< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/04/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة الأدلة على القول باشتراط اذن الامام في القتال في وجوب خمس الغنيمة

الرواية الثانية: صحيحة معاوية بن وهب.

محمد بن يعقوب عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام السَّرِيَّةُ يَبْعَثُهَا الْإِمَامُ فَيُصِيبُونَ غَنَائِمَ كَيْفَ تُقْسَمُ؟ قَالَ إِنْ قَاتَلُوا عَلَيْهَا مَعَ أَمِيرٍ أَمَّرَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِمْ أُخْرِجَ مِنْهَا الْخُمُسُ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَقُسِمَ بَيْنَهُمْ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ، وإِنْ لَمْ يَكُونُوا قَاتَلُوا عَلَيْهَا الْمُشْرِكِينَ كَانَ كُلُّ مَا غَنِمُوا لِلْإِمَامِ يَجْعَلُهُ حَيْثُ أَحَبَّ‌([1] ).

و تقريب الاستدلال بهذه الرواية أنها تشمل شرطين: شرط القتال، وشرط إذن الامام؛ لأنها تصرح في سؤال الرواي بأن السرية يبعثها الإمام، ولا شك في أن بعث الإمام للقتال دال على وجود القتال.

و أما الإمام حسب ما ورد فيها قال: إن قاتلوا عليها مع أمير أمّره الإمام عليهم...، ولا شك في أن قيد تأمير الإمام يدل بالفحوى على اعتبار صدور الإذن؛ فمن الواضح أن جعل الأمير و تفويض أمر العسكر إليه مستلزم للإذن، بل لا يمكن تصوره بدون الإذن قطعاً.

مضافاً إلى ذلك أن السرية مبعوثة من قبل الإمام، فلا بد أن تكون بإذنه، إذ كيف يمكن تصور أن تكون مبعوثة منه ولكن من غير إذنه في القتال؟

قد يناقش في صحة الاستدلال بهذه الصحيحة من جهة الدلالة، قبل المناقشة من جهة السند؛ بأن ظاهرها التفصيل بين وجود القتال وعدمهِ في السرية، لا بين وجود إذن الإمام وعدم وجود إذنه والإمام قد حكم في الصورة الأولى بكون الغنائم بعد إخراج خمسها للمقاتلين لمشاركتهم في القتال، وفي الصورة الثانية تكون جميع الغنائم للإمام، ولعل الوجه عدم مشاركة المقاتلين في جمع الغنائم بل بتدبير الإمام.

و ببيان آخر: إنّ إذن الإمام مفروض وقطعي الوجود؛ لأن السائل سأل عن سرية مبعوثة من الإمام، وهذا يدل على صدور الإذن بالفحوى كما قلنا، وأما التفصيل فهو بين ما إذا قاتلت السرية وما إذا لم تقاتل.

وقد تعرضت الصحيحة لحكم الصورتين اللتين فُرض فيهما صدور الإذن، ولا نظر لهذه الصحيحة إلى صدور الإذن وعدم صدوره؛ لأن الإذن قطعي الصدور في هذه الرواية. فبهذا البيان لا يمكن الاستدلال بصحيحة معاوية بن وهب على اشتراط إذن الامام.

وببيان ثالث، وهذا البيان للشيخ الفاضل اللنكراني في تفصيل الشريعة حينما قال:

الأول: أنّه كان المفروض في كلام السائل أنّ السريّة مبعوثة من قبل الإمام، ومن الواضح أنّ السريّة الكذائية لا يمكن أن تكون بلا أمير، كما هو الحال في جميع الحروب في العالم، من دون فرق بين الأعصار والأمصار حتّى في زماننا هذا، وعليه فلا مجال لبيان الشرطيّة الثانية.

الثاني: أنّ مقتضى المقابلة أن يكون الشرط في الشرطية الثانية عدم المقاتلة أصلًا، أو عدم كونها مع أمير أمّره الإمام (عليه السّلام)، لا خصوص عدم المقاتلة([2] ).

و ببيان رابع، وهو للشيخ جعفر السبحاني في كتابه الخمس في الشريعة الاسلامية الغراء، حيث قال بعد ذكر نص الحديث:

ولكن ظهوره البدائي يعرب عن أنّ الإمام بصدد التفصيل بين أمير أمّره الإمام، وأمير لم يأمره الإمام، لكن الذيل يدلّ على أنّه كان بصدد التفصيل بين الأخذ عن قتال والأخذ بغير قتال مع كون الأمير في كلتا الصورتين مبعوثاً عن طرف الإمام، فما أخذوا بالقتال يخمس، وما أخذوا بالغيلة والسرقة فهو للإمام، وأين هو من التفصيل بين الأخذ بالإذن وعدمه؟

مضافاً إلى أنّ السائل فرض كون السرية مبعوثة من جانب الإمام، حيث قال: السرية يبعثها الإمام، وعندئذ يكون كلا الشقين الواردين في كلام الإمام ـ عليه السَّلام ـ واردين على ذاك المفروض لا غير.

أمّا الشقّ الأوّل، أعني قوله: إن قاتلوا مع أمير أمّره الإمام عليهم فهو ظاهر;

وأمّا الشق الثاني، أعني قوله: وإن لم يكونوا...، فهو بمعنى إن لم تكن السرية بعثها الإمام قاتلوا عليها المشركين وإنّما أخذوه من غير طريق القتال فهو للإمام. فالبعث من جانب الإمام مفروض في كلا الشقين في جانب الموضوع، وإنّما التفصيل بين القتال وعدمه لا بين البعث وعدمه ([3] ).

بعد ذكر هذه الاشكالات بعبارات متنوعة يظهر لنا أنهم أرادوا أن يقولوا أن هذه الرواية ليست في مقام التفصيل بين وجوب الخمس في فرض وجود إذن الإمام وعدم وجوب الخمس في فرض عدم وجود إذنه، بل يحتمل قوياً أن يكون الحديث في مقام بيان شرطية القتال وعدم شرطيته.

فبما أن هذه الرواية هي الرواية الصحيحة في المقام، التي يمكن الاستدلال بها من هذا الجانب، لا بد من الإجابة عن الإشكالات والإيرادات عليها لو كانت الإجابة ممكنة، وعندها يمكن الاستدلال بها، وإلا لم يمكن الاستدلال، وسنتعرض للإجابة عن ذلك في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo