46/08/16
بسم الله الرحمن الرحیم
ثمرة البحث/دوران الأمر بین النسخ والتخصیص /العامّ والخاصّ
الموضوع: العامّ والخاصّ/دوران الأمر بین النسخ والتخصیص /ثمرة البحث
متن الکفایة:
ثم لا يخفى ثبوت الثمرة بين التخصيص والنسخ ، ضرورة إنّه على التخصيص يبنى على خروج الخاص عن حكم العام رأساً ، وعلى النسخ ، على ارتفاع حكمه عنه من حينه ، فيما دار الأمر بينهما في المخصص ، وأما إذا دار بينهما في الخاص والعام ، فالخاص على التخصيص غير محكوم بحكم العام أصلاً ، وعلى النسخ كان محكوماً به من حين صدور دليله ، كما لا يخفى.[1]
المطلب الثالث: ثمرة البحث في النسخ والتخصيص
كما سبق بيانه في المباحث الماضية، إنّ ثمرات المباحث الأصوليّة لا تخرج عن حالتين: فإمّا أن تكون ثمرة علميّة تُستفاد في قواعد أصوليّة أخرى، كالوضع في صيغة الأمر الذي يُوظَّف في مبحث الضدّ، وإمّا أن تكون ثمرة عمليّة تظهر في التطبيقات الفقهيّة.
وما نحن فيه من البحث، له ثمرة علميّة وأخرى عمليّة أيضاً.
أمّا الثمرة العلميّة، فمنها: أنّه إذا قلنا في موردٍ ما بتخصيص الدليل الخاصّ أو بنسخه، ففي الفترة بين ورود العامّ وورود الخاصّ، فإنّه في الصورة الأولى (أي مع القول بالتخصيص)، لا تكون الأفراد الخاصّة من مصاديق المأمور به، ولم يتعلّق بها أمر المولى؛ وأمّا في الصورة الثانية (أي مع القول بالنسخ)، فهي من المأمور به، وقد تعلّق بها أمر المولى. وكما سبق، فإنّه مع التردّد بين التخصيص والنسخ، يجب الرجوع إلى الأصول العمليّة.
وكذلك إذا كان الدليل العامّ مؤخَّراً، ففي فرض النسخ يشمل حكمه الأفراد الخاصّة أيضاً، فتكون داخلة في المأمور به، كما مضى بيانه وتفصيله.
وأمّا الثمرة العمليّة التطبيقيّة، فتظهر في الأدلّة الشرعيّة، كما في قوله تعالى: ﴿لا تَنكِحُوا المُشرِكاتِ حَتّى يُؤمِنَّ﴾ الذي يدلّ على حرمة الزواج بالمشركات مطلقاً، ومنهنّ نساء أهل الكتاب؛وقوله تعالى: ﴿والمُحصَناتُ مِنَ الّذينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبلِكُم﴾
الذي يدلّ على جواز نكاح العفائف من أهل الكتاب.
فإن قلنا بأنّ الآية العامّة ناسخة للخاصّة، لم يجز نكاح نساء أهل الكتاب مطلقاً، ولو كنّ عفائف؛ وأمّا إن قلنا إنّ الآية الخاصّة مخصّصة للعامّة أو ناسخة لها، جاز نكاح العفائف منهنّ. فالمقام دائر بين النسخ والتخصيص، فإن قُدِّم التخصيص على النسخ ـ كما ذهب إليه المحقّق الخوئي(رحمه الله) في جميع الصور ـ حُكم بالجواز، وإلّا وجب الرجوع إلى الأصول العمليّة.
وأمّا الثمرة العمليّة في الأمور العرفيّة، فتتجلّى في باب الوصيّة، كما لو أوصى شخصٌ سابقاً بأنّ مرکَبه الفلانيّ لولده حسين، ثم أوصى لاحقاً بأنّ جميع مركباته لدار الرعاية الإجتماعیّة ، فإن حُملت الوصيّة الأولى على النسخ، سُلِّمت جميع المركبات للدار، وإن حُملت على التخصيص، سُلِّمت تلك المركبة الخاصّة لابنه.