46/05/08
بسم الله الرحمن الرحیم
تکملة/سرایة إجمال الخاصّ إلی العامّ /العامّ والخاصّ
الموضوع: العامّ والخاصّ/سرایة إجمال الخاصّ إلی العامّ /تکملة
متن الکفایة:
«لا يقال : لا يجدي صيرورتهما راجحين بذلك في عباديتهما ، ضرورة كون وجوب الوفاء توصلياً لا يعتبر في سقوطه إلا الإِتيان بالمنذور بأي داع كان.
فإنّه يقال : عباديتهما إنّما تكون لأجل كشف دليل صحتهما عن عروض عنوان راجح عليهما ، ملازم لتعلق النذر بهما ، هذا لو لم نقل بتخصيص عموم دليل اعتبارٍ الرجحان في متعلق النذر بهذا الدليل ، وإلا أمكن أن يقال بكفاية الرجحان الطارىء عليهما من قبل النذر في عباديتهما ، بعد تعلق النذر بإتيانهما عبادياً ومتقرباً بهما منه تعالى ، فإنّه وإن لم يتمكن من إتيانهما كذلك قبله ، إلّا إنّه يتمكن منه بعده ، ولا يعتبر في حصة النذر إلّا التمكن من الوفاء ولو بسببه ، فتأمل جيداً»[1] .
قوله: «لا یقال»
هذه العبارة في مقام الاعتراض على الجواب الثاني للمحقق الخراساني(رحمه الله)، وبیان ذلک أن المصنف قد قال في جوابه الثاني: "إن الصوم في السفر والإحرام قبل المیقات، قبل أن یتعلقا بالنذر، لا يكونان راجحَين ذاتًا، ولكن بعد تعلق النذر بهما، يصبحان راجحَين". ويقول المعترض: "إن الأفعال المنذورة في مقامنا، أي الصوم في السفر والإحرام قبل المیقات، یجب أن تكون ذات رجحان لكي یثبت وجوب الوفاء بها، وأن تكون عبادیة لكي يتحقق الامتثال بقصد القربة واعتبار العبادیة." ومع ذلك، بناءً على التوجیه المذكور، یثبت رجحان هذه الأفعال ولزوم الوفاء بها، ولكن عبادیة تلك الأفعال لا تتحقق، لأن لزوم الوفاء بالنذر من الأمور التوصلیة، ويكفي الإتیان بالفعل بدون قصد القربة للوفاء بالنذر.
قوله: «فإنه یقال»
یرد المصنف (رحمه الله) على الاعتراض قائلًا: أولًا، عنوان "الراجح" كاشفٌ عن عنوان ملازم لعبادیة تلك الأفعال، حيث إن متعلق النذر في الأمثلة المذكورة یكون عبادیًا، وإذا أُتی بها بغیر قصد القربة، فلا تقع صحیحة. ولذلك، من الحكم بصحة هذه الأفعال، يُكشف عن عبادیّتها.
قوله: «هذا لو لم نقل...»
وثانیًا، یقال إن هذه الأدلة تُخصّص العمومات الدالة على رجحان متعلق النذر قبل النذر، وبذلك یكفي تحقق الرجحان بعد حصول النذر لصحة النذر، ومع تحقق النذر على وجه عبادی، تثبت عبادیة تلك الأفعال بالإضافة إلى رجحانها، لأن النذر إذا وقع بوجه عبادی لا یصح إلا بقصد القربة. وبالتالي، في هذه الحالات، بعد تعلق النذر، یثبت كل من وجوب الوفاء ووجوب الإتیان بالفعل بشكل عبادی.
وبعبارة أخرى، إن الشرط في تحقق النذر لیس الرجحان، بل هو تمكّن المكلّف من الإتیان بالفعل المنذور. وفي مقامنا هذا، وُجد هذا التمكّن بواسطة النص الخاص، فیستطیع المكلّف أن یأتي بهذه الأفعال، كالصوم في السفر والإحرام قبل المیقات، بوجه عبادی. وبعد الحكم بصحة هذه الأفعال، لا وجه لإعادتها.