< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/03/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حكم منكر ضروري الدين:

تتمة الاستدلال على القول بالسببية:

الدليل الثالث: الاستدلال بأن الإسلام مجموعة مركبة من أجزاء،

لاشك في أن الإسلام منظومة مركبة متكاملة من الأصول والفروع الرئيسة والجزئية، ولو أراد الإنسان دخول الإسلام فلا بد من أن يعترف ويتدين بمجموعة من الأصول والفروع والأجزاء، وبالتالي من أنكر جزءاً من أجزاء المجموعة فسيكون خارجاً عن دائرته ويحكم بكفره، ولاشك في أن إنكار الضروري هو السبب الذي يخرج المنكر من الدين.

ومن الفقهاء الذين استدلوا بهذا الدليل الشيخ الأعظم الأنصاري وحسب ما قلنا في السابق أنه مال إلى القول بالسببية، واستدل عليه، ثم قال بالتفصيل بين العقائد والأحكام العملية.

وإليكم نصّ كلام الشيخ الأنصاري:

«والذي يمكن أن يقال في توضيح المرام في هذا المجال: إنّه لا شكّ في أنّ الإسلام عرفاً وشرعاً عبارة عن التديّن بهذا الدين الخاصّ؛ الذي يراد منه مجموع حدود شرعيّة منجّزة على العباد، كما قال اللّه تعالى ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ ﴾[1] فمن خرج عن ذلك ولم يتديّن به كان كافراً غير مسلم، سواء لم يتديّن به أصلًا، أو تديّن ببعضه دون بعضه، أيَّ بعضٍ كان».

و قال بعد سطور:

«وأمّا ما دلّ من النصوص و الفتاوى على كفاية الشهادتين في الإسلام، فالظاهر أنّ المراد به حدوث الإسلام ممّن ينكرهما من غير منتحلي الإسلام؛ إذ يكفي منه الشهادة بالوحدانيّة و الشهادة بالرسالة المستلزمة للالتزام بجميع ما جاء به النبيصلی‌الله علیه و آله و تصديقه في ذلك إجمالًا، فإنّ المراد من الشهادة بالرسالة الشهادة على أنّه صلی‌الله علیه و آلهرسولٌ و مبلِّغٌ من اللّه بالنسبة إلى ما جاء به من الشريعة، فلا ينافي كون ما ذكرنا: من عدم التديّن ببعض الشريعة أو التديّن بخلافه، موجباً للخروج عن الإسلام. وكيف كان، فلا إشكال في أنّ عدم التديّن بالشريعة كلا أو بعضاً مخرجٌ عن الدين والإسلام»([2] ).

وقد ذهب فقهاء آخرون لمثل قول الشيخ الأنصاري، ومنهم الفقيه الهمداني في مصباح الفقيه، ولكنه أشكل على الاستدلال بهذا الدليل.

و إليكم نص إشكال الفقيه الهمداني:

«وفيه: ما عرفت فيما سبق من أنّ المعتبر في الإسلام إنّما هو التديّن بجميع ما جاء به النبيّ صلی‌الله علیه و آلهإجمالاً بمعنى الاعتراف بصحّتها وصدق النبيّ صلی‌الله علیه و آله في جميع ما جاء به على سبيل الإجمال، وأمّا التديّن بها تفصيلاً فلا يعتبر في الإسلام قطعاً، فالإنكار التفصيلي ما لم يكن منافياً للتصديق الإجماليّ ـ بأن كان المنكر معترفاً بخطئه على تقدير مخالفة قوله لما جاء به النبيّ صلی‌الله علیه و آلهـ لا يوجب الخروج ممّا يعتبر في الإسلام»([3] ).

وهناك كلام مفيد وبيان صريح للإمام الخميني في الرد على استدلال الشيخ الأنصاري، ونظراً لاشتمال كلامه على نقاط مهمة نذكر عبارته بالمقدار الذي يمكن.

يقول الإمام: «تنبيهٌ آخر في كفر منكر الضروري و نجاسته‌...حول استدلال الشيخ الأعظم على كفره‌، فقد استدلّ الشيخ الأعظم على‌ كفره بوجوه» وذكر الإمام نص الاستدلال بتمامه كما ذكرناه ثم قال:

«وفيه‌: أنّ لازم دليله من أنّ الإسلام عبارة عن مجموع الأحكام، والتديّن بالمجموع إسلام، وعدم التديّن به كفر هو كفر كلّ من لم يتديّن بمجموع ما جاء به النبي واقعاً؛ أصلًا وفرعاً، ضرورياً وغيره، منجّزاً على المكلّف أو لا؛ لأنّ عدم التنجّز العقلي لا يوجب خروج غير المنجّز عن قواعد الإسلام، فلا وجه للتقييد بالمنجّز...والإنصاف: أنّ كلامه في تقرير هذا المدعى‌ لا يخلو من تدافع واغتشاش»([4] ).


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo