< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/10/24

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: مناقشة القول بالتفصيل بين إبقاء العين وإبقاء الثمن:

حدیث أخلاقي:

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) لَا يَتَكَلَّمُ الرَّجُلُ بِكَلِمَةِ حَقٍّ فَأُخِذَ بِهَا إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ أَخَذَ بِهَا ولَا يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةِ ضَلَالٍ يُؤْخَذُ بِهَا إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُ مَنْ أَخَذَ بِهَا. [1]

البحث الفقهي:

کما قلنا: إن الخلاف بين الفقهاء في الفرع الثالث من الفروع الثلاثة في المسألة السابعة عشرة، وهو ادخار الثمن لسنوات متعددة كي يتمكن من اشتراء البيت الذي هو بحاجة إلى سكناه.

فهذا الفرع قد وقع موقع الخلاف بين الفقهاء في اعتباره من المؤونة، وجواز استثنائه عن وجوب الخمس، أو عدم استثنائه عنه.

طائفة من الفقهاء المعاصرين كالسيد الإمام (رض) والسيد الإمام الخامنئي(حفظه الله) والشيخ مكارم الشيرازي وغيرهم يقولون بتعلق الخمس.

وأما الطائفة الأخرى كالسيد الكلبايكاني والشيخ الفاضل اللنكراني والسيد الشبيري الزنجاني فيقولون بعدم تعلق الخمس به.

والخلاف المذكور قد أسس للقول بالتفصيل بين الموردين، ولاشك في أن الملاك في القول بالتفصيل هو الفرق الذي تصوره القائلون بين ادخار العين وادخار الثمن.

 

إشكال على القول بالتفصيل:

هناك سؤال: هل يوجد دليل لفظي على هذا الفرق أم لا؟ وهل يدل عليه أصل عملي أم لا؟

بأدنى تأمل يظهر أنه لا يوجد دليل يدل عليه، لذلك كلما تأملنا لم يظهر لنا وجه الفرق.

لأنه إذا قلنا بأن إبقاء شيء لتأمين المؤونة وما يحتاج إليه يعتبر من المؤونة لابد من القول بأنه يستثنى من الخمس، ولا فرق حينئذ بين الثمن والعين.

بما أن كلّاً منهما ربح، والربح يدور بين الأمرين : تعلق الخمس أولاً، واستثناء المؤونة ثانياً.

لو اعتبرناه ربحا لابد من القول بتعلق الخمس وأما إذا اعتبرناه من المؤونة فيستثنى من الربح ومن تعلق الخمس.

فما هو الملاك للفرق بين العين والثمن؟ مع أنهما ربح حقيقةً، أو يمكن أن يكونا مؤونة، لأن الانسان في حياته بحاجة إلى العين كما هو بحاجة إلى الثمن.

و كما قلنا: إن المعيار في استثناء المؤونة هو صدق عنوان المؤونة فقط لا غير، وواضح أن صدق العنوان أمر عرفي تابع لنظر العرف، والعرف لا يفرق بين العين والثمن، ولا يقول بأن العين مؤونة والثمن ليس مؤونة.

وبما أنّ العرف لا يفرق بين الثمن والعين في اعتبارهما مؤونة وصدق العنوان عليهما، فلا مجال إذن للقول بالتفصيل، والتفريق بين العين والثمن، ووجوب الخمس في الثاني وعدم وجوبه في الأول، بل إنّ الأمر يقتضي أن إبقاء الثمن لتأمين المؤونة لا يجب فيه الخمس.

هذا هو الإشكال الأول على القول بالتفصيل بين إبقاء العين وإبقاء الثمن.

وبالالتفات إلى الملاك الذي يمكن القول به فيما نحن فيه:

تعرض الفقهاء لذكر الملاك في موارد سقوط الحكم، أي الواجب، وهو صدق عنوان حرجية الحكم، يعني إذا تحقق عنوان حرجية الحكم، يكشف عن عدم وجوبه.

مثلاً في کتاب الحج وفي باب شرائط وجوب الحج یقول السید الیزدي :

إذا كان من شأنه ركوب المحمل أو الكنيسة ولم يوجد، سقط الوجوب، ولو وجد ولم يوجد شريك للشق الآخر، فإن لم يتمكن من أجرة الشقين سقط أيضا، وإن تمكن فالظاهر الوجوب لصدق الاستطاعة..[2] )

والسید الإمام في ذيل المسألة وفي تعليقته عليها یقول: (الميزان صيرورة الحج حرجيا عليه). [3]

والسيد اليزدي يقول موضع آخر من كتابه:

مسألة 25: إذا كان عنده مقدار من المال يفي بمصارف الحجّ، وكان بحاجة إلى الزواج أو شراء دار لسكناه أو غير ذلك ممّا يحتاج إليه، فإن كان صرف ذلك المال في الحجّ موجباً لوقوعه في الحرج لم يجب عليه الحجّ، وإلّا وجب عليه.

و السيد الخوئي في شرحه لكلام السيد يقول: لأنّ المیزان في سقوط الحجّ وعدمه أن یکون الإلزام بالحج حرجیاً علیه فیرتفع وجوبه، حتّی ولو قلنا بعدم حرمة إیقاع النفس في الحرج والمشقّة، وذلك لحکومة دلیل الحرج علی الأحکام الأوّلیّة[4] .

كما التفتنا إلى أن الفقهاء الذين يقولون بوجوب الخمس في فرض إبقاء العين لأجل اشتراء المؤونة بعد سنة الربح، نفس هؤلاء الفقهاء، بل وآخرون أيضاً حتى السيد الإمام(رض) يقولون بسقوط الحج في فرض كونه حرجياً عليه وهو لا يقدر على إتيانه.

يعني أضافوا واشترطوا الحكم بأن لا يكون حرجيا على المكلف، وإذا فرضنا أنه حرجياً عليه فيسقط الحج بعظمته وفوريته وثوابه.

و من الواضح أن هذا الملاك لا يختص بكتاب الحج فقط بل هو ملاكٌ عام في جميع أبواب الفقه، ومنها الخمس.

أي أن الخمس أيضا كالحج وسائر الموارد إذا صار وجوبه حرجياً على المكلف يسقط الوجوب عنه.

و في ما نحن فيه إن هذا الشخص الذي بحاجة إلى اشتراء بيتٍ أو منزلٍ، ولا يقدر على اشترائه إلا تدريجاً، وبجمع المال والثمن في على مدى سنين متعددة، وإبقاء الثمن لعدة سنوات، لو حكمنا عليه بوجوب الخمس ألا يكون حرجياً عليه؟ وألا تضعف قدرته على اشتراء البيت بعد تكميل ثمن البيت؟

يعني أن وجوب الخمس عليه يوجب الحرج والمشقة عليه، وفي بعض الموارد وجوب الخمس عليه يعجزه عن اشتراء البيت الذي هو بحاجة إليه.

بناء على ذلك يمكن القول في المقام بأنه لو سلمنا بوجود فرقٍ بين إبقاء العين وإبقاء الثمن، فلا نستطيع القول بوجوب الخمس في الثمن أيضاً، لأن القول بوجوب الخمس في الثمن يوجب الحرج والمشقة على المكلف وواضح أن الحكم الحرجي منتفٍ في الشريعة.

فالقول بالتفصيل لا دليل عليه، ولا يمكن الالتزام به والحق هو القول بعدم الفرق بين إبقاء الثمن وإبقاء العين، لاسيما في الموارد التي بناء على القول بوجوب الخمس فيها يكون فيها حرج ومشقة على المكلف.

وأما البعض الآخر كالسيد الكلبايكاني في هداية العباد والشيخ الفاضل اللنكراني في تفصيل الشريعة والسيد الشبيري الزنجاني فيقولون بعدم تعلق الخمس بها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo