« قائمة الدروس
بحث الکفاية الأصول الأستاذ حمیدرضا آلوستاني

46/07/22

بسم الله الرحمن الرحیم

أدلة المخالفین و نقدها/تخصیص الکتاب بخبر الواحد /العامّ والخاصّ

 

الموضوع: العامّ والخاصّ/تخصیص الکتاب بخبر الواحد /أدلة المخالفین و نقدها

 

متن الکفایة:

«إنّه لا محيص عن أن يكون المراد من المخالفة في هذه الإخبار غير مخالفة العموم ، إن لم نقل بأنّها ليست من المخالفة عرفاً ، كيف؟ وصدور الأخبار المخالفة للكتاب بهذه المخالفة منهم عليهم‌السلام كثيرة جداً ، مع قوة احتمال أن يكون المراد أنّهم لا يقولون بغير ما هو قول الله تبارك وتعالى واقعاً ـ وإن كان هو على خلافه ظاهراً ـ شرحاً لمرامه تعالى وبياناً لمراده من كلامه ، فافهم.

والملازمة بين جواز التخصيص وجواز النسخ به ممنوعة ، وإن كان مقتضى القاعدة جوازهما ، لاختصاص النسخ بالإِجماع على المنع ، مع وضوح الفرق بتوافر الدواعي إلى ضبطه ، ولذا قل الخلاف في تعيين موارده ، بخلاف التخصيص[1]

نقد الدلیل الثالث:

وثانياً: إنّ هذه الموارد عرفاً لا تُعدّ من مصاديق المخالفة، لأنّنا نجد كثيرا من أمثال هذه المخالفة بين الأخبار والروايات، بل وحتى بين الآيات القرآنية، ومع ذلك فإنّها قطعاً صادرة عن أهل البيت (عليهم السلام) أو عن الشارع المقدّس.

وثالثاً: ربما كان مراد أهل البيت (عليهم السلام) من الروايات المذكورة هو ترك ما يخالف الحكم الواقعي، لا ما يخالف ظاهر الكتاب. ومع ذلك، إنّ هذا الجواب قابل للمناقشة من جهات متعددة، مثل كونه إحالة إلى المجهول؛ إذ إنّ تشخيص الحكم الواقعي بالنسبة إلينا أمر غير ممكن. ولذلك قال المصنّف: «فافهم»، و هذا إشارة إلى ضعف هذا الجواب.

بيان الدليل الرابع:

قال المحقّق الخوئي(رحمه الله) عند عرض الدليل والشبهة الرابعة: «لو جاز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد لجاز نسخه به أيضاً، حيث إنه قسم من التخصيص، وهو التخصيص بحسب الأزمان، فلا فرق بينهما إلا أن التخصيص المصطلح تخصيص بحسب الأفراد الأرضية، وذاك تخصيص بحسب الأفراد الطولية»[2] .

وخلاصة هذا الدليل أنّه إذا كان تخصيص العام الكتابي بخبر الواحد جائزاً، فإنّ ذلك يستلزم جواز نسخ العام الكتابي به أيضاً، لأنّ النسخ والتخصيص كلاهما من نوع واحد ويدلان على التضييق. التخصيص يضيّق دائرة الأفراد، بينما النسخ يضيّق دائرة الأزمنة. وحيث إنّ نسخ العام الكتابي بخبر الواحد غير جائز باتفاق العلماء، فإنّ تخصيصه أيضاً لا يجوز.

نقد الدليل الرابع:

قال المصنّف(رحمه الله) في الجواب:

أولاً: بحسب أنّ النسخ والتخصيص كلاهما من نوع واحد ويدلان على التضييق، وبحسب قاعدة «حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد»، لا ينبغي التفريق بينهما في الجواز وعدم الجواز، إلا أنّ هناك فرقاً بينهما. وهو أنّه في مسألة عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد، يوجد إجماع، بينما في مسألة عدم جواز تخصيص العام الكتابي بخبر الواحد لا يوجد مثل هذا الإجماع.

وثانياً: إن هناک فرق آخر بین النسخ و التخصیص و هو أن الدواعي للضبط والتسجيل ونقل موارد النسخ كثيرة، ولذلك إذا وقع النسخ فإنه کثیرا ما يُنقل إلينا. ولهذا السبب، إنّ نسخ القرآن بخبر الواحد لم يُقبَل عند العلماء. ومع ذلك، إنّ خبر الواحد الدال على التخصيص ليس كالنسخ، ولذلك لا توجد ملازمة بين النسخ والتخصيص.

خاتمة:

إنّ لهذا البحث أیضاً ثمرات متعددة وردت في الكتب الفقهية. ومن أهم الفروع الفقهية في باب النكاح، مسألة: هل يجوز الزواج بالعمة وبنت أخيها، أو بالخالة وبنت أختها في وقت واحد؟ نقل العلّامة(رحمه الله) في مختلف الشيعة[3] عن ابن جنيد الإسكافي وابن أبي عقيل القول بالجواز. ودليلهم في ذلك هو عموم الآية 24 من سورة النساء، حيث قال الله تعالى بعد ذكر المحرّمات في النكاح: ﴿وأحلّ لکم ما وراء ذلکم﴾ وهذه الآية بعمومها تقتضي جواز الجمع بين نكاح العمة وبنت أخيها، أو الخالة وبنت أختها. وفي المقابل، ذهب المشهور من الفقهاء إلى القول بأنّ جواز الجمع بينهما مشروط برضا العمة والخالة. واستدلوا على ذلك بالروايات، مثل رواية الإمام الباقر (عليه السلام) التي قال فيها: «لا تُنكَح المرأة على عمتها ولا على خالتها إلا بإذن العمة والخالة». وبناءً على هذه الأخبار، يُخصّص العموم القرآني المذكور.[4]


[4] . و إن شئت المزید من الفروع فراجع إلی تنقیح الرائح، ج3، ص373؛ ومهذب البارع، ج3، ص529.
logo