« قائمة الدروس
بحث الکفاية الأصول الأستاذ حمیدرضا آلوستاني

46/04/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الشبهة المصداقیة /سرایة إجمال الخاصّ إلی العامّ /العامّ والخاصّ

 

الموضوع: العامّ والخاصّ/سرایة إجمال الخاصّ إلی العامّ /الشبهة المصداقیة

 

متن الکفایة:

«وأما إذا كان منفصلاً عنه ، ففي جواز التمسك به خلاف ، والتحقيق عدم جوازه ، إذ غاية ما يمكن أن يقال في وجه جوازه ، أن الخاص إنّما يزاحم العام فيما كان فعلاً حجة ، ولا يكون حجة فيما اشتبه إنّه من أفراده ، فخطاب ( لا تكرم فساق العلماء ) لا يكون دليلاً على حرمة إكرام من شك في فسقه من العلماء ، فلا يزاحم مثل ( أَكرم العلماء ) ولا يعارضه ، فإنّه يكون من قبيل مزاحمة الحجة بغير الحجة ، وهو في غاية الفساد ، فإن الخاص وأنّ لم يكن دليلاً في الفرد المشتبه فعلاً ، إلّا إنّه يوجب اختصاص حجية العام في غير عنوإنّه من الأفراد ، فيكون ( أَكرم العلماء ) دليلاً وحجة في العالم الغير الفاسق ، فالمصداق المشتبه وأنّ كان مصداقاً للعام بلا كلام ، إلّا إنّه لم يعلم إنّه من مصاديقه بما هو حجة ، لاختصاص حجيته بغير الفاسق.

وبالجملة العام المخصص بالمنفصل ، وأنّ كان ظهوره في العموم ، كما إذالم يكن مخصصاً ، بخلاف المخصص بالمتصل كما عرفت ، إلّا إنّه في عدم الحجية إلّا في غير عنوان الخاص مثله ، فحينئذ يكون الفرد المشتبه غير معلوم الاندراج تحت إحدى الحجتين ، فلابد من الرجوع إلى ما هو الأصل في البين ، هذا إذا كان المخصص لفظياً.

وأما إذا كان لبيّاً ، فإن كان مما يصحّ أن يتّكل عليه المتكلم ، إذا كان بصدد البيان في مقام التخاطب ، فهو كالمتصل ، حيث لا يكاد ينعقد معه ظهور للعام إلّا في الخصوص ، وإن لم يكن كذلك ، فالظاهر بقاء العام في المصداق المشتبه على حجيته كظهوره فيه.

والسّر في ذلك ، أن الكلام الملقى من السيد حجة ، ليس إلّا ما اشتمل على العام الكاشف بظهوره عن إرادته للعموم ، فلابد من اتباعه ما لم يقطع بخلافه ، مثلاً إذا قال المولى : ( أَكرم جيراني ) وقطع بإنّه لا يريد إكرام من كان عدوّاً له منهم ، كان أصالة العموم باقية على الحجية بالنسبة إلى من لم يعلم بخروجه عن عموم الكلام ، للعلم بعدواته ، لعدم حجة أُخرى بدون ذلك على خلافه ، بخلاف ما إذا كان المخصص لفظياً ، فإن قضية تقديمه عليه ، هو كون الملقى إليه كإنّه كان من رأس لا يعم الخاص ، كما كان كذلك حقيقة فيما كان الخاص متصلاً ، والقطع بعدم إرادة العدوّ لا يوجب انقطاع حجيته ، إلّا فيما قطع إنّه عدّوه ، لا فيما شك فيه ، كما يظهر صدق هذا من صحة مؤاخذة المولى له لو لم يكرم واحداً من جيرإنّه لاحتمال عداوته له ، وحسن عقوبته على مخالفته ، وعدم صحة الاعتذار عنه بمجرد احتمال العداوة ، كما لا يخفى على من راجع الطريقة المعروفة ، والسيرة المستمرة المألوفة بين العقلاء التي هي ملاك حجية أصالة الظهور.

