« قائمة الدروس
بحث الکفاية الأصول الأستاذ حمیدرضا آلوستاني

46/08/06

بسم الله الرحمن الرحیم

تفصیل الحالات المتصورة/دوران الأمر بین النسخ والتخصیص /العامّ والخاصّ

 

الموضوع: العامّ والخاصّ/دوران الأمر بین النسخ والتخصیص /تفصیل الحالات المتصورة

 

متن الکفایة:

وإن كان العام وارداً بعد حضور وقت العمل بالخاص ، فكما يحتمل أن يكون الخاص مخصصاً للعام ، يحتمل أن يكون العام ناسخاً له ، وإن كان الأظهر أن يكون الخاص مخصصاً ، لكثرة التخصيص ، حتى اشتهر ( ما من عام إلّا وقد خص ) مع قلة النسخ في الأحكام جداً ، وبذلك يصير ظهور الخاص في الدوام ـ ولو كان بالإِطلاق ـ أقوى من ظهور العام ولو كان بالوضع ، كما لا يخفى ، هذا فيما علم تاريخهما.

 

الصورة الخامسة:

في هذه الصورة يدور الأمر في الواقع بين احتمالين: الأول: أن يكون الدليل الخاص مخصِّصاً للدليل العام، وفي هذه الحالة يثبت الحكم لبعض أفراد العام دون جميعهم. والثاني: أن يكون الدليل العام ناسخاً للدليل الخاص، وفي هذه الحالة يثبت الحكم لجميع أفراد العام.

وقد تعرّض المصنّف(رحمه الله) هذه المسألة في مقامين:

المقام الأول: من حيث مقام الثبوت، وهو ما يرتبط بالإمكان العقلي والواقعي،

والمقام الثاني: من حيث مقام الإثبات، أي ما يثبته الدليل في مقام العمل والاستنباط.

 

ففي مقام الثبوت، يرى المصنّف(رحمه الله) أنّ كلا الاحتمالين ممكن: أي يمكن أن يكون الخاص مخصِّصاً ويمكن أن يكون العام ناسخاً.

وأما في مقام الإثبات، فيرجّح المصنّف(رحمه الله) كون الدليل الخاص مخصِّصاً للعام، وذلك لكثرة موارد التخصيص في الشريعة وندرة وقوع النسخ.

 

ثم يقول المصنّف: (رحمه الله) مع أننا نرى في مبنانا الأصولي أنّ تقديم الخاص على العام يتوقف على أن يكون الخاص أظهر من العام، فلو كان ظهور العام في العموم أقوى – كما في دلالة الوضع مثل: «أكرم العلماء جميعاً» – وكان الخاص ظاهراً فقط – كما في: «لا تكرم الفساق»، التي دلالته اطلاقية متوقفة على مقدمات الحكمة – في هذه الصورة لا يُقدَّم الخاص على العام.

ولكن في محل البحث، وبالنظر إلى ما تقدم من شيوع التخصيص وندرة النسخ، فإن الدليل الخاص يكون ظاهراً في الدوام والاستمرار، ويبقى على حاله ولا يُنسَخ، وبالتالي يُخصَّص به العام، حتى لو كانت دلالة الخاص اطلاقية وقائمة على مقدمات الحكمة، وكانت دلالة العام وضعية. فافهم.

 

فائدة:

ناقش المحقق الخوئي(رحمه الله) فیما ذكره المصنّف(رحمه الله) في مقام الإثبات والنتيجة التي توصل إليها، فقال: ما ذكره المصنّف(رحمه الله) من أن الدليل الخاص في محل البحث يُقدَّم على العام في كل حال، حتى إذا كان ظهوره في الدوام والاستمرار مبنياً على الإطلاق ومقدمات الحكمة، وكان ظهور العام في الاستمرار وضعياً، مثل «أكرم العلماء أبداً»، غير صحيح: «و السبب فيه هو أنه لا يمكن الحكم بتقديم الخاص على العالم في هذه الصورة حيث إن العام يصلح أن يكون بياناً على خلاف الخاص ومعه كيف تجري مقدمات الحكمة فيه..[1]

 

وأما ما ذكره المصنّف(رحمه الله) في مقام الثبوت من قبول إمكان النسخ وإمكان التخصيص، فيرى المحقق الخوئي(رحمه الله) أن هذا المعنى قد يُقبل في الأحكام الصادرة عن الموالي العرفيين، لأن تقديم وتأخير جعل الأحكام في القوانين العرفية أمر معقول، وأما بالنسبة إلى المولى الشرعي والأحكام الشرعية، فذلك غير معقول، لأن التقديم والتأخير الزماني في هذا السياق لا معنى له، إذ إن أهل البيت عليهم السلام في مقام البيان يصدر منهم مضمون واحد، فبيانهم – وإن اختلف زمان صدوره – إلا أنه من حيث المضمون متقارن، فـ«مثلاً: العام الصادر عن الصادق (علیه السلام) مقارن مع الخاص الصادر عن أمير المؤمنين (علیه السلام) بل عن رسول الله (صل الله علیه وآله)...وعليه فلا موجب لتوهُّم كونه ناسخاً للخاص، بل لا مناص من جعل الخاص مخصِّصاً له[2]


logo