46/05/24
بسم الله الرحمن الرحیم
تحریر محل النزاع/الخطابات الشفاهیة /العامّ والخاصّ
الموضوع: العامّ والخاصّ/الخطابات الشفاهیة /تحریر محل النزاع
متن الکفایة:
فصل
هل الخطابات الشفاهية مثل : (يا أيها المؤمنون) تختص بالحاضر مجلس التخاطب ، أو تعم غيره من الغائبين ، بل المعدومين؟ فيه خلاف، ولابد قبل الخوض في تحقيق المقام ، من بيان ما يمكن أن يكون محلاً للنقض والأبرام بين الأعلام.[1]
قوله: «فصل»
الفصل السابع: الخطابات الشفاهیة
هذا البحث یعدّ من المباحث المتعلقة بأحوال الأدلة الشرعیة، کأحوال العام والخاص، والمطلق والمقید، وهو من المسائل التی تناولتها کتب أصول الفقه عند العامة منذ القدم، کـ المستصفی للإمام الغزالی[2] ، وبحر المحیط للزرکشی[3] ، والإحکام للآمدی[4] ، تحت مباحث العام والخاص. ولکن لم یُذکر هذا البحث فی کتب الأصولیین من الإمامیة، لا فی کتب القدما مثل الذریعة للسید المرتضی، والعدة للشیخ الطوسی، ومعارج الأصول للمحقق الحلی (رحمهم الله)، ولا فی کتب المتأخرین مثل المبادي للعلّامة(رحمه الله).
ویبدو أن أول من تعرّض إلی هذا الموضوع من الإمامیة هو الشهید الثانی(رحمه الله) فی کتابه تمهید القواعد حیث قال:"خطاب المشافهة نحو: یا أیها الناس، لیس خطاباً لمن بعدهم، وإنما یثبت الحکم بدلیل آخر کالإجماع، ونقل عن الحنابلة أنه یعمهم."[5] وتعرّض إلی هذا الموضوع العلماء المتأخرون عنه، مثل صاحب المعالم[6] ، وصاحب القوانین[7] ، وصاحب الفصول(رحمهم الله)[8] . کما أن الشیخ الأنصاري(رحمه الله) قد ذکر عنه هذا البحث فی مطارح الأنظار[9] .
وقد تبع المحقق الخراسانی(رحمه الله) أستاذه الشیخ الأنصاری(رحمه الله) فی ذکر هذا البحث، وقال: "هل الخطابات الشفاهیة، مثل یا أیها المؤمنون، تختص بالحاضرین فی مجلس الخطاب أو تعم غیرهم من الغائبین بل المعدومین؟ فیه خلاف."
قوله: «هل الخطابات الشفاهیة»
بیان إجمالی لمحل النزاع
قبل الدخول فی أصل البحث، یجب أن یقدّم ذکر نکتة، وهی أن الخطابات الشرعیة وأیضاً الخطابات العرفیة، تنقسم إلى قسمین:
1. الخطابات الحقیقیة: وهی الأدلة الشرعیة أو الخطابات العرفیة التی لا تستخدم فیها أدوات الخطاب، مثل: «یا أیها الذین آمنوا» أو «یا أیها الناس»، أو التی لا تعتمد على صیغة تدل على الخطاب کصیغة الأمر فی قوله تعالى: ﴿السارق والسارقة فاقطعوا أیدیهما﴾. ومن أمثلة هذا القسم قوله تعالى: ﴿أحل الله البیع وحرم الربا﴾.
2. الخطابات الشفاهیة: وهی الخطابات التی تعتمد على أدوات النداء أو صیغ تدل على الخطاب، مثل: ﴿یا أیها الذین آمنوا کتب علیکم الصیام کما کتب على الذین من قبلکم﴾.
إذا کان الخطاب من النوع الأول، فهو یدل على قضیة حقیقیة، ویعتبر موضوعه الأفراد المقدر وجودهم. وعلیه، کلما وجد فرد، شمله الخطاب. هذه الخطابات لا تتوقف على وجود الموضوع أو المتعلق أو المکلف فی الخارج. مثال ذلک أنّه دلیل «الخمر حرام» یدل على حرمة الخمر بالنسبة إلى المکلفین، سواء کان الخمر موجوداً فی الخارج أم معدوماً، وسواء کان هناک مکلف فی الخارج أم لا.
أما إذا کان الخطاب من النوع الثانی، فیطرح السؤال عن الخطاب بأنّه هل یختص بالموجودین والحاضرین فی مجلس الخطاب، أم أنه یشمل المعدومین والغائبین عن مجلس الخطاب.
قوله: «ولابد»
بیان تفصیلی لمحل النزاع
یقول المحقق الخراسانی(رحمه الله): یمکن تصور ثلاث وجوه لمحل النزاع:
الوجه الأوّل:
قد یکون محل النزاع هو جواز تعلق التکلیف المستفاد من الخطابات الشفاهیة بالغائبین والمعدومینحین الخطاب، أو عدم جوازه. بمعنى: هل یمکن أن یکلف الشخص الغائب عن مجلس الخطاب أو الذی لم یولد بعد، کما یکلف الحاضرون فی المجلس؟
عبارات بعض العلماء، مثل ما ذکره الغزالی فی المستصفی ج1 ص242:"کل حکم یدل بصیغة المخاطبة، کقوله: یا أیها الذین آمنوا أو یا أیها الناس، فهو خطاب مع الموجودین فی عصر رسول الله، وإثباته فی حق من یحدث بعده بدلیل زائد...[10] " تظهر أن هذا هو محل النزاع.