46/04/27
بسم الله الرحمن الرحیم
الشبهة المصداقیة/سرایة إجمال الخاصّ إلی العامّ /العامّ والخاصّ
الموضوع: العامّ والخاصّ/سرایة إجمال الخاصّ إلی العامّ /الشبهة المصداقیة
متن الکفایة:
«إيقاظ : لا يخفى أن الباقي تحت العام بعد تخصيصه...»[1]
استصحاب العدم الأزلي
قد تبيّن أنّه إذا کانت الشبهة من نوع الشبهة المصاديقيّة، وكان دليل الخاص لفظياً، لا يجوز التمسّك بالعام، إذ إنّ التمسّك بدلیل لإثبات حکمٍ ما في موردٍ مشروط بإحراز موضوعه خارجا، وفي هذا الفرض بعد ورود دلیلٍ خاصٍّ كـ«لا تُكرم الفساق من العلماء»، يكون موضوع العام كـ«أكرم العلماء» هو العالم غير الفاسق، ولكن صدق هذا الموضوع علی الفرد المشكوك غير معلوم، كما أنّ صدق موضوع الدليل الخاص على هذا الفرد المشكوك غير معلوم أيضاً.
وفي هذا الإیقاظ، يسعى المصنِّف (رحمه الله) إلى تقديم طریق لإحراز عنوان العام (أي موضوع الدليل العام بعد التخصیص)، و إثبات حكم العام نتیجةً (مثل وجوب الإكرام للفرد المشكوك)، في الشبهات المصاديقيّة في الفرض المذكور. ومن المناسب أن يُورد هذا التنبيه بعد بیان الشبهات المصداقیّة التي يكون فيها المخصّص من نوع اللفظيّ.
وقد قال صاحب منتهى الدّراية (رحمه الله) : «الغرض من بیانه فتحُ بابٍ لإجراء حكم العام في الفرد المشتبه في الخاص اللفظيّ المجمل مصداقاً، حيث اختار المصنِّف عدم جواز التمسّك بالعام لإثبات حكم الشبهة المصاديقية، خلافاً للخاص اللبّي المنفصل الذي اختار فيه جواز الرجوع إلى العام في الفرد المشتبه. ومن هنا يظهر أن الأنسب ذكر هذا الإیقاظ عقيب المخصّص اللفظي المجمل مصداقاً الذي لا يكون العام حجّةً فيه»[2] .
وأمّا تحریر محلّ النزاع بصورة إجماليّة بأنّه: هل يمكننا في هذه المسألة أن ننفي عنوان الموضوع الخاص، مثل الفاسق، عن الفرد المشتبه باستخدام استصحاب العدم الأزلي، وبهذا الأصل الموضوعي، نثبت عنوان الدليل العام، مثل العالم غير الفاسق، على الفرد المشكوك؟
مثلاً نقول في المثال المذکور إنّ هذا الفرد، أي زيد، قبل أن يُخلق لم يكن فاسقاً، ونحن الآن نشكّ في أنّه قد ارتكب ما يجعله فاسقاً أم لا؛ فنستصحب العدم الأزليّ للفسق في حقّه، وبذلك يتبيّن أنّه ليس من مصادیق الفاسق (أي عنوان الخاص)، ومن ثمّ يدخل تحت عنوان العام، أي العالم غير الفاسق، فيثبت له الحكم العام.
بيان تفصيلي لمحلّ النزاع:
لابدّ من إيراد بعض النقاط مقدّمةً، لتوضيح محلّ النزاع بدقّة ومعرفة الموضوع من جمیع الجهات،:
النقطة الأولى:
العنوان المذكور في الدلیل الخاص بالنسبة إلی ذات الموضوع لا يخرج عن حالتين:
إما أن يكون من الأوصاف والعناوين التي تأتي بعد الذات ولا تلازمها؛ ففي هذه الحالة لا تكون الذات متّصفة به منذ البداية، بل تمرّ بفترة لم تكن فيها متّصفة بهذا الوصف، مثل عناوين «عالم»، «جاهل»، «فاسق»، و«عادل».
وإمّا أن يكون من الأوصاف والعناوين التي لا تتأخّر عن الذات، بل تلازمها؛ ففي هذه الحالة تكون الذات متّصفة بهذا الوصف منذ بدء نشأتها، ولم تمرّ بفترة تخلو من هذا الوصف، مثل عنوان «قريشيّ» أو «غير قريشيّ».
وفي فرض كون عنوان الدلیل الخاص من النوع الثاني، لا حاجة إلى استصحاب العدم الأزلي لإحرازه، بل يمكننا أن ننفي عنوان الدليل الخاص عن الفرد المشكوك باستخدام استصحاب العدم أو الوجود، ومن ثمّ نثبت عنوان الدليل العام عليه؛ لأنّ هذه الأوصاف تلازم الذات منذ البداية، وفي حال الشك في زوالها، يجري استصحاب البقاء. وعليه، إنّ هذه الأوصاف تخرج عن محلّ البحث، والنزاع يختصّ بالأوصاف والعناوين غير الأزليّة.