« قائمة الدروس
بحث الکفاية الأصول الأستاذ حمیدرضا آلوستاني

46/07/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الأقوال في المسئلة/وقوع الاستثناء بعد الجمل المتعددة /العامّ والخاصّ

 

الموضوع: العامّ والخاصّ/وقوع الاستثناء بعد الجمل المتعددة /الأقوال في المسئلة

 

فصل

الاستثناء المتعقب لجمل متعددة ، هل الظاهر هو رجوعه إلى الكلّ أو خصوص الأخيرة، أو لا ظهور له في واحد منهما، بل لابد في التعيين من قرينة؟ أقوال.[1]

 

قبل الورود في أصل البحث و بیان نظریة المصنف(رحمه الله)، من المناسب أن تُذکر الأقوال فی المسألة بشکل إجمالی. إنّ أهمّ الأقوال في هذه المسألة حتى زمان المحقّق الخراساني(رحمه الله) تنقسم إلى ثلاث:

 

1.رجوع الاستثناء إلى الجملة الأخیرة فقط، ولا یثبت رجوعه إلى الجمل الأخرى إلا بقرینة. بمعنى أنّه یظهر في الرجوع إلى الجملة الأخیرة، وینفي رجوعه إلى الجمل المتقدّمة. وعلیه،إن احتمال رجوع الاستثناء إلى الجمل الأخری هو احتمال غیر معتبر، وتبقى عمومیة المستثنى منه في الجمل الأخرى على حالها. وقد نسب العلامة(رحمه الله) هذا القول في النهایة إلى أبی حنیفة وأصحابه، وهو مختاره کما في النهایة[2] والمبادی[3] . واختار صاحب الفصول(رحمه الله) أیضاً هذا الرأي حیث قال:«والتحقیق عندی أن أدوات الاستثناء موضوعة بالوضع العام لإخراج الأفراد مطلقاً، دون فرق بین کون المستثنى منه واحداً أو متعدداً... وأما من حیث الظهور الناشئ عن ملاحظة عموم ما عدا الأخیرة فالحق اختصاصه بالعود إلى الجملة الأخیرة»[4] . بمعنى أن أدوات الاستثناء وإن کانت لها قابلیة الرجوع إلی جمیع الجمل لفظاً فإنها موضوعة للإخراج، إلا أن ظهورها عند الإطلاق وعرف المتکلّمین یکون في الرجوع إلى الجملة الأخیرة فقط.

 

2.رجوع الاستثناء إلى جمیع الجمل المتقدمة، ولا یثبت اختصاصه بالجملة الأخیرة إلا بقرینة. بمعنى أن أدوات الاستثناء قابلة للرجوع إلى جمیع الجمل المتقدمة، ولا وجه لاختصاصها بالجملة الأخیرة إلا إذا أورد المتکلّم قرینة تدل على ذلک. وقد نسب العلامة(رحمه الله) في النهایة[5] والشیخ الطوسي(رحمه الله) في العدة[6] هذا القول إلى الشافعي وأصحابه. وقد اختار الشیخ الطوسي(رحمه الله) هذا الرأي في العدة حیث قال: «یقوی في نفسی المذهب الأول»[7] ، أي رجوع الاستثناء إلى جمیع الجمل المتقدمة.

 

3.عدم رجوع الاستثناء لا إلى الجملة الأخیرة ولا إلى جمیع الجمل المتقدمة. بمعنى أنه لیس هنا دلیل یثبت رجوع الاستثناء إلى الجملة الأخیرة فقط، ولا دلیل یثبت رجوعه إلى جمیع الجمل، بل یبقى الاحتمالان ولیس ترجیح لأحدهما على الآخر. وقد اختار هذا الرأي من علماء الإمامیة السید المرتضى(رحمه الله) في الذریعة، ومن علماء العامة الآمدي في الإحکام[8] . ویقول السید المرتضى(رحمه الله) في هذا المبحث: «والذي أذهب إلیه أن الاستثناء إذا تعقّب جملاً وصحّ رجوعه إلى کل واحدة منها لو انفردت، فالواجب تجویز رجوعه إلى جمیع الجمل کما قال الشافعي، وتجویز رجوعه إلى ما یلیه کما قال أبو حنیفة، وأن لا یقع علی ذلک إلا بدلیل منفصل أو عادة أو أمارة. وفي الجملة: لا یجوز القطع علی ذلک بشيء یرجع إلى اللفظ»[9] .

والحاصل ، یؤکّد السید المرتضى(رحمه الله) أنه کما أن قابلیة رجوع الاستثناء إلى جمیع الجمل موجودة فی مقام الثبوت، فإن احتمال ذلک موجود أیضاً في مقام الإثبات. ولا توجد قاعدة أو دلیل لفظي علی تعیین أحد الاحتمالین إلا إذا کانت هناک قرینة خاصة أو عامة، مثل سیره العقلاء وأهل المحاورة في عدم الفصل بین المستثنى والمستثنى منه. وبناءً على ذلک، یظهر عند العرف أن الاستثناء یرجع إلى الجملة الأخیرة فی هذه الحالات.

 


logo