46/05/02
بسم الله الرحمن الرحیم
الشبهة المصداقیة/ سرایة إجمال الخاصّ إلی العامّ /العامّ والخاصّ
الموضوع: العامّ والخاصّ / سرایة إجمال الخاصّ إلی العامّ / الشبهة المصداقیة
متن الکفایة:
«وهم وإزاحة : ربما يظهر عن بعضهم التمسك بالعمومات فيما إذا شك في فرد ، لا من جهة احتمال التخصيص ، بل من جهة أُخرى ، كما إذا شك في صحة الوضوء أو الغسل بمائع مضاف ، فيستكشف صحته بعموم مثل ( أوفوا بالنذور ) فيما إذا وقع متعلقاً للنذر ، بأن يقال : وجب الإِتيان بهذا الوضوء وفاء للنذر للعموم ، وكل ما يجب الوفاء به لا محالة يكون صحيحاً ، للقطع بإنّه لولا صحته لما وجب الوفاء به ، وربما يؤيد ذلك بما ورد من صحة الإِحرام والصيام قبل الميقات وفي السفر إذا تعلق بهما النذر كذلك»[1] .
بیان التوهم و دفعه
هذا البحث یکون من مباحث التمسک بالعام في الشبهات المصداقیة، وقد ذکر عن المرحوم الشیخ الأنصاري(رحمه الله) في تقریرات بحثه مطارح الأنظار[2] تحت عنوان «التنبیه الأول»، مع ذکر الجواب عنه تفصیلاً.
تحریر محل النزاع
قد ذکر أن التمسك بالعام في الشبهات المصداقیة التي منشؤها التخصیص غیر جائز، إلا أنّه عند مراجعة کلمات الفقهاء والأصولیین، نجد في بعض المواضع تمسکهم بعمومات الأحکام الثانوية في رفع الشبهات المصداقیة التي لا یکون منشؤها التخصیص، بل بسبب أمور أخرى مثل فقدان الشرط أو وجود المانع. فعلى سبیل المثال، إذا شُكَّ في مائع مضاف کماءالورد، هل هو من مصادیق المائعات التي یصح الوضوء أو الغسل بها أم لا، فقد قیل إنّه یُمكن تعلق النذر بهذا المائع، ثم بالتمسّك بأدلة وجوب الوفاء بالنذور، کـ«أوفوا بالنذور» نحکم بصحة الوضوء بهذا المائع المضاف، إذ لو کان الوضوء به باطلاً لما وجب الوفاء بالنذر فیه. ولهذا الموضوع نظائر في الفقه، کما في أنّ الإحرام قبل المیقات لا یصح، ولکن إذا تعلق به النذر، یصح ولا یجب تجدید الإحرام في المیقات، ویجوز للشخص أن یذهب إلی مکة من طریق لا یمرّ على أی میقات. وکذلک الحال في صوم السفر، فإنه لا یصح، إلا إذا تعلّق به النذر، فحینئذ یصح ویجب الوفاء به.
البیان التفصیلي لمحل النزاع
ولتوضیح محل البحث في هذا المقام، ینبغي ذکر مقدمتین:
المقدمة الأولى:
إن الدلیل الدال على الحکم الشرعي نوعان: ١. دلیل الأحکام الأولیة، وهو الذي یثبت الحکم الشرعي لذات الموضوع، کقولنا: «الوضوء واجب». ٢. دلیل الأحکام الثانویة، وهو الذي یثبت الحکم الشرعي للموضوع مع لحاظ عنوان خارج عن الذات، کقولنا: «الوضوء الضرري حرام».
المقدمة الثانیة:
إن الشبهة المصداقیة نوعان: ١. ما کان منشؤها التخصیص، کما ذکر في الأبحاث السابقة. ٢. ما کان منشؤها غیر التخصیص، مثل فقدان الشرط أو وجود المانع.
وفي الحالة الأولى، قد ذُكر أن التمسك بالعام في الشبهات المصداقیة لرفع الشبهة غیر جائز. وأما البحث یکون في الحالة الثانیة -أي فیما إذا تعلق الحکم الثانوي بالفرد المشكوك، کما لو تعلّق بالوضوء بمائع مضاف مثل ماء الورد- بأنّه هل یجوز التمسك بالعمومات الثانویة في هذا الفرد المشكوك لرفع الشبهة المصداقیة أم لا؟ فمثلاً في المثال السابق نقول: إن المائع المضاف یتعلّق به النذر، وهو عنوان ثانوي، ثم نتمسّک بعمومات «أوفوا بالنذور» ونقول: لمّا کان الوفاء بالنذر واجباً، فإنّ الوضوء بهذا المائع المضاف یصبح واجباً، وهذا الحکم بالوجوب یدل على صحة الوضوء بهذا المائع، إذ لو کان الوضوء به باطلاً لما کان للزوم الوفاء بالنذر معنی.
وعلیه، إنّا بإدخال الفرد المشكوك - کالمائع المضاف مثل ماء الورد - تحت أدلة الأحکام الثانویة (مثل وجوب الوفاء بالنذر) نرفع الشبهة المصداقیة، ونعیّن حکم الفرد المشكوك، کما في المثال المذكور، حیث نحكم بصحة الوضوء بالمائع المضاف کماءالورد.