46/07/21
بسم الله الرحمن الرحیم
مساله٣٤ زمان تملك العامل للربح
موضوع: مساله٣٤ زمان تملك العامل للربح
قد ذکرنا ان الشيخ الطوسي قدس سره قال ان الشرط الذي يكون غير مرتبط بالتجارة و لا براس المال مثل اشتراط خياطة الثوب للمالك يكون باطلا لانّه ینافی مقتضی عقد المضاربة فان مقتضى المضاربة مقابلة عمل العامل للربح و عدم كونه مجانيا فاذا اشترط عليه خياطة الثوب كانت الخياطة مجانيا و لم تُقابَل بشئ فهذا الشرط مناف لمقتضی المضاربة فيكون باطلا.
ثم قال قدس سره ان الشرط المذكور اذا كان باطلا بطل ببطلانه اصل المضاربة لانه اذا بطل الشرط لم يُعلم مقدار الربح الذی یُقابَل بالتجارة فتكون المضاربة غررية فتبطل.
ثم قال رحمه الله تعالى و ان قلنا بان المضاربة صحيحة و الشرط جائز و لكنه لايجب الوفاء به كان قويا فانّ الشرط حینئذ یکون وجوده کعدمه فکانه لم یکن شرط اصلا فلاتلزم الجهالة في الحصة كى تبطل المضاربة.
و اورد عليه السيد الماتن قدس سره بانه لايتفاوت الحال بين القول بلزوم العمل بالشرط و عدم لزومه فانّ مقدارا من العوض زیدَ لاجل الشرط سواء کان العمل به جائزا او واجبا، فوجوب العمل به او عدم وجوبه یکون کالحجر فی جنب الانسان بعد ما ذکرنا من ان الملاک فی بطلان العقد هو استلزام الشرط للغرریة و لايخفى ان غررية الحصة حاصلة في المقام سواء قلنا بلزوم الوفاء بالشرط او عدم وجوبه فان مقدار من الحصة زيد بملاحظة الشرط مطلقا سواء كان العمل به واجبا او لم يكن كذلك.
و اضاف السيد الحكيم قدس سره ايرادا آخر و هو ان القول ببطلان الشرط و ببطلان العقد فی المقام جمع بین المتنافیین فان مستند بطلان الشرط هی مجانیة العمل المشترط و هو ينافي مقتضى عقد المضاربة على ما تقدم بيانه فاذا كان عدم مقابلة شئ من العوض بازاء العمل المشترط موجبا لبطلان الشرط فكيف يمكن القول ببطلان المضاربة حينئذ لعدم معلومية المقدار المقابل من الربح للتجارة بعد بطلان الشرط فانه اذا لم يُقابَل شئ من العوض للشرط فلامحالة يكون كل العوض مقابلا للتجارة فاذا بطل الشرط لم يلزم الغرر لانه لم يكن جزء من الربح في مقابل الشرط كى يلزم من بطلان الشرط عدم معلومية المقدار المقابل للتجارة.
و قد اجاب بعض[1] عما استشکله الماتن علی الشیخ بانّ الشرط اذا لم یجب الوفاء به کان حاله حال الشرط الخارج عن العقد فیکون کالوعد فکما انه لو قال المالک:"اتجر بهذا المال علی ان یکون لک مقدار کذا من الربح" ثم قال له:"هل یمکن ان تخیط لی ثوبا؟" فوَعَدَه العامل بالخیاطة فكما انه لم يكن شئ من الربح بازاء تلك الخياطة التي وعد العامل المالكَ بها فکذلک اذا اشترط الخیاطة في ضمن عقد المضاربة و قلنا بعدم وجوب الوفاء به فانّ حال هذا الشرط يكون حال الوعد في المثال الاول فكما لم یُجعل شئ بازاء ذلک الوعد فکذلک لم یُجعل شئ بازاء هذا الشرط. و حینئذ لم یلزم من بطلان هذا الشرط عدم معلومیة الحصة المقابلة للتجارة فانّ المفروض کون تمام المقدار مقابلا للتجارة و لم يكن شئ من الربح مقابلا للشرط كى تلزم الغررية ببطلانه.
و فيه ان كلام السيد الماتن تام و ايراده على شيخ الطائفة وارد عليه، و لايتم جواب المجيب عن ذلك الايراد فانّ وجوب الوفاء بالشرط و عدم وجوبه لایکون دخیلا فیما هو المهم فی المقام فانّه علی تقدیر القول بمقابلة جزء من العوض للشرط لايختلف الحال بين ما اذا وجب العمل بالشرط او لم يجب فانّ مقابلة حصة من العوض للشرط حاصلة على كلا التقديرين لانّ المقابلة تكون بين جزء من الحصة و العمل الخارجي بالشرط بلا فرق بين ان يكون ذلك العمل واجبا او غير واجب.
و هكذا لايتم ايراد السيد الحكيم على شيخ الطائفة فانه لايتم ايضا لانّه اذا لم يُقابَل جزء من الربح للشرط شرعا کان الشرط المذکور فاسدا لکونه مخالفا لمقتضی المضاربة و حينئذ تصير المضاربة غررية عند المتعاقدين فان المتعاقدين جَعَلا حصة من الربح فی مقابل الشرط فَبَعدَ ان حَکَم الشارعُ ببطلان ذلک الشرط صار المقدارُ المقابل من الربح للتجارة مجهولا لدى المتعاقدين، فالمضاربة تصير غررية عند المتعاقدين، و ان لم تكن غررية بملاحظة حكم الشارع فانّ الشارع بعد ما حكم بمقابلة كل الربح للتجارة دون الشرط، و حكم ببطلان الشرط لم تَصِر الحصةُ المقابلة للتجارة مجهولة بملاحظة حكم الشارع لانّ کل جزء من الربح کان مقابلا للتجارة دون الشرط فاذا بطل الشرط شرعا بقي تمام الربح في مقابل التجارة لانه كان في مقابله من اول الامر فلم تصر المضاربة غررية بملاحظة حكم الشرع و ان صارت غررية بملاحظة جعل المتعاقدين. و لايخفى ان المدار في الغرر هو الغرر عند المتعاقدين لا الغرر بالنظر الى حكم الشارع، فلابد من النظر الى حال المعاملة عند المتعاقدين مع قطع النظر عن الحكم الشرعي فلو كانت المعاملة عندهما في حد نفسها غررية مع قطع النظر عن الحكم الشرعي لكانت باطلة شرعا و لو لم تكن غررية اذا لوحظت مع حكم الشارع. فما ذكره المحقق الحكيم هنا غيرتام.
مسألة34: يملك العامل حصّته من الربح بمجرّد ظهوره من غير توقّف على الإنضاض أو القسمة، لا نقلًا ولا كشفاً على المشهور، بل الظاهر الإجماع عليه؛ لأنّه مقتضى اشتراط كون الربح بينهما، ولأنّه مملوك، وليس للمالك، فيكون للعامل، وللصحيح: «رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة فاشترى أباه وهو لا يعلم، قال: يقوّم فإن زاد درهماً واحداً انعتق واستسعى في مال الرجل». إذ لو لم يكن مالكاً لحصّته لم ينعتق أبوه.
نعم، عن الفخر عن والده أنّ في المسألة أربعة أقوال، ولكن لم يذكر القائل ولعلّها من العامّة:
أحدها: ما ذكرنا.
الثاني: أنّه يملك بالانضاض؛ لأنّه قبله ليس موجوداً خارجياً، بل هو مقدّر موهوم.
الثالث: أنّه يملك بالقسمة؛ لأنّه لو ملك قبله لاختصّ بربحه، ولم يكن وقاية لرأس المال.
الرابع: أنّ القسمة كاشفة عن الملك سابقاً؛ لأنّها توجب استقراره، والأقوى ما ذكرنا لما ذكرنا.
و هذه المسالة تكون في مقام بيان زمان تملك العامل لحصته من الربح.
و الاقوال في المسالة اربعة:
القول الاول انه يملك بمجرد ظهور الربح من دون ان يتوقف لا على الانضاض و لا على القسمة نقلا او كشفا. و الوجه في ذلك امران:
الامر الاول ان هذا مقتضى اشتراطهما لكون الربح بينهما، فاذا حصل الربح كان بينهما بمقتضى اشتراطهما، و لایخفى ان الربح يصدق بمجرد تصاعد القيمة السوقية من دون ان يكون الانضاض او القسمة دخيلا في تحقق الربح.
