« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ عبدالله احمدي الشاهرودي

46/07/05

بسم الله الرحمن الرحیم

جلسات 75 و 76 - مسألة۳۱: إذا أذن في مضاربة الغير

موضوع: جلسات 75 و 76 - مسألة۳۱: إذا أذن في مضاربة الغير

مسألة۳۱: إذا أذن في مضاربة الغير فإما أن يكون‌ بجعل العامل الثاني عاملا للمالك أو بجعله شريكا معه في العمل و الحصة و إما بجعله عاملا لنفسه أما الأول فلا مانع منه و تنفسخ مضاربة نفسه‌ على الأقوى و احتمال بقائها مع ذلك لعدم المنافاة كما ترى‌ و يكون الربح مشتركا بين المالك و العامل الثاني و ليس للأول شي‌ء إلا إذا كان بعد أن عمل عملا و حصل ربح فيستحق حصته من ذلك و ليس له أن يشترط على العامل‌ الثاني شيئا من الربح بعد إن لم يكن له عمل بعد المضاربة الثانية بل لو جعل الحصة للعامل في المضاربة الثانية أقل مما اشترط له في الأولى كأن يكون في الأولى بالنصف و جعله ثلثا في الثانية لا يستحق تلك الزيادة بل ترجع إلى المالك و ربما يحتمل جواز اشتراط شي‌ء من الربح أو كون الزيادة له بدعوى أن هذا المقدار و هو إيقاع عقد المضاربة ثمَّ جعلها للغير نوع من العمل يكفي في جواز جعل حصة من الربح له و فيه أنه وكالة لا مضاربة و الثاني أيضا لا مانع منه‌ و تكون الحصة المجعولة له في المضاربة الأولى مشتركة بينه و بين العامل الثاني على حسب قرارهما و أما الثالث فلا يصح من دون أن يكون له عمل مع العامل الثاني و معه يرجع إلى التشريك‌.

فصور المسالة ثلاثة:

الصورة الاولى ما اذا ضارب شخصا و لكن اذن له في ان يجعل للمالك عاملا آخر بحیث تتفق المضاربتان احداها مع المالک الاول و ثانیتها مع المالک الثانی. و المراد من هذه الصورة جعل المضاربتين مع عاملين مختلفين بالنسبة الى عمل واحد و في جميع المال فلايكون المراد انشاء المضاربة مع العامل الاول بالنسبة الى حصة من المال و انشاء المضاربة اخرى مع العامل الثاني بالنسبة الى حصة اخرى من المال فان هذا النحو من المضاربة خارج عن محل الكلام و لاشبهة في صحة كل من المضاربتين. كما انه قد تبين انه ليس المراد جعل العاملين في مضاربتين على عملين لا على عمل واحد بان يتجر العامل الاول التجارة الاولى و يتجر العامل الثاني سائر التجارات فانّ هاتين المضاربتين صحيحتان قطعا. و انما الكلام في جواز انشاء المضاربتين على مال واحد و عمل واحد. فهل تصح هاتان المضاربتان معا فكل من سبق من العاملين على ذلك العمل يكون له الربح المجعول في المضاربة و لايكون للاخر حصة من الربح لانتفاء موضوع المضاربة بالنسبة اليه فانّ العمل المعين بعد ما تحقق لم يكن للعامل الاخر ان يوجده مرة اخرى فانّ موضوع المضاربة قد تحقق حسب الفرض قبل ذلک فلا يمكن ان يحققه العامل الاخر فتبطل المضاربة بالنسبة الى ذلك العامل بقاءً و ان صحت حدوثا.

فهل تصح المضاربتان معا او صحت احداهما دون الاخرى؟

اختار الماتن قدس سره ان المضاربة الاولى تنفسخ بانشاء المضاربة الثانية فانه لايصح جعل العاملين على عمل واحد بالنسبة الى مال واحد فتصح المضاربة الثانية بمقتضى اذن المالك للعامل الاول في ان يجعل له عاملا اخر و حينئذ تنفسخ المضاربة الاولی بعد ما تبين من عدم امكان صحة المضاربتين معا و اختيار صحة المضاربة الثانية بمقتضى اذن المالك. و حينئذ لايكون شئ من الربح للعامل الاول بعد افتراض بطلان مضاربته و يتمحض الربح للمالك و للعامل الثاني. نعم لو عمل المالك الاول و اتجر بالمال فحصل الربح ثم ينشئ المضاربة الثانية كان الربح بين العامل الاول و المالك، و المضاربة الثانيه تكون باطلة لافتراض عدم بقاء موضوع لها بعد تمامية العمل من جانب العامل الاول. و لايجوز ان يشترط العامل الاول على العامل الثاني جعل بعض الربح للعامل الاول بنحو شرط النتيجة فان العامل الاول يكون حينئذ اجنبيا و لايجوز جعل بعض الربح للاجنبي.

و لكن السيد الخويي[1] قدس سره خالف الماتن في ذلك و ذهب الى صحة كل من المضاربتين غاية الامر يكون الربح لمن يسبق منهما الى الاتجار بالمال فان حقيقة المضاربة ليست الا اذن المالك للعامل في الاتجار فالمضاربة تكون من قبيل الوكالة فكما يمكن انشاء الوكالتين و جعل الشخصين وكيلين لعمل واحد فكل من يسبق منهما الى العمل فهو، فكذلك المضاربة فانه يجوز انشاء المضاربتين مع شخصين بالنسبة الى عمل واحد فكل من يسبق من العاملين الي الاتجار كان له الربح و تبقى المضاربة الاخرى بلا موضوع بقاءً.

و لکن المحقق الحکیم ذهب الی صحة ما اختاره الماتن في المقام و انه لايصح انشاء المضاربتين بالنحو المذكور فلايمكن القول بصحتهما معا.

اقول:

انّ مقتضی التامل هی صحة ما ذهب اليه المحقق الحكيم و السيد الماتن قدس سرهما في المقام فانّ العقلاء یحکمون بعدم جواز انشاء المضاربتین مع عاملین بالنسبة الى مال واحد و عمل واحد. فلاتكون المضاربة كالوكالة عند العقلاء فكانّ العقلاء یرون ثبوت حق للعامل فی الاتجار بذلک المال فلایصح حینئذ جعل عامل آخر للاتجار بذلک المال بعد ثبوت حق للآخر فی الاتجار به. فالمضاربة تكون من هذه الجهة كالرهن فكما انه يثبت للمرتهن حق بالنسبة الى العين المرهونة فكذلك يثبت للعامل في عقد المضاربة حق بالنسبة الى الاتجار بذلك المال. نعم يجوز للمالك ان يفسخ المضاربة الاولى حتى ينتفي حق العامل في تلك المضاربة ثم ينشئ مضابة اخرى مع عامل آخر و لكن مع بقاء تلك المضاربة و عدم فسخها لايمكن انشاء مضاربة اخرى على ذلك المال مع شخص آخر.

و لكن انما الكلام في ما ادعاه الماتن من انفساخ المضاربة الاولى و صحة المضاربة الثانية فانّ لقائل ان یقول انه لادلیل علی الدعوی المذکورة فلنا ان نعكس فندعي صحة المضاربة الاولى و بطلان المضاربة الثانية.

ان قلت انّ نفس اذن المالک للمضاربة الثانية منضما الى انشاء المضاربة الثانية من جانب العامل الاول يكون فسخا عمليا للمضاربة الاولى و قد تسلّمتَ بجواز فسخ المضاربة الاولى و انشاء مضاربة اخرى مع عامل آخر

قلتُ انّ الفسخ یتوقف علی النية فالمالك انما يكون فاسخا اذا التفت الى ذلك و كان من نيته ان يفسخ المضاربة الاولى و اَما لو کان غافلا عن ذلک بالمرة فلاتكون من نيته فسخها فلايكون مجرد اذنه في المضاربة الثانية فسخا للمضاربة الاولى بعد ما تبين من توقف الفسخ على النية فلايتم كلام الماتن باطلاقه.

اللهم الا ان يقال نَعم و لکن تكون السیرة العقلائية مستقرة على انفساخ المضاربة الاولى و بطلانها مع اذن المالك في المضاربة الثانية بعد انشاء المضاربة الثانية من جانب العامل الاول و هذه السيرة غير مردوعة فتكون حجة شرعا. و لكن الشان في اثبات معاصرة هذه السيرة لزمان الامام عليه السلام فانّ السیرة على تقدير القول بحجيتها انما تكون حجة مع معاصرتها لزمان الامام عليه السلام و الصلاة فانّ السیر المتسحدثة لاتكون حجة على ما بينا ذلك مفصلا في محله فراجع. و لايمكننا احراز انه كان تقع مضاربتان في زمانين مختلفين على مال واحد في زمان الامام عليه السلام بنحو الشيوع و الكثرة و كانت السيرة في ذلك الزمان على بطلان المضاربة الاولى و صحة الثانية فانّ اثبات ذلک مما یحتاج الی علم الغیب و هو یکون لاهله فقط. و لذا یکون المختار هو القول بصحة المضاربة الثانیة و بطلان المضاربة الاولی فی خصوص ما اراد المالک حین اذنه للعامل الاول فی انشاء المضاربة مع الشخص الآخر فسخ المضاربة الاولی بنفس ذلک الاذن اذا انشا العامل الاول المضاربة الثانیة.

ثم ینبغی ان نشیر الی ابحاث مهمة في السيرة العقلائية بنحو الاشارة فقط من دون ان نبحث عنها هنا فانّ للبحث عنها موضع آخر.

الاول انه هل تكون السیرة حجة او لاتكون حجة راسا؟

الثاني: على القول بحجيتها فهل تختص الحجية بالسيرة المعاصرة او تعمها و السيرة المستحدثة؟

الثالث: هل يجب على الامام عليه السلام بيان الحكم الشرعي الواقعي او لا؟ و على الاول فهل يجب عليه (سلام الله عليه) ان يُبِّين جميع الاحكام او یکفی بیان بعض منها؟

الرابع: هل يجب الردع على القول به على فرد فرد من الائمة عليهم السلام او انما يجب ان يرد الردع عن احدهم و لو كان ذلك الاحد هو الامام الحجة ارواحنا فداه؟

الخامس: تنقسم السيرة المستحدثة على قسمين:

القسم الاول ما كان ارتكاز تلك السيرة و نكتتها معاصرة و قد مثل السید الصدر لهذا القسم باحیاء الموات فانّه یمکن ان یُحیی شخص فی زماننا هذا بالوسائل الحدیثة في زمان قليل اراضی مواتا وسیعة مثل ان يُلقی البذر بالوسائل الحدیثة في مساحة ٢٠٠ هكتار في اقل من عشر دقائق فانّ هذا النحو من الاحیاء لم یکن فی عهد الامام علیه السلام و لکن کان من المرکوز فی اذهان الناس فی عصر الامام علیه السلام انه لو احیی شخص بهذا النحو لکان مالکا لتلک الاراضی ایضا.

القسم الثانی: ما كان ارتكازها و نكتتها مستحدثة ايضا.

و قد قال السيد الصدر بحجية السيرة المستحدثة في القسم الاول دون الثاني. و تمام الکلام موکول الی محله.


[1] . المستند ج31 ص69 قوله:«بل الاقوی البقاء بل لم یظهر للانفساخ وجه صحیح...».
logo