46/03/13
بسم الله الرحمن الرحیم
/تعریف العامّ وأقسامه /العامّ والخاصّ
الموضوع: العامّ والخاصّ/تعریف العامّ وأقسامه /
متن الکفایة:
«فصل. قد عرّف العام بتعاريف ، وقد وقع من الأعلام فيها النقض بعدم الاطراد تارةً والانعكاس أُخرى بما لا يليق بالمقام ، فإنّها تعاريف لفظية ، تقع في جواب السؤال عنه ب ( ما ) الشارحة ، لا واقعة في جواب السؤال عنه ب ( ما ) الحقيقية ، كيف؟ وكان المعنى المركوز منه في الأذهان أوضح مما عرفّ به مفهوماً و مصداقاً ، ولذا يجعل صدق ذاك المعنى على فرد وعدم صدقه ، المقياس في الإِشكال عليها بعدم الاطراد أو الانعكاس بلا ريب فيه ولا شبهة تعتريه من أحد ، والتعريف لابد أن يكون بالاجلى ، كما هو أوضح من أن يخفى.
فالظاهر أن الغرض من تعريفه ، إنّما هو بيان ما يكون بمفهومه جامعاً بين ما لا شبهة في إنّها أفراد العام...»[1]
فائدة:
يقول المحقّق الإصفهاني (رحمه الله) في ما نحن فيه: «قد مرّ في مبحث مقدّمة الواجب تفصيل القول في عدم مساوقة التعريف اللفظي لما يقع في جواب "ما" الشارحة، فراجع ما هناك»[2] . وقد ذكر في بحث مقدّمة الواجب: «قد تكرّر منه في الكتاب وغيره، كما عن بعض أهل المعقول، مرادفة التعريف اللفظي لشرح الاسم، ومساوقته لمطلب "ما" الشارحة، ومقابلته للحدّ والرسم. وهذا مخالف لاصطلاح الحكماء، ولا مقابلة بينهما، بل الحدّ والرسم تارة يكونان على نحو الحقيقة، ويُعبّر عنه بمطلب "ما" الحقيقيّة، وأخرى على نحو شرح الاسم ويُعبّر عنه بمطلب "ما" الشارحة. بل المقابلة تكون بين التعريف اللفظي والحدّ والرسم». وبعد ذلك یأتي بعبارات من كتب المعقول تأييداً لقوله.
وخلاصة القول، إنّ المحقّق الإصفهاني (رحمه الله) يرى أنّ المحقّق الخراساني (رحمه الله) قد قال في هذا المقام وفي مواضع أخرى وفي كتب أخرى إنّ التعريف اللفظي مساوق لتعريف شرح الاسم، وإنّ الأداة الاستفهامية التي تُستعمل في هذا المقام هي "ما" الشارحة، وأنّ هذا التعريف اللفظي (شرح الاسم - "ما" الشارحة) يقابل التعريف الحقيقي، وهو التعريف بالحدّ والرسم. ولكنّ هذا القول للمحقّق الخراساني (رحمه الله) لا يوافق الاصطلاح المتداول بين علماء المعقول؛ إذ وفقاً للاصطلاح المتداول في علوم المعقول، إنّ في مقابل التعريف اللفظي يوجد التعريف بالحدّ والرسم، ولكن إذا كان هذا التعريف قبل العلم بوجود الشيء، يُطلق عليه تعريف شرح الاسم، وتكون الأداة الاستفهامية المستعملة فيه هي "ما" الشارحة. وإذا كان هذا التعريف بعد العلم بوجود الشيء، يُعدّ تعريفاً حقيقيّاً، وتكون الأداة الاستفهامية المستعملة فيه هي "ما" الحقيقيّة.
وبالتالي، وفقاً لما يقوله المحقّق الخراساني (رحمه الله)، إنّ التعريف اللفظي مساوق لتعريف شرح الاسم و"ما" الشارحة، بينما وفقاً لما يقوله المحقّق الإصفهاني (رحمه الله)، إنّ التعريف اللفظي مقابل لتعريف شرح الاسم ("ما" الشارحة) والتعريف الحقيقي ("ما" الحقيقيّة).
ويبدو إلی النظر أنّ المحقّق الإصفهاني (رحمه الله)، كما يعترف في العبارة المذكورة، يقرّ بأنّ "ما" الشارحة وتعريف شرح الاسم متساويان لدى بعض علماء المعقول، ويقابلان التعريف الحقيقي. ولمّا کانَ هذا الاصطلاح رائجاً ومتعارفاً في أذهان المخاطبين في زمان المصنّف، فقد استخدم المصنّف التعبير الشائع في ذلك الوقت لنقل مطلبه، فلا يُعدّ هذا القول عليه إشکالاً.
قوله:«فالظاهر أنّ الغرض...»
إنّ هذه العبارة جوابٌ عن سؤال مقدّر، إذ قال المصنّف: إنّ معنى "العامّ" من حيث المفهوم ومن حيث المصداق أمر مرتكز في أذهان عموم الناس، وبناءً على هذا المعنى الموجود في أذهانهم، يقومون بنقد التعاريف ومناقشتها، ويوجهون بعض الاعتراضات على عدم شمولية بعض التعاريف وعلى عدم مانعية بعضها الآخر. وهذا يدلّ على أنّ التعاريف التي ذُكرت للعامّ هي تعاريف لفظية وشرح الاسم، وليست تعاريف حقيقية.
وبناءً على هذا القول للمصنّف، يُطرح سؤال: إذا كان معنى "العامّ" من حيث المفهوم ومن حيث المصداق أمراً مرتكزاً في أذهان عموم الناس، ويعتمدون على هذا المعنى المرتكز في أذهانهم لمقارنة التعاريف، فما الداعي أو الحاجة إلى ذكر تعاريف مختلفة؟
فيجيب المصنّف بأنّه في هذا المقام تُطرح أحكام ومسائل تتعلق بالعامّ وأيضاً بالخاصّ، مثلاً یقالُ: «إذا خُصّص العامّ، فهل يكون حجّةً في الباقي أم لا؟» أو «هل يسري إجمال الخاصّ إلى العامّ أم لا؟» ولذلك، ولتحديد موضوع هذه المسائل، نسعى في هذا المقام لتعريف "العامّ" حتى يكون المراد منه واضحاً عند بيان الأحكام والمسائل المتعلقة به. ومن المعلوم أنّ هذا الغرض يُمكن تحقيقه من خلال تعريف لفظي وشرح الاسم، ولا حاجة إلى تعريف حقيقي وبيان ماهية العامّ والخاصّ.