الامر الثاني ان الصحيحة تدل على تملك العامل من زمان ظهور الربح و هي «رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة فاشترى أباه وهو لا يعلم، قال: يقوّم فإن زاد درهماً واحداً انعتق واستسعى في مال الرجل» فانه اذا اشترى العامل اباه فزادت قيمة الاب على راس المال و لو بمقدار درهم واحد حكم الامام عليه السلام حينئذ بانعتاق الاب لانه صار ملكا للعامل بحصة منه فينعتق عليه؛ و لو لم يملك العامل حصته من الربح لم يحكم الامام عليه السلام بانعتاقه عليه لانّ العتق لایکون الّا فی ملک فاذا انعتق علیه کان هذا دلیلاً علی تملکه له بمجرد ظهور الربح من دون ان یتوقف تملکه علی الانضاض و لا علی القسمة.
القول الثاني ان العامل انما يملك بعد الانضاض؛ و المراد من الانضاض هو تبديل ما يشتريه بالفلوس، فمثلا اذا كان راس المال عشرين ميليونا فباع به سيارة فتصاعدت قيمته و صارت ثلاثين ميليونا لم يملك العامل للحصة ما لم يبع تلك السيارة، فاذا باعها و بدلها بالفلوس ثانيا تملّک للحصة.
القول الثالث ان العامل انما يملك حصته اذا قسّم المال بالنقل، فما لم یُقسَّم لم یملک الحصة و لو بعد الانضاض. فلابد من انضاض المال و قسمته حتی یملک حصته من الربح. و السرّ فی ذلک انه ما لم یُقسَّم المال لم یکن صدق الربح معلوما، مثلا اذا دفع المالک اای العامل عشرین میلیونا فاشتری به دارا فصارت قیمة البيت ثلاثين ميليونا فباعه بثلاثين ميليونا فاشترى به سيارة فنزلت قيمة السيارة فباعها بعشرين ميليون فحينئذ لم تكن التجارة مربحة اصلا لانه لابد من ان یُلاحَظ مجموع التجارات کی یری انه هل حصل الربح او لا؟ و لایمکن ان یقال ان التجارة مربحة بمجرد كون التجارة الاولى مربحة، بل لابد من ملاحظة مجموع التجارات معا حتى نرى بان التجارات في آخر الامر هل تکون مربحة او لا؟ و لذا ما لم يُقسَّم المال لم یُعلم بکون التجارة مربحة او لا.
القول الرابع انه اذا قُسّم المال حُکم من حین القسمة بكون العامل مالكا للحصة من زمان حصول الربح بنحو الکشف الحکمی فاذا قُسّم امضی الشارع کون حصة من الربح ملکا للعامل من زمان حصوله.
ثم قال الماتن: و دعوى أنّه ليس موجوداً كما ترى وكون القيمة أمراً وهمياً ممنوع.مع أنّا نقول: إنّه يصير شريكاً في العين الموجودة بالنسبة؛ ولذا يصحّ له مطالبة القسمة، مع أنّ المملوك لا يلزم أن يكون موجوداً خارجياً، فإنّ الدين مملوك مع أنّه ليس في الخارج.
ومن الغريب إصرار صاحب الجواهر على الإشكال في ملكيّته بدعوى أنّه حقيقة ما زاد على عين الأصل، وقيمة الشيء أمر وهمي لا وجود له لا ذمّة ولا خارجاً، فلا يصدق عليه الربح. نعم، لا بأس أن يقال: إنّه بالظهور ملك أن يملك، بمعنى أنّ له الإنضاض فيملك، وأغرب منه أنّه قال: بل لعلّ الوجه في خبر عتق الأب ذلك أيضاً، بناءً على الاكتفاء بمثل ذلك في العتق المبني على السراية، إذ لا يخفى ما فيه، مع أنّ لازم ما ذكره كون العين بتمامها ملكاً للمالك حتى مقدار الربح، مع أنّه ادّعى الاتّفاق على عدم كون مقدار حصّة العامل من الربح للمالك، فلا ينبغي التأمّل في أنّ الأقوى ما هو المشهور.
نعم إن حصل خسران أو تلف بعد ظهور الربح خرج عن ملكيّة العامل لا أن يكون كاشفاً عن عدم ملكيّته من الأوّل، وعلى ما ذكرنا يترتّب عليه جميع آثار الملكيّة من جواز المطالبة بالقسمة وإن كانت موقوفة على رضى المالك ومن صحّة تصرّفاته فيه من البيع والصلح ونحوهما، ومن الإرث وتعلّق الخمس والزكاة وحصول الاستطاعة للحجّ وتعلّق حقّ الغرماء به، ووجوب صرفه في الدين مع المطالبة إلى غير ذلك.
و ربما يُستشکل علی القول الاول الذی هو مختار العروة باشكالين:
الاشكال الاول: ان الربح لایصدق الا بعد الانضاض و تصییر المال الی جنس راس المال فان مقوم الربح كون المالين من جنس واحد فزاد اللاحق على السابق. و اَما اذا کانا من جنسین مختلفین فلایصدق الربح فاذا کان راس المال عشرین دینارا فاشتری به دارا تکون قیمته السوقیة ثلاثين دينارا لم يصدق الربح لاختلاف الجنسين ای الدار و الدنانير التي كان راسَ المال و لایصدق الربح حینئذ.
و اجاب الماتن عنه بانه لاشک فی انه اذا کانت قیمة الدار السوقية ثلاثين دينارا في المثال المذكور قيل عرفا:"انك استفدتَ و ربحتَ" فلایکون الربح موقوفا علی انضاض المال.
و لزیادة التوضيح نقول انه قد ذكر المحقق الخويي في باب الخمس:
انه تارة يشتري الشخص بالمال المخمس شيئا للاقتناع فيشتري دارا للسكونة فيه او لاستيجاره
و اخرى يشتريه للاتجار به فيشتريه بقصد ان يبيعه فيشتري شیئا آخر و هکذا کما هو حال التُجّار.
و علی الاول فلایجب تخمیس المال_الدار فی مثالنا_ اذا زادت قیمته السوقیة ما لم يبعه، و انما وجب تخميسه اذا باعه فانه لم يصدق موضوع وجوب الخمس اى الربح و الاستفادة حينئذ بمجرد ارتفاع القيمة السوقية ما لم يبعه اذا اشتراه بمال ادی خمسه سابقا. و اَما اذا اشتراه بالاموال الحاصلة من نفس هذه السنة و لم یُخمّس تلک الاموال فی اثناء السنة فیکون نفس الدار معدودا من عوائد السنة و فوائدها فیجب تخمیسه.
و على الثاني يجب تخميس المال اذا ارتفعت القيمة السوقية و ان لم يبعه، فاذا بقيت زيادة القيمة الى آخر الحول والسنة وجب التخميس و ان لم يبعه فانّ الاستفادة و الربح تصدق بمجرد تصاعد القيمة اذا كان قصده الاتجار بالمال.
و لايخفى ان المقام يكون من القسم الثاني فان العامل انما يبيع للمالك بقصد الاتحار به و تبديله لا بقصد الاقتناع بالمُشتَرَی، فاذا ارتفعت القیمة حصل الربح من دون ان يتوقف حصول الربح على انضاض المال.
الاشكال الثاني: و هو من صاحب الجواهر قدس سره و هو ان القيمة امر وهمي لاتكون قابلة للقسمة فاذا تصاعدت قيمة الدار فحيث ان القيمة تكون امرا وهميا فلاتكون قابلة للقسمة فلابد من تبديل الدار ببيعه الى الفلوس فتُقسَّم تلک الفلوس.
و فیه انه تُمکن قسمة الدار مطابقا للقیمة فالمقسوم هو الدار لا قيمته، و لكن قسمةُ الدار تکون بملاحظة قيمته فمثلا اذا توافقا على كون حصة العامل هو الخمس و حصة المالك اربعة اخماس و كان راس المال عشرين ميليونا فاشترى به الدار فصارت قيمته السوقية ثلاثين ميليونا فُنلاحظ قیمة الدار مع راس المال فيكون سهمه من مجموع الربح اي عشرة ميليون ميليونين فيشترك العامل في الدار الذي تكون قيمته ثلاثين ميليونا بمقدار واحد من خمسة عشر، فالمقسوم هو الدار لا القيمة، و انما یُقسَّم الدار بملاحظة قیمته.
ثم اورد الماتن نقضا على الجواهر و هو انه اذا باع شيئا بالثمن الكلي و بالذمة كان البائع مالكا للدين المستقر على ذمة المالك بلا شبهة فيه، مع ان الدين لايكون امرا عينيا خارجيا بل انما هو امر وهمي اعتباري محض، و لكن هذا لايمنع عن كونه ملكا، فكما ان عدم العينية الخارجية في الدين لايكون مانعا عن كونه مملوكا فكذلك عدم عينية القيمة لايكون مانعا عن مملوكيته قبل انضاضه و قسمته.
و الشاهد على ذلك ان المال اذا زادت قيمته السوقية فهل المال المذكور مملوك كلُّه و لو بالمقدار المطابق لتک الزیادة او لا؟ لاشبهة في مملوكيته، و حينئذ نسئل ان الحصة المملوكة المطابقة لذلك المقدار من الزيادة تكون لايّ شخص؟ لايمكن القول بكونه للمالك كلّه لان المالک حینئذ یملک زائدا علی حصته التی توافقا علیها و لایملک المقدار الزائد علیه، فلابد من ان یکون العامل مالکا بمقدار حصته لذلک المقدار من الزیادة و لولا ذلک للزم القول بانّ المملوک لا مالک له و هو کما تری.
ربما یُقرَّب اشکال الجواهر بانّ المالیة تكون من جملة الاوصاف و لايخفى ان الوصف يتقوم بموضوعه و موصوفه فلايمكن التفكيك بينهما فمَن هو مالک للموصوف مالک لوصفه ایضا و لایمکن عقلاً الالتزام بتملک شخص للوصف دون موصوفه فان الوصف بعد ما قلنا بعدم کونه منفکا عن موصوفه لایکون شیئا مستقلا عنه کی یمکن تملکه مستقلا فلایمکن القول بتملک العامل لمالیة العين بمقدار حصته مع ان العين مملوكة للمالك في المضاربة.
و هذا التقريب ضعيف غاية الضعف فان الملكية امر اعتباري و لاتحتاج الامور الاعتبارية الا الى فرض و تصور و اعتبار، و قد اشتهر ان الاعتبار خفيف الموونة فلايتوقف على ازيد من فرض و تصور، و فرضُ المحال لیس بمحال، و لذا یمکن اعتبار تملیک المعدوم مثل ان یعتبر شخص ملکیة زيد لارض تکون تلک الارض معدومة فان امكان هذا الاعتبار عقلاً مما لایحتاج الی تامل، فکیف بالاوصاف التی یکون له نحو من الوجود و انما یکون وجوده غیر مستقل و یکون من قبیل الاعراض فانّ امکان اعتبار مملوکیته لشخص اوضح من ان یخفی. فالتقریب المذکور ضیف جدا.
و قد یُقرَّب کلام الجواهر بوجه آخر و هو ان امکان اعتبار مملوکیة الوصف مجردا عن موصوفه و ان صحّ عقلاً و لکن لایتم عقلائیاً فانّ العقلاء لایلتزمون بتملک الوصف مجردا عن موصوفه بل یقولون بانّ الوصف مملوک للشخص الذی یکون مالکا لموصوف ذلک الوصف، فمثلا اذا صوّر شخص صورة ذات قيمة على ورق يكون ذلك الورق للآخر لم یلتزم العقلاء بکون المصوِّر مالکا للصورة و للعرض مع انّ الورق مملوک للآخر، بل یقولون مثلاً بانه لابد من تملُّک المصوّر للورق بمقدار ما کان دخیلا فی ارتفاع قیمة ذلك الورق فاذا كانت قيمة الورق مجردةً عن تلک الصورة التي نقّشها علیه عشرة آلاف تومان و صارت قیمته مع تلک الصورة مائة الف تومان صار المصور شريكا لمالك الورق في نفس المعروض اى الورق بمقدار تسعة اعشار. فالمانع في المقام ليس عقلياً بل المانع یکون عقلائیاً.
و لکن ربما یمکن ان یقال بمنع ثبوت هذه السیرة العقلائية فانّ العقلاء اذا اطلعوا علی اعتبار الشارع لمملوکیة الوصف لشخص مع انّ موصوفه مملوک للآخر التزموا بذلک الاعتبار و تسلّموا له و لم ینکروا علیه. و لذا تری انهم التزموا بهذا النحو من الاعتبار فی باب ارث الزوجة فانّ الزوجة لاترث من عين العقار و الاشجار و نحوها بل انما ترث مالية تلك الاشياء شرعاً، و العقلاء بعد ما اطلعوا علی ذلک النحو من الاعتبار التزموا به و خضعوا له و لم یردّوا علیه.
