« قائمة الدروس
بحث الکفاية الأصول الأستاذ حمیدرضا آلوستاني

46/07/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الآراء في المسألة/تخصیص الکتاب بخبر الواحد /العامّ والخاصّ

 

الموضوع: العامّ والخاصّ/تخصیص الکتاب بخبر الواحد /الآراء في المسألة

 

الآراء في المسألة

إنّ هناك خمسة آراء رئيسة في هذه المسألة كما صرّح بعض العلماء، كأبي الحسن الآمدي في كتابه الإحكام، والمحقّق القمّي(رحمه الله) في القوانين، وصاحب الفصول(رحمه الله):

 

الرأي الأوّل: جواز تخصيص العمومات القطعيّة الصدور بواسطة خبر الواحد مطلقاً. وكما نصّ الآمدي في الإحكام، إنّ المذاهب الأربعة عند أهل السنّة قائلةٌ بجواز التخصيص، ولذلك نُسب هذا الرأي في بعض كتبهم إلى أكثر فقهائهم.

وقد ذُكر أنّ علماء الإماميّة قالوا بهذا الرأي أیضاً، بل إنّ المحقّق الخوئي(رحمه الله) ادّعى عدم الخلاف في ذلك. وما ذهب إلیه بعضهم، كالشيخ الأنصاري(رحمه الله)، من عدم الجواز إنما هو من حيث البحث العلمي في علم الأصول، فإنّه من حيث العمل ومقام الاستنباط قائلٌ بالجواز.

الرأي الثاني: عدم الجواز مطلقاً، وهو رأيٌ نُسب إلى بعض علماء العامّة. فالفخر الرازي، بعد قبوله بجواز التخصيص، قال: «وقال قوم: لا يجوز أصلاً»[1] . وكذلك الآمدي، بعد نقل القول بالجواز وقبوله له، قال: «ومن الناس من منع ذلك مطلقاً»[2] . وهذه العبارات تدلّ على أنّ القول بعدم الجواز مطلقاً ليس بمقبول بين علماء العامّة.

الرأي الثالث: التفصيل، وهو القول بجواز التخصيص بخبر الواحد الظني الصدور إذا خُصّص العامّ ولو مرّةً واحدةً بواسطة الخاصّ القطعيّ الصدور، وإلا فلا يجوز تخصيصه بخبر الواحد الظنّي الصدور. وقد نُسب هذا الرأي إلى عيسى بن أبان من أصحاب أبي حنيفة، كما ذكره الآمدي.

وقد علّل المحقّق الخوئي(رحمه الله) هذا الرأي بقوله: «ولعلّ وجهه هو تخيّل أنّ التخصيص يوجب التجوّز في العامّ، فإذا صار العامّ مجازاً بعد التخصيص، جاز تخصيصه ثانياً بخبر الواحد، نظراً إلى أنّ التخصيص الثاني لا يوجب شيئاً زائداً على ما فعله فيه التخصيص الأوّل، وعليه فلا مانع منه». ثمّ نقد هذا التعليل قائلاً: «وفيه ما عرفتَ من أنّ التخصيص لا يوجب التجوّز في العامّ»[3] .

ويبدو أنّ التفصيل المذكور لا يتوقّف على حصول المجازيّة في العامّ بعد تخصيصه، بل إنّ المقصود هو أنّه إذا خُصّص الدليل العامّ القطعيّ الصدور بواسطة الخاصّ القطعيّ الصدور، فإنّ ذلك يُفهم أنّ المراد الجديّ للمولى ليس المعنى الذي يدلّ عليه العامّ، وعليه يصبح من الممكن تخصيصه بخبر الواحد.[4]

الرأي الرابع: التفصيل على نحوٍ آخر، وهو القول بجواز التخصيص بخبر الواحد الظنّي الصدور إذا خُصّص العامّ مرّةً واحدةً بواسطة المخصص المنفصل القطعي الصدور، أما إذا لم يكن العامّ قد خُصّص من قبل، أو خُصّص بواسطة المخصص المتصل القطعيّ الصدور -كالاستثناء- فلا يجوز تخصيصه بخبر الواحد. وقد نُسب هذا الرأي، كما في عبارات الآمدي وبعض العلماء، إلى أبي الحسن الكرخي من علماء المذهب الحنفي.

وقد علّل المحقّق الخوئي(رحمه الله) هذا الرأي بقوله: «ولعلّ وجهه هو أنّ الأوّل لا يوجب التجوّز في العامّ دون الثاني». ثمّ نقد هذا التعليل قائلاً: «وفيه ما مرّ من أنّ التخصيص مطلقاً لا يوجب التجوّز فيه»[5] . ومع ذلك، يبدو أنّ وجه هذا التفصيل کما ذکر هو أنّه بعد تخصيص العامّ القطعيّ الصدور بواسطة المخصّص المنفصل، يظهر أنّ الظهور المنعقد ليس هو المراد الجديّ للمولى، فيصبح هذا الظهور متزلزلاً إلى حدّ ما، وبالتالي يجوز تخصيصه بخبر الواحد الظنّي الصدور.

الرأي الخامس: التوقّف، وهو رأيٌ نُسب في عبارات الآمدي وبعض العلماء إلى القاضي أبي بكر الباقلاني من علماء الأشاعرة. وكما سبق ذكره، إنّ بعض علماء الإماميّة، كالمحقّق الحلّي في معارج الأصول، قالوا بالتوقّف من حيث البحث العلميّ والنظريّ.

 


[4] و یمکن نقد هذا التفصیل -علی تحریر الأستاذ من کلام قائله- بأن تخصیص الدلیل القطعی و کشف المراد الجدی للمتکلم إنما هو بواسطة الدلیل القطعي و ما دام لم یکن في البین دلیل قطعي آخر لیس بإمکاننا کشف المراد الجدی للمتکلم ثانیاً.
logo