46/03/20
بسم الله الرحمن الرحیم
تنبیهٌ في أسماء الأعداد/تعریف العامّ وأقسامه /العامّ والخاصّ
الموضوع: العامّ والخاصّ/تعریف العامّ وأقسامه / تنبیهٌ في أسماء الأعداد
متن الکفایة:
«وقد انقدح أن مثل شمول عشرة وغيرها لآحادها المندرجة تحتها ليس من العموم ، لعدم صلاحيتها بمفهومها للانطباق على كلّ واحد منها ، فافهم»[1] .
هذه العبارة في الحقيقة استيناف بياني ودفع دخل مقدّر، ومفاده أنكم قد قلتم: «العموم في الجميع بمعنى واحد، وهو شمول المفهوم لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه». وبناءً على هذا التعريف، ينبغي عدّ أسماء الأعداد، كـ«عشرة»، من مصاديق العام، لأنّ كلمة «عشرة» مؤلفة من عشر وحدات تشملها جميعاً. ولكن العلماء لم يعدّوا «عشرة» ونحوها من مصاديق العام، ولم يجروا عليها أحكام ألفاظ العموم.
ويجيب المصنف (رحمه الله) قائلاً: كما ذُكر في التعريف، إنّ اللفظ يُعدّ من ألفاظ العموم لو كان مفهومه قابلاً للانطباق على جميع أفراده ومصاديقه، كقولنا «كلّ عالم»، الذي ينطبق على جميع أفراد «العالم». فمثلاً في قولك «أكرم كلّ عالم» يشمل جميع هؤلاء الأفراد، بينما هذا الضابط غير متحقق في كلمة «عشرة»، لأنّ مفهوم «عشرة» لا ينطبق على أجزائها، كما أن هذا الضابط غير متحقق أيضاً في أسماء الأجناس، مثل: قوم، طائفة، وملّة، فهي ليست من مصاديق العموم اللفظي.
ويقول الشهيد الصدر (رحمه الله) في بيان هذا الأمر: «النقطة الرابعة: وربما يُتَصوّر أنّ أسماء الأعداد كـ"عشرة" مثلاً، من حيث استيعابها للوحدات التي تحتها، هي من أدوات العموم، وقد حاول المحقق الخراساني دفع هذا التوهم بقوله إنّ العموم هو استيعاب الأفراد لا الأجزاء، وأن الوحدات في أسماء العدد هي أجزاء لا أفراد»[2] .غير أن الشهيد الصدر (رحمه الله) لم يقبل هذا الجواب وبيّن قائلاً: «وفيه أنّ العموم - كما تقدّم - هو الاستيعاب، وهو كما يكون بلحاظ الأفراد، يكون كذلك بلحاظ الأجزاء، كقولك "اقرأ كلّ الكتاب"»[3] .
بعض الشراح أیضا، كصاحب منتهى الدرایة (رحمه الله)، لم يقبلوا هذا الجواب، وأشاروا تحت عبارة «فافهم» في نصّ المصنف إلى أنّه: «لعلّه إشارة إلى أنّ مناط خروج أسماء الأعداد عن العموم، إن كان لعدم قابليتها للانطباق على الآحاد الداخلة تحتها، فإنّ ذلك يستلزم خروج الجمع المحلّى بأداة التعريف عن العموم، لعدم انطباق مفهومه على كلّ واحد من الآحاد تحته، فمثلاً (العلماء) بمفهومه لا ينطبق على كلّ فرد من أفراد العلماء، بل ينطبق على المجموع»[4] .
وحاصل کلامه أنّه إن قيل بأن مناط الألفاظ العامّة هو قابليّة انطباق مفهومها على الأفراد والمصاديق المختلفة، فهذا يستلزم خروج كثير من ألفاظ العموم، كـ«العلماء» الذي يُعدّ من ألفاظ العموم قطعاً، ولكن بمقتضى هذا الضابط لا يُعدّ من مصاديق العموم، لأنّ عنوان «العلماء» بمفهومه غير قابل للانطباق على الأفراد المختلفة، إذ أنّ الموجودات الخارجيّة يُصدق عليها عنوان «عالم» لا «علماء».
فائدة
والجواب الصحيح، كما أشار إليه الشهيد الصدر رحمه الله، هو أنّ ألفاظاً كأسماء الأعداد «لا تدلّ على الاستيعاب مطلقاً، بل تدلّ على مفهوم مركّب هو العدد... ويشهد لذلك دخول أدوات العموم عليها كغيرها من الطبائع، فنقول: (أكرم كلّ عشرة من العلماء دفعة واحدةً)»[5] .
وملخص کلامه أنّ هذه الألفاظ، وإن کانت واجدة لمفهوم مركّب، إلا أنها لا تدلّ على الاستيعاب أو العموم، فلا يرد الإشكال المذكور.
ولا یخفی أنّ هذا الجواب لا يجري في أسماء الأجناس، لذا قال المحقق المشكيني (رحمه الله): «يمكن دفع الأول أيضاً بأنّ الملاك وجود ماهيّة قابلة للانطباق، ولا يلزم أن تكون تلك الماهيّة عين المدخول، وهي موجودة في كلمة العلماء بوصف ماهية العالم»[6] . وهذه الماهية غير موجود في أسماء الأجناس وأسماء الأعداد، لذا لا تصدق عليها تعريفات العام، ولا تعتبر من مصاديق العموم، فلا تجرى عليها أحكام ألفاظ العموم.
وحاصل کلامه أنّ معيار العموم هو دلالة اللفظ على الاستيعاب والشمولية بالنسبة إلی أفراده ومصاديقه، وأن يكون هذا العنوان قابلاً للانطباق على أفراده باعتبار ماهيته، وهذا الضابط لا یوجد في أسماء الأعداد والأجناس، إذ إنّ هذه الأسماء وإن دلت على استيعاب الأفراد والمصادیق، إلا أنها غیر واجدة لماهية قابلة للانطباق على أفرادها ومصادیقها، وواضح أنّ هذا الضابط یوجد في أمثال «العلماء»، إذ أنّه يتضمن الاستيعاب والشمولیّة، وله قابليّة الانطباق على الأفراد باعتبار ماهيّة «عالم».