و کذا الامر فی باب الخمس و الزکاة فانّ ارباب الخمس و الفقراء یملکون مالیةَ العين التي تعلَّقَت اليها الخمس و الزكاة لا ان یملکوا حصة من عین المال و نفسه.
و الآیات الشریفة الدالة على وجوب الخمس و الزكاة و ان كانت ظاهرة في تعلق الملكية بنفس المال دون ماليته كآیة:"و ما غنمتم من شئ فان لله خمسه و للرسول و لذی القربی" حیث انها دلت علی تعلق الخمس بنفس ما یکون فیه الغُنم و المنفعة لا بماليته، و لكن قال شيخنا الاستاذ التبريزي قدس سره انه لابد من ان نرفع اليد عن هذا الظهور باعتبار النص الدال على تعلق الزكاة بالمالية دون العين، و حيث ان الخمس و الزكاة لايفترقان فيكون الامر كذلك في الخمس. و المراد من ذلک النص ما یکون واردا فی رجل يودّی من النقود الی الفقراء بمقدار مالیة الغنم مثلا دون نفس ذلك الغنم فقال عليه السلام:"انه ادّی زکاته" و لم یقل علیه السلام:"انه ادّی بدل زکاته" و هذا یدل علی ان الزکاة متعلقة بنفس المالية، و لو كانت متعلقة بالعين دون المالية لكان التعبير الصحيح هو التعبير الثاني دون الاول كما لايخفى.
و الذي يسهل الخطب انه لاثمرة بين القولين. و ربما تُذکر ثمرتان بین القولین:
الثمرة الاولى انا لو قلنا بتعلق الزکاة و الخمس بعين المال لم يجز التصرف في ذلك المال قبل تزكيته و تخميسه لانه تصرف في مال الغير فلايجوز، بخلاف ما لو قلنا بتعلقهما بالمالية دون العين فانه يحوز التصرف في المال قبل التزكية و التخميس لانّ المال مالُه فیجوز التصرف فیه.
و اورد المحقق الخویی علی هذه الثمرة بان التصرف في المال لاينفك عن التصرف في ماليته فانّ مالیة الشئ تكون متقومة بذلك الشئ فاذا تصرّف فی الشئ تصرّف فی مالیته ایضا تبعاً فیکون تصرفا فی مال الغیر ایضا فلایجوز.
الثمرة الثانية انا لو قلنا بتعلق الزكاة و الخمس بالمالية جاز دفع اجناس اُخر غیر النقود مثلا اذا تعلق الخمس بمقدار میلیون تومان جاز دفع مثل الثياب و النعال و نحوها بمقدار یساوی ذلک المقدار من المالیة بخلاف ما اذا قلنا بتعلقهما بالعين فانه لايجوز.
و فيه ان مالية الاشياء تتقدر بالنقود و الفلوس دون سائر الاشياء، و الشاهد على ذلك انه اذا سُئل شخص عن انه کم قیمة هذا الثوب و ماليتُه؟ فهل یصح ان یجیب:"مالیته و قیمته کتابُ"؟! کلّا فان هذا الجواب مما تضحک به الثکلی، و السر فی ذلک ان المالیة تتقدر بالنقود لا باجناس اُخر فاذا تعلق الخمس و الزکاة بالمالية فلابد من ان يدفع النقود او يدفع نفس ذلك الشئ المتعلق به الخمس و الزكاة على حسب ادلة الباب.
و الذي يبدو الى الذهن ان العقلاء لايلتزمون بملكية شخص لمالية العين مجردة عن ملكيته لنفس العين، و الشاهد على ذلك ان الشخص اذا قال:"انا مالك لمالية السيارة دون نفسها" انكروا عليه بل ربما لم ينتقلوا الى مراده اصلا لانهم لايرون صحة التملك لمالية العين مجردة عن الملكية لنفسها. و ما ذُکر من الشاهد علی ملکیة المالية من مسالة ارث الزوجة و الزكاة و الخمس لاتصلح للشهادة فانه لا دليل على ارث الزوجة من مالية العقار دون عينها فانّ غایة ما تدل عليه الادلة هو جواز دفع سائر الورثة للنقد اليها بمقدار حصتها و هذا لاينافي كونها مالكة لنفس العقار فانه يمكن الالتزام بملكيتها لعين العقار بمقدار الثُمن، غایة الامر يجوز دفع النقود اليها عوض اصل العين بمقدار حصته. و هكذا الامر في بابى الخمس و الزكاة.
