< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاستدلال على كفر منكر الضروري على القول بالأمارية:

بعد أن ناقشنا الأدلة على القول بسببية إنكار الضروري للكفر؛ وهي:

    1. الاستدلال بلَغْوية عنوان الضروريّ عند عدم القول بالسببية.

    2. الإجماع على القول بالسببية.

    3. اعتبار الإسلام مجموعة مركبة، والالتزام به يستلزم الالتزام بأجزائه، وإنكار الأجزاء كإنكار الكل يوجب الخروج عن الإسلام.

    4. الحكم بكفر النواصب والخوارج لإنكارهم الضروري.

    5. النصوص العديدة الدالة على الموضوع.

و أنهينا البحث بذكر الأدلة وعرض الإشكالات، ظهر لنا أنّ كل تلك الأدلة غير صالحة للاستدلال على المدعى، بل بعيدة عن مقام الاستدلال، فلا بد لنا من ذكر الأدلة على القول بالأمارية.

نعم،لا نتحدث عن الأدلة على القول بالسببية المقيدة بالعلم؛ لأنّ بعض الأدلة التي ذكرناها على القول الأول - كما أشرنا ضمن البحث - يدل على القول الثاني؛ وهو السببية المقيدة بالعلم، فبناء على ذلك يكون الدليل على القول الثاني دليلاً على القول الأول.

و أما الأدلة على القول بالأمارية:

الدليل الأوّل :

إذا لم يثبت عندنا تمامية الأدلة على القول بالسببية، فإنّ ذلك يكفي لثبوت هذا القول في المقام؛ بمعنى أنّ الالتزام بهذا القول لا يحتاج إلى إقامة دليل آخر عليه لأنّه يرجع إلى إنكار الرسالة وتكذيب الرسول، ولا شكّ في ثبوت الكفر حينئذ، فعلى ذلك يكفينا إبطال الأدلّة التي استدلّ بها على القول الأوّل ( السببية) لعدم وجود القول بالفصل.

الدليل الثاني:

النصوص والروايات الكثيرة الدالّة على أنه يكفي الإقرار بالشهادتين في الدخول في الإسلام وصدق عنوان المسلم عليه، أي أنَّ الحكم بالإسلام وعدم الكفر لا يتوقّف على أكثر من الإقرار بالتوحيد والنبوّة، وأنَّ الخروج عن الإسلام لا يكون إلا بإنكار أحد هذين الأصلين أو كليهما، وحينئذٍ فإنكار الضروري إن كان راجعاً إلى إنكار ذلك فهو يوجب الكفر؛ كما في حالة العلم بثبوت ما أنكره في الدين، وإلاّ فهو لا يوجب الكفر لما عرفتَ من دلالة هذه النصوص على كفاية الإقرار بالشهادتين في الإسلام. والنصوص في ذلك كثيرة فنذكر منها:

((مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، أَهُمَا مُخْتَلِفَانِ؟ فَقَالَ: إِنَّ الْإِيمَانَ يُشَارِكُ الْإِسْلَامَ وَالْإِسْلَامَ لَا يُشَارِكُ الْإِيمَانَ، فَقُلْتُ فَصِفْهُمَا لِي، فَقَالَ: الْإِسْلَامُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالتَّصْدِيقُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی‌الله علیه و آله بِهِ حُقِنَتِ الدِّمَاءُ وَعَلَيْهِ جَرَتِ الْمَنَاكِحُ وَالْمَوَارِيثُ وَعَلَى ظَاهِرِهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ، وَالْإِيمَانُ الْهُدَى وَمَا يَثْبُتُ فِي الْقُلُوبِ مِنْ صِفَةِ الْإِسْلَامِ وَمَا ظَهَرَ مِنَ الْعَمَلِ بِهِ، وَالْإِيمَانُ أَرْفَعُ مِنَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ، إِنَّ الْإِيمَانَ يُشَارِكُ الْإِسْلَامَ فِي الظَّاهِرِ وَالْإِسْلَامَ لَا يُشَارِكُ الْإِيمَانَ فِي الْبَاطِنِ وَإِنِ اجْتَمَعَا فِي الْقَوْلِ وَالصِّفَةِ))([1] ).

و مثل ما في رواية محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن علي بن الحكم عن سفيان بن السمط عن أبي عبد الله في الفرق بين الإسلام والإيمان: ((...فَسَأَلَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ فَقَالَ: الْإِسْلَامُ هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَحِجُّ الْبَيْتِ‌ وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَهَذَا الْإِسْلَامُ. وَقَالَ الْإِيمَانُ مَعْرِفَةُ هَذَا الْأَمْرِ مَعَ هَذَا، فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا وَلَمْ يَعْرِفْ هَذَا الْأَمْرَ كَانَ مُسْلِماً وَكَانَ ضَالًّا)).([2] )

فهاتان الروايتان وأمثالهما تدل على كفاية الشهادتين في صدق عنوان المسلم والدخول في الإسلام.

نعم؛ كلّ ما ينافي الإقرار بالشهادتين يعدُّ خروجاً عن الإسلام، ولا شكّ في أنَّ إنكار الضروري مع العلم بكونه من الدين ينافي الإيمان الإجمالي بالرسالة، ولا يجتمع مع التصديق بها، ولذا فهو يوجب الكفر.

الحمد لله ربّ العالمين


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo