46/06/29
بسم الله الرحمن الرحیم
فائدة/جواز تخصیص العموم بالمفهوم و عدمه /العامّ والخاصّ
الموضوع: العامّ والخاصّ/جواز تخصیص العموم بالمفهوم و عدمه /فائدة
فائدة
من مجموع کلام المحقق الخراساني(رحمه الله) یتضح أن الملاك في تقدیم أحد الدلیلین علی الآخر هو أظهریته، و الملاك في تساقطهما وإجمالهما هو تساویهما في الظهور. وعلی هذا، ففي حالة کون أحد الدلیلین دلالته وضعیة، کما في قولنا: «أکرم کل عالم»، والآخر دلالته إطلاقیة معتمدة علی مقدمات الحکمة، کما في قولنا: «أکرم العالم العادل»، إن الدلیل الوضعي یتقدم علی الدلیل الإطلاقي، لأنه مع وجود الدلیل الوضعي وقرینته لا ینعقد ظهور للدلیل الإطلاقي. ولهذا السبب طرح المصنف(رحمه الله) البحث في ما نحن فیه علی فرض اتحاد الدلیلین من حیث الدلالة، فقال: «فالدلالة علی کل منهما إن کانت بالإطلاق بمعونة مقدمات الحکمة أو بالوضع».
وعلی هذا، إن ما ذکره المحقق الخوئي (رحمه الله) -علی ما نقل عنه في المحاضرات- ، من ثلاثة وجوه في بیان المحقق الخراساني(رحمه الله)، و قال في الوجه الثالث: «أو إحداهما بالوضع والأخری بالإطلاق ومقدمات الحکمة»[1] ، ثم أضاف: «وعلی الفرض الثالث یتقدم ما کانت دلالته بالوضع علی ما کانت دلالته بالإطلاق ومقدمات الحکمة کما هو ظاهر جداً»[2] ، غیر صحیح. ذلك لأن وجود الدلالة الوضعیة یحول دون انعقاد ظهور الدلیل الآخر بالإطلاق، فلا مجال للبحث عن التنافي أو علاج التنافي.
تکملة
لقد طرحت لهذا البحث ثمرات متعددة في الکتب الفقهیة وفي مقام استنباط الأحکام الشرعیة. علی سبیل المثال، في قوله تعالی من سورة المائدة:﴿حرمت علیکم المیتة والدم ولحم الخنزیر﴾، یدل النص علی تحریم کل نوع من الدم، سواء کان «مسفوحاً»، أي الدم الذي یخرج بقوة عند الذبح، أو «غیر مسفوح»، أي الدم الذي لا یخرج بقوة. لکن طبقاً لهذه الآیة من سورة الأنعام: ﴿قل لا أجد فیما أوحي إلی محرماً علی طاعم یطعمه إلا أن یکون میتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزیر﴾، التی تدل بمنطوقها علی حرمة الدم المسفوح، وبمفهوم الوصف علی عدم حرمة الدم غیر المسفوح، ذهب بعض العلماء إلی تقیید آیة المائدة بهذه الآیة، فلا تدل آیة المائدة علی حرمة الدم غیر المسفوح، ویترتب علی ذلك أن الدم المسفوح والحیوان الذي له دم سائل حرام، بینما الدم غیر المسفوح والحیوان الذي لا دم سائل له لیس بحرام.
وفي هذا السیاق، إذا لم نقل بجواز تخصیص العام بمفهوم المخالفة، فإن عموم الآیة في سورة المائدة یبقی علی حاله، ویجب القول بأن الدم مطلقاً حرام، سواء کان مسفوحاً أم غیر مسفوح.[3]