« قائمة الدروس
بحث الکفاية الأصول الأستاذ حمیدرضا آلوستاني

46/08/04

بسم الله الرحمن الرحیم

تفصیل الحالات المتصوّرة/دوران الأمر بین النسخ والتخصیص /العامّ والخاصّ

 

الموضوع: العامّ والخاصّ/دوران الأمر بین النسخ والتخصیص /تفصیل الحالات المتصوّرة

متن الکفایة:

«فصل

لا يخفى أن الخاص والعام المتخالفين ، يختلف حالهما ناسخاً ومخصصاً ومنسوخاً ، فيكون الخاص : مخصصاً تارةً ، وناسخاً مرة ، ومنسوخاً أُخرى.

وذلك لأن الخاص إن كان مقارناً مع العام ، أو وارداً بعده قبل حضور وقت العمل به ، فلا محيص عن كونه مخصصاً وبياناً له.

وإن كان بعد حضوره كان ناسخاً لا مخصصاً ، لئلا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة فيما إذا كان العام وارداً لبيان الحكم الواقعي ، وإلاّ لكان الخاص أيضاً مخصصاً له ، كما هو الحال في غالب العمومات والخصوصات في الآيات والروايات.[1] »

 

النظریة الثالثة: ذهب المحقق الخراساني(رحمه الله) إلى التفصيل، فذهب إلى أنه إن كان الدليل الخاصّ بيانًا للحكم الواقعي، لم يكن التخصيص معقولًا، وكان ناسخًا للدليل العامّ، لأن التخصيص في هذه الصورة يستلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهو قبيح. وأما إن لم يكن الدليل الخاصّ بيانًا للحكم الواقعي -كما هو الحال في غالب العمومات والخصوصات- كان مخصصًا للدليل العامّ.

وبعبارة أخرى: إنّ المولى حينما يشرّع الأحكام ويجعل الدليل مثل «أکرم العلماء»، يمكن أن يكون له نظران:

أحدهما: أن يجعل الحكم لجميع الأفراد والمصاديق، بحيث يكون الجميع داخلًا في إرادته الجدية؛ ففي هذه الصورة يكون الدليل الخاصّ -في الفرض المذكور- ناسخًا قطعًا لا مخصصًا، لأن التخصيص يلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة.

والآخر: أن لا يكون الحكم مجعولًا لجميع الأفراد والمصاديق، بل يكون بعضهم خارجًا عن إرادته الجدية، إلا أنّ المولى -لمصلحةٍ مّا- يثبت الحكم ظاهرًا على الجميع، ففي هذه الصورة يكون الدليل الخاصّ -في الفرض المذكور- مخصصًا قطعًا لا ناسخًا، لأن النسخ إنما يتصور فيما لو كان جميع الأفراد في الواقع مشمولين لملاك الحكم ومناطه، وكان الحكم محدودًا بزمان معين، بينما في هذه الصورة، الأفراد المستثنون ليسوا في الواقع مشمولين لملاك الحكم ومناطه، وإنما جُعل الحكم عليهم ابتداءً لمصلحةٍ من المصالح، مع كونهم غير واجدين لملاك الحكم ومناطه.

 

فائدة

وقد أورِدَ علی هذه النظرية بأن هذا التفصيل خارج عن محلّ النزاع، إذ البحث إنما هو في دوران الأمر بين التخصيص والنسخ، بينما وفاقًا لما ذكره المصنّف(رحمه الله)، هناك قرينةٌ في على تعيّن النسخ في صورةٍ ، وقرينةٌ على تعيّن التخصيص في صورة أخری، إلا أن يُقال: إن مراد المصنّف هو أنّه في بعض الموارد لا يُعلم هل الدليل العامّ في مقام بيان الحكم الواقعي أم لا؟ ففي مثل هذه الموارد، يكون الأمر دائراً بين النسخ والتخصيص، ويكون داخلًا في محلّ النزاع.

 

أما المقام الثاني: فإنه على المبنى الأول لا مجال للتخصيص أصلًا، حتى يُبحث عن ترجيح النسخ عليه أو العكس، وكذا على المبنى الثاني لا مجال للنسخ، فلا يُتصور الترجيح، وأما على مبنى المصنّف، ففي غالب الموارد يتعيّن التخصيص، ولا مجال للنسخ حتى يُبحث عن الترجيح.

 

نعم، بعد التسليم بالإشكال المتقدم على مبنى المصنّف، ورجوع نظريته إلى أنّه في محلّ البحث يمكن كلا الأمرين أي النسخ والتخصيص، فإنه وفقًا للأدلة المتقدمة في الصورة الثانية -من قبيل شيوع التخصيص وكثرة وقوعه، وندرة النسخ- يتعيّن تقديم التخصيص على النسخ، كما ذهب إليه المحقق الخوئي(رحمه الله) في المحاضرات، حيث قال بعد بيان الصورة الثالثة ونقدها ومناقشتها في ختام كلامه: «وعلى ضوء هذه النتيجة، يتعين كون الخاصّ المتأخر الوارد بعد حضور وقت العمل بالعامّ مخصصًا لا ناسخًا، وعليه فلا إشكال في تخصيص عمومات الكتاب والسنة الواردة في عصر النبي الأكرم بالمخصصات الواردة في عصر الأئمة الأطهار، حيث إنّ المصلحة تقتضي تأخيرها عن وقت العمل، أو كانت في تقديمها مفسدة ملزمة تمنع عنه[2]


logo