« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ عبدالله احمدي الشاهرودي

46/04/17

بسم الله الرحمن الرحیم

وجوب الوفاء بالشروط الواقعة فی ضمن العقود الجائزة

موضوع:وجوب الوفاء بالشروط الواقعة فی ضمن العقود الجائزة

ثم انه هل یجب الوفاء بالشروط الواقعة فی ضمن العقود الجائزة او لا؟

قد اختار الماتن قدس سره وجوب الوفاء بتلک الشروط ما دام العقد باقیا. نعم ان فسخ العقد الجائز فحینئذ لایحب الوفاء بالشرط الواقع فی ضمنه لانّه انما یجب الوفاء بالشرط مع بقاء العقد و اَما اذا فسخ فلایجب الوفاء بالشرط الذی کان فی ضمنه حدوثا لا بقاءً. و قد اشرنا الی هذا المطلب و بیّنا المختار فیه فلانعید.

و قد قال صاحب الجواهر انّ عدم وجوب الوفاء بالشروط الواقعة فی ضمن العقود الجائزة فیه احتمالان:

الاول ان یکون المراد عدم وجوب الوفاء بتلک الشروط لو فسخ اصل العقد

الثانی ان یکون یکون المراد عدم وجوب الوفاء بتلک الشروط مطلقا و لو مع بقاء العقد و عدم فسخه

ثم قال قدس سره انّ المتعین و الصحیح هو الاحتمال الثانی فانّ الحقّ هو عدم وجوب الوفاء بالشرط الواقع فی ضمن العقد الجائز و لو قبل فسخ ذلک العقد.

ان قلتَ انّ آیة «اوفوا بالعقود» تدل علی وجوب الوفاء بکلّ عقد و حیث انّ الشرط الذی یکون واقعا فی ضمن العقد یُعدّ من توابع العقد و فروعه فتدل الآیة علی وجوب الوفاء بالشروط الواقعة فی ضمن العقد ایضا. نعم انّ عموم الآیة الشریفة قد خُصِّص بالنسبة الی العقود الجائزة بعد الفسخ و لکن لا دلیل علی تخصیص عموم الآیة بالعقود الجائزة قبل فسخها و لذا تدل الآیة بعمومها علی وجوب الوفاء بالعقود الجائزة مع ما یُشترط فی ضمنها ما دامت تلک العقود باقیة و لم تُفسَخ.

و هکذا الامر بالنظر الی «المومنون عند شروطهم» فانّه یدل علی وجوب الوفاء بکلّ شرط التزم الشخص به سواء کان فی ضمن العقد اللازم او فی ضمن العقد الجائز. نعم لو فسخ العقد الجائز لم یکن الوفاء بالشرط واجبا لِما ذکرنا وجهه فی الآیة الشریفة فلانطیل

قال صاحب الجواهر جوابا عن هذا الاشکال انّ الآیة الشریفة تختص بالعقود اللازمة و لا تشمل العقود الجائزة و لو قبل فسخها فانّ الآیة تدل علی وجوب الوفاء بالعقد مطلقا سواء فُخ العقد او لم یُفسخ بمعنی انها تدل باطلاقها علی انه لو فسخُ العقد فلابد حینئذ ایضا من ان یلتزم المتعاقدان بالعقد الواقع بینهما و لاشک فی انّ هذا لایاتی فی العقود الجائزة فانّه لا موضوع لوجوب الوفاء بالعقد فی العقود الجائزة بعد فسخ العقد لانّ العقد قد انحل فیها بالفسخ فلا معنی لوجوب الوفاء له. و اطلاقُ وجوب الوفاء فی الآیة الشریفة یقتضی اختصاص الآیة بالعقود اللازمة فانّ الاطلاق المذکور لایاتی فی العقود الجائزة قطعا فینکشف من هذه النکتة اختصاص الآیة الشریفة بالعقود اللازمة.

و اَما «المومنون عند شروطهم» فالحقُّ فیه انه انما یدل صحة الشرط فقط لا لزومه و لا جوازه و لا علی وجوب الوفاء بالشرط تکلیفا.

اقول:

انّ کلام الجواهر فی «المومنون عند شروطهم» غیرتام فانّ الظاهر منه هو الوجوب التکلیفی لا الصحة فانّ المستفاد منه انّ المومن یکون عند شرطه و ملصق به فعلیه ان یفی بشرطه بمقتضی ایمانه. نعم انّ المدلول الالتزامی لهذا الکلام صحة الشرط المذکور فانه لو لم یکن الشرط صحیحا لم یجب الوفاء به قطعا.

 

و اَما کلامه فی آیة «اوفوا بالعقود» فمقتضی التحقیق هی صحة ما ذهب الیه قدس سره فانّ النکتة الاساسیة التی قد وقعت مغفولا عنها فی المقام هو:

انّ العقد الجائز هل یکون خارجا من تحت الآیة الشریفة من اول الامر، بمعنی انّ عقد الهبة مثلا هل یکون خارجا من تحت الآیة الشریفة و لو قبل فسخها او انما یکون خارجا عنها فی خصوص صورة الفسخ؟

فلو قلنا بالاول لم یمکن التمسک بالآیة الشریفة لاثبات وجوب الوفاء بالعقد الجائز قبل فسخه لانّ العقد المذکور قد خرج من الآیة و لو قبل حصول الفسخ.

بخلاف ما لو قلنا بالثانی فانه حینئذ نتمکن من التمسک بالآیة الشریفة و اثبات وجوب الوفاء بالعقد الجائز ما لم یُفسخ ذلک العقد الجائز فانّ العقد الجائز انما یکون خارجا من الآیة الشریفة فی صورة فسخه و انحلاله لا فی صورة عدم فسخه.

