإعراض، فالأقوى حينئذ ما عليه المشهور من تقسيم الخمس ستة أقسام. [2]

قال المحقق الخوئي(قدسه سره): مدلول الرواية لم يعمل به أحد حتى ابن الجنيد(قدسه سره).

المناقشة السادسة:

قال المحقق الخوئي(قدسه سره): الرواية ... معارضة للقرآن تضرب عرض الجدار. [3]

المناقشة السابعة:

قال صاحب الحدائق(قدسه سره): الأظهر عندي حمله على التقية فإن التقسيم إلى خمسة أقسام مذهب جمهور العامة. [4]

قال المحقق الآملي(قدسه سره): حمل الصحيح على التقية، فإنّ تقسيم الخمس إلى الأقسام الخمسة هو مذهب العامة، و قد نقله في المعتبر عن أبي حنيفة و الشافعي. [5]

المبحث الثاني: المراد من (ذي القربی) في الآية

النظریة الأولی: المقصود به الإمام(علیه السلام)

و هذه النظرية تبنّاها المشهور و أكثر الأعلام إلّا ما سيذكر عن البعض من تفسيره بأقرباء الرسول(صلی الله علیه و آله).

قال المحقق العراقي(قدسه سره): إنّ‌ المراد من ذوي القربى الأئمة المعصومون(علیهم السلام)، كما في خبر سليم، المصرح به بقوله: «و نحن و اللّه الذين عنى اللّه بذي القربى»[6] و عليه المشهور. [7]

قال المحقق الخوئي(قدسه سره): على المعروف و المشهور بل ادّعي الإجماع عليه من تفسير ذي القربى بالإمام(علیه السلام) و من بحكمه كالصدّيقة الطاهرة روحي فداها و صلوات اللّه عليها، و أنّ‌ هؤلاء المعصومين هم المعنيّون من ذوي القربى الذين أُمِرنا بمودّتهم لا كلّ‌ قريب. [8]

قال السید عبدالأعلی السبزواري(قدسه سره): فإنّه المراد بذي القربى نصّاً -كما تقدم-، و إجماعاً. و ما نسب إلى ابن الجنيد من تعميمه إلى غير الإمام أيضاً للإطلاق مردودٌ بالإجماع، و النص على التخصيص بالإمام(علیه السلام). [9]

الأدلة علی ذلك:

الدلیل الأول: الإجماع

قال الشیخ الطوسي(قدسه سره): عندنا أنّ سهم ذي القربى للإمام ... دليلنا: إجماع الفرقة و أخبارهم. [10]

و قال المحقق الحلي(قدسه سره) بعد أن استدلّ بالآية و بمرفوعة أحمد بن محمد و رواية ابن بكير قال: و الحجة كما ترى ضعيفة، لكن الشيخ ادعى إجماع الفرقة. [11]

قال صاحب الجواهر(قدسه سره): و المراد بذي القربى في الكتاب و السنة هو الامام(علیه السلام) بلا خلاف معتدٍّ به أجده فيه بيننا، بل الظاهر الإجماع عليه. [12]

الدلیل الثاني: الآية الشريفة

البيان الأول: مقتضى الإتيان بذي القربى بلفظ المفرد

قال المحقق الحلي(قدسه سره): لنا قوله تعالى (وَ لِذِي الْقُرْبى‌) و هو لفظ مفرد فلا يتناول أكثر من الواحد فينصرف إلى الامام، لأن القول بأن المراد واحد مع أنّه غير الإمام منفي بالإجماع.

لا يقال: أراد الجنس كما قال: «و ابن السبيل»، لأنا نقول: تنزيل اللفظ الموضوع للواحد على الجنس مجاز، و حقيقته إرادة الواحد فلا يعدل عن الحقيقة. و ليس كذلك قوله: ابن السبيل، لأن إرادة الواحد هنا إخلال بمعنى اللفظ، إذ ليس هناك واحد متعيّن يمكن حمل اللفظ عليه. [13]

قال العلّامة الحلي(قدسه سره): لنا: قوله تعالى (وَ لِذِي الْقُرْبى)‌ و هو يدلّ‌ على الوحدة، فلا يتناول الأقارب أجمع فيكون هو الإمام، إذ الثالث خرق الإجماع. [14]

الإیراد علیه:

قال المحقق الخوئي(قدسه سره): و أيّده المحقّق بأنّ‌ المذكور في الآية المباركة: ذي القربى بصيغة المفرد لا «ذوي القربى»، فهو شخص واحد معيّن و ليس هو إلّا الإمام، و إلّا فقرابته كثيرون. و لا بأس به تأييداً، أمّا الاستدلال فكلّا، لجواز أن يراد به الجنس كما في ابن السبيل. [15]

البيان الثاني: مقتضى عطف اليتامى و المساكين و ابن السبيل على ذي القربى

قال صاحب الجواهر(قدسه سره): لعلّ عطف اليتامى و المساكين و ابن السبيل مع أنّ المراد منهم أقرباؤه أيضاً يعيّن إرادة الإمام من الأول، فتأمل. [16]

قال المحقق الخوئي(قدسه سره): يمكن الاستفادة من نفس الآية المباركة، نظراً إلى أنّ‌ المراد من اليتيم و المسكين و ابن السبيل: خصوص السادة و أقرباؤه(صلی الله علیه و آله) من بني هاشم، دون غيرهم بالضرورة، فإنّ‌ لهم الزكاة. و عليه، فلو أُريد من ذوي القربى مطلق القرابة كانت الأسهم حينئذٍ خمسة لا ستّة، فلا مناص من إرادة الإمام خاصّة ليمتاز أحد السهمين عن الآخر.

فإن قيل: لعلّ‌ المراد من ذي القربى الأغنياء من بني هاشم. قلنا: إنّ‌ الضرورة على خلافه و إن التزم به العامّة، فإنّ‌ الروايات الكثيرة قد نطقت بأنّ‌ الزكاة أوساخ ما في أيدي الناس و قد جعل الخمس بدلاً عنها لبني هاشم، فيعتبر فيه الفقر قطعاً كما في الزكاة، و لا يعطى للغنيّ‌ شيء.

و بالجملة: المراد من ذي القربى غير اليتيم و المسكين و ابن السبيل من السادة بمقتضى المقابلة، و ليس هو الغني منهم قطعاً، فينحصر في الإمام بطبيعة الحال، إذ لو كان أحد غير الفقير مورداً للخمس فليس هو إلّا الإمام ... و لا بأس به تأييداً، أمّا الاستدلال فكلّا، لجواز أن يراد به الجنس كما في ابن السبيل. [17]

الدليل الثالث: الأخبار المستفیضة

و منها: صحيحة البزنطي

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنِ الرِّضَا(علیه السلام) قَالَ: سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ﴿وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى﴾) فَقِيلَ لَهُ: فَمَا كَانَ لِلَّهِ فَلِمَنْ هُوَ؟ فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ(صلی الله علیه و آله)- وَ مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ(صلی الله علیه و آله) فَهُوَ لِلْإِمَامِ فَقِيلَ لَهُ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ صِنْفٌ مِنَ الْأَصْنَافِ أَكْثَرَ وَ صِنْفٌ أَقَلَّ مَا يُصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ(علیه السلام): ذَاكَ إِلَى الْإِمَامِ أَرَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ(صلی الله علیه و آله) كَيْفَ يَصْنَعُ؟ أَ لَيْسَ إِنَّمَا كَانَ يُعْطِي عَلَى مَا يَرَى، كَذَلِكَ الْإِمَامُ. [18]

أما الدلالة: یمکن أن یناقش فیه بأنّه یمکن أن نتصور انتقال سهم الله تعالی و سهم الرسول(صلی الله علیه و آله) إلی الإمام(علیه السلام) و مع ذلک نفسّر ذي القربی بأقرباء الرسول(صلی الله علیه و آله) من بني هاشم، فهذه الروایة لیست دالةً علی أنّ المراد من ذي القربی هو الإمام(علیه السلام).

منها: روایة سلیم بن قیس

الكافي: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ(علیه السلام) يَقُولُ: نَحْنُ وَ اللَّهِ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ بِذِي الْقُرْبَى الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَ نَبِيِّهِ(صلی الله علیه و آله) فَقَالَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‌ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‌ فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‌ وَ الْيَتامى‌ وَ الْمَساكِينِ مِنَّا خَاصَّةً وَ لَمْ يَجْعَلْ لَنَا سَهْماً فِي الصَّدَقَةِ أَكْرَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَ أَكْرَمَنَا أَنْ يُطْعِمَنَا أَوْسَاخَ مَا فِي أَيْدِي النَّاس. [19]

و الرواية موجودة في كتاب سليم بن قيس المطبوع.[20]

أما السند: قد أشكل في سند الرواية بوجود أبان بن أبي عياش فإنّه ضعيف أو غير ممدوح.

