< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/02/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: عند مَن يجب أن يكون الضروري معلوماً؟

إشكال و جواب

بعد أن تحدثنا حول القول المختار في تعيين ملاك ضروري الدين وقلنا بأن الملاك فيه هو الملاك عند مشهور الفقهاء والمناطقة واللغويين والعرف وحتى عند أهل السنة وقلنا بأن المقصود من العنوانين ضروري الدين والمعلوم من الدين في الحقيقية عنوان واحد ومحتواهما واحد والملاك فيهما كذلك واحد، فيمكن لأحد أن يستشكل عليه أحد و يقول:

هناك فرق بين العنوانين: ضروري الدين والمعلوم من الدين؛

لأن العنوان الأول ما كانت ضرورته منسوبة إلى الدين، وبعبارة أخرى هو عبارة عن الأمر الذي يحتاجه الدين حاجة شديدة ولا مطلق الحاجة.

وأما العنوان الثاني فالمقصود منه هو الذي علم ثبوته وجزئيته في الدين ضرورةً وبعلم ضروري.

وإذا كان كذلك فكيف تحكمون بأنهما واحد والملاك فيهما واحد؟

فنقول: ليس الأمر كما ذكرتم، بل المقصود من العنوانين واحد و لا فرق بينهما في الحقيقة؛ لأن المقصود من الأول أي ضروري الدين هو الأمر الذي كان ثبوته من الدين بالعلم الضروري ولا يحتاج إلى الاستدلال والنظر، أي ليس ضرورة جزئيته من الدين ولا يحتاج الدين إليه حاجة شديدة، بل المقصود أن ثبوته في الدين وجزئيته من الدين فهو ثابت بالعلم الضروري لا يحتاج إلى الاستدلال عند عامة المسلمين.

والثاني كذلك ليس المقصود منه ما ذُكر، بل المقصود منه هو نفس المقصود من العنوان الأول، فعلى هذا تكون العبارات شتى والمقصود واحداً. إذن المقصود من العنوانين هو واحد ولا خلاف فيه.

عند مَن يجب أن يكون الضروري معلوماً؟

وإنما الشيء الباقي في هذا المبحث بالنسبة إلى السؤال الذي طرح آنفا من أنه بعد القول بملاكية وضوح الحكم في ضروري الدين لكن عند مَن يجب أن يكون واضحاً؟

وكما قلنا في هذا المجال هناك مبانٍ متعددة.

منها: أن يكون واضحاً لدى جميع طبقات المسلمين.

و منها: أن يكون واضحاً في محيط الشرع.

و منها: أن يكون واضحاً لدى المسلمين وحتى غير المسلمين.

ففي هذا نقول: لا شك في أن الحق بين هذه المباني هو المبنى الثاني وهو وضوحه في محيط الشرع ولا يكفي وضوحه عند العلماء أو عند البعض.

و يمكن الجمع بين المبنيين الأول والثاني بما أن أغلبية طبقات المسلمين يعيشون في محيط الشرع وإنما سمي بـ "محيط الشرع" لأن المسلمين يعيشون في ذاك المحيط .

وبالتالي يشمل محيط الشرع أغلب طبقات المسلمين.

نعم لا فرق في كونه ثابتاً في الدين بإجماع الفقهاء أو غيره وإنما المهم وضوح المسألة في محيط الشرع وعند طبقات المسلمين.

و أما بالنسبة إلى غير المسلمين فلا شك في أنه يطبق في بعض الموارد، ولا يطبق في أخرى؛ لأن التطبيق على جميع الموارد ليس شرطا في تحقق الضروري .

ويؤيد هذا قولُ السيد الإمام الخميني في كتاب الطهارة: فإنّ معنى كون الشي‌ء ضروريّا عقلا أنّه واضح لا يحتاج إلى الدليل لدى العقول، ككون الواحد نصف الاثنين، و كون الكلّ أعظم من جزئه، و أمّا كون شي‌ء ضروريّا واضحا لقيام الأدلّة الواضحة عليه لدى طائفة خاصّة دون اخرى لا يوجب ضروريّته لا في الأمور العقليّة و لا في الأمور الشرعيّة، فإنّ كثيرا من الأحكام الشرعيّة ضروريّة واضحة لدى الفقهاء، أو صارت ضروريّة لدى المتعبّدين، أو في بلدة غلب فيها العلماء مع أنّها ليست ضروريّة واضحة عند جميع المسلمين كمطهّريّة المطر والشمس. [1]

لأننا نريد أن نرتب على منكره أحكام الكفر والارتداد فيجب أن يكون معلوماً عند الأكثر في محيط الشرع لا عند البعض؛ لأنه لو كان معلوماً وثابتاً عند البعض لكفّر البعض بعضا بسهولة وفي كل مورد فيوجب الهرج و المرج.

و الظاهر في هذه الجهة من البحث عدم الفرق في الضروريّات بين الأحكام الفرعية وبين الأمور الاعتقادية، فإنّ كلاًّ منهما إذا وصل إلى حدّ الضرورة بالمعنى الذي قدمناه دخل في محلّ البحث ويشمله العنوان.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo