46/05/03
بسم الله الرحمن الرحیم
جلسات 43،44 مساله۵: اذا اشترط علی العامل ان لایسافر الی بلد فلان مثلا فخالف الشرط
موضوع: جلسات 43،44 مساله۵: اذا اشترط علی العامل ان لایسافر الی بلد فلان مثلا فخالف الشرط
مسألة5: إذا اشترط المالك على العامل أن لا يسافر مطلقا أو إلى البلد الفلاني أو إلا إلى البلد الفلاني، أو لا يشتري الجنس الفلاني، أو إلا الجنس الفلاني، أو لا يبيع من زيد مثلا، أو إلا من زيد، أو لا يشتري من شخص، أو إلا من شخص معين أو نحو ذلك من الشروط فلا يجوز له المخالفة، وإلا ضمن المال لو تلف بعضا أو كلا، وضمن الخسارة مع فرضها، ومقتضى القاعدة وإن كان كون تمام الربح للمالك على فرض إرادة القيدية إذا أجاز المعاملة، وثبوت خيار تخلف الشرط على فرض كون المراد من الشرط التزام في الالتزام، وكون تمام الربح له على تقدير الفسخ إلا أن الأقوى اشتراكهما في الربح على ما قرر، لجملة من الأخبار الدالة على ذلك، ولا داعي إلى حملها على بعض المحامل، ولا إلى الاقتصار على مواردها لاستفادة العموم من بعضها الآخر.
و الکلام هنا یقع فی مقامین:
المقام الاول ما هو مقتضی القاعدة الاولیة
المقام الثانی ما هو مقتضی النصوص الخاصة فی الباب
اَما المقام الاول فقال السید الماتن قدس سره انه اذا اشترط المالک علی العامل شرطا مثل ان لایخرج من البلد او لایخرج الی البلد الفلانی فخالف العامل ذلک الشرط فاتجر فحصل الربح فهل یکون مقتضی القاعدة الاولیة هو کون الربح بینهما او انّ الربح یختص بالمالک حینئذ؟ ففصّل الماتن فقال بانه اذا کان الاشتراط المذکور ماخوذا بنحو القیدیة کان تمام الربح للمالک فانّ المضاربة تکون باطلة حینئذ لانتفاء ما هی المقیدة به فلایشترک العامل مع المالک فی الربح فانّ انقسام الربح بینهما متفرع علی صحة المضاربة و المفروض بطلانها، و کانت المعاملات الواقعة علی ماله فضولیة فاذا اجاز تلک المعاملات کان الربح له خاصة.
و اَما اذا کان الاشتراط المذکور ماخوذا بنحو الشرطیة لا القیدیة بمعنی انّ الشرط انما یکون راجعا الی التزام المالک بالمضاربة لا الی اصل انشائه للمضاربة فحینئذ لاتبطل المضاربة و انما یثبت للمالک خیار تخلف الشرط فاذا فسخ المضاربة کان جمیع الربح له، و اَما اذا لم یفسخه کان الربح بینهما.
و لکنّ السید الماتن قدس سره انما ذکر الکبری الکلیة و لم یُنقِّح صغریاتها، بمعنی انه لم یُبیِّن انّ الاشتراط متی یکون شرطا و متی یکون قیدا.
و قد تصدی المحقق الخویی قدس سره لبیان التمییز بین موارد الشرط و القید فقال:
انّ العقود تارة تکون عقودا التزامیة تملیکیة کالبیع. فاذا اشترط الشخص فی هذه العقود امراً، فتارةً يكون أمراً خارجياً أجنبياً عن المبيع و الثمن كالخياطة فانّ الخیاطة لاصلة لها بالمبیع فانه اذا کان المبیع دارا مثلا لم تکن الخیاطة من احدی اوصافه بل تکون امرا مغایرا و اجنبیا عنه، ففي مثله لا يمكن أن يكون قيداً لمتعلق العقد، إذ المبيع وجود و الشرط وجود آخر، والنسبة بين الوجودين هي التباين، فلا معنى لأن يكون أحدهما مقيداً للوجود الآخر، فيقال: إن الدار مقيد بخياطة الثوب مثلا.
نعم یمکن جعله قيداً للمُنشا ای البیع، بمعنى تعليق نفس البيع لا المبيع على الخياطة إلّا أنه باطل جزماً لأنه یکون من موارد التعليق في العقود الذی قام الاجماع علی کونه موجبا لبطلان العقد.
و لذا ينحصر أمره في أن يكون شرطاً راجعا الی الالتزام، بمعنى تعليق الالتزام بالعقد على الخياطة لا تقیدُ المبیع بالخیاطة ، فيكون من الالتزام في ضمن الالتزام.
و اخری يكون وصفاً لمتعلق العقد و هو قد يكون من الأوصاف الذاتية المقومة للذات، فهو قيد لا محالة، كأن يقول:«بعتك هذا الحیوان الخارجی علی ان یکون حمارا». وعليه فلو تخلف الوصف لكان البيع محكوماً بالبطلان لا محالة، وذلك لأن مالية الأشياء إنما هي بفصولها و ما يمتاز به كل صنف عن الآخر من الصفات، وحيث إنّ الجامع بين الصنفين فاقد لها فلا مالية له. و المتفاهم عرفاً من الاشتراط المذکور انّ الشارط قد علّق اصل انشائه علی ذلک العنوان فاذا تخلف کان البیع باطلا راسا. و قد تقدم انّ تعلیق العقد علی الاوصاف الذاتیة للمبیع مما لاباس به لعدم شمول الاجماع علی مبطلیة التعلیق فی العقود لهذا المورد.
و العبرة في اختلاف الصنف والنوع إنما هي بالنظر العرفي لا بالنظر الدقی العقلی فإنه إذا باع المملوك على أنه أمَة فبان عبداً حُكم ببطلان البيع، إذ العرف يراهما نوعين، وإن كانا بنظر العقل واحداً، باعتبار أن الذكورية والأُنوثية من العوارض للصنف الواحد ای الانسان.
و قد لا يكون مقوِّماً للذات كما لو باع العبد على أنه كاتب؛ و یکون المتفاهم العرفی فی هذا المورد هو تعلیق التزامه علی ذلک الشرط فیکون شرطا لا قیدا، فاذا تخلف الشرط لم یکن العقد باطلا و انما یثبت للمشروط له خیار تخلف الشرط.
هذا كله بالنسبة إلى بیان الضابطة فی تشخیص القيود عن الشروط في ما اذا کان المبیع من الأعيان الخارجية.
و أما إذا كان متعلق العقد كلياً في الذمّة فحيث إنّ وجود الكلي ينحصر في وجود أفراده إذ لا وجود له إلّا في ضمنها كان الاشتراط موجبا لکون المبیع هو الموصوف بذلک الوصف بحیث انّ الفاقد للوصف لایکون مبیعا. ومن هنا يكون الوصف قيداً في متعلق المعاملة لا محالة، بحيث يكون متعلقها خصوص الحصّة المقيّدة دون غيرها، لاقتضاء أخذ الوصف تخصُّص الكلي لا محالة. وعليه فلو سلّمه غيره لم تبرأ ذمّته، و وجب عليه أداء الحصّة التي اتفقا عليها. مثلا اذا اشتری سیارة بنحو الکلی فی الذمة علی ان تکون سنة تولیدها هذه السنة فادی البائع الیه سیارة تکون سنة تولیدها قبل هذه السنة لم یود الیه المبیع اصلا و لم یَقبض المشتری ما اشتراه فانّه لابد من اعطاء احد افراد المبیع الکلی الیه و المفروض عدم اعطاده الیه کذلک، و لایکون للمشتری خیار تخلف الشرط حینئذ ایضا فانّ المبیع لیس ما اُعطی الیه کی یقال انه فاقد للشرط فیکون له خیار تخلف الشرط، بل المبیع هو الکلی فلابد من اعطاء فرد منه الیه. فلایبطل العقد و لا یثبت الخیار حینئذ بل لا بد من اعطائه للفرد الواجد للوصف.
و بهذا يفترق الكلّي عن العين الخارجية.
هذا كله في العقود الالتزامية التمليكية.
و أما في عقد المضاربة الذي ينحلّ في الحقيقة إلى أمرين:
الاول إذنُ المالك للعامل في العمل
الثانی التزامُه بأن يكون الرّبح بينهما.
فالمضاربة تکون من العقود الإذنية بلحاظ الجهة الأُولى، ومن العقود الالتزامية بلحاظ الجهة الثانية.
فربما یکون اشتراط المالک بنحو تعلیقه لاذنه وتقییده له بمعنی انه یعلّق اصل اذنه علی ذلک الامر فاذا خالف العمل ذلک کانت المضاربة باطلة راسا فیکون الربح کلّه للمالک ان اجاز المعاملات الواقعة علی ماله فانها فضولیة.
و اخری یکون مرجع الاشتراط الی تعلیق الالتزام و تقییده بانقسام الربح بینهما بمعنی انّ المالک یُعلّق التزامه و یُقیِّده بکون الربح بینهما علی ذلک الامر فاذا خالف العامل لم یکن الربح بینهما لعدم التزام المالک بکون الربح بینهما فی هذه الصورة.