و ما استدل به شيخنا الاستاذ من الرواية لايتم الاستدلال به على المدعى فانه يمكن ان تكون الزكاة متعلقة بالعين و لكن اذا ادّی بدلها من النقود صح التعبیر بانه ادّی زکاته فان هذا التعبیر صحیح متعارف شائع لدی العرف فانه اذا کان الشخصان شریکین فی ارض و رضی احدهما بان یُعطیه الآخر بمقدار حصته من النقود فاذا ادّی الیه ذلک المقدار من النقود قیل:"انه ادی سهمه" مع ان سهمه کان من نفس الارض لا من مالیته و لکن حیث انه ادی عوض سهمه من النقود صح التعبیر بانه ادی سهمه. و هذا الذی قلنا من صحة التعبير عرفا مما يكون في غاية الوضوح فلايصح التمسك بالنص على تعلق الزكاة بالمالية دون العين.
و لکن الذي يُهون الخطب فی مسالتنا هذه انه اذا ربحت التجارة في المضاربة فباع دارا براس المال و تصاعدت قيمة الدار فصارت ماليته ازيد من المقدار الذي اشتراه به صار العامل شريكا مع المالك في اصل ذلك الدار بمقدار حصته لا في ماليته فانه يشترك معه في ذلك الدار فان التجارة ربحت حسب الفرض فيكون الربح بينهما، و مقتضى كون الربح بينهما شراكتهما في اصل الدار لا في المالية حتى يقال بانّ تملُّك المالیة دون العين مما لايلتزم به العقلاء. و الشاهد على ذلك انه اذا لم يُوجَد شخص لشراء ذلک الدار و انتهی الحول و مدة المضاربة كان للعامل ان يطالب المالك بدفع حصته من نفس الدار، و لايجوز للمالك ان لايدفعها، و هذا شاهد على كون العامل شريكا له في اصل الدار و لذا لايجوز للمالك ان يمنعه عن المقدار المملوكة للعامل من الدار.
ثم انه ربما يقول بعض[2] ان مقتضى الاصل العملي هو عدم مالكية العامل للربح قبل الانضاض و القسمة فانا نشك في ملكيته للربح قبلهما فيجري استصحاب عدم ملكيته للربح.
و فيه ان الاستصحاب المذكور استصحاب العدم الازلي فان الربح متى تحقق في اول آن وُجد لم نتیقن بعدم کونه ملکا للعامل لانا نشک فی انه ملک له او لا، فالمتعین ان یکون المراد هو ان ذلک الربح قبل ان یوجَد لم یکن ملکا للعامل من باب السالبة بانتفاء الموضوع، فاذا وُجد شککنا فی ملکیته له فنستصحب عدم ملکیته. و لکن قد ذکرنا غیر مرة ان استصحاب العدم الازلي لايقوم دليل على حجيته فانّ نفى المحمول عن موضوع نظرا الى انتفاء موضوعه راسا و ان صح عقلاً و لکنه لایکون تعبیرا عرفیا، مثلا اذا قال شخص لصبی یکون ذا عشر سنین:"لم یجئ الیوم صهرُک" اعترض علیه ذلک الصبی و سائرُ الناس:"انه لم یتزوج فلاتکون له زوجة و لابنت و لاصهر حتي يجئ او لايجئ" مع انه اذا لم يكن له صهر فلايجئ قطعا لانّ ارتفاع النقیضین محال فاذا بطل المجئ ثبت عدم مجیئه قطعا، و لکن هذا انما یکون بملاحظة المداقة العقلية و لكن العرف الذي هو المستند في باب فهم الخطابات و المحاورات يرى استهجان الكلام المذكور. و لايخفى ان مدرك الاستصحاب قوله عليه السلام:"لاتنقض اليقين بالشك" و هذا خطاب الى العرف و حيث ان العرف لايُعبرون فی کلماتهم القضیة السالبة بانتفاء الموضوع فلم يروا شمول اطلاق الدليل المذكور لموارد العدم الازلي و كان الدليل المذكور منصرفا عنه عندهم و حينئذ لايبقى لاستصحاب العدم الازلي مدرك و لا مستند.
