« قائمة الدروس
بحث الکفاية الأصول الأستاذ حمیدرضا آلوستاني

46/03/28

بسم الله الرحمن الرحیم

بیان النظریّات/أدوات العموم /العامّ والخاصّ

 

الموضوع: العامّ والخاصّ/أدوات العموم / بیان النظریّات

 

متن الکفایة:

«فصل

لا شبهة في أن للعموم صيغة تخصه ـ لغةً وشرعا ـ كالخصوص كما يكون ما يشترك بينهما ويعمهما ، ضرورة أن مثل لفظ ( كلّ ) وما يرادفه في أيّ لغةً كان يخصه ، ولا يخص الخصوص ولا يعمه[1] »

 

النظرية الثانية:

بعض العلماء يرون أنّه لم تُوضَع في اللغة أدواتٌ خاصّة للعموم، وأنّ جميع الأدوات التي يُدّعى وضعها للعموم هي في الأصل مختصّة بالخصوص، وأنّ استعمالها للعموم يُعدّ مجازاً.

يقول صاحب "المعالم" (رحمه الله) حول هذه النظریّة: «ذهب قوم إلى أنّ جميع الصيغ التي يُدّعى وضعها للعموم حقيقة في الخصوص وإنّما يُستعمل في العموم مجازاً»[2] .

ويقول الشيخ (رحمه الله) أيضًا: «قال قوم من المرجئة وغيرهم إنّه ليس للعموم صيغة أصلاً، بل كلّ ما يُدّعى أنّه للعموم فهو للخصوص»[3] .

ويقول الآمدي أیضاً: «ذهبت المرجئة إلى أنّ العموم لا صيغة له في لغة العرب»[4] .

 

النظرية الثالثة:

يرى بعض العلماء أنّ جميع الألفاظ التي يُدّعى وضعها للعموم هي في الحقيقة مشتركة بين العامّ والخاصّ، وأنّها وُضعت لمعنى مشترك جامع بينهما، ويتطلب استعمالها في العموم أو الخصوص قرينةً خارجية. ويُنسب هذا الرأي إلى أبي الحسن الأشعري، حيث يقول الآمدي: «وقد نُقل عن الأشعري قولان، أحدهما القول بالاشتراك بين العموم والخصوص»[5] . ويقول صاحب المعالم (رحمه الله) في هذا الصدد: «وجماعة قالوا إنّه ليس له لفظ موضوع إذا استُعمل في غيره كان مجازاً، بل كلّ ما يُدّعى من ذلك مشترك بين الخصوص والعموم»[6] . وينسب الشيخ (رحمه الله) هذا الرأي إلى أكثر المرجئة، قائلاً: «وقال أكثر المرجئة إنّ هذه الألفاظ مشتركة بين العموم والخصوص حقيقةً فيهما معًا»[7] .

 

النظرية الرابعة:

بعض العلماء، مثل السيد المرتضى (رحمه الله)، ذهبوا إلى التفصيل، حيث يرون أنّ هذه الألفاظ لم توضع للعموم في اللغة، وهي مشتركة، ولكنها تُستخدم في لسان الشرع لإفادة العموم، ومع كثرة استعمالها لهذا الغرض في الشرع، نُقِلت لمعنى العموم. بعد تأييد الرأي القائل بالاشتراك، يقول السيد المرتضى: «وقد ذهبنا إلى أنّ عرف الشرع قد اقتضى حمل هذه الألفاظ على العموم والاستغراق»[8] . ولذا يقول صاحب المعالم (رحمه الله) هنا: «ونصّ السيد على أنّ تلك الصيغ نُقِلت في عرف الشرع إلى العموم، كقوله بنقل صيغة الأمر في العرف الشرعي إلى الوجوب»[9] .

 

النظرية الخامسة:

بعض العلماء قال بالتوقف دون الترجيح لأيّ من الآراء السابقة. وقد نُسب هذا الرأي إلى أبي الحسن الأشعري، ويقول الآمدي: «ووافقه على الوقف القاضي أبو بكر»[10] .

 

فائدة:

تتضح ثمرة هذا الاختلاف، مثلاً إذا قُبِلَ أنّ لفظ "كلّ" وأمثاله وُضع للعموم، فإنّه يدلّ على العمومية والشمولية في مدلوله، أمّا إذا لم يُقبَل هذا، فإنّ دلالة العمومية والشمولية يجب أن تُستدلّ بمقدمات الحكمة أو قرائن أخرى. ولهذا يقول المحقق النائيني (رحمه الله) حول رواية "إنّ الصلاة في وبر كلّ شيء حرام أكلُه...": «إنّ قوله علیه السلام عامّ يشمل كلّ حيوان محرّم الأكل وإن لم يكن له نفس سائلة... ودعوى انصراف ذلك إلى خصوص ما كان له نفس سائلة ممّا لا شاهد عليها... فإنّ لفظة " كلّ " موضوعة للعموم فيعمّ جميع أصناف الحيوانات»[11] .

 

والبحث هنا يدور حول ما إذا كانت الروايات التي ورد فيها أنّ الصلاة في أجزاء الحيوان غير مأكول اللحم غير جائزة تخصّ الحيوان ذي الدم السائل فقط، أم تشمل جميع الحيوانات غير مأكولة اللحم؟ بعضهم يقول إنّ الأدلة المطروحة لها إطلاق، لكنّها منصرفة إلى الحيوان غير مأكول اللحم ذي الدم السائل. أمّا المحقق النائيني (رحمه الله) فيقول: أولاً، إنّ الانصراف المذكور لا أساس له، لأنّ الانصراف يكون حجة إذا تحقق بكثرة الاستعمال، وهذا غير متحقق هنا. وثانياً، إنّ لفظ "كلّ" وأمثاله وُضع لإفادة العمومية والشمولية في مدلوله، ولذلك، ووفقاً للرواية التي استخدم فيها لفظ "كلّ"، إنّ الصلاة في أجزاء الحيوان غير مأكول اللحم لا تجوز، سواء كان له نفس سائلة أم لا.

 


logo