< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/04/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تربية الانسان:

قالَ الامام العسكري(ع): بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ يَكُونُ ذا وَجْهَيْنِ وَذا لِسانَيْنِ، يَطْري أخاهُ شاهِداً وَيَأكُلُهُ غائِباً، إنْ أُعْطِىَ حَسَدَهُ، وَإنْ ابْتُلِىَ خَذَلَهُ[1] .

نقاط مهمة :

    1. إن هذا الحديث حديث أخلاقي محض لا يوجد فيه وجهة نظر أخرى.

    2. الهدف من هذا الحديث هو تربية الانسان الصادق والحقيقي الذي لا يتعامل مع نفسه وأفراد مجتمعه تعامل نفاق وكذب ونميمة وحسد وغيره بل يتعامل مع الكل تعامل صدق. وهذا هو هدف الاسلام من خلال القرآن.

لأن المعارف الالهية التوحيدية تنقسم الى ثلاثة أقسام:

الأول: العقائد.

الثاني: الأحكام والفقه.

الثالث: الأخلاق.

وهذه الأقسام وإن كانت في القرآن في بعض الاحيان ممزوجة بعضها مع بعض ولكنها حسب الترتيب الوارد تصنع الانسان وتربي المجتمع لا بالعكس.

لأن المهم لتربية الانسان هو العقائد ثم الالتزام بالفقه ثم بلوغ الانسان الى مرحلة الانسان الأخلاقي المعتقد الملتزم.

يعني نزل القرآن لأجل بلوغ الانسان إلى هذه المرحلة وتربية الانسان المعتقد الملتزم الأخلاقي وهذا لايمكن الا بالترتيب الذي بيناه آنفا وهو البدء بتقوية العقائد ثم تقوية الالتزام بالفقه والأحكام ثم الوصول إلى مرحلة الأخلاق.

لذلك أول آية في القرآن حسب النزول تشير إلى موضوع التوحيد وأول كلمة ينبغي تعلميها للطفل هي كلمة لا إله الا الله.

ورسول الله أولا قال: قولوا لا اله الا الله تفلحوا.

    3.
والأساس في موضوع الأخلاق والتربية الأخلاقية هو صدق الفرد مع نفسه وربه ومجتمعه، ولو تربى الانسان بهذه التربية فذلك يفيده ولمجتمعه، لذلك الامام العسكري (ع) يحذر الانسان والعبد من النفاق والكذب وكونه ذا لسانين وذا وجهين.

    4. إن عنوان (ذو لسانين وذو وجهين) عنوان سلبي وهذا الحديث كذلك يفسر سلبيا ولكن يمكن تصور الجهة الإيجابية في تعدد لسان الانسان ووجهه لمصلحة ما مثل الإصلاح بين الأخوين أو بين العائلتين وغيرهما.

قال الشهيد الثاني في شرح حديث يشابهه ونقله الملا صالح المازندراني في شرح الكافي: (كونه ذا اللسانين وذا الوجهين من الكبائر للتوعد عليه بخصوصه، ويتحقق هذا الوصف بأمور: منها أن يتردد بين اثنين سيما المتعاديين ويكلم كل واحد منهما بكلام يوافقه وذلك عين النفاق، ومنها أن ينقل كلام كل واحد إلى الاخر وهو مع ذلك نميمة وزيادة فان النميمة تتحقق بالنقل من أحد الجانبين فقط و هو من شر خلق اللّه كما روى عن النبي (ص) «تجدون من شر عباد اللّه يوم القيامة ذا الوجهين الّذي يأتي هؤلاء بحديث هؤلاء و هؤلاء بحديث هؤلاء»[2] و في حديث آخر «الّذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه»

ومنها أن يحسن لكل واحد منهما ما هو عليه من المعاداة مع صاحبه وإن لم ينقل بينهما كلاما.

ومنها أن يعد كل واحد منهما بأن ينصره ويساعده.

ومنها أن يثني على كل واحد منهما في معاداته وأولى منه أن يثني عليه في وجهه وإذا خرج من عنده ذمّه والّذي ينبغى أن يسكت أو يثني على المحق منهما فى حضوره وغيبته وبين يدي عدوه،

و منها أن يطري أخاه شاهدا ويأكله غائباً إن أعطي حسده وإن ابتلي خذله).

التحذير من كون العبد ذا لسان متعدد وذا وجه متعدد عام يشمل ساير الجهات ويمكن انتزاع العنوان وجريانه في أبواب أخرى كما ورد في الأحاديث.

عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ رَفَعَهُ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ع يَا عِيسَى لِيَكُنْ لِسَانُكَ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ لِسَاناً وَاحِداً وَكَذَلِكَ قَلْبُكَ إِنِّي أُحَذِّرُكَ نَفْسَكَ وَكَفَى بِي خَبِيراً لَا يَصْلُحُ لِسَانَانِ فِي فَمٍ وَاحِدٍ وَ لَا سَيْفَانِ فِي غِمْدٍ وَاحِدٍ وَ لَا قَلْبَانِ فِي صَدْرٍ وَاحِدٍ وَ كَذَلِكَ‌ الْأَذْهَانُ‌.[3]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo