« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ عبدالله احمدي الشاهرودي

46/07/17

بسم الله الرحمن الرحیم

مساله٣٣: الكلام في الشروط المذكورة في ضمن المضاربة التى لاتكون مرتبطة بالتجارة و لا براس المال

موضوع: مساله٣٣: الكلام في الشروط المذكورة في ضمن المضاربة التى لاتكون مرتبطة بالتجارة و لا براس المال

ان العامل اذا ضارب مع شخص آخر فربما یشترط المالک علی العامل مباشرته بنفسه في الاتجار بالمال،

و اخرى لم يشترط عليه ذلك، بان يجيز له في ان يكون مباشرا بنفسه في الاتجار او يتجر هو بتوسيط غيره.

فهنا صورتان و ليَكُن الفرض فی کلتا الصورتین ما اذا لم یاذن المالک فی ان یُضارب العامل مع شخص آخر من جانب المالک.

و اَما الصورة الاولى اي صورة اشتراط المباشرة فالحقُّ انّ العامل الاول حینئذ لم یستحق شیئا من الربح فانّه لم یعمل عملاً فی المضاربة حسب الفرض و لم يكن عمل العامل الثاني مستندا اليه كي يُعدَّ عملُ العامل الثانی عملاً للعامل الاول بعد ما افترضنا انّ العامل الاول جعل العامل الثانی عاملا للمالک لا عاملا لنفسه. و مما ذکرنا یظهر انه لایمکن الحکم بتملک العامل للربح بمقتضی الروایات الخاصة الدالة على تملك العامل للربح فيما اذا خالف الشرط فان تلك النصوص تختص بما اذا كان الاتجار مستندا الى العامل، غاية الامر اتجر على خلاف ما اشترط عليه المالك، فلاتعم النصوص ما اذا لم يكن اصل الاتجار مستندا الى العامل راسا، و المقام يكون من هذا القبيل فان اصل الاتجار لايكون مستندا الى العامل الاول فلايستحق شيئا من الربح. و حينئذ لاتكون المضاربة الثانية صحيحة ايضا فان المضاربة الثانية انعقدت بعنوان كون العامل الثاني عاملا للمالك فاذا لم يمضها المالك كانت باطلة.

و اَما الصورة الثانية اى صورة عدم اشتراط مباشرة العامل بنفسه في الاتجار بالمال فكالصورة السابقة فانّ العامل الاول حیث انه انشا المضاربة الثانية بعنوان جعل العامل الثاني فيها عاملا للمالك لا لنفسه فلايكون اتجار العامل الثاني بالمال مستندا الى العامل الاول فلایصدق ان العامل الاول یتجر بالمال و حینئذ لایکون له شئ من الربح کما قدمنا وجهه لک فی الصورة الاولى. و هكذا المضاربة الثانية فانها تكون باطلة بعد ما لم يمضها المالك. هذا بالنسبة الى تملك العامل الثاني للحصة. و اَما الکلام فی استحقاقه لاجرة المثل فقد تقدم الكلام فيه سابقا فراجع.

هذا كله اذا ضارب العامل الاول مع شخص آخر بجعله عاملا للمالک. و اَما اذا جعله عاملا لنفسه فیکون العامل الثانی عاملا للعامل الاول فهنا صورتان ایضا:

الصورة الاولى ما اذا لم يشترط المالك مباشرة العامل بنفسه في الاتجار بالمال فياذن المالك ان يتجر العامل بنفسه او بتوسيطه لشخص آخر. و حینئذ تکون المضاربة الاولى صحيحة قطعا فان اتجار العامل الثاني یکون مستندا الی العامل الاول فیُعدّ اتجار العامل الثانی اتجارا العامل الاول فتصح المضاربة الاولى حينئذ بلاشبهة.و هكذا المضاربة الثانية فان المفروض ان العمل الاول قد ضاربه و جعله عملا لنفسه لا للمالك و هذا يكون معناه ان العامل الاول یُملِّک مقدارا من حصته الحاصلة من المضاربة الاولى اياه و لكن تلك الحصة تصير مملوكة للعامل الثاني بعد حصول الربح؛ فانشاء التميك فعلي و المُنشا ای الملکیة استقبالي كالوصية التمليكية فان الموصي يملك المال زيدا حين حياته الملکیةَ لما بعد موته و لذا تحصل الملكية لزيد بعد موت الموصي.

الصورة الثانية ما اذا اشترط المالك مباشرة العامل بنفسه في الاتجار بالمال. و حينئذ هل تصح المضاربة الاولى او لا؟

قد يُفصَّل فی المقام بین ما لو قلنا بان اتجار العامل الثانی یکون مستندا الی العامل الاول فتصح المضاربة الاولى حينئذ و بين ما لو قلنا بعدم استناد اتجاره اليه فلايكون العمل عملا للعامل الاول فتبطل المضاربة.

و السرُّ في ذلك انه اذا قلنا باستناد اتجار العامل الثاني الي العامل الاول فيصدق ان العامل الاول اتجر و لكن خالف الشرط في اتجاره و المراد من الشرط هي مباشرته في الاتجار و حينئذ يَملك العامل الاول حصته من الربح بمقتضى النصوص الدالة على ان العامل اذا خالف الشرط كان الربح بينه و بين المالك.

بخلاف ما اذا قلنا بعدم استناد اتجار العامل الثاني الى العامل الاول -کما هو الصحیح-فان العامل الاول حینئذ لم یتجر اصلا فلاتشمله النصوص المذکورة فانها تختص بما اذا اتجر العامل و لكن خالف الشرط في اتجاره. و لذا لايَملک العامل الاول شیئا من الربح حینئذ.

و لکن مقتضی التحقیق عدم صحة المضاربة الاولى مطلقا و لو قلنا باستناد تجارة العامل الثاني اى العامل الاول فان النصوص الدالة على كون الربح بين المالك و العامل اذا اتجر العامل و خالف الشرط ينصرف الى مثل شرط عدم السفر او عدم الاتجار في محل كذا و نحوهما و ينصرف عن مثل المقام فانها لاتشمل مثل شرط مباشرة العامل في الاتجار. فاذا كانت النصوص منصرفة عنه وصت النوبة الى الاصل الاولي و هو يقتضي بطلان المضاربة فان العامل عمل خلاف ما عينه المالك له فلايستحق شيئا من الربح. و حينئذ تكون المضاربة الثانية باطلة ايضا لعدم صحة جعل العامل الثاني عاملا للعامل الاول حينئذ لعدم ملكية العامل الاول للربح فهو اجنبي عن المال بالمرة فلاتصح مضاربته مع العامل الاول.

مسألة۳۳: إذا شرط أحدهما على الآخر في ضمن عقد المضاربة مالا أو عملا كأن اشترط المالك على العامل أن يخيط له ثوبا أو يعطيه درهما أو نحو ذلك أو بالعكس فالظاهر صحته و كذا إذا اشترط أحدهما على الآخر بيعا أو قرضا أو قراضا أو بضاعة أو نحو ذلك و دعوى أن القدر المتيقن ما إذا لم يكن من المالك إلا رأس المال و من العامل إلا التجارة مدفوعة بأن ذلك من حيث متعلق العقد فلا ينافي اشتراط مال أو عمل خارجي في ضمنه و يكفي في صحته عموم أدلة الشروط و عن الشيخ الطوسي فيما إذا اشترط المالك على العامل بضاعة بطلان الشرط دون العقد في أحد قوليه و بطلانهما في قوله الآخر قال لأن العامل في القراض لا يعمل عملا بغير جعل و لا قسط من الربح و إذا بطل الشرط بطل القراض لأن قسط العامل يكون مجهولا ثمَّ قال و إن قلنا إن القراض صحيح و الشرط جائز لكنه لا يلزم الوفاء به لأن البضاعة لا يلزم القيام بها كان قويا و حاصل كلامه في وجه بطلانهما أن الشرط المفروض مناف لمقتضى العقد فيكون باطلا و ببطلانه يبطل العقد لاستلزامه جهالة حصة العامل من حيث إن‌ للشرط قسطا من الربح و ببطلانه يسقط ذلك القسط و هو غير معلوم المقدار و فيه منع كونه منافيا لمقتضى العقد فإن مقتضاه ليس أزيد من أن يكون عمله في مال القراض بجزء من الربح و العمل الخارجي ليس عملا في مال القراض هذا مع أن ما ذكره من لزوم جهالة حصة العامل بعد بطلان الشرط ممنوع إذ ليس الشرط مقابلا بالعوض في شي‌ء من الموارد و إنما يوجب زيادة العوض فلا ينقص من بطلانه شي‌ء من الحصة حتى تصير مجهولة و أما ما ذكره في قوله و إن قلنا إلخ فلعل غرضه أنه إذا لم يكن الوفاء بالشرط لازما يكون وجوده كعدمه‌ فكأنه لم يشترط فلا يلزم الجهالة في الحصة و فيه أنه على فرض إيجابه للجهالة لا يتفاوت الحال بين لزوم العمل به و عدمه حيث إنه على التقديرين زيد بعض العوض لأجله هذا و قد يقرر في وجه بطلان الشرط المذكور أن هذا الشرط لا أثر له أصلا لأنه ليس بلازم الوفاء حيث إنه في العقد الجائز و لا يلزم من تخلفه أثر التسلط على الفسخ حيث إنه يجوز فسخه و لو مع عدم التخلف و فيه أولا ما عرفت سابقا من لزوم العمل بالشرط في ضمن العقود الجائزة ما دامت باقية و لم تفسخ و إن كان له أن يفسخ حتى يسقط وجوب العمل به و ثانيا لا نسلم أن تخلفه لا يؤثر في التسلط على الفسخ إذ الفسخ الذي يأتي من قبل كون العقد جائزا إنما يكون بالنسبة إلى الاستمرار بخلاف الفسخ الآتي‌ من تخلف الشرط فإنه يوجب فسخ المعاملة من الأصل فإذا فرضنا أن الفسخ بعد حصول الربح فإن كان من القسم الأول اقتضى حصوله من حينه فالعامل يستحق ذلك الربح بمقدار حصته و إن كان من القسم الثاني يكون تمام الربح للمالك و يستحق العامل أجرة المثل لعمله و هي قد تكون أزيد من الربح و قد تكون أقل فيتفاوت الحال بالفسخ و عدمه إذا كان لأجل تخلف الشرط.

و الى هنا كان الكلام في شروط ترجع الى المال او الى الامور المرتبطة بالاتجار بالمال مثل اشتراط عدم الاتجار بالمال في السفر او اشتراط شراء السيارة بالمال و نحوهما.و لكن يقع الكلام هنا في الشروط التي لاتكون مرتبطة بالمال و بالاتجار بالمال، مثل اشتراط خياطة الثوب على العامل او اشتراط ان يُملّک العامل ميلونا المالکَ فانّ هذا النحو من الشروط لایکون له مساس بالمال و لا بالاتجار بل هو اجنبی عنهما راسا. و هل هذه الشروط صحیحة او لا؟

اختار الماتن صحتها بدعوی ان الخیاطة و تميك مال و نحوهما فعل مباح سائغ فيجوز اشتراطه فيجب الوفاء به بمقتضى عموم المومنون عند شروطهم.

و قد يقال ببطلان الشروط المذكورة بوجوه ثلاثة:

الاول ان المضاربة لاتدل على وجوب اتزام العامل و المالك بشئ الا اتجار العامل بالمال و كون الربح بينهما، و اَما غیر هذین فلاتستتبعه المضاربة.

و فيه انا لاندعي ان المضاربة تستلزم بنفسها وجوب الوفاء بالخياطة المشروطة كى يقال بان المضاربة لاتقتضي وجوب الوفاء بالخياطة المشروطة بل انا نقول بان وجوب الوفاء ياتي مِن قِبل دلیل وجوب الوفاء بالشرط. بل یمکن ان یقال ان المضاربة حیث انها تکون من العقود فتشمله اوفوا بالعقود فتدل علی وجوب الوفاء بها مع سائر ما یلحقها من مرتبطاتها

الثانی انه لابد فی المضاربة من ان يكون عمل العامل مُقابَلا بالربح فلایکون عمله مجانا و بلاعوض، مع انه اذا اشترط المالک علی العامل مثل خیاطة الثوب كان عمل العامل اي الخياطة عملا لايكون مقابَلا بالربح، فلایصح الاشتراط المذکور فی عقد المضاربة لانه مخالف لمقتضى عقد المضاربة و هي مقابلة عمل العامل للربح.

وفيه اولاً ان ما هو اللازم مقابلته للربح في المضاربة هو خصوص اتجار العامل بالمال لا سائر افعاله و اعماله مثل خياطة الثوب فانه لا دليل على لزوم مقابلته للربح.

و ثانياً ان مثل خياطة الثوب لايكون عملا مجانيا و تبرعيا بل هو دخيل في كثرة حصة ربح العامل بالنسبة الى عدم الخياطة، مثلا اذا اشترط المالك على العامل ان يخيط له ثوبا في ضمن المضاربة عیّن العامل کون حصته من الربح ثلثا مثلا مع انه لو لم یکن الشرط المزبور عیّن مقدار حصته من الربح هو الربع مثلا، فلایکون عمل العامل بالشرط عملا مجانیا.

الثالث ما ذكره في الجواهر من انّ الشرط يكون له اثران:

احدهما وجوب الوفاء به

ثانيهما تمكن المشروط له على فسخ العقد على تقدير عدم وفاء المشروط عليه بالشرط.

و لايخفى ان الاثر الاول لاياتي في المقام فان وجوب الوفاء بالشرط يتبع لزوم العقد فان العقد الجائز لايكون العمل بالشرط المذكور في ضمنه واجبا.

و هكذا الاثر الثاني فانّ عقد المضاربة جائزة في حد نفسه فلايكون جواز فسخها اثرا للمخالفة مع الشرط فانّ جواز الفسخ ثابت فی المضاربة في حد نفسها و لو لم يخالف المشروط عليه للشرط.

و لذا لا ثمرة للشرط المذكور في ضمن المضاربة فيكون لغوا محضا.

logo