« قائمة الدروس
بحث الکفاية الأصول الأستاذ حمیدرضا آلوستاني

46/04/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الشبهة المصداقیّة/سرایة إجمال الخاصّ إلی العامّ /العامّ والخاصّ

 

الموضوع: العامّ والخاصّ/سرایة إجمال الخاصّ إلی العامّ /الشبهة المصداقیّة

 

متن الکفایة:

«وأما إذا كان منفصلاً عنه ، ففي جواز التمسك به خلاف ، والتحقيق عدم جوازه ، إذ غاية ما يمكن أن يقال في وجه جوازه ، أن الخاص إنّما يزاحم العام فيما كان فعلاً حجة ، ولا يكون حجة فيما اشتبه إنّه من أفراده ، فخطاب ( لا تكرم فساق العلماء ) لا يكون دليلاً على حرمة إكرام من شك في فسقه من العلماء ، فلا يزاحم مثل ( أَكرم العلماء ) ولا يعارضه ، فإنّه يكون من قبيل مزاحمة الحجة بغير الحجة»[1]

 

و أما في المسألة الثانية والثالثة، فقد وقع الخلاف فيها بين العلماء.

ذهب بعضهم، كالمحقق الخوئي(رحمه الله)، إلى القول بعدم جواز التمسك بالعام مطلقاً[2] ، فلا يفرّقون بين المخصص المتصل والمخصص المنفصل، ولا بين المخصص اللفظي والمخصص اللبّي. فعلى رأيهم، كما لا يجوز التمسك بالعام في حال وجود مخصص متصل، كذلك لا يجوز في حال وجود مخصص منفصل، سواء كان المخصص لفظياً أو لبّياً. وملخص دليلهم: أن إرادة المولى الجدّیة تنكشف بعد ورود المخصص، فنعلم أن إرادة المولى لم تتعلق بالعام بما هو عام، بل تعلقت بالعام مقيداً بوصف خاص. فمثلاً، في المثال المذكور، تعلقت إرادة المولى بوجوب إكرام العالم غير الفاسق، ولا ريب في ذلك، وإنما يقع الاشتباه عند المكلفين في تطبيق هذا العنوان على أفراد معينة، فلا يعلمون هل يکون هذا الفرد المشكوك من مصادیق إرادة المولی الجدّیة أم لا، فلا وجه لثبوت حكم وجوب الإكرام لهذا الفرد.

 

وفي المقابل، ذهب بعض العلماء إلى جواز التمسك بالعام، سواء كان المخصص المنفصل لفظياً أو لبّياً، وقد نسب السید الخمیني(رحمه الله) هذا القول إلى المحقق النهاوندي(رحمه الله)[3] ، كما نسبه المحقق العراقي(رحمه الله) إلى مشهور العلماء من المتقدمين[4] .

وهناك من العلماء، كالمحقق الخراساني،(رحمه الله) من اختار التفصيل في هذه المسألة، وذكر تفصيلات متعددة، ولكن ذكرها جميعاً واستعراضها يخرج عن مجال بحثنا، ويؤدي إلى تشويش الأذهان، فنكتفي بذكر التفصيل الذي اعتمده المصنف(رحمه الله) في هذه المسألة.

يرى المصنف(رحمه الله) أنه إذا كان المخصص المنفصل لفظياً أو لبّياً لكنه كاللفظي المتصل، بمعنى أن المتكلم يستطيع الاعتماد عليه في مقام بيان مراده، فلا يجوز التمسك بالعام، أما إذا كان المخصص من نوع لبّي بحيث لا يمكن للمتكلم الاعتماد عليه في بيان مراده، فيجوز التمسك بالعام.

 

وبيان المصنف يشتمل علی ثلاثة مطالب:

أولاً، إذا كان المخصص منفصلاً ولفظياً، فإنه كاللفظي المتصل، فلا يجوز التمسك بالعام.

ثانياً، إذا كان المخصص لبّياً معلوم القرينة، فإنه كاللفظي المتصل، فلا يجوز التمسك بالعام.

ثالثاً، إذا كان المخصص لبّياً غير معلوم القرينة، يجوز التمسك بالعام.

 

قوله: «والتحقيق: عدم جواز»

وأما دليل المصنف على المطلب الأول، فهو أنه عندما يرد دليل عام مثل "أكرم العلماء"، ثم يصدر دليل خاص لفظي كقول "لا تكرم الفساق منهم"، فقد ألقى المتكلم دليلين معتبرين لتبيين مراده للمخاطب، فيكون الدليل الثاني بمثابة تفسير للمراد الجدي للمتكلم بالنسبة إلی موضوع الدليل الأول (یعنی دلیل العامّ)، فيقيد الدليل العام ويخصصه بالعالم غير الفاسق، وحيث إن التمسك بدليل لإثبات حكم ما يتبع تحقق موضوعه في الخارج، ففي ما نحن فيه، لما کانت الشبهة مصداقية، لا يحرز موضوع الدليل العام، أي "العالم غير الفاسق"، فلا يجوز التمسك بالدليل العام لإثبات الحكم للفرد المشكوك.

وعلى هذا الأساس، قيل إن رأي بعض العلماء القائلين بجواز التمسك بالعام في مثل هذه الحالات هو أن الدليل الخاص لا يوجب إجمال العام ولا يمنع من التمسك بالخاصّ إلا إذا شمل الفرد المشكوك بالفعل، وإن لم يشمله فلا مانع للتمسك بالعام، لكن هذا القول غير صحيح، لأنه وإن كان الدليل الخاص لا يشمل الفرد المشكوك بالفعل، إلا أنه يضيق موضوع العام، وبعد التضييق لا يتحقق انطباق الموضوع على الفرد المشكوك حتى يجري حكم العام عليه.

 

وخلاصة القول، أنه كما أن دخول الفرد المشكوك تحت عنوان الخاص، أي "العالم الفاسق"، ليس محرزاً، كذلك دخول هذا الفرد تحت عنوان العام، أي "العالم غير الفاسق"، ليس محرزاً، فلا يثبت حكم العام، كوجوب الإكرام في المثال المذكور، بالنسبة إلى الفرد المردد، ولا حكم الخاص، كحرمة الإکرام في المثال المذکور، فلابدّ من الرجوع إلى ما هو الأصل في البین.

 


logo