 

وبالجملة :كان بناءً العقلاء على حجيتها بالنسبة إلى المشتبه هاهنا بخلاف هناك ، ولعله لما أشرنا إليه من التفاوت بينهما ، بإلقاء حجتين هناك ، تكون قضيتهما بعد تحكيم الخاص وتقديمه على العام ، كإنّه لم يعمه حكماً من رأس ،وكأنه لم يكن بعام ، بخلاف هاهنا ، فإن الحجة الملقاة ليست إلّا واحدة ، والقطع بعدم إرادة إكرام العدوّ في ( أَكرم جيراني ) مثلاً ، لا يوجب رفع اليد عن عمومه إلّا فيما قطع بخروجه من تحته ، فإنّه على الحكيم إلقاء كلامه على وفق غرضه ومرامه ، فلابد من اتباعه ما لم تقم حجة أقوى على خلافه»[1] .

 

قوله: «وأمّا إذا کان لبّیاً...»

أما دلیل المصنّف (رحمه الله) علی المطلب الثاني فهو أنّه إذا ورد دلیل عام کـ "أکرم العلماء" و کان فی المقام دلیل لبّي معلوم القرینیّة، فإنّ العرف یعتبره من القرائن المتصلة و یعدّه مانعاً لانعقاد الظهور لکلام المتکلم فی العموم، فیصبح کالفرض الذی یتضمن مخصصًا لفظيًا متصلا، فلا ینعقد للعام عمومٌ یصلح للحجیة، بل یکون لکلام المتکلم من البدایة ظهورٌ فی الخاص. بناءً علی ذلک، فی المثال الذی ذکر، و هو "أکرم العلماء"، مع وجود إجماعٍ أو سیرة عقلائیة واضحة تدل علی حرمة إکرام العالم الفاسق، یصبح ظهور الکلام فی قوله: "أکرم العلماء" هو: "أکرم عالمًا غیر فاسق"، وبالتالی کل من کان مصداقًا للعالم غیر الفاسق یجب إکرامه، و کل من لم یکن کذلک – سواء کان عالمًا فاسقًا أو مشکوکا و مرددا – فلا یجب إکرامه.

 

قوله: «وإن لم یکن کذلک»

وأما دلیل المصنّف (رحمه الله) علی المطلب الثالث فهو أنّه إذا ورد دلیل عام کـ "أکرم العلماء" و کان فی المقام دلیل لبّي غیر معلوم القرینیّة، بحیث لا یمکن للمتکلم أن یعتمد علیه فی بیان ما یرید بإرادته الجدّیة من موضوع الحکم، فإنّ هذا الدلیل اللبّي لا یحول دون انعقاد ظهور العام فی العموم، و یبقی العموم معتبرًا فی الحجّیة و یجب العمل به، إلا إذا ثبت دلیل علی خلافه. و فی المقام، بالنظر إلی الفرد المشکوک، لم یثبت دلیل علی خروجه من تحت العام، وبالتالي یبقی العام حجة فیه.

 

قوله: «وبالجملة»

بعبارة أخری، إنّ بناء العقلاء فی فرض المخصص اللبّي غیر معلوم القرینیّة هو العمل بأصالة الظهور و أصالة العموم، بخلاف ما إذا کان المخصص لبّیًا معلوم القرینیّة أو لفظیًا.

 

فائدة

إنّ بیان المحقق الخراسانی(رحمه الله) فی هذا الموضع یمکن نقده و مناقشته من عدة جوانب. و من أهم الانتقادات هو أنّ المخصص اللبّي فی الصورة الثانیة، -أی فی فرض عدم معلومیة القرینیة- بعد انکشافه سیکون کالمخصص اللفظی المنفصل. و کما ذُکر و هو أمر یقبله المحقق الخراسانی(رحمه الله) أیضاً بأنّ المخصص اللفظی المنفصل لا یمنع من انعقاد ظهور العام، لکنه یمنع من حجّیته. لذا، مع وجود مخصص لبّي غیر معلوم القرینیّة، لا یمکننا التمسک بعموم العام فی الشبهات المصداقیّة؛ و لهذا السبب، بعض العلماء، کالمحقق الخوئی (رحمه الله)، لا یجیزون التمسک بالعام فی هذا الموضع مطلقًا.


logo