و هذا النزاع هی النکتة الاساسیة فی المقام التی لابد من ان نبین القول الحق فیها فنقول:

انّ الحقّ عندنا هو القول الاول-ای خروج العقد الجائز من الایة الشریفة و لو قبل فسخ ذلک العقد- و بیانُ ذلک یحتاج الی ذکر مقدمة و هی:

انّ آیة «اوفوا بالعقود» لایکون مدلولها الوجوب التکلیفی بل مدلولها هو اللزوم وضعاً فانّه لو قیل بکون مدلوها هو الوجوب التکلیفی للزم المحذوران:

الاول انه لو باع شخص کتابه من زید بثمن کذا و لکن لم یدفع الیه ذلک الکتاب بعد البیع لکان لازمُ کون مفاد الآیة هو الوجوب التکلیفی ان یقال بانه قد عصی بعصیانین احدهما الغصب لانه قد امسک مال الغیر عند نفسه و ثانیهما عصیان الوجوب المستفاد من الآیة الشریفة. و لایخفی انّ هذا-ای صدور المعصیتین من هذا الشخص- مما لم یتفوه به احد.

الثانی انّه یلزم من کون مفاد الآیة هو الوجوب التکلیفی ان یقال بانّ الشخص لو تکلم بالفسخ فقال:«فسختُ» لعصی و ارتکب حراما و ان لم یاخذ المال من ید الطرف الآخر فانّ فسخ العقد یکون بنفسه عصیانا للوجوب التکلیفی المستفاد من الآیة الشریفة الدالة علی وجوب انهاء العقد و هذا ایضا مما لایمکن الالتزام به، فانه لایلتزم احد بانّ مجرد قوله «فسختُ» یکون حراما تکلیفیا شرعا.

فظهر مما ذکرنا انه لابد من ان نلتزم بانّ مدلول الآیة الشریفة هو اللزوم الوضعی بمعنی انّ العقد یکون صحیحا و الآثار مترتبة علیه و انّ العقد لایقبل الفسخ.

و اذا عرفت هذه المقدمة فاعلم انه اذا کان مدلول الآیة هو اللزوم وضعاً کانت العقود الجائزة خارجة عنها راسا فانّ عقد الهبة مثلا حیث انه قابل للفسخ فلایکون داخلا تحت الآیة الشریفة فانّ الآیة انما تدل علی انّ العقود لازمة وضعا لایوثر فیها الفسخ بل هی باقیة بحالها و لو بعد الفسخ، و عقدُ الهبة مثلا لایکون کذلک فیکون خارجا من الآیة الشریفة و لذا لاتکون العقود الجائزة مندرجة فی الآیة الشریفة کی یجوز التمسک بالآیة لاثبات وجوب الوفاء بها و بالشروط التی تقع فی ضمنها فانّ العقد الجائز قد خرج من الآیة و لو قبل الفسخ کما بیّنا.

و قد ذکره بعض انّ اوفوا بالعقود لاتدل علی لزوم العقد بل هی تدل علی لزوم الوفاء بالعقد علی النحو الذی ینشئه المتعاقدان فاذا انشاه المتعاقدان مع شرط الفسخ کان مقتضی الآیة هو لزوم الوفاء به علی النحو الذی اوجداه.

و فیه انّ المتفاهم عرفا من الآیة هو لزوم العقد و لابدیة انهائه فیکون العقد الجائز خارجا عن نطاق الآیة لعدم لزوم انهاء العقد فیه.

و مما تقدم ظهر انه لو اشترط عدم الفسخ فی المضاربة وجب علی المشروط علیه الوفاء به لعموم «المومنون عند شروطهم». و لو عصی ففسخ العقد فهل تُفسخ المضاربة او لا؟ الحقّ عدم انحلالها بل هی باقیة بحالها فانّ المستند فی جواز المضاربة هو الاجماع و القدرُ المتیقن من الاجماع صورة انتفاء شرط عدم الفسخ فلم یثبت الاجماع علی جواز المضاربة مع اشتراط عدم الفسخ فنحکم حینئذ بلزومها بمقتضی القاعدة فانّ مقتضی عموم «اوفوا بالعقود» هو لزوم المضاربة المذکورة فانها قد دلت علی لزوم کلّ عقد و قد شککنا فی انّ عقد المضاربة مع الشرط المذکور هل یکون خارجا عنها؟ فنتمسک بعموم الآیة فنحکم بلزومها. و هکذا الامر فی ما اذا اشترط عدم السلطنة علی الفسخ فانّ المضاربة المذکورة لازمة حینئذ لنفس ما ذکرنا فی اشتراط عدم الفسخ.

ثم انّ هنا مسالة اخری و هی انا لو شککنا فی لزوم عقد و جوازه فهل یجوز لمنا التمسک بالآیة الشریفة لاثبات اللزوم او لا بان یکون اللازم هو اثبات اللزوم من الخارج فلایمکن اثباته من نفس الآیة الشریفة؟

ربما یقال بالثانی لانّ الآیة الشریفة تدل علی لزوم العقود و قد خُصصت الآیة بالعقود الجائزة فلابد من اثبات لزوم العقد من الخارج.

و لکنّ الحق هو الاول فانّ الآیة تدل علی لزوم کلّ عقد فاذا شککنا فی خروج العقد الفلانی من الآیة تمسکنا بعموم الآیة فکان لازما بمقتضی اصالة العموم عند الشک فی التخصیص.

و المتحصل انّ اوفوا بالعقود لاتشمل العقود الجائزة و لو قبل الفسخ فانها انما تدل علی لزوم العقد فتکون العقود الجائزة خارجة عنها راسا.

نعم انه لو شک فی لزوم عقد و جوازه فالصحیح جواز التمسک بعموم الآیة لاثبات لزومه.

logo