« قائمة الدروس
بحث الکفاية الأصول الأستاذ حمیدرضا آلوستاني

46/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

تحریر محل النزاع/الخطابات الشفاهیة /العامّ الخاصّ

 

الموضوع: العامّ الخاصّ/الخطابات الشفاهیة /تحریر محل النزاع

 

متن الکفایة:

فاعلم إنّه يمكن أن يكون النزاع في أن التكليف المتكفل له الخطاب هل يصحّ تعلقه بالمعدومين ، كما صحّ تعلقه بالموجودين ، أم لا؟ أو في صحة المخاطبة معهم ، بل مع الغائبين عن مجلس الخطاب بالالفاظ الموضوعة للخطاب ، أو بنفس توجيه الكلام إليهم ، وعدم صحتها ، أو في عموم الألفاظ الواقعة عقيب أداة الخطاب ، للغائبين بل المعدومين ، وعدم عمومها لهما ، بقرينة تلك الاداة.

ولا يخفى أن النزاع على الوجهين الأولين يكون عقلّياً ، وعلى الوجه الأخير لغوياً.[1]

 

الوجه الثاني:

لعلّ محلّ النزاع في هذا البحث تعلق بجواز توجيه الخطاب إلى الغائبين والمعدومين بواسطة ألفاظ وُضعت لمقام التخاطب أو عدمه؛ بمعنى: هل يمكن توجيه الخطاب وإيصال الكلام المتضمّن لأدوات الخطاب أو الهيئات الدالة علي الخطاب إلى الغائبين والمعدومين أم لا؟ إنّ عبارة الشيخ الأنصاري (رحمه الله) في مطـارح الأنظار، حيث يقول: "الحقّ إمكان شمول الخطاب للمعدومين على وجه الحقيقة"[2] ، ظاهرة في هذا الوجه للنزاع.

 

الوجه الثالث:

لعلّ محلّ النزاع في هذا البحث يكون في أنّ الألفاظ العامة الواقعة بعد أدوات الخطاب، كعبارة "الذين آمنوا" و"الناس" في الآيتين الكريمتين: "يا أيها الذين آمنوا" و"يا أيها الناس" هل تشمل هذه الألفاظ الغائبين والمعدومين كما تشمل الحاضرين أم أنّ أدوات الخطاب أو الهيئة الدالة على الخطاب تعدّ قرينةً على اختصاص هذه الألفاظ بالحاضرين في مجلس التخاطب، فتمنع شمول الغائبين والمعدومين؟

 

بعبارة أخرى، إذا كانت مدخولات أدوات الخطاب كحروف النداء وُضعت للدلالة على العموم والشمول لجميع الأفراد – سواء کان حاضرا أو غائبا، أو معدوما – فهل يبقى هذا الظهور على حاله؟ أم أنّ أدوات الخطاب، التي وُضعت لمقام التخاطب، تزيل هذا الظهور وتمنع انعقاده في هذا العموم والشمول؟ إنّ بيان صاحب المعالم(رحمه الله) حيث يقول: "ما وُضع لخطاب المشافهة نحو يا أيها الناس ويا أيها الذين آمنوا لا يعم بصيغته من تأخر عن زمن الخطاب"[3] ، ظاهر في هذاالوجه للنزاع.

 

قوله: لا يخفى

المصنّف (رحمه الله) في ختام طرحه لمحل النزاع بصورة تفصيلية يقول: ينبغي الالتفات إلى أنّ النزاع على أساس الاحتمالين الأول والثاني عقلي، لأنّ البحث هنا يدور حول الإمكان وعدمه من الناحية العقلية.

بيان ذلك: إنّ النزاع في الاحتمال الأول يتعلّق بإمكان تعلّق التكليف بالغائبين والمعدومين من ناحیة العقل. و النزاع في الاحتمال الثاني يرتبط بإمكان توجيه الخطاب إلى الغائبين والمعدومين من ناحیة العقل.

وأما النزاع في الاحتمال الثالث فهو لفظي ولغوي، لأنّ البحث هنا يدور حول انعقاد العموم وعدمه بالنسبة إلی مدخول أدوات الخطاب.

 

فائدة

إنّ طرح البحث بهذه الكيفية، وتحرير محل النزاع بهذا التفصيل، لم يكن موجوداً في الكتب الأصولية السابقة – سواء عند العامة أو الخاصة. فإنّ غالب علماء علم الأصول، حتى كالشيخ الأنصاري (رحمه الله) الذي كان يميل في مطـارح الأنظار إلى التفصيل في المسائل الأصولية، لم يبيّنوا محل النزاع في ما نحن فيه بهذا التفصيل، بل انصرفوا مباشرة إلى عرض نظريتهم المختارة من غير أن يسعوا إلى تفصيل محل النزاع كما هو مذكور هنا.

 


logo