« فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

45/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

محراب المسجد - أقوال الفقهاء (ذكر نصوص من طريق الخاصة ومن طريق العامة)/الباب الثالث: هندسة المسجد /فقه‌المسجد (مسجد طراز انقلاب اسلامي)

 

الموضوع: فقه‌المسجد (مسجد طراز انقلاب اسلامي)/الباب الثالث: هندسة المسجد /محراب المسجد - أقوال الفقهاء (ذكر نصوص من طريق الخاصة ومن طريق العامة)

 

منها: خبر طلحة بن زيد:

قد ذكره الشيخ الحر العاملي في وسائل الشيعة:

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِي: «أَنَّهُ كَانَ يَكْسِرُ الْمَحَارِيبَ إِذَا رَآهَا فِي الْمَسَاجِدِ وَيَقُولُ كَأَنَّهَا مَذَابِحُ الْيَهُودِ‌»[1] .

ورواه الصدوق مرسلا نحوه. ورواه في (العلل) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد.

كيفية الاستدلال:

يظهر من الخبر أن الامام كان يكسر المحاريب ومن الواضح أن كسر الامام المحاريب عبارة عن فعله وهو يدل على مرجوحية وجود المحراب في المسجد اي كراهيته. اضافة الى تشبيه بالمذابح اليهود وهو يويد المرجوحية.

مناقشة في الاستدلال بخبر طلحة بن زيد

يمكن المناقشة في الاستدل بخبر طلحة من جهتين:

الأولى: من جهة السند والثانية: من جهة الدلالة.

أما بالنسبة الى اعتبارها وسندها فيمكن المناقشة في سندها.

لأن طلحة بن زيد غير ثابت وثاقته، وقد شرحنا عدم وثاقته وضعفه سابقا في مقام الاستدلال بخبر طلحة على كراهة جعل الشرف للمساجد.

وهو قد كني بأبي الخزرج النهدي الشامي ويقال الخزري. عامي، روى عن جعفر بن محمد. ذكره أصحاب الرجال «له كتاب يرويه جماعة يختلف برواياتهم»[2] .

وهو منسوب الى الفرقة البترية. وهم من الفرق الثمانية المنشعبة من فرقة زيدية من أتباع زيد بن علي بن الحسين وهم فرقة منحرفة من الشيعة عقديا وعمليا.

والبترية يوجد عندهم الميل الى العامة. فهم وان لم يثبت أنه عامي كما ذكره النجاشي ولكنهم متمايلون بمذهب العامة.

هذا بالنسبة الى سند الخبر واعتباره.

وأما بالنسبة الى الجهة الثانية وهي الدلالة فهي غير تامة الدلالة في اثبات مطلق الكراهة.

لأن الذي ورد في خبر طلحة (المحاريب الداخلة) من دون التقييد بالداخلة في الحائط أو في الحائط كثيرا. فاذا ليس من المعلوم ما هو المقصود من وصف الداخلة، هل المقصود عبارة عن داخل المسجد أو داخل الحائط؟

فلابد من التأمل في مفردة الكسر، فهل المحاريب الداخلة في الحائط تقبل الكسر أو لا؟ وهل المراد الكسر هو الكسر الحقيقي الذي يمكن تصوره عرفا، أو المراد من الكسر هو التخريب والهدم؟

فهذه الأمور مهمة في الاستدلال بخبر طلحة بعد القول باعتبار سنده.

فيمكن المناقشة في الاستدلال بأن التعير بالكسر قرينة لأرادة المحاريب المتخذة مستقلة في المساجد لا الداخلة في حائطها مثلا، لأنها هي القابلة للكسر دونها.

ويويد ما قلناه، ما قاله صاحب الوسائل في ذيل الحديث:

«أَقُولُ: نَقَلَ الشَّهِيدُ فِي الذِّكْرَى عَنِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمَحَارِيبُ الدَّاخِلَةُ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَعَلَّهُمْ فَهِمُوا ذَلِكَ مِنْ لَفْظِ الْكَسْرِ أَوْ مِنَ التَّشْبِيهِ أَوْ مِنَ الظَّرْفِيَّةِ»[3] .

وكذلك ما قاله المحقق البحراني نقلا عن المعتبر:

«وهذه الرواية غير صريحة في كراهة المحاريب الداخلة في الحائط بل الظاهر منها كراهة المحاريب الداخلة في المسجد لأنها التي تقبل الكسر»[4] .

وذلك قاله صاحب المدارك.

ولو قلنا بأن المقصود من (الداخلة) انما هي الداخلة في المسجى لا الداخلة في الحائط، فهذه مناسبة للاستدلال بخبر داود بن قاسم الجعفري الذي ذكره الشيخ في كتابه الغيبة، لأنه ورد فيه التعبير بالمقاصير وهو يطبق على المحاريب الداخلة في المسجد لا الداخلة في الحائط.

وَرَوَى سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَاسِمٍ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ فَقَالَ: «إِذَا قَامَ الْقَائِمُ يَهْدِمُ الْمَنَارَ وَالْمَقَاصِيرَ الَّتِي فِي الْمَسَاجِدِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لِأَيِّ مَعْنَى هَذَا؟ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: مَعْنَى هَذَا أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ مُبْتَدَعَةٌ لَمْ يَبْنِهَا نَبِيٌّ وَلَا حُجَّة»[5] .


logo