« قائمة الدروس
بحث الکفاية الأصول الأستاذ حمیدرضا آلوستاني

46/05/17

بسم الله الرحمن الرحیم

المقام الأول: في لزوم الفحص/الفصل السادس: حجّیة العام قبل الفحص /العامّ والخاصّ

 

الموضوع: العامّ والخاصّ/الفصل السادس: حجّیة العام قبل الفحص /المقام الأول: في لزوم الفحص

 

متن الکفایة:

«فالتحقيق عدم جواز التمسك به قبل الفحص ، فيما إذا كان في معرض التخصيص كما هو الحال في عمومات الكتاب والسنة ، وذلك لأجل إنّه لولا القطع باستقرار سيرة العقلاء على عدم العمل به قبله ، فلا أقل من الشك، كيف؟ وقد ادعي الاجماع على عدم جوازه ، فضلاً عن نفي الخلاف عنه ، وهو كافٍ في عدم الجواز ، كما لا يخفى.

وأما إذا لم يكن العام كذلك ، كما هو الحال في غالب العمومات الواقعة في السنة أهل المحاورات ، فلا شبهة في أن السيرة على العمل به بلا فحص عن مخصص»[1] .

 

بعض العلماء قالوا في مقام الاستدلال على وجوب الفحص في ما نحن فيه: إنّ الخطابات الواردة في الشريعة تکون مختصّةً بالمشافهين، فلا يحقّ لغير المشافهين الأخذ بظواهر الآيات والروايات، والأحكام بالنسبة إليهم تثبت من باب قاعدة الاشتراك؛ وعليه يجب الفحص حتی یتّضح أنّ الحكم الوارد في الآيات والروايات عام أو خاص، حتّى يثبت لنا بنفس الكيفية.

وهذا الاستدلال صحيح إذا كانت حجية أصالة العموم مختصّةً بالمشافهين، ولا يحقّ لغيرهم الأخذ بالظهورات، و قد ثبت أنّ البحث في ما نحن فيه بعد قبول أنّ أصالة العموم حجّة بالنسبة إلى المشافهين وغيرهم على حدّ سواء.[2]

 

وقد ذهب بعض العلماء، كالمحقّق الشيخ (رحمه الله)في مطارح الأنظار[3] ، إلى أنّه لدينا علم إجمالي بوجود مخصّصات في الشريعة، ومقتضى هذا العلم الإجمالي أنّه لا يجوز العمل بالعمومات والاعتماد على أصالة العموم قبل الفحص، فلا تكون أصالة العموم حينئذ حجّةً.

غير أنّ هذا الاستدلال يتوقّف على أنّ أصالة العموم مع وجود العلم الإجمالي تبقى حجّةً في الجملة؛ فحينئذ يُطرح السؤال: هل العمل بها متوقّف على الفحص أم لا؟ ولكن قد ثبت أنّه مع العلم الإجمالي أو التفصيلي بوجود المخصّص، لا تكون أصالة العموم حجّةً، فلا مجال للبحث عن وجوب الفحص أو عدمه.

 

قوله: «فالتحقيق...»

بيان نظريّة المصنّف(رحمه الله) في المقام الأوّل:

قال المصنّف(رحمه الله): إنّ العمومات لا تخرج عن حالتين:

إمّا أن يكون الدليل العام من الأدلّة التي هي في معرض التخصيص، بمعنى أنّ المتكلّم يبيّن مراده الجدي بالقرائن المنفصلة، وفي هذه الحالة لا يجوز العمل بالعام ولا التمسّك بأصالة العموم قبل الفحص.

وإمّا أن يكون الدليل العام من الأدلّة التي ليست في معرض التخصيص، بمعنى أنّ المتكلّم يبيّن مراده الجدي بنفس الكلام العام، بحيث يذكر كلّ ما هو لازم وداخل في مراده الجدي، وفي هذه الحالة يجوز التمسّك بالعام قبل الفحص.

 

وبناءً على ذلك يُقال: إنّه بمراجعة الآيات والروايات الواردة في الأحكام الشرعية يتّضح أنّ منهج الشارع في بيان الأحكام الشرعية هو أنّه يبيّن مراده الجدي من الخطابات الشرعية بالقرائن المنفصلة غالباً، وعليه تكون العمومات الواردة في الآيات والروايات من النوع الأوّل، أي أنّها في معرض التخصيص، فلا يجوز التمسّك بظهور العموم بدون الفحص عن المخصّص، وبعبارة أخرى إنّ أصالة العموم لا تكون حینئذ حجّةً.

وأمّا الخطابات الواردة بين أهل المحاورة، فبما أنّها من النوع الثاني، ومنهجهم أنّهم يبيّنون مرادهم الجدي ضمن نفس الكلام، فإنّ التمسّك بالعموم في هذه الحالة جائز، وبعبارة أخرى، إنّ أصالة العموم تكون حینئذ حجّةً.

 


logo