46/06/09
بسم الله الرحمن الرحیم
/الخطابات الشفاهیّة /العامّ والخاصّ
الموضوع: العامّ والخاصّ/الخطابات الشفاهیّة /
متن الکفایة:
نعم لا يبعد دعوى الظهور ، انصرافاً في الخطاب الحقيقي ، كما هو الحال في حروف الاستفهام والترجي والتمني وغيرها ، على ما حققناه في بعضٍ المباحث السابقة، من كونها موضوعة للإِيقاعي منها بدواع مختلفة مع ظهورها في الواقعي منها انصرافاً ، إذا لم يكن هناك ما يمنع عنه ، كما يمكن دعوى وجوده غالباً في كلام الشارع ، ضرورة وضوح عدم اختصاص الحكم في مثل : ( يا أيها الناس اتقوا ) و ( يا أيها المؤمنون ) بمن حضر مجلس الخطاب ، بلا شبهة ولا ارتياب.[1]
قوله: «نعم لا یبعد»
قد تبیّن أنّ أدوات الخطاب، کأدوات النداء، قد وُضعت لإنشاء الخطاب وإیقاعه وإحداثه، ومن ثمّ یمکن استخدامها فی مقامات مختلفة ولأغراض متنوّعة. کما سبق بیانُ أنّ أدوات الاستفهام، وأدوات الترجي، وأدوات التمني، وأدوات التنبیه قد وُضعت لإحداث الاستفهام، وإظهار الترجي، وإظهار التمني، وإحداث التنبیه. ومع ذلک، یجوز للمتکلّم أن یستخدم هذه الأدوات لأغراض مختلفة؛ فمثلاً قد یکون غرضه من استعمال أداة الاستفهام الإنکارَ، أو التقریرَ، أو الإبطالَ، أو إظهارَ التعجّب، کما یمکن أن یکون غرضه الاستفهامَ الحقیقی وطلبَ الفهم.
وفی هذا المقام نفس الکلام ولذا یمکن للمتکلّم أن ینشئ الخطاب بدواعٍ مختلفة فمثلاً، قد یکون غرضه من إنشاء الخطاب هو إیجاد الاستعداد وبثّ روح تحمّل المسؤولیة فی نفوس المخاطبین، أو أن یکون غرضه وضع قانون عام واحد حتی یثبت للمکلّفین فی جمیع العصور، و یغنی عن الحاجة إلى تشریعات متکرّرة طولَ الزمن، کما قد یکون غرضه من إنشاء الخطاب هو الطلب الحقیقی وبعث المکلّفین وزجرهم فی الزمن الحاضر، وفی هذه الحالة یختصّ الخطاب بمن له قابلیة البعث والزجر، أي: الحاضرین فی مجلس الخطاب، وبالطبع لا یشمل المعدومین والغائبین.
ویقول المصنّف(رحمه الله) فیما یلی: لا یبعد أن یکون إنشاء الخطاب وإحداثه، بسبب کثرة استعماله فی الطلب الحقیقی، ظاهراً فی الخطاب الحقیقی ومنصرفاً إلیه. کما هو الحال فی أدوات أخرى مثل الاستفهام، حیث یظهر غالباً فی الاستفهام الحقیقی وطلب الفهم الحقیقی. إلا أنّ هذا الانصراف والظهور إنما یتحقّق ویُعتدّ به إذا لم یکن هناک مانع أو قرینة على خلافه. ومن ثم، فیما نحن فیه، أی فی خطابات الشارع المقدّس، بما أنّنا نعلم من الخارج أنّ هذه الأحکام قد صدرت لعموم المکلّفین في طول حیاة البشر، وأنّها لا تختصّ بالموجودین والحاضرین فی مجلس الخطاب، فلا ینعقد هذا الانصراف والظهور، ولا تکون هذه الخطابات ظاهرة فی الطلب الحقیقی لتختصّ بالموجودین والحاضرین، بل تشملهم کما تشمل المعدومین والغائبین.
فائدة
قد ورد اعتراض على هذا القول للمصنّف(رحمه الله)، وهو أنّ القرینة أو المانع الذی ذُکر لرفع الانصراف والظهور، ولإثبات تعمیم الخطاب بعده -لیشمل الحاضرین والغائبین والمعدومین- لیس صحیحاً، وذلك لأنّ ثبوت الأحکام والتکالیف لعموم الناس فی طول حیاة البشر لا یستلزم تعمیم الخطاب. بل یمکن أن تُثبت هذه الأحکام والتکالیف فی حقّ الغائبین والمعدومین من خلال قاعدة الاشتراک والإجماع.