ثم ان صاحب العروة استدل على مختاره في المقام مِن تملك العامل لحصته من الربح من زمان حصول الربح بوجوه کان من جملتها الاجماع.
و ردّ علیه بعض[3] بانّ اثبات تعبدیة هذا الاجماع مشكل لاحتمال كونه مدركيا، و كما لايكون الاجماع المدركي حجة فكذلك لايكون الاجماع المحتمل المدركية بحجة.
و فيه ما ذكرنا غير مرة من ان التفصيل بين الاجماع التعبدي و المدركي بحجية الاول دون الثاني في غير محله فانهم قد ذكروا في وجه هذا التفصيل ان الاجماع اذا كان مدركيا لا قيمة له بل لابد من ان نراجع الى نفس ذلك المدرك، فاذا راجعناه و استفدنا منه ما استفاد منه المجمعون فهو، و ان لم نستظهر منه ما استظهروا منه بل استفدنا منه خلاف ما استفادوا منه فنخالفهم و نتعبد بالنص و ان خالفنا في ذلك اتفاقَ العلماء فانهم ليسوا بمعصومين فيمكن خطاهم كلّهم.
و لکن هذا الوجه خاطئ جدا لانّا نقول انه ما الوجه فی حجیة الاجماع التعبدي؟ و قد قالوا في وجه حجيته ان العلماء اذا اتفقوا على حكم فاِما ان یکونوا خائنین فی ذلک الحکم بمعنی فتواهم بشئ من غیر ان یکون لهم مستند فی ذلک و اِما ان یکونوا خاطئین و اِما ان یکونوا مصیبین. و الاول باطل جزما للقطع بعدم خیانة شخص واحد منهم فكيف باجمعهم؟! و الثاني كذلك فانه كيف يمكن ان يخطا كلُّهم فانّ هذا شئ لایتفق عادة. فيتعين الثالث.
و حينئذ نقول انّ هذا الوجه بعینه یاتی فی الاجماع المدرکی ایضا فانّ احتمال الخیانة منتف، و خطاُ الكل مما لایتفق عادة، فالمتعين هي اصابتهم.
بل الاجماع المدركي اولى بالحجية من الاجماع التعبدي لانّا لانطلع علی مدرک المجمعین فی الاجماع التعبدی فلعلّ ما هو المدرک لبعضهم غیر ما هو المدرک للبعض الآخر فیمکن ان یکون مستند بعضهم هی الوجوه العقلية الظنية الضعيفة و نحوها بخلاف الاجماع التعبدى فانّا نری مستندهم فیه و انهم استندوا الی روایة او آیة مثلا فنطمئن بكون مستند المجمعين مستندا مستحكما قويما.
و لذا قد استشكنا على السيد الخويي حيث انه خالف الاجماع في مسالة التنخيع فاحتاط بانّ التنخیع یوجب کون الذبیحة میتة مع ان الکل افتوا بخلاف ذلک مستندا الی رواية "لاتنخع بذبيحتك" مستدلا بانّ النهی فی المعاملات ارشاد الی الفساد و لکن اوردنا علیه بان هذه الروایة كانت بايدي الاصحاب و لم يستظهروا منها ما استظهر منها السيد الخويي مع ان ما ذكره لايحتاج الى تامل فانه ليس بمطلب عقلي صعب بل هو من اوضح المسائل و اولياتها و مع ذلك اجمع الكل على خلافه، فما فهمه السيد الخويي لايكون مطابقا لظهور الرواية فان الظهور ما فهمه النوع لا شخص واحد فلا دليل على حجية ذلك الاستظهار لانّ مدرک الحجة في الخطابات هي السيرة العقلائية و هي مستقرة على حجية خصوص الظاهر، و الظهور ما يفهمه النوع، فما استفاده خصوص السيد الخويي مع ذهاب الكل الى خلاف ليس ظهورا فليست بحجة. و لو سلمنا كونه ظهورا و لكن لا دليل على حجية مثل هذا الظهور فان العقلاء اذا روا ان جمیع العلماء ذهبوا الى طرف مع ان روايةً واضحةَ السند و الدلالة تکون علی خلافهم لم یعتمدوا علی ذلک الظهور من الروایة فلايكون ذلك الظهور حجة لديهم.