< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/02/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أقوال الفقهاء في قاعدة اشتراك الكفار مع المسلمين في التكليف:

ذكر هذه القاعدة جُلّ الفقهاء إن لم يكن جميعهم، حتى صارت قاعدة مشهورة بينهم، بل نقل من البعض ادعاء الاجماع عليها، ولكنه كما هو واضح فإن التعرض لمثل هذه القاعدة يختلف عن التعرض للمسائل الفقهية، لأن بعض الفقهاء يتعرضون للقاعدة بنفس عنوان القاعدة و نصها وأما البعض الآخر فيتعرضون لها من جهة تطبيقها على المصاديق والأفراد ولا يتعرضون للعنوان.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى ما نحن فيه لأن أكثر الفقهاء لم يتعرضوا لنص القاعدة بل تعرضوا لها في مقام التطبيق.

فلذلك الأقوال في هذه القاعدة تدور حول قولين أساسيين أو ثلاثة أقوال:

القول الأول: القول بتكليف الكفار بالفروع وهو المشهور.

القول الثاني: هو القول بعدم تكليف الكفار بالفروع وهو قول البعض.

القول الثالث: وهو القول بالتوقف.

و سأنقل هنا بعض كلمات الفقهاء قديماً وحديثاً :

1 – الشيخ الطوسي فی وجوب قضاء الصلوات الفائتة على المرتد يقول: المرتد الذي يُستتاب يجب[1] عليه قضاءُ ما فاته في حال الردّة من العبادات- إلى أن قال بعد نقل أقوال العامة- دليلنا: إجماع الفرقة المحقة وأيضاً عندنا أنّ الكفار مخاطبون بالعبادات، ومن جملة العبادات قضاء ما يفوت من وجب عليه، وإذا فاتهم وجب عليهم قضاؤه.

وصرّح ابن زهرة بذلك أيضاً في الغنية[2] .

ويستُظهِر من كلمات كثيرٍ من الأصحاب إجماعهم على ذلك، بل ادُّعي كون ذلك من ضروريات المذهب، كما صرّح بذلك السيد المراغي؛ حيث قال: > ليس الإسلام والإيمان شرطا في التكليف، بل الكفار والمخالفون مكلفون بالفروع كالمؤمنين، وفاقاً للمشهور من أصحابنا المتقدّمين والمتأخّرين، بل الظاهر من عبارة كثير من الأصحاب الاجماع على ذلك، بل كونه من ضروريات مذهب الإمامية، فإنهم يعبّرون عنه بلفظ عندنا أو عند علمائنا و نحو ذلك<.[3]

فما صرح به الشيخ الطوسي وابن زهرة ادعاء الإجماع على إثبات هذه القاعدة بين الإمامية، ولكنه سيظهر لكم بأن ادعاء الإجماع بالنسبة إلى هذه القاعدة غير ثابت، ولعل مراد الشيخ غير ما فهمه الفقهاء من كلامه فليُتأمل.

2 – يقول العلامة في المنتهى في مقام الاستدلال على اشتراط الإسلام في وجوب الصلاة بهذه القاعدة: وليس الإسلام شرطاً في الوجوب عندنا و عند أكثر أهل العلم ...؛ حيث بيَّنّا أنّ الكفار مخاطبون بالفروعآ[4] .

وكذلك في بحث زكاة المرتد بعد استتابته وعدم توبته وقتله فقد أفتى العلّامة بذلك؛ مستدلًاّ بهذه القاعدة و ردّ بعض‌ العامّة بقوله: >وقال أحمد: إذا ارتدّ قبل الحول وحال الحول مرتدّاً فلا زكاة عليه؛ لأنّ الإسلام شرط في الوجوب، و هو غلط لما بيّنّا من أنّ الكفار مخاطبون بالفروع<[5] .

3 – الشهيد فی المسالک فی انعقاد يمين الكافر وترتيب آثاره يقول: إذا حلف الكافر باللَّه تعالى على شي‌ء سواء كان مقرّاً باللَّه كاليهودي والنصراني ومن كفره بجحد فريضة من المسلمين، أم غير مقرّ به كالوثني، ففي انعقاد يمينه أقوال أشهرها- وهو الذي اختاره المصنف رحمه اللَّه، والشيخ في المبسوط وأتباعه، وأكثر المتأخرين- الانعقاد؛ لوجود المقتضي- وهو حلفه باللَّه تعالى مع باقي الشرائط- وانتفاء المانع؛ إذ ليس هناك إلّا كفره وهو غير مانع؛ لتناول الأدلّة الدالة على انعقاد اليمين له من الآيات والأخبار، ولأنّ الكفار مخاطبون بفروع الشرائع فيدخلون تحت عموم قوله تعالى ولكن يؤاخذكم بما عقّدتم الأيمان وغيره[6] .

4 – صاحب الجواهر فی مسألة ترتّب الحرمة الأبدية بقول: إذا تروّج الكافر امرأة وبنتها دفعة أو ترتيباً ثمّ أسلم بعد الدخول بهما وكن كتابيّتين مثلًا حرمتا أبداً عليه؛ ..... الوجه في جواز ذلك كله ما عرفت، من أنّ الكفار مخاطبون بالفروع عندنا. [7]

فهذا هو القول المشهور الذي يقول باشتراك الكفار مع المسلمين في الفروع.

ولكن بعض الفقهاء قد خالفوا المشهور، وبعد التأمل نجد قولين مخالفَين للمشهور:

القول الأول: القول بعدم اشتراك الكفار مع المسلمين في الفروع الفقهية.

القول الثاني: التوقف في المقام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo