« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ عبدالله احمدي الشاهرودي

46/06/07

بسم الله الرحمن الرحیم

جلسات 56 الی 62 -الخامس أن يقصد الشراء في ذمته من غير التفات إلى نفسه و غيره

موضوع: جلسات 56 الی 62 - الخامس أن يقصد الشراء في ذمته من غير التفات إلى نفسه و غيره

الخامس أن يقصد الشراء في ذمته من غير التفات إلى نفسه و غيره و عليه أيضا يكون المبيع له‌ و إذا دفعه من مال المضاربة يكون عاصيا. و لو اختلف البائع و العامل في أن الشراء كان لنفسه أو لغيره و هو المالك‌ المضارب يقدم قول البائع‌ لظاهر الحال‌ فيلزم بالثمن من ماله و ليس له إرجاع البائع إلى المالك المضارب‌.

فاختار الماتن قدس سره وقوع البیع فی مفروض المسالة للعامل لا للمالک. و قد یقال انّ السرّ فی ما ذهب الیه الماتن قدس سره انّ حقیقة المعاوضة تقتضی دخول المعوض فی کیس من خرج من کیسه الثمن و حیث انّ الثمن خرج من کیس العامل حسبَ الفرض فلابد من ان یدخل المعوض فی کیسه فیکون البیع واقعا له لا للمالک.

و فیه ما لایخفی فانّ العامل لم یقصد کون البیع لنفسه حین الشراء کما انه لم یقصد کونه للمالک ایضا، فلایُعلَم باشتغال ذمة العامل بالثمن بما انه اصیل فانّ ذمته و ان کانت مشغولة قطعا و لکن لایُعلم کونها مشغولة بما انه وکیل و عامل او بما انه اصیل فی المعاملة، فلا دلیل علی خروج الثمن من کیسه حتی یقال بانّ حقیقة المعاوضة تقتضی دخول المثمن فی کیسه. نعم هذا الذی قیل من اقتضاء حقیقة المعاوضة لذلک یتمّ فیما اذا کان الثمن شخصیا فاذا اشتری البائع سیارة مثلا بالثمن الشخصی الجزئی الذی یکون ملکاً له تصیر السیارة ملکاً له و لو لم یقصد العاملُ کون المعاملة لنفسه.

و مقتضَی القاعدة هو بطلان البیع المذکور کما هو الامر فی نظائره،مثلا اذا لم یتعین انّ المبیع هو الدار او السیارة و یکون مرددا بینهما کان البیع باطلا کما انه اذا تردد البائع واقعا، مثل ان یقول المشتری:«انا اشتریتُ من احدکما کتابا» بحیث یتردد البائع واقعا کان البیع المذکور باطلا ایضا، و هکذا الامر فی المقام فانّ من هو البائع و من یُشترَی له فی المعاملة مرددٌ واقعاً و لذا تبطل المعاملة کما هو الامرُ فی نظائره. نعم لو لم یُعلَم شخصُ البائع فی ظاهر الامر و فی نقام الاثبات فقط امکن ان یقال بانّ الظاهر هو انّ الشخص الذی یُقدم علی الشراء یشتریه لنفسه لا لغیره. و لکن حملُ عبارة العروة علی هذا الفرض بعید کما هو واضح عند من یلاحظها.

و لکنّ الحق الذی یقتضیه امعان النظرو زیادة التامل هو کون البیع واقعا للعامل فانّ الشخص اذا اشتری شیئا اشتراه لنفسه و ان لم یلتفت الی ذلک حین الشراء فانّ هذا یکون مکنونا فی ضمیره و ارتکازه بحیث انه لو سُال عنه بانّک اشتریتَه لایّ شخص لاجاب بانّی قد اشتریتُه لنفسی، و هذا الارتکاز یکفی فی الحکم بکون الشراء واقعا له لا للمالک.

نعم اذا لم یکن ذلک فی ارتکازه و ضمیره بحیث انه اذا سُال عنه بانک اشتریتَه لایّ شخص لم یکن له الجواب و کان الشراء مترددا واقعا و لو بحسب الارتکاز النفسانی مثل ما اذا لم یشتر العامل لنفسه غالبا بل هو یکون عاملا لافراد کثیرین فیشتری فی کثیر من الموارد لغیره فیشتری خمسین بالمائة فی معاملاته لنفسه و خمسین بالمائة لغیره فانّ هذا قد یوجب انتفاء الارتکاز المذکور و التردد فی نفس الامر و واقع الحال فی انه قد اشتراه لنفسه او للغیر، و حینئذ یکون المختار هو بطلان البیع راسا کما ذکرنا فی نظائره. و لعلّ الماتن قدس سره قد حکم بکون الشراء واقعا للعامل لا للمالک لانه قد نظر الی التقدیر الاول دون الثانی و هذا احسنُ توجیه لِمختار العروة فیما نعلم.

مسألة:13 يجب على العامل بعد تحقق عقد المضاربة ما يعتاد بالنسبة إليه و إلى تلك التجارة في مثل ذلك المكان و الزمان من العمل و تولي ما يتولاه التاجر لنفسه من عرض القماش و النشر و الطي و قبض الثمن و إيداعه في الصندوق و نحو ذلك مما هو اللائق و المتعارف و يجوز له استيجار من يكون المتعارف استيجاره مثل الدلال و الحمال و الوزان و الكيال و غير ذلك و يعطي الأجرة من الوسط و لو استأجر فيما يتعارف مباشرته بنفسه فالأجرة من ماله‌ و لو تولى بنفسه ما يعتاد الاستيجار له فالظاهر جواز أخذ الأجرة إن لم يقصد التبرع و ربما يقال بعدم الجواز و فيه أنه مناف لقاعدة احترام عمل المسلم المفروض عدم وجوبه عليه.

فالعمل یکون علی قسمین:

الاول ما یتعارف فیه الاستیجار بمعنی انه یتعارف ان یستاجر العمل شخصا آخر فیعمل ذلک الشخص.

الثانی ‌ما لم یتعارف فیه الاستیجار بل المتعارف فیه هو ان یتصدی العامل بنفسه لذلک العمل.

و قد حکم الماتن قدس سره بجواز الاستیجار فی القسم الاول دون الثانی.

و قال قدس سره بانّ الاجرة لابد من ان تُعطَی من وسط المال فی موارد جواز الاستیجار. و فی قوله «من وسط المال» احتمالان:

الاول ان یکون المراد منه هی اجرة المثل ای الاجرة المتعارفة لدی الناس لذلک العمل.

الثانی ان یکون المراد منه انّ الاجرة تکون من مال المشترک، فالمراد من وسط المال هو المال المشترک. مثلا اذا اعطی المالکُ العاملَ مائة میلیون بعنوان راس المال فاستاجر العامل شخصا آخر لِعملٍ فی اثناء المضاربة و کانت اجرته میلیونا مثلا اُعطیت الاجرة من المال المشترک بمعنی انّ الاجرة تُعطَی من المال المشترک ثم یُقسَّم الربح بینهما علی ما عیّناه فی عقد المضاربة، لا اَن یاخذ العامل حصة نفسه من الربح بتمامه ثم یُعطِی اجرةَ الاجیر من حصة ربح المالک و یُعطِی المقدار الباقی الی المالک.

و الاوفق بالعبارة هو الاحتمال الاول لانّ سائر فقرات العبارة یکون مناسبا للاحتمال الاول مثل قوله:«يجب على العامل بعد تحقق عقد المضاربة ما يعتاد بالنسبة إليه» و قوله:«يجوز له استيجار من يكون المتعارف استيجاره مثل الدلال و الحمال و الوزان» فالاوفق بالعبارة هو حملُ وسط الاجرة فی کلامه علی الاحتمال الاول.

ثم انه اذا تعارف الاستیجار فهل استحق العامل الاجرة فیما اذا لم یستاجر الآخر بل تصدی ذلک العمل بنفسه و مباشرةً او لم یستحق ذلک؟

و اختار الماتن قدس سره الاولَ و استشکل علی من قال بعدم استحقاقه للاجرة بانّه مناف لقاعدة احترام عمل المسلم فیما اذا لم یقصد التبرع فانه الغاءٌ لاحترام عمله الّا فیما یجب ذلک العمل علیه.

و قد اُورد علی الماتن بایرادین:

الایراد الاول انّ استحقاق الاجرة منوطة بالامرین:

الاول ان یعمل الشخص من دون قصد التبرع بل عمل بقصد الاجرة.

الثانی ان یکون العمل المزبور باذن المالک او بامره؛ فاذا اجتمع الامران استحق العامل الاجرةَ و اَما اذا انتفیا او انتفی احدهما فلم یستحق العامل الاجرةَ. و فی المقام و ان کان العامل قد عمل بقصد الاجرة لا بقصد المجانیة و التبرع و لکن لم یکن هذا بامر المالک و لا باذنه فانّ المالک انما اذن له فی ان یستاجره شخصا آخر لا ان یتصدی بنفسه للعمل.

الایراد الثانی انّ مجرد وجوب العمل علی الشخص لایُنافی استحقاقه للاجرة کما هو الامر فی الواجبات النظامیة التی تکون واجبة لحفظ النظام کفایةً فانّ استحقاق الاجرة بازائه مما لایکاد اَن یُنکَر، مثلا انّ الطبیب اذا رای ان المریض سیموت لولا یعالجه فانّ اخذ الاجرة من جانب الطبیب جائز قطعا مع انّ معالجة ذلک المریض واجب علی الطبیب لوجوب حفظ النفوس المحترمة فی الشریعة خصوصا اذا لم یکن طبیب آ[ر قادر علی معالجته.

ثم انّه ربما یقال باستحقاق العامل للاجرة بدعوی انّ المفروض هو انّ المالک قد رضی بالاستیجار فیما یتعارف الاستیجار فیه، و لایخفی انّ المالک حینئذ قد رضی بذلک مطلقا سواء کان الاجیر نفس العامل او غیره فانّ المالک انما قصد ان یصل الی غرضه و مقصوده و لافرق فی ذلک بین ان یکون الاجیر هو نفس العامل او غیره، فهو راض بکون الاجیر هو نفس العامل ایضا فیسنحق الاجرة فیما اذا تصدی للعمل بنفسه.

و فیه انّ هذا الکلام لایتم باطلاقه فانّ الموارد مختلفة فربما لایرضی المالک بکون العامل متصدیا للعمل بنفسه و مباشرةً، مثلاً ربما یری المالک انّ العامل اذا تصدی لنشر القماش و طیّه و ارائته للمشتری بنفسه قیل فی حقه انه ضعیف فی التجارة و صار مشارا بالبنان بانه لم یکن موفَّقاً فی تجارته و یوجب هذا قلة مشتریه فیصیر الربح قلیلا و لذا لم یاذن له المالک حینئذ فی ان یتصدی لتلک الاعمال مباشرة. فالموارد مختلفة و لایصح الحکم الواحد بالنسبة الی جمیع الموارد بل لابد من ان یُلاحَظ کلّ مورد علی حدة.

مسألة14: قد مر أنه لا يجوز للعامل السفر من دون إذن المالك. و معه فنفقته في السفر من رأس المال إلا إذا اشترط المالك كونها على نفسه و عن بعضهم كونها على نفسه مطلقا و الظاهر أن مراده فيما إذا لم يشترط كونها من الأصل و ربما يقال له تفاوت ما بين السفر و الحضر و الأقوى ما ذكرنا من جواز أخذها من أصل المال بتمامها من مأكل و مشرب و ملبس و مسكن و نحو ذلك مما يصدق عليه النفقة ففي (صحيح علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن علیهما السلام و الصلاة: في المضارب ما أنفق في سفره فهو من جميع المال فإذا قدم بلده فما أنفق فمن نصيبه) هذا و أما في الحضر فليس له أن يأخذ من رأس المال شيئا إلا إذا اشترط على المالك ذلك‌.

فاذا اذن المالک فی السفر للاتجار فهل تکون نفقة السفر من راس المال او علی العامل؟ و اختار الماتن قدس سره کونها من راس المال و هذا تام عندی ایضا.

اللهم الّا ان یشترط کونها علی العامل فانها علی العامل حینئذ حسب الشرط.

و ربما یقال بانّ الشرط المذکور مخالف لصحيحة علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن علیه السلام و الصلاة:«في المضارب ما أنفق في سفره فهو من جميع المال فإذا قدم بلده فما أنفق فمن نصيبه هذا و اَما فی الحضر فلیس له ان یاخذ من راس المال شیئا الا اذا اشترط علی المالک ذلک» فالامام علیه السلام و الصلاة استثنی عن خصوص صورة الحضر و حَکَمَ بانّ النفقة فی الحضر تکون علی العامل الّا اذا اشترط العامل علی المالک کونها علیه، و لکن لم یستثن عن صورة السفر فعُلِم بکون النفقة فی السفر علی المالک سواء اشترط المالک کونها علی العامل او لم یشترط، و حینئذ فیکون الشرط المذکور مخالفا للشرع فلایصح.

و لکن الدعوی المذکورة غیرتامة لوجوه:

الاول انّ الاستثناء قد وقع فی الصحیحة عقیب الحکمین الحکم بکون النفقة علی المالک فی السفر و الحکم بکونها علی العامل فی الحضر فیُحتمل رجوع الاستثناء الی کلیهما کما یُحتمل رجوعه الی خصوص الاخیر و قد قلنا فی محله انّ هذا یوجب اجمال الکلام بالنسبة الی الاخیر فلایکون للصحیحة ظهور فی کون النفقة فی السفر علی المالک مطلقا-ای و لو اشترط المالک کونها علی العامل- بل هی تصیر مجملة لایستفاد منها فی هذه الصورة-ای صورة الاشتراط فی السفر- کونها علی العامل او علی المالک، فلایکون الشرط المزبور مخالفا للشرع بعد افتراض اجمال الروایة.

الثانی انه لو سلم عدم اجمال الروایة و لکن حکمُ الامام علیه السلام و الصلاة بکون النفقة فی السفر من راس المال منصرفا عن صورة اشتراط المالک لکونها علی العامل فانّ الامام علیه السلام انما حکم بکونها من راس المال لو خلی و طبعه بمعنی انّه لو لم یشترط شیئا کانت النفقة من راس المال، و اَما اذا اشترط کونها علی العامل فلاتکون الصحیحة ناظرة الی هذه الصورة کی یقال بانّ الشرط المذکور مخالف لِمدلول الصحیحة فانها ساکتة عن حکم هذه الصورة فلایکون الشرط المذکور مخالفا للشرع.

الثالث انه لو سلم عدم اجمال الروایة و سُلّم اطلاقها لصورة اشتراط کون النفقة علی العامل ایضا فانما یلزم من الشرط المذکور مخالفةُ الشرع فیما اذا کان اذنُ المالک فی اصل المضاربة مطلقة یعم کون النفقة علی العامل او من راس المال بمعنی انه قد انشا المضاربة سواء کانت النفقة علی العامل او من راس المال، و انما اشترط فی ضمنه کونها علی العامل، فالشرط المزبور لایکون تحدیدا و تضییقا فی اصل الاذن فی المضاربة بل انما هو شرطٌ فی ضمن المضاربة المطلقة، و فی هذه الصورة یمکن ان یقال بانّ الشرط المذکور مخالف للشرع. و اَما اذا رجع الشرط المزبور الی تضییق فی اصل الاذن فی المضاربة فلا فانّ اصل الاذن فی المضاربة حینئذ یکون مضیَّقا و مُعلَّقا بمعنی انه اذا لم تکن النفقة علی العامل لم یاذن المالک فی المضاربة راساً فلایکون الشرط المذکور شرطا فی ضمن عقد کی یقال بانه مخالف للشرع فیلغو بل هو مُضیِّق لاصل الاذن فی العقد فلایشمله دلیل عدم نفوذ الشرط المخالف للشرع فانه مختص بصورة وقوع شرط مخالف للشرع فی ضمن عقد مطلق.

ثم انّ المحقق الخویی قدس سره قد استدل علی کون نفقة السفر من راس المال بوجوه ثلاثة:

الاول انّ الاذن فی الشئ اذنٌ فی لوازمه و حیث انّ صرفَ المال فی السفر بعنوان النفقة یکون من لوازم السفر الماذون فیه فیکون الاذن فی السفر اذناً فی کون النفقة من راس المال.

الثانی انّ السیرة استقرت علی کون النفقة من راس المال فیما اذا کان السفر ماذونا و هذه السیرة غیرمردوعة فتکون حجة.

الثالث انّ الصحیحة المتقدمة تدل علی کون نفقة السفر من راس المال.

و قد استشکل بعض علی الوجهین الاولین بعد ما تسلّم للوجه الثالث؛ اَما الاشکال فی الوجه الاول فلانّ ملازمة الاذن فی الشئ للاذن فی لوازمه تختص بما اذا کان الآذِن ملتفتا الی الملازمة المذکورة و اَما اذا لم یلتفت الیها فلایکون الاذن فی الشئ ملازما للاذن فی لوازمه، مثلا اذا اَذن الشخص للآخر باخذ کتابه و الاستفادة منه و لکن کان کتابه فی صندوق بیته و هو حین الاذن غافلٌ عن ذلک فهل یمکن ان یقال بانّ الاذن المذکور اذنٌ فی دخول بیته و فتح صندوقه؟ کلّا فانه کان غافلا عن ذلک فکیف یکون آذنا فی امرٍ قد غفل عنه مع انّ الاذن فی الشئ یتوقف علی الالتفات الی ذلک الشئ.

و اَما الاشکال فی الوجه الثانی فلانّ السیرة مختلفة بحسب الموارد و لم تثبت کونها مستقرة علی وجود الاذن مطلقا فانّ الآذن اذا غفل عن الملازمة فلاتکون السیرة مستقرة علی اذنه فی لوازم الماذون فیه.

و لکنّ الاشکالین المذکورین غیرواردین علی السید الخویی قدس سره، اَما الاشکال الاول فلانّ مراد السید الخویی قدس سره انّ الماذون اذا لم یعلم بغفلة الآذن عن الملازمة جاز له التصرف المذکور باَن یبنی علی التفات الآذن الی الملازمة فیکون معذورا لو کان الآذن غافلا عن الملازمة واقعا، و هذا امرٌ لا غبار علیه و متین غایةَ المتانة؛ و لایکون مراد السید الخویی قدس سره انّ الماذون لو علم بغفلة الآذن عن الملازمة یجوز له الدخول فی داره و فتح صندوقه فانّ هذا مما لایُظنّ ان یتکلم به فقیه.

و هکذا الاشکال الثانی فانّ السید الخویی قدس سره قد ادعی استقرار السیرة علی کون الاذن فی الشئ اذنا فی لوازمه فی صورتین:

الاولی ما اذا علم الماذون بالتفات الآذن فی الملازمة

الثانیة ما اذا شکّ الماذون فی التفات الآذن فی الملازمة فاحتمل التفاته الیها کما احتمل غفلتَه عنها. و لایخفی انّ السیرة قد استقرت علی انّ الاذن فی الشئ اذنا فی لوازمه فی هاتین الصورتین، فما ذکره السید الخویی تاما. و القول باطلاق کلامه قدس سره بعید غایة البعد.

و اَما لو علم الماذون غفلة الآذن عن الملازمة فلم یدَّع السید الخویی ثبوت السیرة فی هذه الصورة کی یُستشکَل علیه بانّ السیرة غیرموجودة فی هذا الفرض.

مسألة15: المراد بالنفقة ما يحتاج إليه‌ من مأكول و ملبوس و مركوب و آلات يحتاج إليها في سفره و أجرة المسكن و نحو ذلك و أما جوائزه و عطاياه و ضيافاته و مصانعاته فعلى نفسه إلا إذا كانت التجارة موقوفة عليها.

اقول:

انّه ربما لایتوقف اصل التجارة علی هذه الامور بل انما یتوقف حسنُ التجارة و کثرةُ الربح علیها و کانت هذه الامور امرا متعارفا لدی التجار و حینئذ یکون الاقوی جواز ذلک، مثل ما هو المتعارف فی معاملات واقعة مع الشرکة الکبیرة المهمة فانّه یتعارف ان یدفع طرفُ المعاملة هدیةً مثل الفرش و نحوه الیها و هذا یوجب ان یرغبَ عمّالُ تلک الشرکة فی المعاملة مع ذلک الواهب فیوجب هذا کثرة الربح، و هذا النحو من الجوائز و العطایا جائز.

مسألة16: اللازم الاقتصار على القدر اللائق‌؛فلو أسرف حسب عليه نعم لو قتّر على نفسه أو صار ضيفا عند شخص لا يحسب له‌.

و هذه المسالة واضحة فانه لو اسرف العامل فی المصارف حوسب المقدار الزائد علی نفسه، مثلا اذا کان شانه ان یسافر بالسیارة تکون اجرتها میلیونا و لکن هو اسرف فسافر بالسیارة الجمیلة التی تکون اجرتها خمس ملایین من دون یکون شانه ذلک فالمقدار الزائد یُحسَب علیه.

و کذلک اذا قتّر علی نفسه، مثلا اذا کان من شانه ان یاکل فی اللیل و النهار ثلاث مرات و کان هذا المقدار یحتاج الی صرف خمس ملایین مثلا فی مدة التجارة و لکن هو قتّر علی نفسه فلم یاکل فی مجموع اللیل و النهار الّا مرة واحدة فلم یصرف الّا میلیونا و قتّر علی نفسه فانه لایجوز ان یاخذ المقدار الزائد ای اربع ملایین لنفسه فانه انما جاز له صرفُ ذلک المقدار فی حوائجه فاذا لم یصرفه فی ذلک فلایجوز له ان یتملکه فانّ الاذن انما هو فی الصرف لا فی تملّک ذلک المقدار. و هذا نظیر باب الخمس فانّ الشخص یجوز له ان یصرف ما یربح فی اثناء السنة فی موونته و لکن لو لم یصرفه فیها و قتّر علی نفسه و بقی ذلک المقدار فی آخر السنة فلابد من ان یُخمّسه، مثلا اذا کان اللائق له شراء سیارة تکون سعرها خمس مائة ملایین و لکن قتر علی نفسه و اشتری سیارة اخری بمئة میلیون بحیث یبقی اربع مائة میلیون فی آخر السنة فی یده کان الواجب علیه ان یعطی خمس ذلک فانّه انما یجوز له صرفُ ذلک المقدار فی موونته و اَما اذا لم یصرفه فیها فلابد من ان یُعطی خمسه لانّ موضوع الحکم هی الموونة لا قدر الموونة، و المفروض انه لم یصرفه فی الموونة فلابد من ان یُخمسه مثل سائر الارباح.

مسألة17: المراد من السفر العرفيُّ لا الشرعي‌ فيشمل السفر فرسخين أو ثلاثة كما أنه إذا أقام في بلد عشرة أيام أو أزيد كان نفقته من رأس المال لأنه في السفر عرفا نعم إذا أقام بعد تمام العمل لغرض آخر مثل التفرج أو لتحصيل مال له أو لغيره مما ليس متعلقا بالتجارة فنفقته في تلك المدة على نفسه و إن كان مقامه لما يتعلق بالتجارة و لأمر آخر بحيث يكون كل منهما علة مستقلة لو لا الآخر فإن كان الأمر الآخر عارضا في البين‌ فالظاهر جواز أخذ تمام النفقة من مال التجارة و إن كانا في عرض واحد ففيه وجوه‌ ثالثها التوزيع‌ و هو الأحوط في الجملة و أحوط منه كون التمام على نفسه و إن كانت العلة مجموعهما بحيث يكون كل واحد جزء من الداعي فالظاهر التوزي

‌و هذه المسالة مشتملة علی عدة نکات:

الاولی انّ الماتن قدس سره قال بکون المراد من السفر هو العرفی منه لا الشرعی و هذا صحیح فانّ السفر لاتکون له حقیقة شرعیة بمعنی انه لایُنقل لفظ السفر الی المعنی الآخر فی زمان رسول الله و مولانا امیرالمومنین علیهما و آلهما السلام و الصلاة بخلاف لفظ الصلاة فانه منقول عن معناه الاولی ای الدعاء الی الافعال و الاوراد المخصوصة و لا متشرعیة(و هی ما اذا نُقل الی زمان مولانا الصادق سلام الله علیه) فانه لم یُنقل اللفظ المذکور بعد ذلک الزمان الی المعنی الآخر من معناه الاولی بل باق علی ما معناه الاول و لو فی زماننا هذا بخلاف البینة فانّ لفظ البینة یکون لغةً بمعنی ما یتبیّن به الشئ و لم یُنقَل من ذلک المعنی الی شهادة العدلین فی زمان رسول الله و مولانا امیرالمومنین علیهما و آلهما السلام و الصلاة بل انما نُقل عنه الی ذلک فی عصر الصادقین علیهما السلام و الصلاة فتکون له حقیقة متشرعیة بخلاف لفظ السفر فانه لایکون له معنی مغایرا لمعناه الاول و لو بالنسبة الی زماننا هذا بل یکون علی ما هو علیه من المعنی فَمن یذهب الی مدینة و یقصد الاقامة فیها عشرة ایام یصدق علیه انه سافر الیها، و هکذا الامر فیمن ذهب الی مدینة لایکون مجموع الذهاب و الایاب ثمانیة فراسخ بل یکون اقل منها مثل ستةَ فراسخ فانّ السفر یصدق علی هذا بلا شک و لا ریب؛ بخلاف ما هو الامر فی مثل لفظ الصلاة فانّ له معنیً حدیثا شرعیا و قد نُقل عن معناه الاول ای الدعاء و لذا اذا ورد فی الدلیل:«لاتکلّم فی صلاتک» لم یُحکم بانّ التکلم بین الدعاء مضر به بل یُحکم بانّ التکلم فی الصلاة مبطل للصلاة فانّ اللفظ المذکور یُحمل علی ما هو له من المعنی الشرعی بخلاف السفر فانه حیث لایکون له معنی شرعیا فیُحمل علی معناه العرفی کلَّما ورد فی لسان الادلة.

و مما ذکرنا یظهر وجود التسامح فی عبارة المتن فانّ السفر لایکون له مصداقان سفر شرعی و سفر عرفی فانّ السفر لایکون الّا ما هو یتداول لدی العرف فانّ السفر لاتکون له حقیقة شرعیة و لا متشرعیة. و ما ذُکر من القیود فی محله من کون مجموع الذهاب و الایاب لایقلّ عن ثمانیة فراسخ و عدم قصد الاقامة عشرة ایام و نحوهما لایکون من مقومات صدق السفر لدی الشارع بل انما یکون من قیود الحکم ای وجوب القصر، فالسفر یصدق مطلقا سواء نوی الاقامة عشرة ایام او لم ینو و انما یکون عدم نیة الاقامة شرطا لوجوب القصر.

و لِما ذکرنا ثمرةٌ مهمةٌ فانه اذا قلنا بانّ المراد من السفر الماخوذ فی «المسافر یقصّر» هو السفر المتفاهم عرفا کان علی المکلف ان یُتمّم صلاته اذا ذهب فی البلد الکبیر من نقطة الی نقطة اخری بحیث یکون مجموع الذهاب و الایاب ثمانیة فراسخ او اکثر منها فانّه لایکون مسافرا لدی العرف مع انّ موضوع وجوب القصر هو المسافر الذی یکون ذهابه و ایابه ثمانیة فراسخ، فموضوع وجوب القصر لایتحقق فی حق هذا الشخص لانتفاء صدق السفر فی حقه عرفا.

الثانیة انه لو بقی العامل فی السفر بعد تمامیة التجارة لغرض آخر مثل التفرج فی ذلک البلد فنفقةُ ذلک المقدار الزائد لاتکون من راس المال بل تکون علی نفس العامل فانّ المتفاهم العرفی من اذن المالک للعامل فی الاتجار فی السفر و صرف النفقة من راس المال فی تلک الایام انما هو بالنسبة الی المقدار الذی یکون فی ذلک البلد للتجارة لا فیما اذا بقی فی ذلک البلد مقدارا زائدا لغرض آخر دون التجارة.

الثالثة انه قال قدس سره فی ذیل المسالة:«و إن كان مقامه لما يتعلق بالتجارة و لأمر آخر بحيث يكون كل منهما علة مستقلة لو لا الآخر فإن كان الأمر الآخر عارضا في البين‌ فالظاهر جواز أخذ تمام النفقة من مال التجارة و إن كانا في عرض واحد ففيه وجوه‌ ثالثها التوزيع‌ و هو الأحوط في الجملة و أحوط منه كون التمام على نفسه و إن كانت العلة مجموعهما بحيث يكون كل واحد جزء من الداعي فالظاهر التوزيع» و ینبغی ان نذکر قبل التعرض للمقام مسالة فی باب الصلاة و هی:

انه قد یکون غرض المصلی من الاتیان بالصلاة امتثال امر السارع فقط من دون ان یکون له غرض آخر اصلا.

و قد یکون له غرض آخر ایضا و لکن لایکون ذلک الغرض هو الغرض الاصلی بل الغرض الاصلی هو امتثال امر الشارع و یکون الغرض الآخر هو الغرض التبعی بحیث انه لولا ذلک الغرض لاتی بالصلاة ایضا بخلاف العکس بمعنی انه لولا امرُ الشارع لم یات بالصلاة لذلک الغرض الآخر مثل انه یذهب الی المسجد و کان غرضه الاصلی هو امر الشارع و لکن یقصد ایضا فی جنبه ان یری امام الجماعة و المشورة معه فی امر و لکن لو لم یکن امرُ الشارع بالصلاة فی المسجد لم یذهب الی المسجد و کان یترکه و لو للمشورة مع امام الجماعة.

و هاتان الصورتان لاشک فی صدق الامتثال و صحة ما اتی به من الماموربه فیهما.

و قد یکون للشخص غرضان مستقلان بحیث انّه یاتی بالعمل و لو انتفی الغرض الآخر مثل ان یصلی لغرضین مستقلین مثل ان یصلی لامر الشارع و لکی یقول الناس فی حقه انه رجل عابد کی یعتمدوا الیه.

و هذه الصورة لاتنافی قصد القربة المشورط کونُ العمل معها.

ان قلتَ فعلی هذا لابد من ان یقال بصحة عبادة المرائی و هو کما تری

قلتُ انّ عبادة المرائی تکون صحیحة علی القاعدة و انما نلتزم ببطلانها للنص.

و قد یکون مجموع الغرضین علة للعمل بحیث انه لایاتی بالعمل عند انتفاء احدهما بل یکون کلٌّ منهما جزء العلة للعمل. و لایخفی انّ هذه الصورة تنافی قصد القربة.

و اذا عرفت ذلک فنرجع الی ما نحن فیه و نقول انه اذا کان غرضُ العامل من السفر امراً آخر بحیث انه لولا ذلک لم یسافر اصلا فهو الغرض الاصلی من السفر او یکون جزءَ العلة لسفره مثل ان یکون ابوه مریضا و یکون فی ذلک البلد فهو یقصد من سفره عیادة ابیه بحیث انه لولا ذلک لم یسافر و لکن اتجر ایضا فی ضمن السفر المذکور فهل تکون نفقة الفر المذکور علی العامل او من راس المال؟

ربما یقال بانها تکون علی العامل لانّ المتفاهم عرفا من اذن المالک فی الاتجار فی السفر و صرف النفقة من راس المال فیه خصوص ما اذا کان الغرض الاصلی للعامل من ذلک السفر هو الاتجار لا امرا آخر.

و فیه انّه حیث یکون غرض المالک هو الاسترباح فقط و هو حاصل بالاتجار فی السفر فهو یصل الی غرضه مِن دون فرقٍ فی هذه الجهة فی ان یکون الغرض الاصلی من جانب المالک فی سفره هو الاتجار او امراً آخر فانّ هذا مما لیس مهما لدی المالک فلا صلةَ بین الامرین کما لایخفی.

و منه یظهر حکمُ ما اذا کان غرض العامل من السفر الاتجار و امر آخر بحیث یکون کل منهما غرضا مستقلا له فانّ کون النفقة من راس المال فی هذه الصورة اولی من الصورة السابقة التی کان الغرض الاصلی فیها هو امر آخر غیر الاتجار.

مسألة18: استحقاق النفقة مختص بالسفر المأذون فيه‌ فلو سافر من غير إذن أو في غير الجهة المأذون فيه أو مع التعدي عما أذن فيه ليس له أن يأخذ من مال التجارة.

و السرُّ فی ذلک انّ المالک لایرضی بصرف النفقة من راس فی ما اذا سافر من غیر اذان او سافر فی غیر الجهة الماذون فیها و لذا تکون النفقة حینئذ علی العامل. هذا مضافا الی انّ راس المال اذا تلف فی هذه الصورة یکون تلفُه علی العامل فانه خالف الشرط فتکون الوضیعة علیه، و اذا کانت الوضیعة علیه فی صورة التلف فضمانُ الاتلاف علیه بطریق اولی، و لایخفی انّ صرف راس المال فی النفقة یکون اتلافا فاذا کان تلفُ راس المال فی صورة مخالفة الشرط علی العامل کان ضمانُ اتلاف راس المال فی هذه الصورة علی العامل بطریق اولی.

مسألة19: لو تعدد أرباب المال كأن يكون عاملا لاثنين أو أزيد أو عاملا لنفسه و غيره‌ توزع النفقة و هل هو على نسبة المالين أو على نسبة العملين قولان‌.

ربما یُستشکَل بانّ صحیحة علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن علیه السلام و الصلاة:«في المضارب ما أنفق في سفره فهو من جميع المال فإذا قدم بلده فما أنفق فمن نصيبه هذا» تدل علی کون النفقة بمجموعها من راس مال شخص واحد لا من راس مال شخصین.

و فیه انّ الصحیحة تدل علی التوزیع فانها تدل علی کون النفقة من راس مال المالک فاذا تعدد المالک کانت النفقة من مجموع مال کلّ من المالکین و هذا یُنتج التوزیع.

و لو ابیت عن ذلک و قلتَ بانّ الصحیحة تدل علی کون النفقة من راس مال شخص واحد فنقول بانّ الصحیحة منصرفة عما اذا کان المالک متعددا فانّ المالک اذا تعدد فالصحیحة منصرفة عن حکم صورة تعدد المالک فتکون ساکتة عنها فنرجع حینئذ الی مقتضی القاعدة الاولیة و هو التوزیع فانّ السیرة قد استقرت علی التوزیع فی ما اذا کان المالک متعددا. و لو فُرض اطلاق الروایة امکن القول بتخصیص السیرة لها.

و قد استدل الشهید قدس س ه فی المسالک علی التوزیع بانّه من جهة کون السفر لاجلهما، و لکن هذا التعلیل غیرتام باطلاقه فانه یستلزم التوزیع فیما اذا فُرض انّ المالک کان شخصا واحدا و العاملُ یکون غرضه من السفر امرین لقاء اخوانه و الاتجار للمالک فانّ السفر یکون لاجلهما حینئذ فتعلیلُ الشهید قدس سره یقتضی توزیع النفقة حینئذ مع انّ النفقة لاتُوزَّع بل تکون من راس المال.

اللهم الّا ان یقال بانّ کلام الشهید قدس سره انما یکون ناظرا الی خصوص صورة تعدد ارباب المال فلایرد علیه النقض المذکور.

ثم قال الماتن قدس سره:«و هل هو على نسبة المالين أو على نسبة العملين قولان» مثلا اذا کان راس المال للمالک الاول مائة میلیون و للمالک الثانی مائتا میلیون او کان مقدار العمل الذی یعمله العامل للمالک الاول ازید مما یعمله للمالک الثانی فانّ اِحدی التجارتین محتاجة الی زیادة عمل بالنسبة الی الاخری، فهل تکون النفقة علی حسب مقدار المالین او العملین او لا بان تُوزَّع علی بالسویة؟

انما اشار الماتن قدس سره الی وجود القولین فی المسالة و لم یختر بینهما قولا.

و لکنّ الحق هو عدم العبرة بزیادة راس المال فی مضاربة منه فی مضاربة اخری کما انه لا عبرة بزیادة مقدار العمل فی مضاربة عن مقداره فی مضاربة اخری فانّ المتعین هو التوزیع مطلقا. و الدلیل علیه هی السیرة العقلائیة فمثلا اذا کان الشخص عاملا عن شخص للاتجار بالمبردات الحدیثة و کان عاملا ایضا عن شخص آخر للاتجار بالمبردات المستعملة فلاشک فی انّ مقدار المصروف فی التجارة الاولی اکثر من الثانیة و لکن تُوزَّع النفقة علی کلّ من المالین بالسویة فی السیرة العقلائیة. نعم اذا اشترط المالک بانّه علی تقدیر کون العامل عاملا عن الآخر ایضا لابدّ من مراعاة مقدار المالین او العملین فی احتساب النفقة و کونها بحسب مقدارهما فالمتَّبع هو الشرط.

نعم لو احتاجت احدی التجارتین الی مقدار زائد من النفقة بالنسبة الی التجارة الاخری فالمتعین هو انّ المقدار الزائد یُصرَف من مال خصوص صاحب تلک التجارة فلا تُوزَّع النفقة بالنسبة الی ذلک المقدار.

مسألة20:لايشترط في استحقاق النفقة ظهور ربح‌ بل ينفق من أصل المال و إن لم يحصل ربح أصلا نعم لو حصل الربح بعد هذا تحسب من الربح و يعطى المالك رأس ماله ثمَّ يقسم بينهما.

و هذه المسالة تشتمل علی ثلاثة فروع:

الاول انه هل یکون جواز صرف راس المال فی النفقة موقوفا علی ظهور الربح او لا؟ اختار الماتن قدس سره عدم توقفه علیه فانّ اطلاق اذن المالک فی جواز صرف النفقة من راس المال یشمل ما اذا لم یظهر الربح قطُّ.

الثانی انه هل یکون جواز الصرف فی النفقة مشروطة بشرط متاخر و هو کون التجارة مربحة فی آخر الامر بحیث انها لو تکن مربحة فی نهایة الشوط لم یجز صرفُ النفقة من راس المال من بدایة الامر او لایکون جوازه منوطة بذلک؟

اختار الماتن قدس سره الثانی للسیرة العقلائیة و لاطلاق صحیحة علی بن جعفر علیه السلام و الصلاة المتقدمة فانها تدل علی کون نفقة السفر من راس المال مطلقا سواء حصل الربح او لم یحصل اصلا.

الثالث انّ النفقة تکون من راس المال ای المال المشترک لا علی خصوص المالک فاذا فُرض انّ الربح یکون بمقدار مائة میلیون و کانت حصة کل منهما خمسین بالمائة و کانت نفقةُ السفر عشرین میلیونا مثلا حُوسبت النفقة من مجموع مائة میلیون و اُعطی لکل منهما اربعون میلیونا لا اَن یُدفع خمسون میلیونا الی العامل و تُحسَب النفقة من خصوص حصة المالک فیُدفَع الیه ثلاثون میلیونا فقط.

مسألة21: لو مرض في أثناء السفر فإن كان لم يمنعه من شغله فله أخذ النفقة و إن منعه‌ ليس له‌ و على الأول لا يكون منها ما يحتاج إليه للبرء من المرض‌.

ربما یقال بانّه لو قلنا بانّ دفع ما یحتاج الیه للبرء من المرض لایکون واجبا علی الزوج و الاب فلایکون علیهما ان یدفعا ما یحتاج الیه لبرء مرض الزوجة و الولد لم تکن نفقة ما یحتاج العامل الیه للبرء من المرض ایضا من راس المال، و اَما لو قلنا بوجوب دفعه علی الاب و الزوج فتکون نفقة ما یحتاج العامل الیه للبرء من راس المال ایضا؛ فلابدّ من ان نبحث عن وجوب دفع ما یحتاج الیه لبرء الزوجة و الولد او عدم وجوبه.

و المحقق الحکیم قدس سره قد انکر وجوب نفقة المرض للزوجة و غیرها فانّ دلیل وجوب نفقتها ان کان قوله تعالی:«و علی المولود له رزقهن و کسوتهن بالمعروف» فمن الواضح انّ المراد من الرزق فیها هو الطعام و الشراب المتعارف و المعتاد فلاتشمل الآیة الدواء المشروب فانّ الرزق ینصرف عنه فضلا عن المال المدفوع الی الطبیب للعلاج و نحوه فانه خارج عن الرزق و الکسوة بلا ریب. و ان کان الدلیل قوله تعالی:«و عاشروهن بالمعروف» بدعوی انّ دفع نفقة مرض الزوجة یکون من مصادیق المعاشرة معها بالمعروف فیجب ففیه انّ الظاهر کون المراد من المعاشرة بالمعروف هو المراعاة للجهات الاخلاقیة لا غیرها. و ان کان الدلیل قوله تعالی:«لِیُنفق ذوسعة من سعته» ففیه انّ الآیة الشریفة تدل علی الانفقاق علی المطلَّقات بقرینة ما قبلها من الآیات و لاجل ذلک لاتکون الآیة الشریفة فی مقام تشریع النفقة علی الروج بل فی مقام انّ النفقة التی قد شُرِّعت علی الزوج الغیر المطلِّق تکون علی الزوج المُطلِّق ایضا و اَما انّ النفقة المشروعة ما هو فلاتکون فی مقام بیانه کی یُتمسک باطلاقها.

ثم قال قدس سره انّ کلّ ما شُکّ فی وجوبه لها من انواع النفقات مثل الغسالة و الموقدة و ظروف الطعام و الشراب و نحوهما یکون الاصل عدم وجوبه فانها خارجة عن الطعام و الشراب و اللباس التی تدل الآیة علی وجوب انفقاها.

ان قلت انّ صحیحة الربعی عن ابی عبدالله علیه السلام:«ان انفق علیها ما یقیم ظهرها مع کسوة و الّا فُرِّق بینهما» تدل علی وجب تهیئة مثل الغسالة و الموقدة

قال المحقق الحکیم قدس سره انّ هذه الصحیحة واردة فی مقام تفسیر آیة «و من قُدر علیه رزقه فلینفق مما آتاه الله» فهی تختص ایضا بالکسوة و الطعام الشراب فلاتشمل الصحیحة الدواء المشروب لماذکرنا من انصراف الرزق عنه. هذا تمام ما ذکره السید الحکیم قدس سره فی المقام ببیان منا.

و ربما یقال بانّه لا ملازمة بین المسالتین ای بین مسالة نفقة الزوجة و بین المقام فانه یمکن ان تکون نفقة مرض الزوجة واجبة و لکن لاتکون نفقة برء عامل المضاربة من راس المال کما انه یمکن ان لاتکون نفقة مرض الزوجة واجبة و لکن تکون نفقة برء العامل من المرض من راس المال فانه لا صلة بین المسالتین و لا ملازمة بین الامرین.

و اَما ما قال المحقق الحکیم قدس سره من انّ الظاهر من الرزق هو الماکول و المشروب المتعارفان و لایعم الدواء المشروب و نحوه ففیه انّ الظاهر من الآیة الشریفة انّ المراد من الرزق فیها بمناسبة الحکم و الموضوع هو ما یکون مُبقیاً لِتعیّش الزوجة و موجباً لحفظ حیاتها و لذا تشمل الآیة الدواء المشروب الذی یوجب حفظ تعیُّشها.

و قد فصّل شیخنا الاستاذ قدس سره فی المقام فقال بانّ البرء من المرض ربما یحتاج الی صرف مقدار کثیر من المال و اخری لایحتاج الی ذلک المقدار من المال، و علی الثانی یجب صرف المال و علی الاول لایجب لانّ ذلک المقدار الکثیر من الرزق مما لایکون متعارفا و لایکون مما یعتاد الیه من الرزق فلایجب.

ثم انّ الحق الذی یقتضیه النظر فی ما نحن فیه هو انّ المرض لو کان من مُقتَضَیات ذلک السفر مثل ان یکون جو الطریق او جو ذلک البلد باردا بحیث یوجب المرض عادةً و کان المالک ملتفتا الی ذلک کانت نفقة مرض العامل من راس المال حینئذ.

و اَما لو لو یکن المرض من مُقتَضَیات ذلک السفر بل یکون شخصُ العامل دخیلا فی ذلک المرض او کان من مُقتضیاته و لکن یکون المالک غافلا عنه فلاتکون نفقة مرضه من راس المال بل تُحسَب علی العامل.

فذلکةٌ:

انّ السید الصدر قال فی مبحث السیرة فی الاصول انّ السیر المستحدثة و ان لم تکن حجة فانّ الحجیة تختص بالمعاصرة منها و لکن مع ذلک قد تکون السیرة المستحدثة مُنقِّحة لموضوع الحکم الشرعی فتکون نافعة من هذه الجهة و قد مثّل لها بهذ الآیة الشریفة «عاشروهن بالمعروف» فانّ موضوع الحکم بالوجوب هی المعاشرة بالمعروف و المراد من المعروف ما هو المطابق للعرف و حیث انّ تهیئة مثل الموقدة و المبردة و الغسالة فی یومنا هذا یُعدّ فی السیرة العقلائیة تکون مطابقة للعرف فیکون داخلا فی موضوع الآیة الشریفة فیجب بحکم الآیة الشریفة، فنحن لانرید ان نتمسک لاثبات وجوب ذلک بالسیرة کی یقال بانّ السیرة المذکورة مستحدثة فلاتجدی بل انّا نتمسک بالآیة الشریفة و نستفید الحکم منها، غایة الامر نُثبِت وجود موضوع الآیة الشریفة من السیرة المستحدثة و هذا مما لاباس به.

کما انّ الامر کذلک فی حق التالیف فانا لانرید ان نُثبت حق التالیف بواسطة قیام السیرة فی زماننا هذا علیه کی یُورَد علینا بانّ السیرة المذکورة مستحدثة فلاتنفع بل نحکم بثبوت حق التالیف ب «لاضرر» فانّ العقلاء یقولون بحق التالیف، و لو الغی الشارع حقّ التالیف صدق علیه ورود الضرر علی المولف و یُنتج ضم هذا الی دلیل لاضرر امضاء الشارع لذلک الحقّ؛ فانّا لانستفید الحکم من السیرة بل انما اثبتنا موضوع لاضرر ای الضرر بالسیرة و لکن استفدنا الحکم من «لاضرر» لا من السیرة. و هذا بخلاف مثل البیع الازمانی کمن یشتری دارا فی ایام رجب فقط بحث یکون مالکا للدار فی ایام رجب و اَما فی باقی شهور السنة یبقی الدار فی ملک بائعه فانّ السیرة و لو قلنا بوقوعها علی هذا النوع من البیع فی زماننا هذا و لکن هذا مما لایجدی لانّا نرید ان نُثبت صحة هذا البیع من طریق نفس السیرة الواقعة علی هذا البیع مع انّ السیرة المذکورة مستحدثة فلاتجدی. فالسیرة المستحدثة غیرنافعة فیما اذا اُرید منها اثبات نفس الحکم بها و نافعةٌ فیما اذا اُرید منها احراز وجود موضوع دلیل الحکم فقط.

لایقال انّه لافرق بین هذا المورد و غیره فانه یمکن ان نُحرز البیع بالسیرة المستحدثة و لکن الدلیل علی نفوذ هذا البیع لاتکون هی السیرة کی یشکل بل هو اطلاق «احل الله البیع»

فانه یقال انّه لایکون بیع الازمانی و لو فی زماننا هذا امرا متعارفا فانّ هذا لیس امرا عقلائیا و لو فی زماننا هذا. مضافا الی انه لو کان بیع الازمانی امرا متعارفا فی زماننا هذا و لکن لاتجری اصالة عدم النقل فی مثله فانّ تعارف ذلک البیع انما نشا من القوانین الجدیدة المدونة من اهل علم الحقوق فی العالَم و لم یکن تعارفه بواسطة عمل نفس الناس مباشرة و فی مثله لاتجری اصالة عدم النقل، فلایمکن الحکم بنفوذه بآیة «احلّ الله البیع» فانها انما تشمل ما یصدق علیه البیع فی زمان الخطاب و اَما البیع الذی لایعدّونه مصداقا لمفهوم البیع فی ذلک الزمان فلایندرج تحت موضوع الآیة الشریفة و ان کان مصداقا له فی زماننا هذا بحسب التغیر و التبدیل فی مفهوم البیع.

و فیه انه یمکن ان یکون المراد من «المعروف» فی الآیة الشریفة هو المعروف لدی الشارع لا المعروف لدی الناس، و الشاهدُ علی ذلک انه لو کان المراد من المعروف هو المعروف لدی الناس للزم القول بعدم جواز منع الرجل لزوجته عن المخالطة مع الرجال الاجنبیین فانّ المخالطة معهم و ان کانت محرمة علی المراة و لکن لایجوز منعها عنها فانّ المنع عنها یخالف المعاشرة بالمعروف لدی العرف و هذا شاهد علی کون المراد من المعروف هو المعروف لدی الشارع لا العرف فتامل.

فبعدَ نری انه قد الغی الشارع کثیرا من المعروفات التی تکون معروفا لدی العرف یکون المحتمل جدا ان لایکون المراد من المعروف معروفا لدی العرف بل المراد هو المعروف لدی الشارع، و حینئذ اذا شکننا فی مورد انه یکون من مصادیق المعاشرة بالمعروف لدی الشارع او لایکون کذلک لم یمکن التمسک بالآیة لانه تمسک بالعام فی الشبهات المصداقیة لنفس العام و هو مما لایجو

مسألة22: لو حصل الفسخ أو الانفساخ في أثناء السفر فنفقة الرجوع على نفسه‌

بخلاف ما إذا بقيت و لم تنفسخ فإنها من مال المضاربة.

و یقع الکلام هنا فی مقامین:

الاول ما هو مقتضی القاعدة الاولیة

الثانی ما هو مقتضی القاعدة الثانویة و النص

اَما الاول فقد یقال بانّ مقتضی القاعدة الاولیة هو کون نفقة الرجوع من السفر من راس المال فانّ الاذن فی الشئ اذن فی لوازمه و لایخفی انّ الاذن فی السفر اذن فی لوازمه التی یکون منها صرفُ النفقة من راس المال ایاباً کما انه اذنٌ فی کون النفقة من راس المال ذهاباً. هذا مضافا الی استقرار السیرة العقلائیة علی کون نفقة الرجوع من راس المال.

و عن بعض العامة لزومُ النفقة من اصل المال لانه استحقها بالسفر.

و قد فصّل المحقق الخویی قدس سره فی المقام بین ما اذا کان الفسخ من قِبل العامل و بین ما اذا کان من جانب المالک او انفسخت المضاربة من دون فسخ من احد الطرفین بکون نفقة الرجوع علی العامل فی الاول و من راس المال فی الثانی.

و لکنّ الصحیح عندی هو التفصیل بنحو آخر و هو:

انه تارةً یبقی العامل فی ذلک البلد بعد الفسخ او الانفساخ من جهة انّ الرجوع غیر مقدور له مثلا لم یجد سیارةً للرجوع بها الی بلده و لذا لابد له من ان یبقی فی ذلک البلد مدةً او کان الفسخ بعد اتمام العمل فالعاملُ قد اتمّ التجارة ثم فسخ العقدَ فانّ نفقة الایاب حینئذ تکون من راس المال

و اخری یکون البقاء فی ذلک البلد باختیار العامل و بارادته و حینئذ لاتکون نفقة البقاء فی ذلک البلد من راس المال بل تکون علی العامل سواء فُسخت المضاربة او انفسخت، و سواء کان الفسخ من جانب المالک او کان من جانب العامل فانّ نفقة البقاء فی جمیع الصور علی العامل حینئذ.

اَما الثانی ای مقتضی القاعدة الثانویة فربما یقال انّ الصحیحة المتقدمة تدل علی انّ نفقة الرجوع لیست من راس المال بل تکون علی العامل فانّ المراد من «سفره» فی الصحیحة هو سفره للمضاربة و لایخفی انّ ذلک السفر بعد الفسخ او الانفساخ لایُعدُّ سفرا للمضاربة بقاءً و ان کان سفرا للمضاربة حدوثا و لذا لاتکون النفقة بعد الفسخ او الانفساخ من راس المال فانّ الموضوع لکون النفقة من راس المال کون السفر سفرا للمضاربة مع انّ السفر بعد الفسخ و الانسفاخ لایکون سفرا للمضاربة بقاءً.

اقول:

انّ القاعدة الثانویة تنطبق علی القاعدة الاولیة فی المقام و لاتختلف عنها فانّ العامل اذا کان فی طریق الرجوع عن سفره عُدَّ سفرُه المذکور و لو بقاءً و حین الرجوع انه سفرٌ للمضاربة کما هو الامر فی نظائره، مثلا من ذهب الی زیارة مولانا الرضا علیه آلاف التحیة و الثناء فعندما کان فی طریق الرجوع الی بلده قال:«اَنا فی سفر الزیارة» و لایقول:«انّ سفری للزیارة تمّ» ما لم یرجع الی بلده، و لذا کان موضوع کون النفقة من راس المال موجودا عند الرجوع ایضا.

فرعٌ:

قد ذُکر فی باب الحج انّه هل تکون موونة الایاب دخیلةً فی الاستطاعة بحیث لایکون مَن هو واجد لموونة الذهاب دون الایاب مستطیعاً او لاتکون موونة الایاب دخیلة فی الاستطاعة، فمجردُ وجدان الشخص لموونة الذهاب کاف فی الاستطاعة و وجوب الحج علیه و لو لم تکن له موونة الایاب.

اختار المحقق الخویی قدس سره عدم دخل موونة الایاب فی الاستطاعة و انّ مجرد موونة الذهاب یکفی فی تحقق الاستطاعة. نعم لو یوجب الذهاب الی الحج المشقة المعتد بها مثل ان یوجب کونه مسکینا فی الرجوع و صیرورته متکدّیا لم یجب علیه الحج حینئذ لا لعدم الاستطاعة لِما ذکر السید الخویی من عدم دخل موونة الایاب فی الاستطاعة بل لانّ دلیل نفی الحرج یُلغی وجوب الحج علی ذلک الشخص.

ان قلت فعلی ذلک لاثمرة بین القولین فانّ وجوب الحج ینتفی علی کلا القولین اِما لعدم الاستطاعة و اِما لدلیل نفی الحرج و هذا لیس بمهم فانه انما تکون ثمرة علمیة لا عملیة

قال المحقق الخویی قدس سره انّ للخلاف المذکور ثمرة عملیة و هی انه اذا کان بید الشخص موونة الذهاب و الایاب فی شروع السفر و لکن عند الرجوع تلف ماله و ذهبت موونة الایاب و حینئذ لو قلنا بانّ موونة الایاب دخیلة فی الاستطاعة فذلک الحج الذی اتی به لایجزئه عن حجة الاسلام فانّه انما زعم و تخیل کونه مستطیعا و لکن عند الرجوع عن الحج ینکشف عدم کونه مستطیعا اصلا و لذا لم یجب علیه الحج من اول الامر و انما انکشف ذلک عند الرجوع فلایتصف حجّه المذکور بالحج الواجب فلایجزئه عن حجة الاسلام.

و اَما لو قلنا بعدم دخل موونة الایاب فی الاستطاعة و انّ وجوب الحج انما یرتفع عن ذلک الشخص بدلیل لاحرج کان حجه المذکور مجزئا لانّ المفروض کونه مستطیعا، و دلیل نفی الحرج لایرفع وجوب الحج علیه حینما یرجع لانّ فائدة جریان نفی الحرج حینئذ انما اثبات کلفة علی المکلف و هو عدم اجزاء حجه عن حجة الاسلام و وجوب الجح مرة اخری و هذا ینافی دلیل نفی الحرج لانه امتنانی فلایجری فی ما لایلزم من جریانه الّا الکلفة علی المکلف.

اقول:

انّ هذا الکلام من السید الخویی قدس سره مخدوش فانّ المتفاهم العرفی من کلام المولی:«المستطیع یجب علیه الحج» هو من استطاع ذهابا و ایابا لا ذهابا فقط کما هو الامر فی نظائره مثلا اذا قال الشخص:«کلُّ من یستطیع ان یزورنی فجئنی» فلم یجئه زید معتذرا بانّی لم استطع علی ذلک لانّی انما اقدر علی المجئ دون الایاب کان عذرُه مقبولا و مسموعا لِما ذکرنا من انّ المتفاهم العرفی من الکلام المذکور هی الاستطاعة ذهابا و ایابا لا ذهابا فقط.

و هکذا الامر فی المقام فانّ قوله علیه السلام:«ما انفق فی سفره» یکون المتفاهم العرفی منه هو السفر ذهابا و ایابا فتکون النفقة من راس المال ما دام فی السفر و لایخفی انه یکون فی السفر حین الرجوع فیجوز له صرف النفقة من راس المال.

ثم انّ المحقق الحکیم قدس سره انّ النص ای الصحیحة و ان لم تکن شاملة لصورة الفسخ و الانفساخ و لکن لاتدل الصحیحة علی عدم کون النفقة من راس المال حینئذ ایضا فالصحیحةُ ساکتة عن التعرض لِحکم النفقة فی الصورة المذکورة نفیا و اثباتا و حینئذ نرجع الی مقتضی القاعدة الاولیة و هو کون النفقة من راس المال.

و فیه انه بعد ما سُلّم عدم صدق عنوان «السفر للمضاربة» بعد الفسخ او الانفساخ تدل الصحیحة بذیلها علی کون النفقة علی العامل فانّ الامام علیه السلام و الصلاة قال:«فاذا قدم بلده فما انفق فمِن نصیبه» و لایخفی انّه لاخصوصیة للوصول الی البلد بل انما ذُکر من باب المثال، و العبرةُ بعدم کون السفر سفرَ المضاربة و هذا سیّان فی ما اذا وصل بلده او لم یصله و لکن فی طریق الرجوع بعد الفسخ و الانفساخ فانّ السفر لایصدق علیه انه سفرُ المضاربة حینئذ کما هو مفروض کلام المحقق الحکیم قدس سره.

logo