و کلٌّ من القسمین یشترک مع الآخر فی بطلان المضاربة مع مخالفة العامل للشرط فانّ المضاربة باطلة سواء مع عدم کون الربح بینهما فانه مقوم للمضاربة او عدم الاذن فی المضاربة راساً. و انما یفترقان بانه علی الاول-ای ما اذا کان التعلیق راجعا الی الاذن- کان المعاملات فضولیة ایضا لانه لم یاذن فی المعاملات فی هذه الصورة اصلا؛ بخلاف ما اذا کان التعلیق راجعاً الی التزامه بکون الربح بینهما فانّه حیث انّ اصل اذنه فی الاتجار موجود حسب الفرض و لو مع مخالفة الشرط کانت المعاملات صحیحة فعلاً و واقعة عن اذنه.
و ثالثة لایکون التعلیق راجعا الی ما ذُکر من الامرین بل انما المالک یُعلّق اصل التزامه بالمضاربة علی ذلک الامر فلایکون التزامه بانقسام الربح بینهما معلقا، کما لایکون اذنُه فی الاتجار معلقا علیه ایضا و انما یکون التزامه بالمضاربة معلقا فاذا خالف العامل ذلک الشرط کان للعامل خیار تخلف الشرط فله ان یفسخ المضاربة فیکون تمام الربح له کما انه یجوز له ابقاء المضاربة و عدم فسخها فیکون الربح منقسما بینه و بین العامل.
اَما المقام الثانی فظاهر کلام الماتن قدس سره انّ نصوص الباب تشمل جمیع الاقسام، فالمضاربة صحیحة و یکون الربح بینهما اذا خالف العمل للشرط سواء کان الاشتراط بنحو القید او بنحو الشرط.
و المحقق الحکیم قدس سره قد قسَّم الشرط علی اقسام:
فتارة یکون قیدا لاصل المضاربة
و اخری یکون شرطا للالتزام بالمضاربة
و ثالثة لایکون قیدا للمضاربة و لا شرطا للالتزم بل انما لوحظ لنفسه لِما فیه من الفائدة مثل ان یقول:«اِحمل النقد فی همیان» فهذا یشبه الشروط الابتدائیة فانّه لایکون مرتبطا لا باصل العقد و لا بالالتزام و بهذه الملاحظة یکون شبیها بالشرط الابتدائی، نعم قد ذُکر هذا الشرطفی ضمن العقد فیختلف من هذه الجهة عن الشرط الابتدائی؛ فیشبه الشروطَ الابتدائیة من جهة و یختلف عنها من جهة اخری.
ثم قسَّم رحمه الله تعالی الشرط الماخوذ قیدا للمضاربة علی قسمین:
الاول ما یوخذ قیدا فی مقام الواقع کما اذا قال له:«لاتبع و لاتشتر الّا من الشیعة» فانه یقصد البیع و الشراء من الشیعة و ترکهما من غیرالشیعة و ان کان باضعاف من الربح.
الثانی ما یوخذ قیدا فی مقام الظاهر و الصورة خوفا من الخسران و رجاء للربح مثل ان یقول له:«لاتشتر التمر» فانّه قد زعم فیه الخسران او عدم الربح فیه فاشتری العامل التمر فربح. فانّ هذا انما یکون ماخوذا قیدا فی الظاهر بمعنی انه قد قصد الربح وحیث انه زعم خربان سوق التمر فامر بعدم شرائه و لکن لو علم بانّ فی شرائه الربح لَاَذن فی شرائه. فالمعاملة و ان کانت غیرماذون فیها ظاهرا و لکنها مورد لرضاه واقعا.
ثم قال قدس سره انّ القاعدة الاولیة لاتختلف فی المقام عن القاعدة الثانویة فانّ جمیع روایات الباب یکون موردها خصوص القید الماخوذ ظاهرا لا واقعا و لایخفی انّ المعاملة تکون صحیحة اذا خالف الشرط الماخوذ قیداً فی مقام الظاهر لانّ الرضا الباطنی بالمعاملة موجود علی ما بیّنّا. فحَمَلَ الروایات علی هذه الصورة فتکون صحةُ المضاربة التی تدل علیها نصوص الباب تکون منطبقة علی القاعدة الاولیة و موافقة لها.
