46/06/08
بسم الله الرحمن الرحیم
توضیح بیان المصنّف/الخطابات الشفاهیّة /العامّ والخاصّ
الموضوع: العامّ والخاصّ/الخطابات الشفاهیّة /توضیح بیان المصنّف
متن الکفایة:
ومنه قد انقدح أن ما وضع للخطاب ، مثل أدوات النداء ، لو كان موضوعاً للخطاب الحقيقي ، لأوجب استعماله فيه تخصيص ما يقع في تلوه بالحاضرين ، كما أن قضية إرادة العموم منه لغيرهم استعماله في غيره ، لكن الظاهر أن مثل أدوات النداء لم يكن موضوعاً لذلك ، بل للخطاب الإِيقاعي الإنشائي ، فالمتكلم ربما يوقع الخطاب بها تحسّراً وتأسفاً وحزناً مثل : «يا كوكباً ما كان أقصر عمره» أو شوقاً ، ونحو ذلك ، كما يوقعه مخاطباً لمن يناديه حقيقة ، فلا يوجب استعماله في معناه الحقيقي ـ حينئذ ـ التخصيص بمن يصحّ مخاطبته[1]
توضيح بيان المصنِّف(رحمه الله)
قبل الدخول في أصل البحث وشرح النظرية التي يطرحها المصنِّف، ینبغي تقديم مقدّمة تمهيدية. وهي أنّه بالنسبة لوضع أدوات الخطاب، توجد نظريتان:
الأوّل: أدوات الخطاب موضوعة للخطاب الحقيقي، أي البعث والزجر الفعلي للمخاطَبين. وعلى هذا، إن أدوات الخطاب، وكذلك مدخولاتها، تختصّ بالحاضرين في مجلس الخطاب، فإذا أُريد من هذه الأدوات معنى عام يشمل الغائبين والمعدومين أيضًا، فلا بدّ من القول إمّا بمجازية هذه الأدوات واستعمالها في غير ما وُضعت له، وذلك بأن تُستعمل في معنى الخطاب الإيقاعي والإنشائي، أو بالمجازية والتنزيل في مدخول هذه الأدوات، بحيث يُنزَّل الغائبون والمعدومون منزلة الحاضرين في مجلس الخطاب ليصبحوا قابِلين للخطاب الحقيقي.
الثاني: أدوات الخطاب موضوعة للخطاب الإنشائي، أي لإنشاء الخطاب وإيجاده. وعلى هذا، إن أدوات الخطاب، وكذلك مدخولاتها، لا تختصّ بالحاضرين في مجلس الخطاب، بل تشمل الغائبين والمعدومين أيضًا؛ لأن المتكلّم، كما يمكنه إنشاء الخطاب بالنسبة للحاضرين، يمكنه كذلك إنشاؤه بالنسبة للغائبين والمعدومين، بحیث يضع بالخطاب الواحد حكمًا على نحو القضية الحقيقية لجميعهم، كما أنّ المتكلّم يستطيع إنشاء خطاب للأشياء التي لیس لها قابلیّة للخطاب الحقيقي، كأن يخاطب نجمًا ويقول: "يا كوكبًا ما كان أقصر عمره".
رأي المصنِّف(رحمه الله)
يرى المصنِّف أنّ أدوات الخطاب، مثل "ياء النداء"، موضوعة للخطاب الإنشائي ولإنشاء الخطاب. وبما أنّ إنشاء الخطاب بالنسبة للغائبين والمعدومين ممكنٌ وصحيح، فلایمنع وجود أدوات الدالّة على الخطاب –مثل يا أيّها الذين- أو هيئات تدلّ على الخطاب -كصيغتي الأمر والنهي- شمولَ مدخولاتها للغائبين والمعدومين.
وبعبارة أخرى، إن مدخول أدوات الخطاب، مثل "الذين آمنوا" و"الناس"، کما كان ظاهرًا في العموم والشمول قبل ورود أدوات الخطاب، يبقى على هذا العموم والشمول بعد ورودها أیضاً ولا وجه لتخصيصها بالحاضرين في مجلس الخطاب.