46/06/28
بسم الله الرحمن الرحیم
نظریة المصنّف/مسئلة جواز تخصیص العامّ بالمفهوم /العامّ والخاصّ
الموضوع: العامّ والخاصّ/مسئلة جواز تخصیص العامّ بالمفهوم /نظریة المصنّف
متن الکفایة
وتحقيق المقام : إنّه إذا ورد العام وما له المفهوم في كلام أو كلامين ، ولكن على نحو يصلح أن يكون كلّ منهما قرينة متصلة للتصرف في الآخر ، ودار الأمر بين تخصيص العموم أو إلغاء المفهوم ، فالدلالة على كلّ منهما إن كانت بالإِطلاق بمعونة مقدمات الحكمة ، أو بالوضع ، فلا يكون هناك عموم ، ولا مفهوم ، لعدم تمامية مقدمات الحكمة في واحد منهما لأجل المزاحمة ، كما في مزاحمة ظهور أحدهما وضعاً لظهور الآخر كذلك ، فلا بدّ من العمل ب الأصول العملية فيما دار فيه بين العموم والمفهوم ، إذا لم يكن مع ذلك أحدهما أظهر ، وإلاّ كان مانعاً عن انعقاد الظهور ، أو استقراره في الآخر.
ومنه قد انقدح الحال فيما إذا لم يكن بين ما دلّ على العموم وما له المفهوم ، ذاك الارتباط والاتصال ، وإنّه لا بدّ أن يعامل مع كلّ منهما معاملة المجمل ، لو لم يكن في البين أظهر ، وإلاّ فهو المعول ، والقرينة على التصرف في الآخر بما لا يخالفه بحسب العمل.[1]
بیان نظریة المصنّف(رحمه الله)
إنّ إجمال بیان المصنّف(رحمه الله) هو أنّ المیزان فی تقدیم العامّ والخاصّ علی بعضهما البعض، سواء کان الخاصّ منطوقیاً أم مفهومیاً، هو الأظهریّة؛ فکلّما کان أحدهما أظهر من الآخر، یُقدّم علیه. أمّا إذا لم یکن أیّ واحد منهما أظهر من الآخر، فإنّ الکلام یصبح مجملاً، ویجب الرجوع إلى القواعد والأصول الأخرى أو إلى الأصول العملیة.
وأمّا تفصیل بیان المصنّف، فهو أنّ تعارض دلیل العامّ المنطوقی مع دلیل الخاصّ المفهومی لا یخرج عن الحالات الآتیة:
الحالة الأولى: أن یکون کلا الدلیلین صالحاً لأن یُتّخذ قرینة متّصلة للتصرّف فی ظهور الآخر، مثل أن یکونا فی کلام واحد. کما فی الآیة الشریفة:﴿إن جاءکم فاسق بنبأ فتبیّنوا أن تصیبوا قوماً بجهالة﴾، حیث إنّ صدر الآیة خاصّ مفهومی یدلّ علی عدم وجوب التبیّن فیما یتعلّق بخبر العادل، فی حین أنّ ذیل الآیة عامّ منطوقی یدلّ علی قبح الوقوع فی الجهالة مطلقاً، ویستلزم وجوب التبیّن من کلّ خبر غیر علمی أو ظنّی، سواء کان المخبر فاسقاً أم عادلاً؛ فی هذه الحالة، إذا کان أحد الدلیلین أظهر من الآخر، یُقدّم علیه، ولکن إذا کان ظهور الدلیلین متساویاً، فإنّهما یتعارضان ویُحکم بالتساقط، ویجب الرجوع إلى الأصول العملیة، سواء کان ظهور الدلیلین إطلاقیاً متوقفاً علی مقدّمات الحکمة أم وضعیّاً.
الحالة الثانیة: أن لا یکون کلا الدلیلین صالحاً لأن یُتّخذ قرینة متّصلة للتصرّف فی ظهور الآخر، مثل أن یکون العامّ المنطوقی والخاصّ المفهومی فی کلامین مستقلّین ومنفصلین؛ فی هذه الحالة أیضاً، إذا کان أحدهما أظهر من الآخر، فإنّه یُقدّم علیه ویُتّخذ قرینة للتصرّف فی الآخر، ولکن یجب أن یکون التصرّف فی الآخر علی نحو لا یؤدّی إلی المخالفة فی مقام العمل. مثلاً فی الجملة: «یجوز إکرام الشعراء و أکرم الشعراء العدول»، فإنّ مفهومها هو: «لا تکرم الشعراء الفسّاق»، ولذا تُحمل علی الکراهة، لکی لا تخالف العامّ فی مقام العمل. أمّا إذا کان ظهور الدلیلین متساویاً، فإنّ کلا الدلیلین یصبح مجملاً، ویجب الرجوع إلى الأصول العملیة.