و لکنّ المحقق الخویی قدس سره قد اورد علیه بایرادین:
الاول انّ مجرد الرضا الباطنی غیر کاف فی صحة التصرف فی مال الغیر و لایوجب خروجه عن الفضولیة؟! مثلا اذا اتعب شخص نفسه لبیع سیارته و لم یُوفّق لذلک فهل یصح بیع الشخص الآخر لتلک السیارة الی الشخص الثالث بدعوی انه قد علم بانّ صاحب السیارة راض باطنا ببیع ماله فلایحتاج الی اجازته و امضائه بل یکون مجرد رضاه الباطنی کافیا فی الصحة؟! کلّا فانّ العقلاء یعتبرون فی معاملاتهم الابرازَ فلابد من ان یُبرز صاحب السیارة رضاه بذلک البیع و لایکفی مجرد رضاه الباطنی بذلک فی خروج تالک المعاملة عن الفضولیة.
و هکذا الامر فی آیتی «اوفوا بالعقود» و «احلّ الله البیع» فانّ الظاهر منهما صحة العقد و البیع المنسوب الی الشخص لا مطلق البیع و العقد و ان لم یستند و لم یُنسَب الیه. و الشاهدُ علیه انه هل تشمل الآیتان من یکون اجنبیا عن المعاملة؟ مثلا اذا باع زید سیارته الی عمرو فهل تُخاطب الآیة خالدا بوجوب الوفاء بذلک البیع؟! کلّا فانّ خالدا یکون اجنبیا عن البیع المذکو و لم یکن البیع منسوبا الیه. فلابد من تحقق انتساب البیع و استناده الی الشخص کی تشمله الآیة. و لکن مجرد الرضا الباطنی من دون ان یُبرزه لایوجب استناد العقد الی المالک فلاتشمله الآیة بل تکون فضولیة.
الثانی انّ هذا لو تم انما یتم فی خصوص ما اذا کان الربح الحاصل من المعاملة ازید او مساویا لِربح المعاملة التی امر بها المالک؛ و اَما مع قلته عنه فلایُحرَز انّ المالک راضیا بتلک المعاملة و لو باطنا فانّه لایُعلم انّ الرضا متعلق باصل حصول الربح فانّه یُحتمل تعلقه بمورد حصول الربح الکثیر فلاتکون مخالفة العامل للشرط صوریة و ظاهریة فقط فانّ المالک لایکون راضیا فی هذه الحالة بتلک المعاملة و لو باطنا.
و هذان الایرادان واردان علی المحقق الحکیم قدس سره.
و الظاهر انّ روایات الباب مطلقة تشمل جمیع الاقسام المذکورة، ففی جمیعها یکون الربح علی تقدیر حصوله بینهما و تکون الوضیعة لو اتفقت علی العامل.
و لکن ربما یقال انه کیف یمکن تسریة الحکم الی جمیع الشروط بعدما کانت الشروط التی یُخالفها العامل التی قد ذُکرت فی الروایات شروطا مخصوصة مثل شرط الاتجار فی مکان خاص او فی زمان خاص او الی شخص خاص فلم یکن فیها اطلاق یشمل جمیع الشروط.
و فیه انّ الظاهر انّ تلک الموارد من المخالفة للشرط انما ذُکرت من باب المثال لا ان تکون فیها خصوصیة یختص الحکم بها.
مضافا الی انّ فی المقام روایة مطلقة و هی صحیحة الحلبی عنه علیه السلام:«فی الرجل یعطی ماله مضاربة فیخالف ما شرط علیه، قال:هو ضامن و الربح بینهما».
لایقال انه لابد من تقیید اطلاق هذه الصحیحة بسائر روایات الباب
فانه یقال انّ تلک الروایات لایکون لها مفهوم کی تُقیِّد هذه الصحیحة فانّ القید فیها انما ذُکرت فی سوال السائل لا فی کلام الامام علیه السلام و قد بیّنا سابقا انّ ورود القید فی سوال السائل لایکون له مفهوم فلایوجب تقیید المطلقات حینئذ. مثلا لو سال شخص عن المولی:«هل یجوز لی ان آکل البطیخ الخراسانی؟» فاجابه:«لا باس به» ثم قال المولی فی خطاب آخر:«لا باس بکل البطیخ» فهل یُقیّد الخطابُ الاول الخطابَ الثانی؟ کلّا فانّ ورود القید فی ذلک الخطاب انما یکون فی سوال السائل فلایصلح لتقیید هذا الخطاب المطلق.
نعم انّ اخذ القید فی سوال السائل یمنع عن انعقاد الاطلاق فی الجواب و لکن لایوجب تقیُّد الخطاب المطلق الآخر اذا ورد فی دلیل مستقل.