« قائمة الدروس
بحث الکفاية الأصول الأستاذ حمیدرضا آلوستاني

46/05/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الشبهة المصداقیة/سرایة إجمال الخاصّ إلی العامّ /العامّ والخاصّ

 

الموضوع: العامّ والخاصّ/سرایة إجمال الخاصّ إلی العامّ /الشبهة المصداقیة

 

متن الکفایة:

«والتحقيق أن يقال : إنّه لا مجال لتوهم الاستدلال بالعمومات المتكلفة لأَحكام العناوين الثانوية فيما شك من غير جهة تخصيصها ، إذا أخذ في موضوعاًتها أحد الأحكام المتعلقة بالافعال بعناوينها الأولية، كما هو الحال في وجوب إطاعة الوالد ، والوفاء بالنذر وشبهه في الأمور المباحة أو الراجحة ، ضرورة إنّه معه لا يكاد يتوهم عاقل إنّه إذا شك في رجحان شيء أو حليته جواز التمسك بعموم دليل وجوب الإطاعة أو الوفاء في رجحإنّه أو حليته.

نعم لا بأس بالتمسك به في جوازه بعد إحراز التمكن منه والقدرة عليه _ فيما لم يؤخذ في موضوعاًتها حكم أصلاً ، فإذا شك في جوازه صحّ التمسك بعموم دليلها في الحكم بجوازها ، وإذا كانت محكومة بعناوينها الأولية بغير حكمها بعناوينها الثانوية ، وقع المزاحمة بين المقتضيين ، ويؤثر الأقوى منهما لو كان في البين ، وإلاّ لم يؤثر أحدهما ، وإلاّ لزم الترجيح بلا مرجح ، فليحكم عليه حينئذ بحكم آخر ، كالاباحة إذا كان أحدهما مقتضياً للوجوب والآخر للحرمة مثلاً»[1] .

 

قوله: «والتحقیق...»

بیان نظریة المصنف(رحمه الله):

يقول المصنف: إنّ موضوع الأحكام الثانوية ينقسم إلى قسمين:

الأوّل: في بعض الحالات، يكون موضوع الأحكام الثانوية مقيّداً بحكم من الأحكام الأولية؛ كموضوع وجوب الوفاء بالنذر، فإنّه يُقيّد بقيد الرجحان. بمعنى أنه إذا كان الفعل راجحاً، يتعلّق به النذر، وليس بأن يحصل الرجحان بسبب تعلق النذر. ففي هذه الحالة، لا يجوز التمسك بعمومات الأدلة الثانوية، كقوله تعالى "أوفوا بالنذور"؛ لأن الشكّ هنا يرجع إلی وجود الرجحان في مثالنا المذكور؛ بأنّه هل الوضوء بماء مضاف كماء الورد راجح لكي ينعقد النذر عليه، أم لا رجحان فيه فلا ينعقد النذر؟ وبعبارة أخرى، شكنا في أصل ثبوت التكليف، وليس في إلزامية التكليف یقینٌ.

ومثل ما في وجوب طاعة الوالدين، فإنه مقيّد بكون الفعل مباحاً وغير محرّم، وبالتالي لا يمكننا التمسك بعمومات الدالة على لزوم طاعة الوالدين للحكم بإباحة الفعل أو عدم تحريمه.

 

الثاني: وفي بعض الحالات، لا يكون موضوع الأحكام الثانوية مقيّداً بحكم من الأحكام الأولية، كأدلة العسر والحرج وأدلة الاضطرار؛ ففي هذه الحالة، يجوز التمسك بالعمومات كقوله تعالى ﴿ما جعل عليكم في الدين من حرج﴾ والحديث النبوي الشريف "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام". وبطریق هذه الأدلة، يمكننا رفع الشبهة عن المصاديق. فمثلاً، لو شُكّ في جواز شرب الخمر لشخص ما، يمكننا التمسك بأدلة "لا ضرر" لإثبات جوازه من باب نفي الضرر.

 

وبعبارة أخرى، في هذه الحالات، لا يهمّ الحكم السابق، ومع ظهور الإكراه أو الاضطرار، ينطبق الموضوع المشكوك عليه وینطبق موضوع الأحکام الثانوية علی المشکوک فیه، فيُحكم بجوازه.

 

قوله: «واذا كانت محكومة...»

بيان ملاحظة:

الحالات التي يكون فيها موضوع الأحكام الثانوية مقيّداً بحكم من الأحكام الأولية، لا تخرج عن حالتين:

 

إما أن لا يكون هناك تضادّ بين الحكم الثانوي والحكم الأولي، كما لو أمر الوالد بالوضوء الواجب أو المستحب، ففي هذه الحالة لا توجد مشكلة.

أو يكون الحكم الثانوي متضادّا مع الحكم الأولي، كأن يكون الوضوء بما هو وضوء واجباً بحكم أولي، ولكن الوضوء الضرري حرام بحكم ثانوي. هذا المورد من مصادیق التزاحم، ولذا یجري فیه قواعد باب التزاحم وأحکامه؛ فلو كان أحد الحكمين أهمّ من الآخر، يُعتبر الحكم الفعلي تابعاً للأهم، وإن لم يكن أحدهما أهمّ من الآخر، يُحكم بالإباحة العقلية والتخيير، لأنّ ترجیح أحدهما علی الآخر يكون ترجیحا بلا مرجح.

 


logo