قال الشيخ المفيد(قدسه سره) في خبر تمسّك به الشيخ الصدوق(قدسه سره): و أما ما تعلق به أبو جعفر) من حديث سليم الذي رجع فيه إلى الكتاب المضاف‌ إليه برواية أبان بن أبي عياش فالمعنى فيه صحيح غير أن هذا الكتاب غير موثوق به و لا يجوز العمل على أكثره و قد حصل فيه تخليط و تدليس فينبغي للمتدين أن يجتنب العمل بكل ما فيه و لا يعول على جملته‌ و التقليد لرواته‌ و ليفزع إلى العلماء فيما تضمنه من الأحاديث ليوقفوه‌ على الصحيح منها و الفاسد و الله الموفق للصواب. [21]

و قال ابن الغضائري في ترجمة أبان بن أبي عياش: أبان‌ بن‌ أبي‌ عياش‌، و اسم أبي عياش: فيروز. تابعي، روى عن أنس بن مالك. و روى عن علي بن الحسين(علیهما السلام). ضعيف، لا يلتفت إليه. و ينسب أصحابنا وضع «كتاب سليم بن قيس» إليه.‌ [22]

قال ابن الغضائري في ترجمة سليم: الكتاب‌ موضوع‌، لا مرية فيه، و على ذلك علامات فيه تدل على ما ذكرناه. منها: ما ذكر أن محمد بن أبي بكر وعظ أباه عند موته.و منها: أن الأئمة ثلاثة عشر. و غير ذلك. [23]

قال الشيخ الطوسي(قدسه سره): أبان‌ بن‌ أبي‌ عياش‌ فيروز، تابعي، ضعيف.[24]

يمكن توثيقه بعدّة طرق:

الوجه الأول: رواية ابن أبي عمير و هو من مشايخ الثقات عنه بواسطة ابن أذينة و إبراهيم بن عمر اليماني. و هذا علی القول باعتبار من روی عنه مشایخ الثقات ولو بالواسطة.

الوجه الثاني: كثرة رواية الأجلاء فقد روى عنه عمر بن أذينة[25] و إبراهيم بن عمر اليماني.

الوجه الثالث: إن كتاب سليم بن قيس كان من الأصول المعوّل عليها و يبعد التعويل عليه مع ضعف راويه.

فقد قال النعماني في كتاب الغيبة: ليس‌ بين‌ جميع‌ الشيعة ممن حمل العلم و رواه عن الأئمة(علیهم السلام) خلاف في أن كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول التي رواها أهل العلم من حملة حديث‌ أهل البيت(علیهم السلام) و أقدمها، لأن جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنما هو عن رسول الله(صلی الله علیه و آله) و أمير المؤمنين(علیه السلام) و المقداد و سلمان الفارسي و أبي ذر و من جرى مجراهم ممن شهد رسول الله(صلی الله علیه و آله) و أمير المؤمنين(علیه السلام) و سمع منهما و هو من الأصول التي ترجع الشيعة إليها و يعول عليها. [26]


[20] باختلاف يسيرفالموجود يه: « فنَحْنُ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ بِذِي‌ الْقُرْبى‌ وَ الْيَتامى‌ وَ الْمَساكِينِ وَ ابْن‌السَّبِيلِ‌ كُلُّ هَؤُلَاءِ مِنَّا خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَنَا فِي سَهْمِ الصَّدَقَةِ نَصِيباً وَ أَكْرَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ص وَ أَكْرَمَنَا أَنْ يُطْعِمَنَا أَوْسَاخَ‌ أَيْدِي النَّاسِ‌». كتاب سليم بن قيس، الأنصاري، محمد باقر، ج1، ص265.
[25] قد روی عنه عمر بن أذینة أکثر من خمسین و إبراهیم بن عمر الیماني أکثر من ثلاثین.
logo